وزير الخدمة المدنية طلال عقلان في حوار خاص لصحيفة “المسيرة”:

الخدمة المدنية.. على طريق إصلاح الجهاز الإداري للدولة
+++++++++++++++++++
لأن الهدفَ كان منذ البداية عمليةَ الإصلاح المالي والإداري في البلد، والقضاء على الفساد بكافة أشكاله مشروع المسيرة وعهد الناس بها، حَيْــثُ أثقلت مؤسّسات الدولة وتفشّت المحسوبية بشكل يدفع نحو الفشل على كافة المستويات من هذا المنطلق وبالاستناد عليه كانت اللجان الثورية قد بدأت البت في هذه الملفات قبل العدوان، لكن ظروف العدوان أعاق ذلك وبعد أن استتب الأمر أَكْثَــرَ من ذي قبل سيما بعد تجاوز اليمنيين مرحلة الصدمة على إثر العدوان وباتت موازين الحرب الرادعة كفيلة بصناعة حالة استقرار لا بأس بها بدأت وزارة الخدمة المدنية بالعمل على تطهير الوظيفة العامة من كُــلّ مخالف ووهمي واستكمال مشروع مكافحة الفساد ولكي نضع القارئ الكريم في صورة الإنجازات على هذا الصعيد في هذا الحوار مع وزير الخدمة المدنية في حكومة الإنقاذ الوطنية الأُستاذ طلال عقلان.

– بداية أُستاذ طلال.. من أين تأتي أهميّة وزارة الخدمة المدنية سيما في ظل العدوان؟
حقيقةً -كما قلتَ- وزارةُ الخدمة المدنية من الوزارات المهمة ويطلِقُ عليها البعضُ وزارةَ الوزارات، وتمثل جبهةً من ضمن جبهات الدفاع عن هذا الوطن العدوّ، من خلاْل عدوانه أراد أن يقفل كافة مؤسّسات الدولة، ولكن بفضل الجبهة الإدارية استطاعت أن تتغلبَ على هذه الإشكالية ودفعت موظفي الدولة للحضور في كافة المؤسّسات وانتظمت عمليةُ الحضور بشكل أذهلت العدوّ والصديق هذه الجبهة الإدارية التي عوّل العدوّ على ضربها منذ أول يوم صمدت للعام الخامس اليوم مؤسّسات الدولة تعمل على تنفيذ وتلبية احتياجات كافة المواطنين في كافة المناطق تحت سيطرة الجيش واللجان.

– على الرغم من الظروف الاستثنائية التي نعيشُها؛ بسببِ العدوان إلّا أن وزارة الخدمة المدنية سعت لتنفيذ عملية الإصلاح الإداري.. ما الذي قامت بع الوزارة حتى الآن؟
بالتأكيد في العام 2017 و2018، استطاعت وزارةُ الخدمة أن تلجَ إلى ملفات شائكة وصعبة، وأن تعمل على حلحلةِ هذه الملفات، كانت هناك ملفات تتعلق بالازدواجِ الوظيفي وعدم توفر المعلومة عن الكادر الوظيفي، تأتي إلى الخدمة المدنية لا تجد تلك المعلومة التي ينبغي أن تجدَها لموظفي الدولة، لكننا استطاعتنا في هذه المرحلة أن نذهبَ إلى كافة مؤسّسات الدولة وتمكّنا من أخذ البصمة لما يقارب 600 ألف مدني، 385 ألف قُــوَّات مسلحة، و187 ألف وزارة داخلية، الأمن السياسيّ 16 ألفاً، الأمن القومي 8 آلاف، هذه وفرت لنا قاعدةَ معلومات وبيانات هامة جداً لم تكن موجودة سابقاً، وهذا إنجاز يُحسَبُ للوزارة في ظل ظروف استثنائية عجزت عنها قياداتُ الوزارة خلال الأنظمة السابقة، فلو عدنا بالحديث عن بداية الإصلاح الإداري في العام 2005م تم التعاقد في حينه مع إحدى الشركات الألمانية كي تؤديَ هذه الوظيفة وتوفر سيرفرات خَاصَّــة بالبصمة اتضح لنا أن هذه الأجهزةَ عبارةٌ عن أجهزة متناثرة غير مرتبطة مع بعضها البعض، بالإضافة إلى أن عمليةَ إدخال البيانات محدودة، حَيْــثُ رُصِدَ لهذه العملية الكثير من المال، أما نحن فقد تجاوزنا كُــلَّ هذه الإشكالات ونجحنا بإمكانات بسيطة جداً.

