خالد المداني رئيس الهيئة العليا للمراكز الصيفية في حوار خاص لصحيفة المسيرة:

وضعٌ تعليميٌّ مصابٌ بشلل جزئي حال العملية التعليمية في البلاد منذ سنوات عدة، فالتعليم في اليمن يشهد عدوانا هو الآخر على كُــلّ المستويات، فبعد أن تمكّنت دولُ العدوان ومرتزقتها من دفع العملية التعليمية نحو التدهور بشكل كبير سواء بالاستهداف المتعمد للمنشآت التعليمية في مخالفة سافرة للقوانين الدولية إلّا أن صمودَ اليمنيين على هذا الصعيد لم يختلفْ عن غيره؛ ولأن كُــلَّ ذلك على بشاعته لم تمكّن العدو من أهدافه المتمثلة بالشل الكلي للعملية التعليمية، نفّذ مرتزقتُه الأوامرَ التي اقتضت قطعَ رواتب المعلمين، وبالطبع كان الضحية طلاب اليمن وطالباته ومستقبل هذا البلد، لم ينتهِ الفعلُ ورده هنا، فكما كان لليمنيين كلمتهم في كُــلّ محطة لمواجهة العدوان أتى التوجُّــهُ الكبيرُ من القيادة الثورية والسياسية والقائمين على العملية التعليمية نحو استغلال فترة الإجازة الصيفية بفتح المراكز الصيفية لسد ثغرة كبيرة في هذا المجال بل حَــدّ تحويلها إلى فرصة تُستغل لتنمية قدرات الطلاب ومعارفهم الدينية والثقافة القُــرْآنية وترسيخ القيم، إضافة إلى تطوير مداركهم العلمية في مختلف الجوانب.

وبين الفعل ورده مثّلت هذه الخطوة مصدرَ إزعاج كبير لقوى العدوان الذي شن حملة مسعورة حاولت تشويه افتتاح المراكز الصيفية والدعوات التي ركزت على الاهتمام بهذه المراكز والمطالبة من المواطنين للدفع بأبنائهم إليها، حيث أصبحت حديثَ الشارع، سيما مع توجيهات قيادة الثورة المتعلقة بها كان لا بد لصحيفة المسيرة من الاطلاع عن كثب وزيارة المعنيين بهذه المراكز، حيث التقت الصحيفة بالأُستاذ خالد المداني وعادت بهذا الحوار.

حاوره: فاروق علي

 

– بداية أُستاذ خالد.. اهتمام كبير هذا العام بالمراكز الصيفية ما هي الأسباب التي تقف خلف ذلك؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين، بدايةً حصلت فترةُ انقطاع لهذه المراكز الصيفية وشعر الناسُ خلالها بقصور كبير، حيث أنها لم تكن بالفاعلية المطلوبة والدور التي يعوّلون عليها، فجاء الاهتمام من هذا المنطلق في هذا العام، سواء من السيد عَبدالملك الحوثي قائد الثورة الذي يتابع عن كثب هذا العمل وكذلك القيادة السياسية ممثلة برئيس المجلس الساسي الأعلى وكذلك الحكومة، هذا الاهتمامُ ينُمُّ عن توجُّــهٍ؛ لما لهذه المراكز الصيفية، نظراً لقيمة هذه المراكز، سيما وقد أصبحت حاجة في ظل ما تمر به البلاد من تحديات وحرب تستهدف قيم المجتمع اليمني وَكذلك هُوِيَّة هذا الشعب الإيْمَـانية واستهداف تراثنا وفكرنا ومع حالة الاستلاب التي كانت دول الاستكبار الناس تدفع نحوها في ظل تردي العملية التعليمية نتيجة الخلل في المناهج التي كان يشرفُ على تأليفها وإخراجها الأمريكان والسعودية؛ بهَدفِ زرع أفكارهم والتحكم بتفكير الأجيال، بالإضافة إلى تردِّي وضع العملية التعليمية في ظل العدوان وانقطاع المرتبات، وبالتالي كانت هذه المراكزُ الصيفيةُ هي الحل والعلاج، والحمدُ لله أثبتت هذه المراكزُ ذلك أَيْــضاً الاهتمامَ بالقُــرْآن الكريم الذي يأتي أولوية في المراكز الصيفية على عكس الدراسة الرسمية، إذ لا تعد الحصص المخصصة لدراسة القُــرْآن الكريم كافية ولا يُعطى القُــرْآن وعلومه ما يستحق من الاهتمام والقيمة.

