السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي في المحاضرة الرَّمْضَـانَية الثالثة عشرة:

 

أَعُـوْذُ بِاللهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ

بِـسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ

الحَمْدُ لله رَبِّ العالمين، وأَشهَـدُ أنْ لَا إلهَ إلَّا اللهُ المَـلِكُ الحَـقُّ المُبِيْن، وأشهَدُ أن سَيِّـدَنا مُحَمَّــدًا عَبْـدُه ورَسُــوْلُه خَاتَمُ النبيين.

اللّهم صَلِّ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــدٍ وبارِكْ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــدٍ، كما صَلَّيْتَ وبارَكْتَ على إِبْـرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ إِبْـرَاهِيْمَ إنك حميدٌ مجيدٌ، وارضَ اللَّهُم برِضَاك عن أَصْحَابِهِ الأَخْيَارِ المنتجَبين وعَنْ سَائِرِ عِبَادِك الصالحين.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ والأخواتُ.. السَّـلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه.

نواصِلُ الحديثَ عن المتقين على ضوء الآيات المباركة في أول سورة البقرة، وبالأمس كان الحديثُ مركزاً على ما يتعلق بالاهتداء بالقُــرْآن الكريم، وبعض المسائل المتصلة بذلك، يقول الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى عنهم، عن عباده المتقين: (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ)، المتقون مسيرة حياتهم تعتمدُ كلياً في أعمالهم في مواقفهم، في اتجاهاتهم، في مشروعهم في الحياة تعتمد على القُــرْآن الكريم، تعتمد على كتاب الله، على هدى الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى وهم يهتدون بهذا الكتاب الذي هديه واسع، وهديه متجدّد، وعطاؤه مستمرٌّ لا ينضب، مَعينٌ لا ينضب، وفي نفس الوقت يواكِبُ مستجداتِ الحياة، ومتغيراتها في كُـلّ زمن وفي كُـلّ مرحلة، وهم في هذا السياق الذي اتجهوا على أساس الاهتداء بكتاب الله والاعتماد على دين الله، على الحق الذي هو من عند الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى يسعون إلى الاستفادة من هذا الهدى إلى معرفة هذا الهدى ولكن لا يتجهون فقط ويكسبون هذه الهداية ويحصلون عليها من خلال فقط الجهد النظري، الجُهد الذهني، حالة التلقي والتلقين، حالة البحث والإصغاء والاستماع التعليمية والعملية والتثقيفية هي واحدة من الوسائل المهمة، التي يستفيدون منها، ولا بد منهما في أن نهتديَ بالقُــرْآن الكريم، ولكن مسألةَ الاهتداء بالقُــرْآن الكريم لها جوانبُ متعددة؛ لأَنَّ المسألةَ في نهاية المطاف هي أخذ بأسباب الهداية ووسائل الهداية، أما الهادي فهو الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى، وهو القائل عن القُــرْآن الكريم نفسه: (يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ)، فأنت لا تحصل على الهداية بالقُــرْآن والاهتداء بالقُــرْآن من خلال التعامل مع القُــرْآن الكريم منفصلاً عن اتجاهك إلى الله، وعن توجهك نحو الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى، أنت ترجو الهداية من الله الذي هو الهادي إلى سواء السبيل، والذي إليه سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى مسؤولية الهداية لعباده، فأنت تنشد الهداية من الله، تطلب الهداية من الله، ترجو الهداية من الله، ولهذا علّمنا الله في كتابه الكريم في أول سورة منه وهي السورة التي نقرأها في كُـلّ صلاة أن نقول: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ)، فلا بد أن نتوجهَ إلى الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى، وتصوّر الإنْسَـان أن باستطاعته بالاعتمادِ على نفسه أَوْ بالاكتفاء بما أعطاه الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى من وسائل المعرفة والفهم، أن يكتفيَ بها وأن يعتمدَ عليها كليًّا ولا يحتاج إلى أن ينشد الهداية من الله، ولا أن يطلب الهداية من الله، ولا أن يأخذَ ببقية الأسباب العملية والمهمة التي هي قربة إلى الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى من جانب، وتساعد على تزكية النفس وتهيئة النفس بالمعرفة من جانب آخر، تصور الإنْسَـان أن ذلك ممكن تصور خاطئ، الإنْسَـان في مسألة الهداية لا يكفيه أن يكون ذكيا، ولا أن يكون لديه قدرة ذهنية وقدرة على الفهم عالية، وقدرة على الاستيعاب والحفظ عالية، هذا لا يكفي، هناك الكثير من الناس في هذه الدنيا يمتلكون ذكاءً كَبيراً، فهماً عالياً، قدرة كبيرة على الحفظ والاستيعاب، البعض يحفظ القُــرْآن عن ظهر قلب، غيبا كما نقول في التعبير المحلي، ولربما البعض لا يهتدي بهذا القُــرْآن الذي يحفظه عن ظهر قلب، لا يهتدي به، فلم يظهر أثر هذا القُــرْآن لا في روحيته ولا في زكاء نفسه، ولا في أعماله، ولا في استقامته، ولا في سلوكياته، ولا في اهتمامه بتحمل المسؤولية، ولا في ولا في، أشياء كثيرة، فالبعض يمكنه أن يكون ضالاً بما تعنيه الكلمة ويتجه لما يحمله من ضلال، فهو لم يهتدِ بالقُــرْآن الذي حفظ لفظه، أما المفاهيم التي حملها لم تكن تلك المفاهيم القُــرْآنية الصحيحة السلمية، واقتبسها من هنا وهناك من خارج، من ضُلّال وإلا من مصادر ضلال ومن منابع ضلال، ولم يهتدِ بالقُــرْآن الكريم، بالاهتداء بالقُــرْآن الكريم ننشد الهداية من الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى ونأخذ بأسبابها، واحد من هذه العوامل الأساسية للاهتداء بالقُــرْآن قوله تعالى: (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ)، الإيْمَـان بالغيب لا بد منه في الاهتداء بالقُــرْآن الكريم ولا بد منه في تحقّـق التقوى.

