المجاهد العيان.. عنوان النصر والفداء

استمراري في الجهاد ليس انتقاماً لأولادي الشهداء بل غِيرة على الدين والوطن والعِرض

اغتصاب امرأة في الخوخة يؤكد مشروع الاحتلال ويزيدني إصراراً على مواصلة الجهاد

عياش وعبدالحميد أشقاء توأم لم يفترقا يوماً.. عاشا معاً واستشهدا معاً

صرواح أصبحت محرقةً يوميةً لتحالف العُـدْوَان ومرتزِقته وآلياته

أقول لقوى العدوان: صنعاء بعيدة لو استمر عدوانكم إلى يوم القيامة

 

المسيرة / عبدالرحمن مطهر

عندَ بدء العُـدْوَان على اليمن ليلةَ الـ 26 من مارس 2015م هَــبَّ الكثيرُ من أَبْـنَـاء اليمن الشرفاء والأحرار من ذات أنفسهم للدفاع عن الوطن والتصَـدّي للعُـدْوَان الأمريكي السعودي.

الشيخُ المجاهدُ عبدالله راشد العيان “أبو سرحان” البالغ من العمر ستين سنة من أَبْـنَـاء مديرية صرواح بمحافظة مأرب لعله أحد هؤلاء المجاهدين الذين ساروا على درب الشهيدِ القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه، حيث جمع أولاده الـ 11 في أول يوم للعُـدْوَان على بلادنا وقال لهم: يا أَبْـنَـائي اليومَ الوطنُ يتعرَّضُ لعُـدْوَان من مختلف أشرار الأرض، على رأسهم أمريكا والسعودية، فهل أنتم مستعدون للجهاد والتضحية والشهادة في سبيل الله وفي سبيل الدفاع عن شرف وكرامة هذا الوطن المعطاء وهذه الأرض الطيبة؟، فأعلن له أولادُه الـ 11 استعدادَهم للشهادة في سبيل الله وفي سبيل الدفاع عن الوطن وأرضه وعِرضه وكرامته، فعاهدوا اللهَ على ذلك وقرأوا الفاتحةَ على بيع أنفسهم وأرواحهم لله سبحانه وتعالى..

ويضيف الشيخ العيان لصحيفة المسيرة قائلاً: بعد ذلك ذهبتُ الصباحَ لشراء ثلاثة رشاشات للأولاد وأخذتُ سلاحي، توكلنا جميعاً للجهاد في سبيل الله في جبهة صرواح، فاستشهد خمسةٌ من أولادي حتى الآن، وجُرِحَ اثنان منهم، هما أحمد وسلطان.

 

قصةُ التوأم

كان للعم عبدالله راشد العيان من أولاده شابان توأم، هما عبدُالحميد وعياش، كانا يبلغان من العمر عشرين عاماً تقريباً، انطلقا مع والدهم وإخوانهم للجهاد والدفاع عن الوطن في جبهة صرواح حتى استشهدا رحمهما الله في يوم واحد في 20 يناير من العام 2016م.

يقولُ والدُهما: كان عبدالحميد وتوأمه عياش مثالاً للشابين الملتزمين المحبين لوطنهم ولكل من حولهم.. مشيراً إلى أنهما كانا دائماً محبوبَين من أصدقائهم ومَن كُلّ من عرفهم، ودائماً الأوائل في دراستهم حتى الانتهاء من الثانوية العامة القسم العلمي في العام 2014م،كما تعلما اللغة الانجليزية، وكانا يطمحان لخدمة وطنهما في المجال الطبي، لكن جاء ما هو أهم من ذلك وهو الدفاع عن الوطن والأرض والعِرض.

ويضيف قائلاً بأنه إذا مرض أحدهما كان الآخر يشعر به، بل ويمرض لمرضه، كذلك لا يأكل أحدهما أَوْ ينام إلا مع الآخر، كان كُلٌّ منهما يشعُرُ بالآخر، أَيْــضاً كانا رحمهما الله يقومان لصلاة الفجر في المسجد جماعةً منذ دخلا المدرسة في السادسة من عمرهم تقريباً، وعندما بلغا السابعةَ عشرةَ كانا يؤذنان ويصليان بالناس في المسجد.

عقبَ لحظاتٍ من استشهاد عبدالحميد وعياش -يقول والدهما- “قال لي عدد من المجاهدين يا عم عبدالله ابتعد فالطائرة تقصف الموقع، فقلت لهم سأثبت في موقعي ولن أنسحب أَوْ أتراجع ولست أعزَّ ولا أغلى من ولديَّ هذين، وأتمنى الشهادة لألحق بهما لكن لم تُكتب لي”.