المراكزُ الصيفية هي حصانةٌ لأبنائنا الطلاب من الحرب الناعمة التي تستهدفُ طلابَنا وشبابنا من خلال إبعادهم عن هُوِيَّتهم الإيْمَـانية حتى ما كان يتميزُ به الشعبُ اليمني من العادات والتقاليد والأسلاف المحافظة والأصيلة، فهذه المدارس والمراكز خلال هذه الفترة تُحيي هذه القيمَ، سواء القيم الدينية أَو القيم اليمنية التي تتوافق مع الدين الإسلامي.

 

– إلى أي مدى كان الاهتمام بهذه المراكز من قبل قيادة الثورة والقيادة السياسية؟ وكيف أثمر؟

قائدُ الثورة السيدُ عَبدالملك الحوثي حقيقةً أولى هذا العمل اهتماماً بالغاً، حيث التقى بالمستجيبين للتعليم والتثقيف والتدريس في هذه المراكز الصيفية بما دفع هذا العملَ نحو مزيد، الأمر الذي جعل الأعداد تتضاعفُ سواء من قبل المعلمين الذين استشعروا المسؤولية في نجاح هذا العمل، وهذا كله تم بشكل تطوعي بل إنه تعدى ذلك إلى درجة الوجوب، كما أن تركيز قيادة الثورة والتأكيد على أهميّة الدفع بالطلاب جعل الأعدادَ تزدحمُ وتتضاعف.

 

– فيما يتعلق بالتجاوب الشعبي كيف كان إقبالُ الطلاب إلى هذه المراكز؟ وهل تأثر الإقبالُ بحملات التشويه من قبل العدوان؟

حجمُ الإقبال كبير جداً حتى أننا لم نستطع ولم نتمكّن من مواكبة استقبال هذا الكم الهائل من الطلاب، بحيث أن الإقبالَ الكبير شكل ضغطاً علينا في الفصول الدراسية تشابه إلى حَــدّ كبير حالةَ الضغط في الفصول الدراسية الرسمية، ففي الفصول الدراسية يصل عدد الطلاب إلى أَكْثَـــر من خمسين طالباً، نحن نشعر بمسؤولية كبيرة تجاه هؤلاء الطلاب وقد حاولنا استيعابَ أكبر قدر منهم، بالرغم من الإحراج الذي نلاقيه حتى أننا في المراكز التي فيها قسم داخلي اضطررنا أن ندرس جزءاً منهم خلال فترة الصباح ليعودوا إلى بيوتهم، وهنا نعني الطلاب الذين يقطنون بالقُرب من هذه المراكز والبقية يتم تدريسهم في الجزء الآخر من النهار.

بالطبع لا غرابة من هذا الاندفاع نحو المراكز الصيفية على الشعب اليمني، الشعب الذي عُرف بهُوِيَّته الإيْمَـانية التي شهد لهم بها الرسولُ صلوات الله عليه وعلى آله، فهذا هو الأصل في علاقة اليمنيين بدينهم فكما كانوا أنصارَه عندما كفر به وجحد به أهلُ مكة فهم أنصاره على الدوام، وَهم اليوم على تلك الخُطَى بنفس الوعي، الوعي الذي أسقط كُــلّ المؤامرات والحرب الناعمة ورياح السلام والإرجاف، الحمد لله اليمنيون واعون وليس أدل على وعيهم من هذا الاندفاع نحو المراكز الصيفية.

