أكتوبر المجيد يستعيد روحه .. بقلم/ د. أحمد الصعدي

 

في الذكرى الثانية والخمسين لثورة 14 أكتوبر المجيدة عام 2015 كانت نشوةُ ولوثةُ ((التحرّر)) تدير رؤوسَ سياسيي وناشطي جبهة الترحيب بالاحتلال الخليجي، فتنكر المنخرطون في إحراق البخور عند أقدام الغزاة روح ومعنى ثورة 14 أكتوبر، وإمعاناً في النكران رفعوا صورَ قادة دول الغزو ملوك وشيوخ الخليج في ساحة العروض بخور مكسر بدلاً عن صور ثوار أكتوبر وشهدائها، وهي الثورة التي كان يقام الحفل في ذكراها.

هذا المنظرُ الغرائبي رجّ مشاعر الإعلامي السعوديّ اللصيق بأرفع دوائر الحكم في بلاده جمال خاشقجي فتساءل: ماذا تصنع أَيُّـها التأريخ، معلقاً على رفع صور ملوك وشيوخ الخليج، حيث كان يقفُ سالم ربيع علي وعبدالفتاح إسماعيل وعلي ناصر محمد وكبار قادة الحزب والدولة في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، ومعهم أحياناً قادة الفصائل اليسارية الفلسطينية لا سيما تلك التي ناصبتها الرجعيةُ السعوديّةُ العداء دائماً.. زعيم الجبهة الشعبية جورج حبش وزعيم الجبهة الديمقراطية نايف حواتمة.

واليوم تحلّ الذكرى الخامسةَ والخمسين لثورة 14 أكتوبر وقد تغير الوضع كثيراً، فقد أدرك أبناءُ الجنوب الهدفَ الحقيقي للاحتلال وبدت لهم واضحةً نزعتُه الاستعمارية التدميرية وأخذوا ينظّـمون صفوفَهم لخوض معركة النضال الوطني بالطرق السلمية حتى هذه اللحظة كما يفعل أبناء المهرة وشبوة، وكما تفعل جماهيرُ الشعب التي تخرج في مسيرات رافعة شعار ((لا تحالف بعد اليوم)).

هكذا يستعيدُ أكتوبر روحَه التي ترسّخت في عقول ووجدانات اليمنيين قاطبةً: روح التحرّر والاستقلال من الاستعمار وأدواته، وكما طُردت بريطانيا العظمى عام 1967 برغم أساليبها الماكرة ودهائها المراوغ سيُطرَدُ الغزاةُ الأعرابُ، ولكن بصورة أسوأ وأقسى من ما لقيه أبوهم الروحي الاستعمارُ البريطاني.

أما جمال خاشقجي الذي فرح وانتشى في مثل هذه الأيّام من عام 2015 بإلقاء صور أبطال أكتوبر المجيد في سلة المهملات واحتلال صور قادة دول الغزو الهمجي مكانَهم، فمن غرائب المصادفات أنه يشغلُ العالمَ هذه الأيّام بما جرى له على يد نظام بوليسي همجي ظل يسلخ كُـلَّ مَن لا يرضى عنه، وظل إرْهَابُه يصولُ ويجولُ في العالم قبل أن يصل إلى خاشقجي الذي كان حتى آخر لحظة من اختفائه مناصِراً متحمساً لكل ما يفعله سلمانُ وابنه باستثناء مقاطعة قطر من غير أن يتنبهَ إلى أن ((النار تأكُلُ بعضَها إنْ لم تجدْ ما تأكله)).

((اللهَ اللهَ يا أكتوبر. يا سلام على نورك في بلدنا)). المجد والخلود لأبطال أكتوبر الذي أخذ يستعيدُ وَهَجَه وألقَه التحرّري والثوري، وهكذا سيبقى في ذاكرة ووعي اليمنيين.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com