 

الحقائقُ الغيبية في القُــرْآن الكريم

القُــرْآنُ الكريمُ فيه كثيرٌ من الحقائق الغيبية التي لا نشاهدها أَوْ الآتية في قادم الزمن، لم نصل إليها بعد، أَوْ تلك الحقائق المتصلة أَوْ المرتبطة بسنن إلهية فيما يتعلق بأعمال الناس وتصرفاتهم واتجاهاتهم في هذه الحياة وحتى بنفسياتهم، فيه أَيْـضاً مساحة واسعة متعلقة بالوعد والوعيد، وعد إلهي لنا إذَا فعلنا كذا أن يفعل الله لنا كذا، إذَا فعلنا كذا تكون النتيجة كذا، ووعيد إلهي على الأعمال السيئة، على الانحرافات، على الخطيئات، على على، على المخالفة لهدى الله إلى آخره.

كثير من هذه الحقائق التي لم يشاهدها الإنْسَـان بعد أَوْ لم يعشها بعدُ، إما هو كشخص أَوْ كمجتمع، المجتمع كمجتمع، الأُمَّـة كأمة، أَوْ في ظل مرحلة معينة، أَوْ في ظل ظروف معينة تختلف المسألة، يعني يمكن مسألة من المسائل أن تكون مسألة أَوْ حقيقة غيبية لقوم في ظرف معين فيما بعد تتحقّـق، تتحقّـق وتصيرُ إلى حقيقة واقعة، تخرج من حالتها الغيبية إلى حالة واقعة تحقّـقت في واقع الحياة، لو نأتي مَثَـلاً إلى ما تُمَثِّـلُه هذه المسألة من أهميّة لأدركنا أن فيما يخص هذه المسألة هناك مشكلة كبيرة في الساحة الإسْـلَامية، في واقعنا كمسلمين.

 