– جهودٌ كبيرة حقيقة.. لكن السؤال يبقى عند الغاية منها.. ما الفائدة التي ستنتج عن هذه الخطوة؟
أهميّةُ هذه الخطوة تتمثل بوصول وزارة الخدمة المدنية للمعلومات عن كافة موظفي الدولة، بحيث أننا سنحُدُّ من خلال هذه العملية من الازدواجِ الوظيفي والتكرار والوهمي وغير ذلك، بما يعالج الفساد المستشري، بالإضافة إلى الانتقال إلى إدارة جديدة يمكن من خلالها بناءُ الدولة، بحيث تتساوى فيها فرصُ الوظيفة للجميع، البصمة وأولوية التخصص بما ينتج إدارة أَكْثَــرَ ديناميكية، كُــلّ هذا تم التأسيسُ له في ظروف اقتصادية صعبة تعيشها الوزارة وموظفوها الذين نفّــذوا المهمةَ الوطنية في ظل انقطاع الرواتب، سيما أنهم من أقل موظفي الدولة دخلا كان هذا تحدٍّ كبيرٌ واجهناه.

– كم الميزانية التي كانت مرصودةً للوزارة في السابق للقيام بهذه المهمة؟
أولاً كانت وزارةُ الخدمة المدنية لا تعتمدُ على موازنة الدولة؛ لأَنَّ المنظمات الدولية كانت تختصُّ بإصلاح الاستراتيجية العامة للأجور والمرتبات ورصدت لهذه العملية مبالغ طائلة من المنظمات الدولية وصلت إلى 200 مليون دولار ولم ينجز شيء وعلى العكس من ذلك عندما جَفَّ المال استطعنا أن ننجز ذلك.

– لا شك أن هناك فرقاً كبيراً بين الميزانية في السابق والميزانية في الوقت الحالي.. كم الميزانية الحالية للوزارة في ظل ظروف العدوان؟
الميزانيةُ الحالية كانت خلال 2017 تقريباً 720 ألفَ ريال يمني في الشهر أي أنها لا تفي حاجة الوزارة من الديزل والنظافة، عوضاً عن أن تقومَ بمهامها الوظيفية، لكن حقيقة الرئيس المشّاط وجّه برفع الميزانية إلى 3.5 مليون، وهذا مبلغٌ بسيط يغطي حاجةَ الوزارة من الديزل وكذلك مبالغ بسيطة للموظفين مقابل المواصلات من وإلى الوزارة.

– بطبيعة الحال جهودُكم في الوزارة أثمرت.. إلى أين وصلتم في عملية الإصلاح الإداري؟
نحنُ خلال المرحلة الماضية وافينا وزارة الخدمة المدنية بقاعدة بيانات متكاملة حول الوهميين وعملنا أوّلاً على أن يتم إيقافُ رواتب هؤلاء ووجهت وزارة المالية بالإيقاف، أي أننا لم نذهب لإسقاط الراتب بل أعطينا فترةً وقد أوشكت على الانتهاء لتحري وقوع أخطاء ونتبين أَكْثَــر حتى نتمكّن من معالجة ذلك ومراجعته، لكن عندما نتبين بشكل نهائي بأن هذه الأسماء وهمية أَو مزدوجة أَو لديها إشكالية معينه سنوجه وزارة المالية وتتخذ الإجراءات القانونية.

– حالات الفساد في الوظيفة العامة كثيرة بحسب كلامك ما الإحصائيات التي توصلتم لها عن حالات الفساد والاختلال حتى الآن؟
الاختلالُ حالةٌ متعددة، قد يكون وهمياً أَو مزدوجاً أَو منقطعاً أَو مبتعثاً بالمخالفة أَو محالاً للتقاعد، وَأَيْـضاً حالات مرضية مستعصية أَو موظفين تقاضوا مبالغ مالية مقابل التخلي عن الوظيفة العامة وما زالوا في الوظيفة فالرقم كبير، حَيْــثُ يصل عددُ الاختلالات في المتقاعدين 52 ألفَ حالة، أما بقية الاختلالات فتصل إلى 32 ألف حالة كُــلّ هذا في القطاع المدني، أما الجانبُ العسكريّ فالأمرُ يحتاجُ لمزيد من الوقت.

– هل تخشون فتحَ هذه الملفات في هذا التوقيت، سيما أنها ستجلب لكم الكثير من المشاكل، إضافة إلى ظروف العدوان؟
نحنُ في المرحلة الماضية قمنا بهذا العمل وما زلنا نقوم على عملية التصحيح لمعالجة هذه الاختلالات، كثيرٌ من الناس حتى من مسؤولي الدولة يقولون إن فتح مثل هكذا ملفات في الوقت الراهن غيرُ مناسب؛ كَــوْنه يستعدي الكثيرَ، لكننا نؤكّــدُ بأننا لا نمارِسُ السياسةَ في مسألة الإدارة نحن نمارس إدارة بحتة، وبالتالي كُــلّ من يحاول أن يوظِّفَ هذه المعالجات بأنها تصفيةُ حسابات سياسيّة بأنه واهم، وغرضنا فقط تنفيذُ القانون.