 

– تنتشر الكثير من المراكز الصيفية في أمانة العاصمة.. كم عدد المراكز الصيفية المنتشرة في أمانة العاصمة وعدد الطلاب الملتحقين بهذه المراكز؟

بالنسبة لأمانة العاصمة إلى نهاية الأسبوع الماضي بلغ عدد المراكزُ أَكْثَـــرَ من مئتي مركز صيفي، بينما عدد الطلاب والطالبات الذين قد تم تسجيلهم حتى نهاية الأسبوع الماضي أَكْثَـــرَ من أربعين ألف طالب وطالبة، والعدد في تزايد بشكل يومي وكبير جداً، سيما خلال فترة الصباح، حيث أننا إلى اليوم لا نزالُ نسجِّلُ أسماءً جديدةً، وبالطبع هذه الإحصائية أولية ولا يوجد لدينا إحصائيةٌ نهائية، فالاندفاع كبير وهذا الأمر ينسحبُ على بقية المحافظات اليمنية نتيجةَ شعور الناس وإدراكهم بمدى الحاجة للمراكز الصيفية.

 

– حملة ممنهجة لقوى العدوان وأدواته من المرتزقة يحذرون فيها من المراكز الصيفية.. كيف تفسّرون هذا الانزعاج من قبل العدوان وأدواته؟

نحن لا نستغربُ من هذا العويل؛ لأَنَّ هذا العملَ يزعجُ العدوان؛ لأَنَّهم من خلال التوجّــه الأمريكي الجديد في المنطقي الذي يسعى لتمييع الشباب وتضييعهم وإفقادهم هُوِيَّتَهم الإسلامية سيصطدمون بهذه الصخرة، وهذه المراكز تشكل عائقاً لهذا المشروع الأمريكي، فعندما نشاهد في السعودية على سبيل المثل ينساقون في هذا التوجّــه نحو الانحلال ويفتحون المراقص والملاهي ويستقبلون الفنانين العربَ والأجانب ويبذلون جهوداً كبيرة من أجل استهداف الأجيال في قيمهم ويدفعون بهم نحو الانحطاط والانسلاخ عن كُــلّ روابطهم الثقافية والدينية والأخلاقية، وهذه أهدافٌ لدول الاستكبار؛ بهَدفِ الاستمرار في هيمنته، بينما في اليمن يحدُثُ العكس من ذلك التوجّــه هنا الاهتمام بالدين الاهتمام بالقُــرْآن والهُوِيَّة والقيم التي تعزز من كرامة الإنْسَــان ومكانته وحريته، وبالتالي أتى انزعاجُ قوى العدوان ومرتزقته الذين يشعرون بأن مراميهم وجهودهم تذهب اليوم أدراج الرياح وتفشل، وما حملتهم الإعلامية التي تحاول النيل من هذه المراكز ببعيدة عن مدى الشعور بالخيبة نتيجةَ انهيار أحلامهم، أما بالنسبة للشعب اليمني فهو أَكْثَـــرُ من يعرفُ آليةَ التعامل مع الحرب الإعلامية فقد خَبِرَها بشكل جيد خلال فترة الصمود في السنوات الماضية، هم ظنوا أن حملتَهم الإعلامية ستُضعِفُ حالةَ الاندفاع، بينما اليمنيون يعون أن صُراخَ العدوان من أي عمل هذا يعني أن هذه الخطوةَ صحيحةٌ ويجبُ عليهم الدفعُ بأبنائهم إلى هذه المراكز.

 

– رسالةٌ أخيرةٌ توَدُّ أن تقولَها في نهاية هذا الحديث؟

نشكُرُ قيادةَ الثورة على الاهتمام الكبير بهذه المراكز وكذلك القيادة السياسية التي عملت بشكلٍ كبيرٍ على أن يكونَ العملُ بهذا الصورة، كما نشكُرُ أبناءَ الشعب اليمني المعطاء الصامد الصابر الذي كان على درجة كبيرة من الوعي بمدى أهميّة المراكز الصيفية وانعكاسها على جِيل المستقبل، كما ندعو كُــلَّ مواطن لديه شك أَو ريب ويستمعُ لقنوات الفتنة لزيارة هذه المراكز حتى يتأكّــدَ ويستطيعَ أن يتحقّــقَ بنفسه مما يُدَرَّسُ في هذه المراكز، فلسنا في كوكبٍ آخر وسيجدُ أنَّ ما ندرِّسُه هو ما كان يدرسه هو وآباؤه والسابقون إلى عهد رسولِ الله صلواتُ الله عليه وَآله.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com