التصعيد البريطاني ضد اتّفاق الحديدة يفضح الدور المشبوه للأمم المتحدة ومبعوثها

المسيرة | خاص

تصاعدت، أمس الاثنين، ردودُ الفعل الرسمية المستنكرة لتصريحات وزير الخارجية البريطاني، جيرمي هنت، التي خالفت اتّفاقَ السويد بشكل صريح، وخرجت عن نَصِّه ومضمونه بطريقة فجة، كما مثّلت علامةً واضحةً على توجه تحالف العدوان برعاية بريطانية نحو إفشال الاتّفاق تَمَاماً، خَاصَّــةً بعد ظهور “هنت” في عدن، أمس الأول، مُرتدياً درعاً واقياً ضد الرصاص ومتحدثاً عن “إخلاء ميناء الحديدة وتسليمه لجهات محايدة” وَ”موت عملية السلام في اليمن” بعد أيام من حديثه عن “انسحاب” الجيش واللجان من المحافظة، وألقى ذلك التصعيدُ البريطاني بظلالِه على الدور الأممي في اليمن، ليتضحَ أن الأممَ المتحدة ومبعوثَها، مجرد أدوات تحَــرّكُها بريطانيا لخدمة العدوان الذي هي جزءٌ أساسي منه، والذي يخطّط بشكل واضح لإفشال الاتّفاق.

 

رئيس الوفد الوطني: التصريحاتُ البريطانية خداعٌ ومغالطةٌ والمبعوث الأممي ينفّــذ توجيهات لندن

رئيسُ الوفد الوطني المفاوض، محمد عَبدالسلام، نشر، أمس، بياناً شديدَ اللهجة، رَدَّ فيه على تصريحات وزير الخارجية البريطاني ومحاولاته للالتفاف على الاتّفاق، وقال عَبدالسلام: إن “اتّفاق ستوكهولم لم يُشِر بأي شكل من الأشكال إلى وجود جهات محايدة لا في ميناء الحديدة ولا في غيرها”، مؤكّــداً على أن “من يخالف الاتّفاق بوضوح شكلاً ومضموناً هي دولُ العدوان التي بريطانيا أحد ركائزها الأساسية”، مُشيراً إلى أنه المشكلة ليست في رؤساء لجان التنسيق؛ لأَنَّهم “كما يبدو يتلقون التوجيهات من دول العدوان”.

وذكّر عَبدالسلام بأن الاتّفاق “ينص على خطوات من كُــلّ الأطراف” وخَاصَّــةً في ما يتعلق بإعادة الانتشار وأن “المطالبة بإعادة الانتشار لطرف دون طرف ليس انحيازاً فحسب بل كذبٌ وخداع ومغالطة لاتّفاق معلن”، في إشارة إلى حديث “هنت” عن انسحاب الجيش واللجان من الحديدة وإخلاء الميناء.

وأضاف عَبدالسلام أنه لو كانت المسألة تسليم ميناء الحديدة للطرف الآخر -وهي الفكرة التي يريد وزير الخارجية البريطاني تكريسها- لما كانت هناك حاجةٌ لوجود الأمم المتحدة، موضحاً أن القبولَ بدور رقابي أمم في الميناء جاء في الأساس “لإنهاء ذرائع ومبرّرات الطرف الآخر ومن يقف خلفهم وليس على أساس تسليم الميناء للطرف المعتدي فهذا لا يسمى حواراً ولا نقاشاً”.

وأوضح رئيسُ الوفد الوطني أنه لا يستغرب تصريحاتِ بريطانيا “فهي مع العدوان وتعترف بذلك وتعلنه مراراً ونحن لا نتعامل معها كوسيط”.

وفي مكاشفة صريحة، أضاف عَبدالسلام، أن المبعوث الأممي “لا يبدو مبعوثاً لهيئة الأمم المتحدة وإنما مبعوثاً إنجليزياً يمثل بريطانيا، خَاصَّــةً بعد توضيح وزارة الخارجية البريطانية أهدافَها وموقفَها بوضوح، والذي ينسجم مع عرقلة الاتّفاق”، وهو التفسيرُ الأكثر وضوحاً لصمت المبعوث الأممي المتواصل إزاء التحَــرّكات البريطانية التي تخالف الاتّفاق بشكل صريح، وكذلك إزاء عراقيل وخروقات العدوان ومرتزِقته التي وصلت إلى حَــدّ استهداف رئيس لجنة إعادة الانتشار نفسه، خُصُوصاً وأن بريطانيا هي من تبنت قرارَي مجلس الأمن الداعمين لاتّفاق السويد في إطار عملها على التحكم بمسار عمل الأمم المتحدة في اليمن.