خطورة ضعف الإيْمَـان بالغيب

نحن نقر بالغيب كمسلمين هذه حالة ضرورية حتى للانتماء للإسْـلَام، نقر بالغيب مَثَـلاً، نُقِرُّ بالآخرة، نقر بالجنة والنار، نقر أَيْـضاً بما تحدث عنه القُــرْآن الكريم من حقائقَ كثيرة، ونعترف بصدق وعد الله ووعيده، هذه حالة لا بد منها كحالة أساسية في مصداقية الإنْسَـان في انتمائه للإسْـلَام، وإلا يكون من الجاحدين، من المكذبين تكذيبَ الجحود والنكران، ولكن لا شك أن هناك ضعفاً كَبيراً ومتفاوتاً في حالتنا فيما يتعلق بالإيْمَـان بالغيب، الإيْمَـان بالغيب هو تصديقٌ بإذعان، تصديق يصل إلى درجة اليقين والتأكّـد وفي نفس الوقت الإذعان والتقبل، تصبح هذه مسألة مقبولة لدى الإنْسَـان، حقيقة لا شك عنده فيها، والذي يدل على هذا الإيْمَـان ويؤكّـد هذا الإيْمَـان هو مدى التفاعل مع هذه الحقائق، الحقائق هذه الغيبية التي يتحدث عنها القُــرْآن هي حقائق مهمة جِـدًّا، لا بد أن يكون لإيْمَـان الإنْسَـان بها وتصديقه بها وقطعه بها، وتأكّـده منها أن يكون لذلك أثرا عليه، مَثَـلاً، تصديق الإنْسَـان وقطعه ويقينه بالنار بعذاب الله سبحانه وَتعالى، بالوعيد الإلهي، لا بد أن يترك فيه أثرا من الخوف من الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى، بقدر ما يكون هذا الإيْمَـان، بقدر ما تكون هذه الحالة قطعية لدى الإنْسَـان مؤكّـدة لدى الإنْسَـان، يقينية لدى الإنْسَـان، بقدر ما يحمل في مقابلها في تأثره بها، في تفاعله معها خوفا أَكْبَـر وأعظم من الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى، هذا يدفعه إلى الاهتمام العملي إلى الالتزام العملي، إلى السعي لما فيه وقاية له من عذاب الله، حين يقول الله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)، يا أيها الذين آمنوا، أنتم، أنتم الذين آمنوا معرضون لهذا الخطر، لا يقيكم منه إلا أن تأخذوا بأسبابِ الوقاية منه، قوا أنفسَكم، عليكم مسؤولية أنتم تجاه أنفسكم أن تعملوا ما فيه وقاية لكم من هذا العذاب، والذي فيه وقاية لنا من هذا العذاب أعمال معينة نعملها وأشياء معينة نتركها، أعمال إن تركناها وصلنا إلى ذلك العذاب، وأعمال إذَا فعلناها دخلنا بها ذلك العذاب، (قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ)، الإيْمَـان والقطع والتأكّـد واليقين بالحقائق الغيبية لا بد له من تأثير بحسبه، يعني ما يخيف لا بد أن يترك أثرا من الخوف، ما يرغب لا بد أن يكون له أثر من الرغبة، الإنْسَـان إذَا أصبح على درجة عالية من الإيْمَـان واليقين بما وعد الله به في الدنيا والآخرة من الخير من الكرامة من العزة، من الفلاح من النعيم، من كُـلّ تلك الرغائد العظيمة جِـدًّا لا بد أن يرغب إلى الله، لا بد أن يتشوق إلى ذلك الخير، فطرته هي هكذا، فطرة الإنْسَـان، نحن نرى في واقع هذه الحياة كيف الإنْسَـان يميل إلى هنا أَوْ هنا، أَوْ يتأثر بكذا أَوْ كذا، أشياء بسيطة جِـدًّا لا تساوي شيئاً، تتأثر بها وتتفاعل معها النفس البشرية، كيف لا تتفاعل مع تلك الحقائق الكبرى جِـدًّا، والعظيمة والمهمة، أَيْـضاً نأتي إلى حقائق قُــرْآنية مهمة تتعلق بالمسؤولية، تتعلق بواقع الحياة، تتعلق بما نعمله، ما نتركه، حقائق كثيرة في القُــرْآن إذَا لم نتجاوز مرحلة الإقرار والاعتراف إلى مسألة الإيْمَـان واليقين والقطع والتصديق والوثوق فأزمة الثقة ستؤثر على مدى الإتباع للقُــرْآن وعلى مدى التمسك بالقُــرْآن وعلى مدى الاهتداء بالقُــرْآن، ثم ينتج عن ذلك عصيان لله، أَوْ عدم التفاعل مع تلك الحقائق، ينتج عنه مخالفات في الواقع العملي، تودي بالأُمَّـة، تهلك الأُمَّـة، تجُرُّ على الأُمَّـة الويلاتِ والنكبات، والمآسي؛ لأَنَّها تصرفات ومخالفات ينتج عنها آثار سيئة جِـدًّا في واقع