 

موقفه عند استشهاد ولدَيه التوأم

ويتحدث لنا العم عبدالله عياش العيان عن موقفه عندما استشهدا ولداه التوأم عبدالحميد وعياش أمام عينيه، فقال جاء إلى عندي البعض يواسيني فقلت لهم الحمد لله اصطفاهم الله عز وجل، وكنت أتمنى أن أكون معهم، لكن لم تُكتب لي الشهادة، فلماذا تواسونني، هم أحياء عند الله يُرزقون، كانوا محبوبين عند الناس واليوم هم من أحباب الله”.

موقفٌ آخر يكشفه المجاهدُ عبدالله أنه عندما جاء طقمٌ لأخذ جُثتي ابنيه الشهيدين وكان هناك مجاهد جريح فطلب من المسعف أن يسعفَ الجريح “قلت له يا أخي الجريح أولى من الجثث، اسعِف الجريح بسرعة أرجوك”.

 

نبأ استشهاد ابنه الثالث

وفي يوم 3 مايو 2016م جاء إلى العم عبدالله نبأ استشهاد ولده البكر علي، أي بعد ثلاثة أشهر وثلاثة عشر يوماً من استشهاد ولدَيه التوأم، وعلي كان يعمَلُ في الجيش وله أربع بنات.. وكان بعضُ المجاهدين مترددين في إخباره بذلك؛ لأنَّه لا يزال حزيناً على ولدَيه الشهيدين، فتعجب منهم وقال: ما لكم أتيتم إليّ وصامتين هل هناك شيء؟!، هل استشهد أحد من أولادي، تحدثوا بصراحة لن أحزن؛ لأنَّي وأولادي بِعنا أرواحنا لله سبحانه وتعالى فداءً لهذا الوطن، فقالوا له: نعم أَكْبَــر أولادك علي استشهد اليوم.. فحمد الله كثيراً على هذه النعمة، وقال إنه “عندما يصطفي الله سبحانه من أولادك شهداء هذه نعمة كبيرة وقلتُ على الفور هذه الأبيات:

أحمدك يا رب واثني لك الحمد الجزيل *** نفسي راضيه بحُكم ما جا لها

حمد ما يحصى عديده ولا شيء له مثيل *** بعد ما راحت جِمال مع جمّالها

عبدالحميد وعياش ومن بعدهم علي *** وهبوا أرواحهم في سبيل الله وكلنا لها

لليمن تَاريخ عريق جيلاً بعد جيل *** يوم تَاريخ السعودي بكثر أموالها

الإمارات يخفوا بكاهم والعويل *** وش كلّفهم بغزو اليمن وأبطالها

أنشدوا صافر بما اشتاق والعرق الطويل *** كم مرمل في الخليج انتهى رجالها

راهنوا في الدخلة لصنعاء كمن عميل *** وصمدوا فيها قواهم مع مقبالها

والتحالف لفلف قواه، فيه كمن رذيل *** والتهمهم الجيش واللجان تتصدّى لها

يوم تشكا ضربته فِي الهدف ما تميل *** نكّل بالعُـدْوَان في سهلها وجبالها

بعد تدمير اليمن في كثيره والقليل *** كُلّ مؤمن ساق نفسه على ما جا لها

قد لهم عامين فِ الزور” واطراف “السحيل” *** ومثل ما قال المثل “مسها مقيالها”

  • الزور: منطقة بعد صرواح بالقرب من معسكر كوفل
  • السحيل: منطقة بعد هيلان

 

استشهاد مبارك وجمال

ويواصل العم عبدالله راشد العيان حديثَه لنا وقصةَ انطلاقه هو وجميع أولاده للجهاد والتصَـدّي للعُـدْوَان الأمريكي السعودي في جبهة صرواح فيقول: وفي يوم 24 فبراير 2017م استشهد ولدي جمال وبعد حوالي أربعة أشهر أي في يوم 22 يونيو من نفس العام استشهد أَيْــضاً ولدي مبارك ثاني أَكْبَــر أولاده وكان موظفاً في كهرباء ذمار وله ثلاث بنات..

ويضيف بأن ولده الشهيد مبارك قال له قبل استشهاده بأيام: يا أبي أريد أن اتصور؛ لأنَّي اشعر بأني سوف استشهد قريبا.. وفعلاً تم تصويرُه تلبيةً لرغبته ولم يمضِ على كلامه سوى بضعة أيّام حتى استشهد أَيْــضاً في الجبهة.

 

استمرارُه في الجهاد

العم عبدالله راشد العيان لا يزال منطلِقاً في الجهاد؛ دفاعاً عن الوطن بالرغم من استشهاد خمسة من أولاده وَأَيْــضاً رعايته لبنتيه الصغيرتين ولسبع بنات أُخريات هن بنات أَبْـنَـائه الشهيدين علي ومبارك..

