نص الخطاب السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي في الذكرى السنوية للشهيد القائد

 

 

 

أَعُوْذُ باللهِ من الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ

الحَمْدُ لله رَبِّ العَالمين، وأَشهَـدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ الملكُ الحقُّ المُبين، وأشهَدُ أنَّ سيدَنا مُحَمَّــدًا عبدُه ورَسُــوْلُه خَاتَمُ النبيين.

اللَّهُمَّ صَلِّ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــدٍ، وبارِكْ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــدٍ، كما صليتَ وباركتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ إنَّكَ حَمِيْدٌ مجيدٌ، وارْضَ اللهم برِضَاكَ عن أصحابِهِ الأخيارِ المنتجَبين وعَنْ سَائرِ عبادِكَ الصالحين.

أَيُّهَا الإخْوَةُ والأخواتُ، السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، والسلامُ والرحمةُ والرضوانُ والبركاتُ على قرين القُـرْآن وعَلَـم الهُدَى ورمز الحريّة والإباء صوت الحق قائدنا العظيم السيد المقدس حسين بدر الدين الحوثي رِضْـوَانُ اللهِ عَلَـيْـهِ، وفي ذكراه السنوية نقول له: يا سيدي على مدى أربعة عشر عاماً سَعَت فيها قوى الاستكبار والشرِّ على إزاحتك وإزاحة مشروعِك الحقِّ من الساحة، ها أنت اليوم الأَكْثَـرُ حضوراً والأعظم أثراً في وجداننا وقلوبنا إيْمَـاناً، وفي فكرنا وثقافتنا نوراً، وفي الميدان موقفاً، وفي الساحة مشروعاً قُـرْآنيا هادياً، ومشروعك العظيم التفت حوله الأُمَّـةُ اليومَ لتجد فيه المشروعَ الحقَّ، والمشروعَ الضرورة، الذي تتحَـرَّكُ به في مواجهة التَّحَدِّيَّـات والأخطار.

أَيُّهَا الإخْوَةُ والأخواتُ، اليوم عندما نعود للاستذكار لظروف نشأة هذا المشروع القُـرْآني، وتحَـرُّك السيد حسين بن بدر الدين الحوثي رِضْـوَانُ اللهِ عَلَـيْـهِ، وما قبل هذا التحَـرُّك، نعي اليوم كم كان هذا المشروعُ مهماً جداً، وضرورةً ملحة، عندما نستذكرُ ما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، التي سعت أمريكا لتوظيفِها توظيفاً كبيراً جداً، واستغلالها الرهيب بشكل رهيب لاستهدافِ هذه الأُمَّـة.

وللأسف الشديد استغلت مدى انعدام الوعي لدى فئة واسعة من أَبْنَـاء الأُمَّـة تجاه الأَهْـدَاف الحقيقية للهجمة الأمريكية والإسرائيلية، ومن المهم جداً أن ندركَ مدى الارتباط بين الدور الأمريكي وما بين إسرائيل؛ لذلك يجبُ أن نربطَ إسرائيل بطبيعة الهجمة الأمريكية؛ باعتبار ذلك ملازماً للهجمة الأمريكية، فأمريكا وإسرائيل هما وجهان لعُملة واحدة، والدور الأمريكي الذي يستهدفُ أمتنا لا ينفصلُ عنه ولا ينفكُّ عنه الدورُ الإسرائيلي.

إسرائيلُ مرتبطةٌ تماماً بالأجندة الأمريكية والمشروع الأمريكي والتحَـرّك الأمريكي، الذي يستهدفُ أمتنا.. الهجمة الأمريكية التي اتّجهت بشكل غير مسبوق ما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، كانت لها أَهْـدَافٌ تُمَثّـلُ خطورةً بالغة على أمتنا الإسْـلَامية.

