الأسعار تتصاعد على أكتاف المواطنين

تقرير| منصور البكالي:

ليس العدوان والحصار وانقطاع رواتب الموظفين السببَ الرئيسيَّ لانتشار المجاعة في صفوف المواطنين، بل إن التلاعب بأسعار السلع الغذائية الرئيسية عاملٌ آخر يقف خلف ذلك، مما زاد من تفاقم الأزمة وفتح المجال أمام بعض تجار الجملة والتجزئة للاستمرار في لعبتهم المربحة من خلال تخزين السلع الأساسية وتقليل المعروض منها بهدف رفع أسعارها لتحقيق مزيد من الأرباح دون مبالاة بزيادة ارتفاع نسبة المجاعة بين صفوف أبناء هذا الشعب غير المقتدرين على شراء المواد الغذائية ولجوء غالبيتهم إلى التقشف وأكل وجْبَة واحدة في اليوم أَو البحث عن ما يسد رمق أسرهم من فتات المنظمات ذات الغذاء الفاسد.

ويشكل تأثير تلك السلع على حياة الأفراد سلباً لارتهان القرار بيد القطاع الخاص فقط وفقدان الدور التنافسي للقطاع الحكومي والمؤسسة الاقتصادية اليمنية التي كانت تقف دوماً إلى صف المواطن من خلال توفير معظم السلع الغذائية الأساسية واللحوم والخضار وغيرها في الأسواق، وبعد غياب هذا الدور تحكم التجار بالسوق وصار لديهم سيل من المبررات أمام غضب المواطن أَو التحَــرّكات الضعيفة للأجهزة الرقابية، ومن هذه المبررات التعامل مع السوق السوداء للحصول على النقد الأجنبي بسعر زائد يكون وبالاً على المواطن ونقطة سوداء في وجه الحكومة التي تفتقر إلى قوانين وتشريعات عقابية صارمة بحق المتلاعبين بقوت شعب يعتمدُ على الاستيراد.

وإزاءَ هذه القضية الإنْسَانية الهامة، قامت صحيفة “المسيرة” بالنزول الميداني إلى عدد من الأسواق للاطلاع عن كثب على شكاوى المواطنين ونقلها إلى الجهات المختصة ممثلةً بوكيل وزارة الصناعة والتجارة لقطاع التجارة الداخلية، الذي بدوره تطرق إلى العديد من الإشكاليات والمعوقات والعراقيل التي تواجه الجانب الحكومي أمام كبح جماح الأسعار الجنونية المرتفعة بين الحين وَالآخر وبحسب مزاجية التجار ورجال الأعمال، فإلى المحصلة:

 

تلاعُبُ تجار الجملة يزيدُ من معاناة الناس

أكّــد عبدالله نعمان -وكيل قطاع التجارة الداخلية بوزارة الصناعة والتجارة-، أن غالبية المعاناة في التلاعب بالأسعار هي من قبل تجار الجملة، مشيراً إلى أن النصوص القانونية لضبط المخالفات وعقوباتها أصبحت غير مناسبة في الوضع الراهن ولا تمثل نفس الجُرم أَو المخالفة التي يمارسها بعضُ التجار بحق شعبنا اليمني.

ولفت نعمان في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” إلى أن أبرز المعوقات التي تواجههم في ميدان العمل تتمثل في استمرارية الكذب والكذب الصريح والبواح من قبل تجار الجملة حول التزامهم بالتسعيرات والاتّفاقيات التي تعقد معهم خلال كُــلّ لقاء أَو اجتماع، كاشفاً عن آلية جديدة لضبط التجار المخالفين بإشراك السلطة المحلية والأجهزة الأمنية الظاهرة والمخفية وتعاون كُــلّ الشرفاء من المواطنين في عملية التبليغ عن المخالفين.

وأكّــد وكيل الصناعة والتجارة أن الوزارة مستمرة في جهود الرقابة والضبط والتفتيش على الأسعار، حيثُ تم في الفترة الأخيرة الانتقال إلى آلية أَكْثَــر فاعلية تمثلت في إشراك السلطة المحلية ومكاتب الوزارة في المحافظات سواء على مستوى الأمانة أَو على بقية المحافظات، وهذا الإشراك يتم تقييمه كُــلّ يوم وكل أسبوع، مبيناً أنه بصدد رفع تقييم شامل بعد شهر من الرقابة.

وأضاف نعمان: دائماً يتم التعامل مع البلاغات التي فيها تجاوزات أَو خروجٌ عن قوائم البيع التي وضعتها الوزارة، لافتاً إلى أن المسئولية مشتركة بين التاجر والمواطن وأجهزة الدولة، مبيناً أن التاجر المبالغ في السعر يتم عكس البلاغات وتوجيهها إلى نيابة التجارة والصناعة للتعامل معها عدا بعض المخالفات التي لا يوجد لها نص قانوني برغم أن ما وُجد في القانون أصبح غير مناسب ونحن غير مقتنعين بالتعامل بها؛ لأَنَّها لا تمثل نفس الجُرم أَو المخالفة التي يقوم بها بعض التجار، مشيراً إلى أن بعض تجار الجملة تجاوزوا الخطوط التي وضعت لهم غير مكترثين بمعاناة الناس، ونحن بصدد إعداد حملة لمثل هؤلاء وسيكون الوجه من الوجه أبيض، موضحاً أن اليد الناعمة التي مُدَّت إلى التجار في المراحل السابقة لم تعد بعد اليوم بتلك النعومة بل ستضطر إلى التعاون مع الأجهزة الأمنية السرية والعلنية وانزال أشدّ العقوبات بحق هؤلاء.

وأشار وكيلُ وزارة الصناعة والتجارة في حديثه للصحيفة إلى أن الوزارة لم تستطِعْ مراقبة كُــلّ تاجر، ولكن الظرف الحالي وضَعَ جميع المواطنين في دائرة العجز عن مواجهة المغالاة في أسعار بعض المواد الغذائية، لافتاً إلى أن أبرز المعوقات التي تواجههم في ميدان العمل تتمثل في استمرارية الكذب والكذب الصريح والبواح من قبل تجار الجملة حول عدم التزامهم بالتسعيرات، إضافة إلى قلة الإمكانيات لدى وزارة التجارة في مواجهة الجوانب التي تتطلب إنفاق، ولكن نحن دائماً ننطلق من باب الشعور بالمسئولية ونتجاوز عن هذا الجانب.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com