برنامج رجال الله ملزمة (معرفة الله ــ الثقة بالله) الجزء الثاني:

المسيرة/ بشرى المحطوري

نتناول في هذا الجزء تحذيرَ الشهيدِ القائد -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ- من (الدعممة) والتساهل عند سماع آيات الله حيث تساءل قائلاً: [ما الذي يحصل في هذه الدنيا في تعاملنا مع الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، عندما نسمع آياته تتلى علينا ، وفيها تلك الآيات التي تأمرنا بالتوحد ، بالأُخوّة ، بالإنفاق في سبيله ، بالجهاد في سبيله ، بالعمل على إعلاء كلمته ، بأن نكون أنصاراً لدينه؟ وهكذا . كيف يعمل واحد . . يرجع يطأطئ رأسه ، ويمشي مدري فين ، يتجه كذاك ، يريد يهرب مدري فين! إلى المجهول ، يحاول يعرض! تحدبر برأسك وتحاول تعرض كذا ولا كذا ، أين ستذهب؟ . أنت فقط تغالط نفسك ، تحاول تتهرب وتحاول تتناسى هذا الشيء ، وتحاول تنشغل بأشياء تدخل فيها لما تنسى ، وهكذا تساهي نفسك ، تساهي نفسك حتى يأتيَك الموت ، فتجد بأنك إنما كنت تغالط نفسك ، وتخادع نفسك؛ لأن الله لا ينسى ، لا يغفل ، يراقبك سواء تهرب إلى هذا أَو إلى هذا ، أَو حتى تسير تبحث عن أسئلة تدور لك لأسئلة إذا باتلقى لك مخرج من عند ذيه ولاّ من عند ذيه من أجل إذا . . . يوم القيامة . . ما بِشْ . . {أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}(فصلت: من الآية53) هو الشاهد على كُــلّ شيء ، شاهد على أعمالنا عليم بذات الصدور .

وأضاف -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ-:[يوم القيامة سيتبرأ منك حتى أولئك الذين كنت تؤيدهم في الدنيا وتصفق لهم وهم يسيرون في طريق الباطل {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّأُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} (البقرة:166-167)؛ لأنه سيرد وهو مشغول بنفسه هو هالك ، هو مذهول ، يقول لك: رحلك ، ماذا أعمل لك؟ ما أستطيع أعمل لك شيء . أنت تتألم ، تتألم ، وتصبح حسرات تقطع قلبك ، عذاب نفسي ، هذا الذي كنت في الدنيا أصفق له ، وكنت في الدنيا بَعْدَه ، وكنت في الدنيا أركزه ، وأقول انه . . وانه . . . إلى آخره . . ها هو يتبرأ مني الآن ، [ليت ان عبا يُسبُر ارجع الدنيا ثاني مره أتبرأ منّه وألعنه من فوق كُــلّ منبر] .

 

تبرأ من الظالمين هنا في الدنيا . . يوم القيامة لن ينفعك ذلك:ــ

ونصح الشهيدُ القائدُ -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ- الأُمَّـة بأن تتبرّأ من الظالمين الفاسقين المضلين لها هنا في الدنيا ، حيث ينفع ذلك ، حيثُ قال وهو يشرحُ قولَه تعالى: {بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا}: [ترى هكذا يأتي بعد كُــلّ آية تتحدث عن النسيان {أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا}(طـه: من الآية126) كنا في الدنيا نقول لك تتبرأ من المجرمين ، تتبرأ من الظالمين ، تمشي على هدي الله ، لا ترتبط بغير هدي الله والهداة إلى دين الله . أليست حسرات شديدة على الإنسان يوم القيامة ، وهو هنا كان يعرض في الدنيا ويبحث عن من يتمسك به فيأتي يوم القيامة يتبرأ منه . أليست هذه الآيات تعني أنه سيكون حسرة شديدة عندما يقولون: {لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّأُوا مِنَّا}(البقرة: من الآية167) عبّر الله عن أن هذه الكلمة انطلقت من نفوس تتقطع حسرات {لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّأُوا مِنَّا} غيض شديد ، وتألم شديد من أولئك الذين كنا في الدنيا نصفق لهم ، وكنا في الدنيا نؤيدهم ، وكنا في الدنيا نمشي على توجيهاتهم ، وهم كانوا هكذا ، توجيهات ليست على وفق كتاب الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى! حسرات عندما قال الله: {كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ}(البقرة: من الآية167)] .

 

تأمل . . في آية الكرسي:ــ

تطرق الشهيدُ القائدُ -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ- إلى آية الكرسي والاستشهاد بما جاء فيها في محاضرته ، حيث قال: [آية الكرسي التي نقرؤها وهي من أعظم آيات القرآن الكريم يقول الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فيها: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ}(البقرة: من الآية255) ثقوا به؛ لأنه الله الذي لا إله غيره ، أي هو من يملك شئونكم ، من بيده شئونكم وأموركم ، هو من يدبر أموركم ، هو وحده الذي يمكن أن تألهوا إليه ، وتلتجئوا إليه . . هو الحي لا يمكن أن تقول:[ربما قد مات ، الله يرحمه ، إيش عبَّا يسوي لنا]؟ لا ، هو الحي . . هو الشاهد على كُــلّ شيء . قيوم ، هو القيوم على كُــلّ شيء ، فهو قائم على كُــلّ نفس بما كسبت . هو القيوم هو الشاهد على هذا العالم من يقوم بتدبير شئونك ، هو من يقوم بتحقيق ما وعدك به ، بإنجاز ما وعدك به . هو أيضاً {لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ}أول النوم ، أَو نوع من الغفلة ، {وَلا نَوْمٌ} فيمكن أن يهاجموك وهو راقد . . لا ، يقول واحد [والله إما إذا هو بيرقد فيمكن يباغتونا وهو راقد ويرجع ينتبه وقد نجحت] لا ، لا . . الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لا يغفل ، لا ينام ، لا يسهو ، لا ينسى عندما تثق به فأنت تثق بمن لا يغفل عنك لحظة واحدة ، بمن هو عليم بذات الصدور ، صدرك أنت ، وصدر عدوك ، فثق بمن يستطيع أن يملأ قلبك إيمانا وقوة ، ويملأ قلب عدوك رعباً وخوفاً {سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ}(لأنفال: من الآية12) .

وتساءل -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ-: [من هو الذي يمكن أن تتولاه ، وله هيمنة على القلوب؟ من هو الذي يمكن؟ لا زعيم ، لا رئيس ، لا ملك ، لا أي أحد في هذا العالم له هيمنة على القلوب . . ألم يقل الرسول (صلواتُ الله عليه وعلى آله): ((نصرت بالرعب من مسيرة شهر))؟ من أين جاء هذا الرعب؟ من قبل الله ، هو الذي هو مطلع على القلوب ، وبيده القلوب يستطيع أن يملأها رعباً ، ويملأ تلك القلوب قوة وإيماناً وثقة ، وعزماً وإرادة صلبة؛ لأنه قيوم لا تأخذه سنة ولا نوم] .

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com