اليهود وراء كُلّ جريمة: المؤامرة على فلسطين وإنشاء الكيان الصهيوني

 

الحلقة التاسعة والعشرون

فِي كِتَابِ “اليَهُوْد وَرَاءِ كُلِّ جريمة” للكاتب الكندي وليام كار، يُسلِّطُ المؤلِّـفُ الضَّـوْءَ على الأمور التي لم تكُن واضحةً من أساليبِ اليَهُودِ للسيطرة على العالم، مستخدمين كافةَ الوسائلِ القذرةِ والجرائم التي لم يكن يُدرِكُ الناسُ أن اليَـهُـوْدَ يقفون وراءَها؛ للوصولِ إلى غايتِهم بالسيطرة على العالِمِ وثرواتِه، مُؤَكِّداً أَنَّه ما سيكشفُه في الكِتَابِ سيَصدمُ القُــرَّاء؛ نظراً لعِدَمِ قُدرةِ الكثيرِ مِنْهُمْ على استيعابِ خُبثِ اليَـهُـوْدِ من تلقاءِ أنفسِهم.

في ترجمةِ الكاتبِ وفقَ موسوعة ويكيبيديا هو باحثٌ كنديٌّ وأستاذٌ جامعيٌّ اختصَّ بالعُلوم وبالآثار القديمة. وقد قضى فترةً بفلسطينَ، ودَرَسَ بالجامعة (العِبرية) في القدس المحتلة، وسبق له أنْ عَرَضَ القضيةَ الفلسطينيةَ من مختلفِ جوانبِها، وَأثبتَ (بُطلانِ الحَــقِّ التأريخيِّ لدى اليَـهُـوْدِ)، وبشكل علمي موثّق وببراعة نرى من خلالها الصدقَ والتعلُّقَ بالحقِّ والعدالةِ.

ونظراً لأهميَّةِ محتوى الكِتابِ، تقومُ صحيفةُ المسيرةُ بنشره في سلسلةِ حلقاتٍ، معتمدةً على النسخةِ المترجمةِ والصادِرَةِ في عام 1982 عن دار الكِتابِ العربي في بيروت، والذي تولَّى شرحَه والتعليقَ عليه باللُّغة العربية الكاتبُ والمؤلِّفُ العراقيُّ “خيرُ الله الطلفاح”.

بعدَ أن وصلت المؤامرة إلى هدفها في ألمانيا اتجهت بشكل مباشر نحو هدفِها الثاني: فلسطين.. ذلك أنهم قرّروا – كما ذكرنا سابقاً – جعل فلسطين المحورَ المستقبِلَ لمُخَطّطاتهم ونقطة الارتكاز العالمية للمؤامرة، هذا إلى أن فلسطين هي المركز الجغرافي للمنطقة التي بيّنت لهم الأبحاث الجيولوجية أنها تحتوي على ثروات طبيعية تقدَّرُ بمليارات المليارات من الدولارات.. وقد أشرنا في فصلٍ مضى إلى الأبحاث المجهولة التي قدرت بموجبها الثروات لمنطقة البحر الميت وحدَها بمبالغ خيالية.. وهكذا باشرت المؤامرةُ العملَ تحت قناعها الجديد: الصهيونية السياسية.. وضعت الصهيونية السياسية نصب عينيها تحقيق الهدفين التاليين على التوالي:

1- إجبار دول العالم على الاعتراف بالوطن القومي لليهود في فلسطين، وبالتالي إنشاء دولة مستقلة تكون هي وطن المؤامرة وقاعدة المستقبل التي ينطلق منها العمل للحرب العالمية الثالثة المستقبلة.

2- أما الهدف الثاني فهو تأمين السيطرة على ثروات المنطقة بأكملها بوجه عام وعلى ثروات قطاع البحر الميت بوجه خاص.

وسنستعرض فيما يلي مراحل مُخَطّط العمل الذي وضعوه موضع التنفيذ، كانت الخطوة الأولى إصدار وعد بلفور عام ۱۹۱۷ الذي تعهدت بموجبه انكلترا وفرنسا والولايات المتحدة بتأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين، وتلا ذلك فوراً بدء التنفيذ الفعلي فأصدرت الأوامر إلى الجنرال النبي قائد الجيش الانكليزي في الشرق الأوسط بطرد الأتراك من الشرق الأدنى العربي واحتلال الأراضي المقدسة أي فلسطين..