الناس، في واقع الأُمَّـة، تلك الحقائق أين المشكلة، مَثَـلاً نأتي إلى أمثلة، حينما يقول الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى في كتابه الكريم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)، الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى يقدّم لنا في هذه الآية المباركة طريقة معينة إذَا سرنا عليها يتحقّـق لنا النصر في مواجهة أعدائنا، ونحن أمة لنا أَعْدَاء، أَعْدَاء حاقدون عليها، أَعْدَاء طامعون بها، أَعْدَاء متآمرون عليها، أَعْدَاء يحاربونها بكل الوسائل والأساليب، أَعْدَاء هجمتهم عليها هجمة رهيبة وهائلة في كُـلّ زمن ليس في هذا العصر فقط منذ صدر الإسْـلَام وإلى اليوم ما مر بهذه الأُمَّـة قرن من الزمان إلا وهناك عدو خارجي وعدو من الداخل أَعْدَاء من الخارج والداخل، الله يقدّم لنا طريقة ويعدنا بوعده الصادق الذي لا يتخلف ولا يتبدل أننا إنا أخذنا بها انتصرنا ينصرنا هو وهو القائل في آية أُخْــرَى {إِن يَنصُركُمُ اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُم} [آل عمران: 160] هذه حقائقُ مهمةٌ والأُمَّـة التي تواجه التحديات والأخطار الكبيرة جِـدًّا وتعصف بها الأخطار من كُـلّ اتجاه هي في أمس الحاجة إلى نصر الله إلى معونة الله إلى أن يدفع الله عنها أَعْدَاءها وتلك الأخطار الله جل شأنه الله جل شأنه يقدّم لنا في كتابه الكريم طريقة معينة إن أخذنا بها نصرنا، الكثير من أبناء الأُمَّـة عندهم أزمة ثقة بالنصر الإلهي أَوْ حتى غفلة إلى أن هذه وسيلة إن أخذت الأُمَّـة بها انتصرت حتماً بنصر من الله الذي إن نصرها لن يستطيع أي عدو أن يغلبها {إِن يَنصُركُمُ اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُم} [آل عمران: 160] ما الذي دفع كيانات من داخل الأُمَّـة أنظمة دول جماعات إلى الارتماء في أحضان أَعْدَاء الأُمَّـة إلى الولاء لأمريكا وإسرائيل لم يؤمنوا بهذه الحقائق رأوا في أمريكا عدوا لا يمكن أن تنتصر الأُمَّـة في مواجهته عدوا لا يقهر ورأوا في إسرائيل كذلك عدوا لا يمكن أن يقهر ورأوا أن خيارهم هو النفاق الخيار النفاقي الولاء لأَعْدَاء الأُمَّـة الارتماء في أحضانهم الارتباط بأجندتهم سياسة الاسترضاء لهم الله يقول في آية أُخْــرَى {وَلَن تَرضىٰ عَنكَ اليَهودُ وَلَا النَّصارىٰ حَتّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُم} [البقرة: 120] حقيقة من الحقائق المهمة جِـدًّا هم يعتمدون سياسة الاسترضاء وسياسة الاسترضاء لأمريكا هي فكرة قائمة عند كثير من أبناء الأُمَّـة الكثير من أبناء الأُمَّـة يرى بأنها هيا الطريقة المجدية المفيدة التي يمكن أن تدفع خطر الأمريكيين عن الأُمَّـة هذه فكرة يؤمن بها الكثير من أبناء الأُمَّـة سياسيون كثر إعلاميون كثر زعماء وقادة كثر عامة كثر يحملون هذه النظرة وهذه القناعة حالة القناعة هي حالة إيْمَـان في اتجاه صحيح أَوْ في اتجاه غلط فأن يحملوا هذه النظرة كقناعة أن سياسة الاسترضاء سياسة مجدية ومفيدة ويمكن أن تحقِّـقَ نتائجَ إيجابيةً للأُمَّـة هي قناعة لدى الكثير من الناس يعني هم يؤمنون بها هذه القناعة في نفس الوقت هي تتناقض مع الحقيقة القُــرْآنية فالله يقول ولن ترضى أنت في قناعتك إلا في قناعتك أنهم سيرضون وأنه بالإمكان إرضاؤهم بمواقف معينة بسياسات معينة بعلاقات معينة بإجراءات معينة بمواقف معينة تتحقّـق بها إرضاءهم وهم لن يرضوا لن يرضوا وكثير من زعماء هذه الأُمَّـة قدّموا أَكْبَـر الخدمات وأقصى ما يستطيعون في خدمة أمريكا في لحظة معينة تخلت أمريكا عنهم أمثلة واضحة في هذا الزمن فلان فلان فلان زعماء عرب قالوا هم عن أنفسهم وحكوا عن أنفسهم ما فعلوه لأمريكا ثم تخلت عنهم في مرحلة معينة لم تكن وفية معهم.