أمَّا عن سبب هذا الاستمرار في الجهاد هو ومَن تبقى من أولاده وهم ناصر 30 سنة وَصالح 24 سنة وسلطان ومحمد 22 سنة الجريح 20 سنة وأحمد الجريح 19 سنة ومجاهد أصغر أولاده 17 سنة، خَاصَّـةً أنه قدّم خمسة من أولاده شهداء في سبيل الله واثنان منهم جرحى، فيفسر ذلك قائلاً: “والله يا ابني إن انطلاقي للجهاد ليس انتقاماً لأولادي الشهداء وإنما غيرة على ديننا ووطننا ودفاعاً عن عِرضنا وعزتنا وشرفنا وكرامتنا”.

ويتابع قائلاً “التقيت ببعض المشايخ، منهم الشيخ اللواء مبارك المشن الذي قال لي: كفاية يا عم عبدالله اديت ما عليك وزيادة فقلت له: قسماً لن اترك الجهاد والانطلاق في سبيل الله حتى يتحقّقَ لنا النصر المبين أَوْ يكرمنا الله سبحانه بالشهادة”.

ويواصل العم عبدالله سرد الأسباب التي تدفعه للبقاء بالجبهة فيقول “أعتقد أن الجميع سمع أَوْ علم ماذا حصل للمرأة في الخوخة من قبل مرتزِقة العُـدْوَان السودانيين، هذا هو الذي يسعى العُـدْوَان لتطبيقه في كُلّ المحافظات والمدن اليمنية، إذلال الشعوب وانتهاك كرامتهم وشرفهم، فكيف لي أن أتوقف عن الجهاد؟!”..

 

رفض الإغراءات

في ظل البطولات التي يسطرها العم عبدالله، فقد كان مستهدَفاً بالإغراءات لترك الجبهة من قبل مرتزِقة العُـدْوَان فيقول:عرضوا عليَّ الكثيرَ من المغريات أن ارجع في صفهم أَوْ اترك القتال مع أنصار الله ومع المسيرة القُـرْآنية، فقلت لهم بأن هذا الطلب من سابع المستحيلات وأقسمت لهم لو يقدموا لي أموال الدنيا بأكملها ما تركت الجهاد، لو استشهد أولادي جميعهم، وأن أي شخص يذهبُ مع العُـدْوَان لا أعرفه وليس لي به أية صلة حتى لو كان من أولادي”.

ويخاطب العم عبدالله مرتزِقةَ العُـدْوَان قائلاً “استحوا، تقاتلون في صف من يقتل نساءكم وأطفالكم ويدمر وطنكم، تقاتلون مع حلفاء أمريكا وإسرائيل شعبكم، وتدافعون عن حدود العدو التأريخي لكم مقابل الفتات من الأموال المدنَّسة، تقولون علينا كفار ومجوس؛ إرضاء لآل سعود!!، ألا تستحون على وجوهكم؟، والغريب أنكم تعلمون مَن هم آل سعود وكيف يحاربون اليمن منذ تأسست دولتهم وما يسببونه من مشاكلَ وثأرات في الوطن، فالله المستعان عليكم، الله المستعان عليكم”…

 

 جبهة صرواح

وعن جبهة صرواح يقول العم عبدالله: هذه الجبهة لمن لا يعلم تحقّق انتصاراتٍ عظيمةً، بل أَصْبَـحت محرقةً يوميةً لقوى تحالف العُـدْوَان ومرتزِقته، التهمت الآلافَ من جنود العُـدْوَان ومرتزِقته وقادته؛ لأنَّهم يراهنون على هذه الجبهة للدخول إلى العاصمة صنعاء، لكن نقول لهم صنعاء بعيدة عنكم لو استمر عُـدْوَانُكم ليوم القيامة، ونستطيعُ الدخولَ لمدينة مأرب لكن سيكونُ هناك الكثير من الضحايا الأبرياء، أَيْــضاً العُـدْوَان لن يتورَّعَ عن قصف المنشآت الحيوية في المدينة إذا ما سيطرنا عليها، لكن لا بد سيأتي اليوم الذي ستتطهّر فيه مأرب من رجس تحالُفِ قوى العُـدْوَان ومرتزِقته من خلال انتفاضة أَبْـنَـائها الشرفاء وكل أحرار البلد، خَاصَّـةً بعد أن تكشَّفَ للجميع زيفُ ادّعاءات العُـدْوَان وأَصْبَـحت أَهْــدَافُهم واضحةً للجميع..

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com