وقد قامت السلطات البريطانية بعملية غادرة فتفادت الكشفَ عن تصريح بلفور حتى تمت جميعُ العمليات الحربية بمعونة العرب، أما المرابون الماليون فما أن تم احتلالُ فلسطين حتى طلبوا من الحكومة البريطانية تعيين لجنة صهيونية في فلسطين، وتعيين مندوبيهم السياسيين أعضاء لها.. على أن تكون مهمة هذه البعثة “تقديم النصح” للجنرال “كلايتون” الحاكم العسكري لفلسطين.. وقد باشرت هذه عملها بالفعل في آذار / مارس ۱۹۱۸ وكان أعضاؤها الرئيسيون هم:

– الكولونيل “أورمبسي رغور” الذي عُيِّـن فيما بعدُ مديراً لبنك “ستاندارد” في جنوب أفريقيا.. وهو البنك الذي يسيطر على مناجم الذهب والماس في جنوب أفريقيا، كما أنه هو الذي يمول سياسة التفرقة العنصرية التي تتبعها تلك البلاد.

– “حاییم وایزمان”.. وهو لا يحتاج إلى تعريف..!

وقد أرسلت هذه اللجنة إلى فلسطين قبل أن ينعقد مؤتمر السلام وحتى قبل أن تنتهيَ الحرب؛ وذلك لإعداد الجو الملائم فيها قبل أن يحينَ موعدُ طرح القضية الفلسطينية على بساط البحث لاتخاذ قرار بشأنها في المعاهدة المقبلة: معاهدة فرساي..

بدأت المفاوضات أخيراً في مؤتمر السلام هذا، فكانت مهزلة شبه مكشوفة أسقط فيها سادة المال العالميون القناع وبدا نفوذهم جلياً..

يسهل علينا والحالة هذه أن ندرك كيف تحول مؤتمر السلام إلى مؤتمر استعماري شرس، وكيف وافق دون تردد على كُلّ القرارات ذات الغايات الخبيثة أو ذات النتائج الخطرة.. وفيما يتعلق بفلسطين فقد وضع مشروع الانتداب الإنكليزي عَـدَداً من كبار الصهيونيين العالميين على رأسهم:

– البروفسور “فیلیكس فرانكفورتر”، الذي أصبح فيما بعدُ مستشاراً رئيسياً في البيت الأبيض في عهد رئاسة “فرانكلين روزفلت”.

– السير “هربرت صامويل”، أول مندوب سام في فلسطين بعد الاحتلال الإنكليزي..

– “لوشيان وولف” المستشار الخاص لرئيس الوزراء الإنكليزي “للويد جورج”..

وعندما بدأت المحادثاتُ التمهيدية للمؤتمر كان المستشار الخاص للسيد “كليمانسو” رئيس وزراء فرنسا الأشهر شخص اسمه “ماندل”، بيد أن هذا الاسم مستعاراً أما اسمه الحقيقي فهو: “روتشيلد”.. فقد كان أحد أفراد أسرة “روتشيلد” وكان أحد المستشارين الرئيسيين في الوفد الأمريكي السيد “مورعنتهاو” وسيصبح ابنه فيما بعدُ وزيراً للمالية الأمريكية في عهد الرئيس “روزفلت”..

ذكرنا أن سادةَ المال العالميين أسقطوا القناعَ عن وجوههم في هذا المؤتمر وظهروا دون مواربة.. ويكفي للدلالة على ذلك أن نذكرَ فقرةً من الكتاب الذي ألفه “لوشيان وولف” بعنوان “دراسات في التأريخ اليهودي” فهو يقول في الصفحة 408 من هذا الكتاب: (… وبرز عددٌ آخر من كبار السياسيين اليهود لدى توقيعهم على معاهدة السلم، فقد وقعها أيضاً عن فرنسا، وإيطاليا، والهند، رجال الدولة اليهودي التالون: “لويس كلوتز” عن فرنسا، والبارون “سومیتو” عن إيطاليا، ومستر “ادفين مونتاغيو” عن الهند.. وهم جميعاً من اليهود)..

وننقل فيما يلي أقوالاً لبعض من كبار المفكرين تشكل بحد ذاتها بیاناً دامغاً لا يحتاجُ إلى تفسير:

يذكر المؤرخ والديبلوماسي الإنكليزي الشهير “هارولد نیكولون” في مؤلفه الضخم “صنع السلام، ۱۹۱۹ – 1944” صفحة 44، أن “لوشيان وولف” طلب إليه شخصياً أن يتبنى رأيَه، وهو أن اليهودَ يجبُ أن يتمتعوا بحماية عالمية، وأن يتمتعوا في الوقت نفسه بكل حقوق المواطن في أية دولة..!