 

المسؤوليةُ تجاه الحقائق المستقبلية

كثيرٌ من الحقائق القُــرْآنية خارجة عن إطار التفاعل معها في واقع الأُمَّـة والكثير معنيٌّ، كُـلُّ مَن ينتسب للإسْـلَام بأن يتعامل ويتفاعل وهو متحمل مسؤوليةً في موقفه من تلك الحقائق القُــرْآنية ما يستطيع إنكارها حقائق مستقبلية ما يتصل منها بعالم الآخرة وما يتصل منها بعالم الدنيا ما يتصل منها بالمسؤولية ما يتصل منها بالسلوكيات ما يتصل منها بأمور كثيرة في واقع الحياة الميزة التي تميز المتقين أنهم آمنوا بتلك الحقائق فعندما قرأوا قول الله تعالى {إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُركُم} [محمد: 7] في ظرف مَثَـلاً يكونون فيه في حالة كبيرة من الاستضعاف في درجة الصفر من إمكانات من عدة من عتاد من من من ينطلقون من ذلك الواقع الذي لو نظروا إلى الحالة المادية والحالة القائمة في واقعهم وراهنوا عليها وأنها يمكن أن توصل إلى النصر بَعيداً عن الإيْمَـان بالله بَعيداً عن الإيْمَـان بهذه الحقائق لم يكونوا فعلا لما كانوا منطقيين ولا واقعيين ولا ولا ولا تجد الأمثلة التي لها اليوم حضور كبير في الساحة الإسْـلَامية هي عاشت هذه التجربة الإيْمَـان بالغيب الذي تحقّـق الذي وصلوا فيه إلى نتائجَ حقيقية في واقع الحياة حزب الله في لبنان كيف بدأوا تحَـرّكهم بعد الاحتلال الإسرائيلي للبنان من أي ظرف من أي مستوى من أي واقع بأية إمكانات كيف كانوا منذ انطلاقاتهم واثقين بالنصر رهانا على ماديات اعتمادا على ماديات، لا، اعتماداً على الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى على هذا الوعد الإلهي الذي كان لديهم وعي عن أسبابه الإيْمَـانية وسائله العملية متطلباته في نطاق المسؤولية وفي إطار الممكن فتحَـرّكوا بناءً على ذلك في النهاية تحقّـقت النتيجة الإلهية وتحقّـق الوعد الإلهي الذي كان وهم في بداية انطلاقتهم غيبا فإذا به تحول إلى واقع فإذا بهم يعيشون الانتصار ويتحقّـق لهم الانتصار الإلهي العظيم والكبير سواءً في عام 2000 أَوْ في 2006 أَوْ فيما بعد ذلك.

شعبنا اليمني المسلم العظيم الذي تحَـرّك في مواجهة هذا العدوان الجائر الظالم بالرغم أن الإمكانات والقدرات التي بيد قوى العدوان بالحساب المادي بَعيداً عن الحسابات الغيبية بَعيداً عن التدخل الإلهي بَعيداً عن النصر الإلهي كفيلة تلك الإمكانات والقدرات فيما يقابلها من ظروف وإمكانات لدى شعبنا أن تحسم المعركة خلال أسبوعين وبالأقصى فيما خطّطوا لها خلال شهرين.

 

