عهدُ انبلاج فجر الثورة اليمنية التحرّرية الظافرة

علي نعمان المقطري

في مواجهة العدوان السعوديّ الامبريالي حطّم الشعبُ بثورته الأنصارية أهمَّ حصن للاستعمار الأمريكي السعوديّ الصهيوني وما زالت المعركة مستمرّة.

وفي ظل الانكساراتِ والهزائم التي يكابدُها العدو تضيق أمامه الخيارات الميدانية والاستراتيجية والسياسيّة الدولية، فهو كيان تابع للولايات المتحدة الأمريكية ويتأثر أداؤه ونشاطُه الاستراتيجي بعوامل واضطرابات البيت السعوديّ والأمريكي.

 

العدو وإشكالية قواته المطوقة:

ما زال العدو يحاولُ معالجة الإشكالية الأخطر المحيطة به على الساحل الغربي وهي وضعُ قواته المطوقة من كُلّ اتّجاه، فالعدو ينقلُ المعركةَ الرئيسية الآن موقتاً من الشمال الأوسط إلى جنوب الأوسط “الساحل وغربه الأوسط”؛ بهدفِ إعادة توزين أوضاعه وتسليك خطوطه المتقطعة في مواجهة خيارات الجيش الاستراتيجية الواسعة الأبعاد، ويحاول فتح جبهات قديمة وجديدة في نهم والضالع والبيضاء وَجيزان وعسير ونجران؛ بهدفِ تخفيف ضغط هجوم الجيش اليمني الشديد الوطأة عليه وعلى قواته؛ ليمنع من رفد الساحل بالاحتياطات الشعبية والعسكرية وَإعاقة الدعم كما يتصور هو وقيادته.

 

خياراتُ الجيش اليمني الاستراتيجية التكتيكية:

إن العدو يتجه نحو مصائر مأساوية موضوعية وذاتية مشتركه مع تشديد الخناق عليه وعلى قواته في الساحل أمام الحديدة وجنوبها وشرقها أمام الجيش اليمني وقيادته العليا والميدانية ما دامت تحافظ على تماسكها وتعزز مواقعها وفرصها على حساب ترَاجع العدو وانكساراته المعنوية والمادية المتوالية دون وقف الآن وأهم خيارات الجيش اليمني هي:

– العدو يتكسر استراتيجياً ودولياً أمام أعيننا، والعدو ميدانياً قد خَسِرَ المواجهة الكبرى والأخيرة تكتيكياً.

– العدو يعاني انفجاراتٍ داخليةً بينه وبين قيادته العليا وبنيته الإدارية والسياسيّة وبينه وبين قاعدته العليا والتحتية، ويتسع هذا الشرخ والتصدعات، وسوف تأتي قريباً لحظة تتسارع فيها الانهيارات والتصدعات مع زيادة الضربات والهجمات والانكسارات دون توقف عليه في الساحل وغيرها من المواقع والجبهات.

– العدو آيل الآن للسقوط داخلياً وخارجياً وميدانياً في عقدة أبعاد ثلاثية تجعل طبيعة السقوط مدوياً وهائلاً.

 

نهايةُ الخط الأول للقيادة العدوانية وقواتها:

القيادة العامة الصورية للإصلاح وهادي ومحسن وفهد السعوديّ انتهت الآن ميدانياً وتلحقها الآن الإماراتية على الساحل، بعد خسارته المدوية في الميدان؛ ونتيجةً انكسارات الساحل المتوالية تنكشف عورات العدو شمالاً وشرقاً وغرباً ووسطاً وعمقاً، ويتحول جيشنا إلى الهجوم مجدّداً شمالاً، واسترداد المواقع التي تم التوغل فيها منذ أشهر في نجران وجيزان وعسير.

وأبرزُ مظاهر هذا التقدم شمالاً هو استرداد جبال شعير الاستراتيجية في عسير ومرتفعات قباله علب وَالسيطرة على قرى جديدة عديدة في جيزان وإنزال الضربات المتوالية المستمرّة على المرتزِقة في الحدود الشمالية والشرقية والغربية والجنوبية والوسطى من قانية إلى حيفان ومن الأجاشر إلى الملاحيظ والى جيزان.

ودليلُ قوة الهجوم اليمني واستعاده المبادرة الهجومية الميدانية على مستوى مسرح الحرب ككل ومعاني هذ التحول المعطى الاستراتيجي، أن ميزانَ القوة الاستراتيجية الميدانية والعامة يتجه ببطء إلى صف الجيش اليمني المدافع عن وطنه وقضيته العادلة.

وما يحاول العدو فعلَه هو إعاقة تفاعلات هذا الواقع الجديد ومنع ظهوره وانكشافه وقد فشل حتى الآن في مسعاه.

 

انقسام وتفكك وتصدّع الخط الاستراتيجي لقيادة العدوان:

إن الإدارة الأمريكية هي مَن تشكّل القيادةَ الاستراتيجيةَ للعدوان، وهي الآن قيادته العليا العامة في الميدان الرئيسي، ومن يفشل الآن في الميدان ليس السعوديّ والإماراتي بل هو الأمريكي الإسرائيلي مباشرة، ولم يعد أمامها إلّا الخيارات الانتحارية.