ويقول الكاتب الفرنسي “جورج باتو” في كتابه “المشكلة اليهودية” صفحة 38: إن المسؤولية تقع على عاتق اليهود الذين أحاطوا بالرئيس الأمريكي “ويلسون” ورئيس الوزراء الانكليزي “للويد جورج” ورئيس الوزراء الفرنسي “كليمانسو” في عملية قلب معاهدة الصلح إلى “صلح يهودي”..

يجبُ أن نشيرَ أيضاً إلى حادثة معروفة وقعت أثناء المفاوضات التمهيدية للمؤتمر التي جرت في باريس عام 1919 فقد تبنّى الرئيس الأمریكي “ویلسون” آراءً مثاليةً في البدء، ولكنه تلقى فجأة في يوم ۲۸ آذار / مارس ۱۹۱۹ برقية مكونة من ألفي كلمة أرسلها إليه شخصياً “يعقوب شيف” ممثل المرابين العالميين الذي أتينا على ذكره مراراً، وتضمنت هذه البرقية رأيَ من يمثلهم “يعقوب شيف” في خمس من القضايا العالمية هي: القضية الفلسطينية، التعويضات الألمانية، سيليسيا العليا، منطقة السار، ممر دانزيغ.. فأثرت هذه البرقية في قناعة الرئيس “ويلسون”، وحملته على تغيير موقفه، مما جعل المفاوضات تتخذُ مجرىً مختلفاً.. ويصف السفير الفرنسي في انكلترا آنئذ “الكونت دي سان أو كلير” هذه الحادثة في الكتاب السياسي الذي ألفه فيما بعد وحلل به السلام: “جنیف نحو السلام” فيقول: إن النصوص التي تضمنتها معاهدة فرساي فيما يتعلق بهذه القضايا الخمس هي من وضع يعقوب شيف وأبناء جلدته..

كانت القضية الفلسطينية هي الشاغلَ الأولَ للمتآمرين، وما أن انتهت الخلايا من إقرار الانتداب الإنكليزي على فلسطين في معاهدة السلام حتى توجهت جهودُها إلى النقطة التالية: وهي الإعداد منذئذ للحرب العالمية الثانية، فأعطت كُلّ وسائلها الخَاصَّـة هذه لوضع أقصى الشروط وأشدها ظلماً على ألمانيا حتى تترعرعَ بذلك بذرة الحقد في أفئدة الشعب الألماني فيجعل هدفه القومي الثأر.. ذلك ما حدث بالفعل كما تمخضت عنه الأحداث..

ولم تنسَ المؤامرة الالتفات إلى عُصبة الأمم التي نصَّت معاهدة فرساي على إنشائها، فبثت عملاؤها وخلاياها في أوساط هذه منشئها حتى استطاعت فيما بعدُ أن تجعلَها آلةً بيد مجموعة المرابين العالميين اليهود.. وهذا ما سمح فيما بعد للصهيوني المعروف بالمفاخرة في هذا المؤتمر قائلاً يوم 25 آب/ أغسطس 1952: إن عصبة الأمم فكرة يهودية..وقد نقل هذا القول عنه حرفياً الكولونيل “م.ه.س” الأمريكي ونشرها في كتابه “اليد الخبيثة” الذي ألفه لتحذير الشعب الأمريكي من الخطر الصهيوني..

ونشير بهذه المناسبة بصورة خَاصَّـة إلى ما قاله أحد أشد الأشخاص اطّلاعاً في العالم دون ريب، وهو رئيس تحرير جريدة التايمز الإنكليزية الكبرى “ويكهام سيد” فقد أشار عدة مرات إلى النفوذ الخفي الذي يمارسه سادة المال العالميون اليهود وأصدر بشأنهم الحكم التالي في مؤلفه الضخم بعنوان “عبر ثلاثين عاماً” ص 301-302.

“إني ألح بصورة خَاصَّـةٍ في القول بأن الذين يسيطرون على القضايا العالمية هم سادة المال العالميون، وبأن محركي الأحداث بصورة خَاصَّـة كانوا أثناء مؤتمر السلام “يعقوب شيف” ومجموعة “واربورغ” وبعض الماليين الاخرين الذين لا يهدفون إلا إلى شيء واحد: وهو تأمين هيمنة اليهود على أوروبا وعلى ألمانيا خَاصَّـة”.