وتابع عَبدُالسلام فاضحاً الموقفَ البريطاني المخالف لاتّفاق السويد والأهداف الحقيقية منه: “أكّــدنا مراراً أننا مستعدون لإجراء إعادة الانتشار في الخطوة الأولى التي تم التوافق عليها مع رئيس اللجنة حتى من طرف واحد، ولكن هم من يرفضُ هذا التنفيذ؛ لأَنَّهم لا يريدون أن ينكشفَ الطرف الآخر ويصبح في موقف محرج ومن أجل ألّا يفقد ذرائع ومبرّرات استمرار العدوان على الساحل الغربي بل تبقى قائمة؛ لأَنَّها مرتكزةٌ على أكذوبة التهريب في ميناء الحديدة وجمع الإيرادات؛ ولهذا فتهربهم من استعدادنا لإعادة الانتشار من موانئ الحديدة المشار إليها في الخطة الأخيرة والمقرة يثبت عملياً أنهم هم من يعرقل الاتّفاق ويعرقل مسار المساعدات الإنسانية بل ويعرقل الحل السياسيّ والسلمي في اليمن”.

وأشار إلى أن محاولات العدوان ومرتزِقته لعرقلة التنفيذ بذريعة “الاتّفاق على القُــوَّات المحلية” هي محاولات مخالفة لاتّفاق السويد الذي “لم نص على أية سلطة أَو قُــوَّات محلية” إلا أنه بالرغم من ذلك فإن الوفدَ الوطنيَّ أكّــد استعداده لتنفيذ الخطوات الأولى؛ “كونها إنسانية بحتة تساعد على تشغيل الميناء ودخول المساعدات وإزالة الاحتقان وتخلق تقدم في الاتّفاق”، وأضاف: “لا نمانع بعد ذلك أن نذهب لنقاش أي تفصيل أَو تفسير للاتّفاق إذَا لزم ذلك”، وهو ما يعني أن العدوان ورُعاتَه يحاولون من خلال ذرائعهم إلى خلق عقبات أمام الاتّفاق لمجرد عرقلته فقط.

وفي ختام البيان، جدّد عَبدالسلام التأكيدَ على التزام الوفد الوطني باتّفاق السويد واستعداده لتنفيذ الخطوة الأولى “حتى من طرف واحد”.

وكرّر التأكيدَ على الدور المشبوه للأمم المتحدة ومبعوثها قائلاً: إن “تهرب الأمم المتحدة عن المضي في التنفيذ حتى من طرف واحد، يضعُها أمام حقيقة واضحة هي أنها لا تتحَــرّك وفْــقاً لمصالح الحل”، بل إنها تخدم “حسابات دول الاستكبار وفي مقدمتها بريطانيا التي كشفت بشكل واضح أنها تدير عملية عرقلة الاتّفاق عبر مبعوثها إلى اليمن تحت غطاء الأمم المتحدة”.

 

نائب وزير الخارجية: بريطانيا جزءٌ من العدوان وصمت الأمم المتحدة محاولة للتغطية على عرقلة الطرف الآخر

نائبُ وزير الخارجية، حسين العزي، أكّــد بدوره أن تصريحات وزير الخارجية البريطاني “تستفزُّ مشاعرَ الشعب اليمني”، مُشيراً إلى أن بريطانيا دعمت العدوان ولها دورٌ كبير في الجرائم والحصار.

وأضاف العزي في تصريحات لقناة المسيرة، أن “الصمت الأممي على التأخر في تنفيذ الاتّفاق هو محاولة لتغطية عرقلة الطرف الآخر” وهو ما يلتقي مع تصريح رئيس الوفد الوطني حول الدور السلبي للأمم المتحدة ومبعوثها والذي يخدم توجهات بريطانيا والعدوان.

وأشار العزي إلى أن “الطرفَ الآخر يحاول تفسيرَ الاتّفاق كما يريد”، وأن “الاتّفاق وُجِد لتعزيز أمن الحديدة، وهذه مهمة تفوق قدرة الطرف الآخر، بدليل الفوضى في المناطق المحتلّة”، مؤكّــداً “الجهوزية لمواجهة أي تصعيد”.

وكان العزي قد أوضح في حديث سابق لصحيفة المسيرة أن هناك توجهاً من قبل العدوان ومرتزِقته للخروج عن الاتّفاق وأن تصريحات وزير الخارجية البريطاني “تشجع الطرف الآخر على استمرار الخروقات والعرقلة” مُشيراً إلى أن صمت الأمم المتحدة إزاء ذلك، لا يخدم الاتّفاق، ولا يدفع بعجلة السلام إلى الأمام.

 

ناطق الحكومة: بريطانيا تعملُ لاستعادة احتلالها لليمن

من جهته، وصف ناطق حكومة الإنقاذ، ووزير الإعلام، ضيف الله الشامي، زيارةَ وزير الخارجية البريطاني لعدن وتصريحاتِه بأنها “خطواتٌ عمليةٌ لاستعادة الدور البريطاني الخفي لاحتلال اليمن”.

 

رئيس الثورية العليا: بريطانيا تمهّدُ لتكرار معركة الحديدة

كما علّق رئيسُ اللجنة الثورية العليا، محمد علي الحوثي على ما جاء في تصريحات وزير الخارجية البريطاني، من حديث حول “موت عملية السلام في الحديدة” قائلاً: إنه تسويق لفشل اتّفاق ستوكهولم؛ لتكرار معركة الحديدة”.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com