أما القبول بصفقة بالحاصل المتوفر الواقع على الأرض كما هي الآن فالوقت يغدو في غير صالح العدوان الخاسر صفقة موقتة تناصف ما هو قائم بين الطرفين المتصارعين بصفقه سياسيّة تحفظ ماء الوجه للسعوديّ الأمريكي لتقاسم النفوذ السياسيّ الاستراتيجي للإقليم محل النزاع.

وإذا كان ذلك مستحيلاً من جانب الوطن وقواه فإنه يريدُ تثميرَه في صفقة هدنة سياسيّة مؤقتة تعطي الطرفَ “تحالف العدوان” وقتاً لمداواة جراحاته الراهنة التي أصابت الرأس بالمعنى المادي المباشر، فلم يعد هناك من يقود المعارك والحرب والعدوان سوى المنطقة الأمريكية الوسطى وإداراتها.

وبعد كارثة المنشار الفضائحية الإجرامية وقتل خاشقي، فقد أصبحت مناشير سلمان وبنيه أشباحاً تقض مضاجع الرأي العام الغربي وتفضح بلا حياء الطبيعةَ الحقيقية لسياسيّيه وقادته ومدى بشاعتهم.

وتتقاطع تلك الكارثة مع الحروب الذاتية السياسيّة والانتخابية والبرلمانية والمافيوية المؤجّلة بين ترامب وخصومه من كُلّ ناحية في الإدارة والمخابرات والقضاء والبرلمان ومجلس الشيوخ والنواب والديمقراطيين والجمهوريين والصحافة والشركات والمؤسّسات المتنافسة التي تطمح إلى امبريالية عالمية محتشمة تكون تحتَ سيطرة المحامين والصحفيين تروّج للنموذج وللنمط الأمريكي وليس رؤساء العصابات الكبرى وأجلاف أمريكا الأسوأ في التأريخ.

ما هو مؤكّــدٌ الآن أننا سنشهد خلال أشهر معدودات فقط عدداً من تطورات وأحداث مدمّرة للبنية العدوانية العليا الحالية، ولا يعني أنها سوف تقدم بديلاً أفضل للحرب العدوانية الحالية، بل العكس ما سوف يحدث، وبعد فشل المغامرة العدوانية ميدانياً فإنها ليست مستعدة للاستمرار في المسار الفاشل الحالي، ومعنى هذا إما أن توقف أسلوب المواجهات الحربية الميدانية الحالية التي تخسرها، وإما أن ترسل بقواتها لإيقاف الهزيمة المروّعة التي تنتظر أشبالها، وهذا الخيارُ صعبٌ وانتحاري، ويحتاج إلى إعلان من مجلس البرلمان الأمريكي، وهذا غيرُ متاحُ الآن للإدارة الحالية، فالغالبيةُ الآن ضد ترامب وإدارته.

وهناك مستجداتٌ جدت، أمس بعد الجلسة البرلمانية المغلقة لمديرة الاستخبارات الأمريكية التي تحدّت ترامب في إدانتها الصريحة لبن سلمان في جريمة قتل الصحفي المغدور، كما أن أغلبية مجلس الشيوخ الأمريكي عبّروا عن تحديهم لسياسة ترامب وموقفه وشكّكوا فيه وطعنوا في نزاهته المالية وكالوا الشتائمَ الوقحة لأول مرة لبن سلمان وأجمعوا على إدانته والتحفظ عليه، وربطوا بينه وجريمة القتل وبين حربه في اليمن، مما يعني إعادة النظر في دعم سلمان ما دام ابنُه يدير الحرب والحكم وقولها صراحة: أمريكا مع حاكم جديد للسعوديّة وابن سلمان وسعوديّته منفردين يذهبون إلى الجحيم.

وإذا افترضنا أن حاكماً جديداً سيأتي إلى السعوديّة الآن أَو بعد أشهر أَو عام، فالمؤكّــد أن البديل سيأتي حتماً إلّا إذا انفجرت الأسرةُ الحاكمة في صراع داخلي طويل، وهنا سيكون على الإدارة الأمريكية أَيْضاً الإمساك بخيوط اللعبة التي انقطعت موقتاً، ولن يكون البديل إلّا مطابقاً للحالة الأمريكية الجديدة التي هي الآن في أولها، لكنها تكشف عن أبعادها من خلال ترشيح رجلها المقبل وإرساله إلى الرياض، وهو الآن يعمل حثيثاً على تجميع الخيوط بين يديه ويحتاج وقتاً وتدعيماً، ولن يستمر موقفُ ترامب على ما هو الآن فهو ملزّمٌ بأن يواكبَ مزاجَ الكونجرس والرأي العام الحالي الذي يتسع الآن بعد الانتخابات النصفية الجديدة الأسبوع الماضي.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com