الأحرارُ في اليمن معتمدون على الوعد الإلهي

مرور أَكْثَـر من ثلاث سنوات وتكبّـد قوى العدوان خسائرَ هائلة وهزائمها في أغلب المعارك في أغلب الزحوف إذَا هي تمكّـنت في معركة معينة فهي في معركة ومعركة ومعركة ومعركة انهزمت وإذا هي نجحت في معركة معينة؛ بسبب خلل أَوْ تقصير أَوْ قصور أَوْ أسباب معينة فقبل تلك المعركة التي حقّـقت فيها نجاحاً أَوْ نتيجةً معيّنة كم انهزمت في معارك ومعارك ومعارك بالرغم من كُـلّ ما تمتلك، شعبنا اتجه الأحرار فيه والمؤمنون فيه معتمدون على هذا الوعد الإلهي عندهم إيْمَـان بهذه الحقيقة وعندهم سعي بالأخذ بأسبابها، لو تحقّـقت هذه الحالة من الإيْمَـان بالحقائق القُــرْآنية لكانت هي كفيلة بحد ذاتها أن تتجه أمتنا وأن يتجه المسلمون كافة اتجاهاً مختلفاً في مسيرة حياتهم اتجاهاً مستقلاً لما كان عالمنا الإسْـلَامي ساحة أمام النفوذ الأمريكي والإسرائيلي لما كان الكثير من أبناء الأُمَّـة يعيشون حالة اليأس والهزيمة النفسية وانعدام الأمل أن بإمكاننا كأمة أن نكون أمة مستقلة تنطلق في هذه الحياة تنطلق من خلال مبادئها قيمها مشروعها في هذه الحياة وليس تابعة أَوْ أداة ليد أعدائها ليد أعدائها من أولئك إلا أَعْدَاء هذه الأُمَّـة بكل ما تعنيه الكلمة ولكن كم كان بعدم الإيْمَـان بالغيب وبتلك الحقائق من آثار سلبية وآثار سلبية كبيرة جِـدًّا في واقع الحياة في التقوى كثير مما حذرنا الله منه يحذّرنا من أشياءَ معينة لها نتائجُ سلبية في واقع الحياة لو تحقّـق الإيْمَـان بالغيب أَوْ لو لم يكن ضعيفاً إيْمَـاننا بالغيب لكان الإنْسَـان حذراً من تلك الأفعال التي لها نتائجُ سيئةٌ نتائج التقصير والتخلي عن المسؤولية والتنصل عن المسؤولية نتيجتها التمكين للعدو هذه حقيقة من الحقائق فرطت بها الأُمَّـة في كثير من الأقطار في كثير من المناطق في كثير في الساحة الإسْـلَامية النتيجة تمكّـن العدوّ سنن إلهية تحكم هذه الحياة وواقع هذه الحياة تكون قبل أن يعيشها الإنْسَـان كتجربة حقيقة غيبية إن آمن بها وعمل بها وانتبه لها ووثق وتحَـرّك وانطلق بناءً عليها توقى الكثير مما يمكن أن يصل إليه من النكبات والأخطار لو نشخّصُ تشخيصاً دقيقاً لكثير من نكبات الأُمَّـة نجد أن هناك نقصاً كَبيراً وضعفاً كَبيراً في مسألة الإيْمَـان بالغيب وإلا كثير من الحقائق الكارثية التي وصلت إليها الأُمَّـة كان بإمكانها الوقاية منها؛ لأَنَّ من أعظم ما في القُــرْآن هو أن ينذرنا أن ينبهنا على المزالق على النكبات على الكوارث أن يرشدنا إلى ما نتمتع من خلاله بالقُـوَّة والمنعة إلى ما يحمينا ويدفع عنا الكثير من المآسي والنكبات قبل أن تقع قبل أن تحصل ولكن؛ لأَنَّ الكثير إما غافلون عنها وإما ضعاف الإيْمَـان بها كحقائق غيبية، تحصل نكبات وكوارث في واقع الأُمَّـة والكلام في هذا المجال هو يطول ويطول لاحظوا على سبيل المثال قصة آدم عليه السلام الله أخبره بحقيقة غيبية عندما أسكنه الجنة أخبره أن الشيطان عدو له وأن الشيطان يسعى لإخراجه من تلك الجنة وقال له ولزوجته حواء [فلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ] هذه كانت حقيقة غيبية بالنسبة لآدم ما الذي حصل لآدم نسي قال الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى {فَنَسِيَ وَلَم نَجِد لَهُ عَزمًا} [طه: 115] نسي ذهل عن هذه الحقيقة غفل عنها عمل الشيطان على إخراجه من تلك الجنة في النهاية تحقّـقت المسألة، لو كان متنبها إلى تلك الحقيقة الغيبية لم يذهل عنها لم ينسَ لم يغفل بقي مستحضراً؛ لأَنَّ حالة الإيْمَـان بالغيب تحتاج إلى ترسيخ وإلى استحضار إلى استحضار أَحْيَـاناً قد تكون مقراً بحقيقة غيبية ولكنك بحاجة إلى تعزيز الإيْمَـان بها أَحْيَـاناً قد تكون مشكلتك الغفلة الذهول عدم الاستحضار عدم الانتباه خصوصاً في ظرف معين أَوْ أمام حدث معين أَوْ في ضل مرحلة معينة تتطلب وتحتاج إلى الاستحضار تلك الحقيقة الغيبية، فالمتقون هم مؤمنون بالغيب ولذلك تتحقّـق لهم الوقاية إيْمَـانهم بالغيب يحقّـق لهم الوقايةَ من كثيرٍ من الشرور ويساعدهم ويحقّـق لهم الاهتداء بالقُــرْآن والانتفاع به؛ لأَنَّهم في النهاية قبلوه والتزموا به واعتمدوه بنوا مواقفهم سياساتهم اتجاهاتهم على أساسه الإيْمَـان بالغيب لاحظوا مسألة أساسية جِـدًّا في الاهتداء بالقُــرْآن وفي تحقّـق التقوى الله حين يقول مَثَـلاً {وَلا تَنازَعوا فَتَفشَلوا وَتَذهَبَ ريحُكُم} [الأنفال: 46] هذه حقيقة قد تكون لقوم في حالة من الوئام والانسجام والتفاهم حالة غيبية يعني ليست حاضرةً في واقعهم البعض منهم قد لا يستوعب النتيجة الحتمية للتنازع الفشل يدخل في هذه التجربة الخاطئة تكون النتيجة الفشل ذهاب القُـوَّة إلى آخره الإيْمَـان بحقائق الغيب يساعد على الوقاية على التقوى على دفع كثيراً من الأخطار على الانتباه من الوصول إلى كثير من المزالق وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ويقيمون الصلاة الإنْسَـان بحاجة ماسة إلى تزكية نفسه حتى تكون نفساً صالحة تتقبل الحقائق تعشق الحق تتقبل الحق النفس البشرية إذَا دنست تتنكر للحقائق وتتنكر للحق وتتنكر للقيم وتضعف قابليتها للحق وتفاعلها مع الحق وتصبح ميالة ومتجهة بشكلٍ أَكْبَـر إلى جانب الشر إلى حالة الانحراف تنزلق إلى الشهوات إلى آخره.