وعندما زار “ونستون تشرشل” فلسطين عام 1921 قدمت لجنة عربية لمقابلته فبسطت له المظالم التي يتعرض لها العرب وخشيتهم من الهدف الذي تعمل من أجله الصهيونية، وهو الاستيلاء على فلسطين وبينت له أن العرب يعيشون في تلك الأرض منذ ألفي عام، ثم طلبت أن يستخدم نفوذه لرفع هذا الظلم.. فأجابهم “تشرشل”:إنكم تطلبون مني أن أتخلى عن وعد بلفور وأن أوقف الهجرة اليهودية.. وهذا ليس في طاقتي كما أنني لا أوافق عليه، بل إنني لا أوافق عليه، بل إننا نعتقد أن ذلك – ما نص عليه وعد بلفور – خير للعالم واليهود وللإمبراطورية البريطانية وللعرب أنفسهم !! وسوف نعمل لتحقيق ذلك..

لم يقدر واحد آنئذ المغزى العميق لهذه الكلمات، ودلالتها على وجود مُخَطّط فعلي خفي للصهيونية يرتبط به “تشرشل” منذئذ بل إنني شخصياً – المؤلف – لم أدرك هذا الا بعد أعوام طويلة عام 1954 بالذات أثناء زيارة “تشرشل” لأمريكا حين اجتمع بـ”برنارد باروخ” اليهودي الذي لعب دوراً كبيراً في السياسة الأمريكية من وراء الستار أعواما طويلة وكان اليد اليمنى للرئيس “روزفلت” كرئیس لمستشاريه، فقد صرح في هذا الاجتماع بما يلي: إنني صهيوني وكنت دائما صهيونياً !!.. ولعله حين بين رأيه بصراحة للجنة العربية كان يفكر بالتهديد الذي وجهه إلى انكلترا بصورة مكشوفة “حاييم وايزمان” العميل العريق لجماعة المؤامرة الذي كتب ما يلي حرفياً في مجلة “جودیشا” العدد 4 العام ۱۹۲۰: سوف نستقر في فلسطين أردتم أم أبيتم.. إن كُلّ ما تستطيعون عمله هو تأجيل هجرتنا أو إبطاؤها قليلاً، بيد أن من الخير لكم أن تساعدونا حتى تتجنبوا انقلابَ قُـوَّاتنا ضدكم، فهي تعمل في صفكم الآن وهي ذات قدرة في كُلّ مكان في العالم..

كنت أنهيت كتابة هذا الفصل عام 1944 بعد أن استكملت دراسةَ كافة الوثائق والمعلومات في الأسطر السابقة، بيد أنه وقع في حيازتي بعد ثمانية أعوام من ذلك بحُكم منصبي وثيقةٌ خطيرة حصلت عليها “إدارة المخابرات الكندية”، فرأيت من واجبي أن أضمَّ مقاطعَ منها إلى هذا الفصل لأهميتها الخَاصَّـة: تتعلق هذه الوثيقة بالمؤتمر الاستثنائي لـ “لجنة الطوارئ لحاخامي أوروبا” الذي عُقد في بودابست أيضاً في ۲۲ كانون الثاني / يناير 1952، وفيما يلي موجزٌ لهذه الوثيقة يتضمن بعض الفقرات الحرفية التي يمكنني نشرُها:

تقريرٌ من أوروبا عن المؤتمر الاستثنائي للجنة الطوارئ لحاخامي أوروبا، الخطاب السري للحاخام الأكبر “نیمانویل رابينوفيتش” ۱۹۰۲: “تحية لكم يا أبنائي.. لقد استدعيتكم إلى هذا الاجتماع الخاص لاطلعكم على الخطوط الرئيسية لمنهاجنا الجديد وهو المنهاج المتعلق بالحرب المقبلة كما تعلمون والتي كان مُخَطّطنا الأصلي يقضي بإرجائها عشرين عاماً حتى نتمكّـن خلال ذلك من تدعيم المكاسب التي حصلنا عليها نتيجة الحرب العالمية الثانية، بيد أن تعليمات جديدة صدرت إلينا تقضي بإنقاص هذه المهلة خمسة أعوام.

يجب أن أبلغكم أن الهدفَ الذي لا زلنا نعملُ من أجله منذ ثلاثة آلاف عام قد أصبح في متناول يدنا الآن ويحتمُّ علينا دنو الثمرة أخيراً أن نضاعفَ الجهد ونكدسَ له كُلّ ما أوتينا من عبقرية وخبرة، وأستطيع أن أؤكدَ لكم الآن أنه لن تمرَّ أعوامٌ قلائل حتى يستردَّ شعبُنا المكانَ الأولَ في العالم الذي هو حقُّه الطبيعي المغتصَب منه منذ أجيال طويلة، فتعود بذلك الأمور إلى طبيعتها ويصبح كُلّ يهودي سيداً وكل جوییم عبداً “تصفيق حاد”..

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com