– متى ستستكمل هذه الإجراءات؟ وهل لديكم خطة مزمنة لهذا الأمر؟
هناك عددٌ من الموظفين لم يتم أخذُ البصمة لهم حتى الآن، نحن لدينا فترة محدّدة، لكن الرئيس المشّاط وجّه أَكْثَــرَ من مرة بإعطائهم فترةً أُخْــرَى؛ كي نتفادى أي خطأ قد يحدث ونترك فرصةً لمن لم يعلم بذلك حتى تؤخذَ البصمةُ منه لكن خلال الأَيَّام القادمة سنغلقُ ذلك ونعتبر هذه الحالات بأنها في حُكم الوهمي بحسب توصيف القانون.

– هناك موضوع يتصل بعملكم.. هل لكم علاقة بالبيانات التي قُدِّمت على إثرها المساعدات للمعلمين من قبل اليونسيف؟
نحن لا علاقةَ لنا بهذا الموضوع واقتصر دورُنا على تقديم البيانات الأولية ومن ثَمّ تحديث البيانات وجمع المعلومات من الميدان تولتها وزارة التربية؛ كَــوْن هناك أسماء كثيرة من المتطوعين والبدلاء وكان هناك غيابٌ لعدد كبير من المعلمين وعلى هذه المعلومات تمت عمليةُ اعتماد تلك المساعدات، أما نصف الراتب فتتم عمليةُ الصرف، وِفْــقاً للكشوفات التابعة لنا.

– هل نفهم بأن نصفَ الراتب القادم لن يصرفَ إلّا وِفْــقاً لكشوفات الموظفين المحدثة؟
بالتأكيد كُــلّ من لديه اختلالٌ أَو منقطع سيتم إيقافُ راتبه، وسيصرف فقط لكل من ثبتت معلوماتهم ولم يَشُبْها أيُّ اختلال.

– هل هذا الإجراء الأول من نوعه أم ماذا بالتحديد؟
طبّق هذا الأمر خلال دفع نصف الرواتب في الأشهر الماضية، لكن نحن في عمل مستمرّ، وبالتالي تستجدُ معلومات جديدة وتتم موافاة وزارة المالية بها.

– في نهاية الأمر تبقى الفائدة من كُــلّ هذه الجهود هي الغاية المرجوة.. كم المبلغ كانت تخسره الدولة؛ بسببِ هذا الفساد؟
كان حجمُ الفساد يصلُ إلى عشرة مليارات ريال شهريًّا أي خمسة مليارات ريال عندما تدفع الدولة نصف راتب، تمكّنا من الحفاظ عليها من خلال عملية الإصلاح، وهذا مبلغ كبير جداً، أَيْـضاً نحن في الخدمة المدنية بصدد إعادة صياغة الاستراتيجية العامة للأجور حتى إذا ما توقف هذا العدوانُ نستطيعُ أن نخرج باستراتيجية موحدة قائمة على المؤهل وسنوات الخدمة.

– ما التوجيهاتُ التي تتلقونها دوماً من القيادة السياسيّة والثورية في البلد عند اللقاءات بها؟
بالتأكيد القيادةُ السياسيّة والثورية في البلد مهتمةٌ بموضوع الإدارة وتعتبرها جبهة من جبهات صمود الشعب اليمني، والسيد والرئيس دائماً يوجِّهان قطاعاتِ الدولة من أجل توفير ما يمكن من المال لموظفي الدولة، وبالتالي عندما يتوفر المال تصدر الأوامر بدفعها للموظفين؛ كي تسد احتياجاتهم، لكن المشكلة تتعلق بأن المال يوفَّر بصعوبة، سيما أننا في مناطق التي لم يدنسها العدوان نعتمدُ على إيرادات الضرائب والجمارك فقط بعكس الطرف الآخر.

– ما الذي دار في اللقاء الأخير الذي جمعكم مع الرئيس المشّاط؟
في اللقاء الأخير الرئيس ركّز على خطة الوزارة في العام 2019م، سيما الانتقال إلى مرحلة الأتمتة الكاملة في الوزارة والربط بينها وبين بقية مؤسّسات الدولة بما يسهّل عملَ الوزارة ويسهل أَيْـضاً مهامَّ الجهات الأُخْــرَى، واهتمامُ الرئيس نابعٌ من أهميّة الأتمتة.

– كلمة أخيرة تود أن تقولَها في نهاية هذا الحوار؟
كلمتي الأخيرةُ أوجِّهُها إلى كافة موظفي الدولة بالشكر والتقدير والعِرفان على الجهود التي بذلوها خلالَ أربع سنوات من الصمود والتصدي للعدوان، وولوجهم للعام الخامس أَكْثَــرَ صموداً وأَكْثَــرَ دواماً في مؤسّساتهم.
وأيضاً هي رسالةٌ للمجاهدين في الجبهات بأننا معهم وخلفهم حتى يتحققَ النصرُ لهذا البلد.
وهي رسالةُ شُكرٍ وعِرفانٍ لقائد الثورة السيد عبدِالملك بدر الدين الحوثي، الذي استطاع أن يتحمَّلَ مهامَّ مواجهةِ هذا العدوان بقُــوَّة واقتدار وصبر لم نجد لها مثيلاً، وهي شكرٌ للقيادة السياسيّة التي تتفاعَلُ معنا بكل ما هو إيجابي.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com