 

الفرقُ بين المصلين ومن يقيمون الصلاة

الصلاةُ وسيلةٌ لتزكية النفس لكن إذَا أديت قيمة؛ ولهذا لم يقل الذين يصلون الكثير يصلون والقليل يقيمون الصلاة الصلاة القيمة التي تحييها وتستفيد منها أنت في أثرها العظيم في شدك إلى الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى وفيما تتركه من أثر نفسي معنوي فيما تتركه من أثر في تطهير نفسيتك وفي تزكية نفسك في خشوعك لله وفي خضوعك لله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى وفي استشعارك للعبودية لله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى، الصلاة الشكلية التي لا تترك أثرها في الإنْسَـان الكثير من الناس يصلونها ولكن الصلاة القيمة التي لها هذا الأثر في الإنْسَـان فيساعده على الاهتداء بحقائق القُــرْآن والتقبل لتوجيهات الله وأوامر الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى، لابد منها في تحقّـق التقوى وفي تحقّـق الاهتداء بالقُــرْآن.

الكلام عن هذا الموضوع يطول ويمكن إن شاء الله نتحدث عن موضوع الصلاة أيضاً في محاضرة أُخْــرَى (وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) أهل عطاء الصلاة نموذج يعني في العبادات؛ لأَنَّ القُــرْآن يقدّم نماذج من الأعمال تدل على ما في نفس الإنْسَـان لها دلالة على اتجاهها في الحياة في أعماله على سلوكه على وجهته في هذه الحياة الصلاة نموذج لعبادات متعددة يدخل وراها ما بعدها العطاء المالي والعطاء بشكلٍ عام مما رزقك الله وأعطاك، جانب أساسي أيضاً في تحقيق تزكية النفس الطاعة لله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى التحرر من كُـلّ المؤثرات السلبية التي تؤثر في مسألة التقوى وتؤثر في مسألة الاهتداء بالقُــرْآن لاحظوا في كثيرٍ من الأحيان البعض قد يسمع أية قُــرْآنية فيها توجيه إلهي معين ليس مستعداً لتطبيق ذلك التوجيه، عصا الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى لماذا يعيش حالة نفسية كبلتهُ عن الاستجابة لله عن طاعة الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى حالة نفسية خطيرة مثلاً الشح الشح من أخطر الأمراض النفسية المؤثرة على الاستجابة والطاعة والعمل وسلبية من أَكْبَـر السلبيات سلبية كبيرة جداً الشح حينما يكون لدى الإنْسَـان جشع وحرص مع طمع حرص على الجمع مع طمع لا يحمل روحاً معطاءة ونفساً معطاءة هذه النفسية خطيرة جداً كثير من الأوامر الإلهية قد لا تكون مستعداً لتنفيذها؛ بسبب هذه النفسية الذي يعالج عندك حالة الشُحِّ هو الاستمرارُ والترويضُ للنفس على العطاء على العطاء على العطاء حتى تحمل روحاً معطاءة نفساً معطاءة ترغب في فعل الخير ترغب في الإحسان ترغب في العطاء مما رزقه الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى بكل ما رزقها في كُـلّ ما رزقها في كُـلّ ما يمكن أن تقدّمه ترغب أن تقدّم ليست نفسيةً جشعة لا تفكر إلا بما تأخذ وإلا بما تستحوذ وإلا بما تحصل عليه وتتجه هذا الاتجاه في الحياة بشكل جشع جداً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ هذا يساعدك على التقوى ويساعدك على الاهتداء بالقُــرْآن ويهيئك نفسين للاستجابة العملية وأنت متحرر من ذلك الضغط النفسي، ولاحظوا نسبة كبيرة من أبناء المجتمع الإسْـلَامي بحاجة إلى أن يربوا أنفسهم بهذه التربية العطاء البذل التقديم الإحسان فكم سببت من نكبات ومشاكل كثيرة روحية الجشع نفسية الطمع لدى الكثير من الناس كم ترتب عليه من جرائم من قتل من مشاكل سياسية مشاكل اجتماعية مشاكل بكل أنواع المشاكل جشع طمع استحواذ، نفسية لا تفكر إلا بما تأخذ بما تستحوذ وكيف تحصل على أي شيء بأي ثمن بأي أسلوب بأي طريقة فكانوا بعيدين عن التقوى والإنْسَـان إذَا حمل نفسيته تلك يصبح بَعيداً عن التقوى وعن الاهتداء بالقُــرْآن الكريم (والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك) إيْمَـان بما أنزل الله، إيْمَـان إذعان وقبول ووثوق وتصديق ويقين فحملوه فكرة ورؤية ونظرة وتقييما وحملوه أَيْـضاً موقفا واتجاها عمليا في هذه الحياة والتزاماً عملياً فيما يفعلون وفيما يتركون، (وما أنزل من قلبك)؛ لأَنَّهم يؤمنون بوحدة المسيرة الدينية ويؤمنون بالله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى أنه الذي رعى عباده بالهداية على طول تأريخهم، أنه الرحيم الحكيم العظيم الذي أوصل هديه والدلالة لعباده على ما فيه فلاحهم وسعادتهم وفوزهم وخيرهم في كُـلّ الأجيال وعلى مر الزمن ليست المسألة أنه ترك عباده حتى قال اقتربت الساعة وجاء لهم برسول وكتاب لا، منذ أن خلق آدم وجعله في موقع التكليف وأوصله إلى تلك الجنة بدا يرشد بدأ ينبه هذا خطر عليك هذا مصلحة لك هذا فلاح لك هذا خسارة لك (فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا) ينبّه على مر التأريخ وقدّم الهداية لعباده مبيناً بأن مسيرةَ الرسل والأنبياء والكتب الإلهية مسيرة واحدةٌ تنطلق من أصل واحد من توجهٍ واحد إلى الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى.

 

اليقينُ بالآخرة

(وبالآخرة هم يوقنون) واليقين بالآخرة مسألة مهمة جِـدًّا؛ لأَنَّ حالة الإقرار حالة قائمة في واقع كُـلّ المنتسبين للإسْـلَام ولكن الذي يميز المتقين هم اليقين اليقين بالآخرة الذي ترك أثراً عَظيماً في أنفسهم من الخوف من الله والرغبة إلى الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى فكانوا في توجههم في هذه الحياة نحو طاعة الله نحو الحذر من معصية الله نحو القيام بمسئولياتهم وعندهم هذا الدافع النفسي الكبير خوفاً ورغبةً، خوفاً ورجاءً دافع نفسي كبير عظيم هل يؤثر على الناس في كُـلّ اتجاهاتهم في هذه الحياة إلا الخوف والرغبة الخوف والطمع الخوف والرجاء فهم إلى الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى في إيْمَـانهم به ويقينهم بالآخرة على هذا المستوى وعند الزلل يُنيبون ويتوبون ولا يصرُّون على المعصية أَبـَـدًا أولئك بهذه الصفات البارزة والرئيسية التي يتبعها بقية الصفات على هدى من ربهم؛ لأَنَّهم اتجهوا في حياتهم في مواقفهم في مسيرة حياتهم وهم يعتمدون على ذلك الهدى يعودون إليه يسترشدون به يستلهمون منه ما يفيدهم في روحيتهم وما يدلهم في الطريق وعلة مواصلة الطريق الآخرون من حولهم هذا له مشروعه وهذا له فكرته وهذا له رؤيته من هناك وهناك وهناك وهم لم يعتمدوا آرائهم ولا أهوائهم ولا رغباتهم ولا شهواتهم ولا مزاجهم واتجهوا إلى البحث عما يريده الله منهم عما يأمرهم به الله عن المسئوليات التي يحددها الله لهم فاعتمدوا على ذلك والله جل شأنه يمنحهم هو هداية بهذا التوجه غليه وأولئك هم المفلحون هم في النهاية الفائزون.

يقول المفسرون عن تفسير الفلاح وأصحاب اللغة إنه الظفر بالخير ويقولون عنه إنه الفوز بالبغية يعني الوصول إلى ما تبتغيه إلى ما تريده إلى ما تؤمله إلى أهدافك العظيمة والسامية.

الإنْسَـان والبشر بشكل عام في هذه الحياة يخرجون من هذه الحياة إما بربح وإما بخسارة إما بفوز وإما بخسارة عاقبة أمرهم الحتمية هي هذه إما أن يكون كسبُك في هذه الحياة سعيك في هذه الحياة مسيرتك في هذه الحياة توصلك إلى الفوز وإما أن تخرج بك إلى الخسارة والله جل شأنه قال في كتابه الكريم: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)، فالإنْسَـانُ في هذه الحياة إما أن يكون من المفلحين الناجحين الفائزين وإما أن تكون النتيجة هي الخسارة والعياذ بالله، الإنْسَـان مهما حصل عليه في هذه الحياة هو خارج عن خط الهداية مآله نتيجته أن يخسر كُـلّ شيء وأن يتجه إلى عذاب الله الذي هو خسران أبدي أما هم ففلاحهم في الدنيا فيما يتحقّـق في هذه الدنيا وفلاحهم وفوزهم العظيم في الآخرة.

نَسْأَلُ اللهَ سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى أن يُوَفِّــقَنا لنكونَ من عِبَادِهِ المُتَّقين المهتدين، وَأَن يَرْحَمَ شُهْدَاءَنا الأبرارَ، وأن يشفيَ جرحانا وَيُفَرِّجَ عن أسرانا، وأن ينصُرَنا بنصره..

وَالسَّـلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه..

 

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com