والكثيرُ من أَبْنَـاء أمتنا غافلٌ عن حقيقة هذه الأَهْـدَاف، وكان يصدِّقُ العناوينَ والتبريراتِ الأمريكية التي تتحَـرَّكُ من خلالها أمريكا وإسرائيل في الساحة، فيرى في تلك الأحداث أحداثاً عابرةً وجزئيةً ومحدودةً ولأَهْـدَاف محدودة، مَثَلاً عندما كان العنوان الهجوم على أفغانستان كان البعض يرى أن المسألة لا تتجاوز هذا العنوان، ثم حينما أتى عنوانُ الهجوم على العراق، البعض كذلك رأى أن المسألةَ لا تتعدى العراق، بينما الأَهْـدَافُ الحقيقيةُ التي صنعت من خلالها أحداث الحادي عشر من سبتمبر هي استهدافُ أمتنا بشكل كامل والسيطرة التامة على منطقتنا الإسْـلَامية، وفي المقدمة منها المنطقة العربية بشكل تام والسيطرة على أَبْنَـاء الأُمَّـة بشكل كامل أَيْضاً والاستراتيجية التي اعتمدت عليها أمريكا وَإسرائيل في هذه الهجمة هي الهجمة التي يترافقُ معها تكبيلٌ لهذه الأُمَّـة عن أي تحَـرّك مضاد، والهدفُ أن تتمَّ عمليةُ السيطرة على الأُمَّـة وعلى أرضها وعلى مقدراتها وعلى بشرها وحجرها وشجرها وكل مقدراتها بأقلّ كلفة ومن دون تبعات كبيرة ومن دون كلفة كبيرة، فكان هناك سعيٌ كبير جِـدًّا وسياساتٌ خطيرة وخبيثة وشيطانية يتم من خلالها استغلال الأُمَّـة وتوظيف كُلّ مقدرات الأُمَّـة في ما يساعدُ على تحقيقِ هذه الأَهْـدَاف وفي السعي لتحقيق هذا الهدف الكبير السيطرة التامة والكاملة على هذه المنطقة وعلى شعوبها وعلى مقدراتها، استخدمت أساليب شيطانية ومؤثرة، سيما أن الحالة السائدة في أوساط الأُمَّـة مساعدةٌ على نجاح تلك الأَهْـدَاف، في مقدمتها التركيزُ على اختراق الأُمَّـةِ من الداخل؛ بُغيةَ الاستغلال لهذه الأُمَّـة بنفسها في ضرب نفسِها وبُغيةَ التسهيل بشكل كبير لهذه الهجمة لتتمَكّـنَ من دون عوائقَ كبيرةٍ من دون مطبّات كبيرة إلى الوصول إلى كُلّ أَهْـدَافها.

الاختراقُ لِلأُمَّـة كان أسلوباً رئيسياً في هذه الهجمة، وبناءً على هذا، تحت هذا العنوان الاختراق لِلأُمَّـة، كان هناك وسائلُ متعددةٌ، منها صناعة الذرائع التي يمكنُ أن تنطليَ على الكثير من الحمقى والمغفلين والكثير أيضاً من منعدمي الوعي والغافلين عن العدو، ومستفيدين من مرحلة ماضية لم تكن الأنظمة المتحكمة في شعوب أمتنا تعيرُ اهتماماً لتوعيةِ هذه الشعوب تجاه الأخطار وتجاه المكائد وتجاه الأعداء في كُلّ أساليبهم الشيطانية وما يريدونه في هذه الأُمَّـة وبهذه الأُمَّـة.

صناعةُ الذرائع أسلوبٌ أَوْ وسيلةٌ رئيسية اعتمد عليها الأعداءُ، اعتمد عليها الأمريكي بشكل كبير، وهو يدرك أن هذا أسلوبٌ فعّالٌ ووسيلة مؤثرة ويمكن أن تنخدعَ بها فئاتٌ واسعة من أَبْنَـاء الأُمَّـة فجاءت ذريعة الإرهاب، ذريعة القاعدة، وهي بالتأكيد صناعةٌ أمريكية، إضافةً إلى صناعة أحداث معينة، مثلما هو الحال في حادثة الحادي عشر من سبتمبر في استهداف البُرجين، هذه حادثةٌ صُنعت خصيصاً؛ لتكون ذريعةً تستغل وتوظَّفُ إلى أقصى حَـدٍّ وتأتي أمريكا لتجعلَ منها مبرراً في استهداف هذه الأُمَّـة وفي الدخول إلى هذه الساحة بشكل غير مسبوق بشكل سيطرة تامة، دخول مختلف عَمَّا كان عليه الحالُ في الماضي من مجرد هيمنة بطريقة غير مباشرة، هيمنة سياسية، هيمنة اقتصادية، هيمنة إعلامية، هيمنة ثقافية وفكرية، مطلوبٌ الانتقالُ من حالة الهيمنة غير مباشرة إلى السيطرة المباشرة التامة والكاملة.

أَيْضاً توظيفُ عناوين ومصطلحات تشتغل من خلالها أمريكا وتحرِصُ إلى أن تكونَ غيرَ مستفزة، فأتى مثلاً عنوان التحرير في عملية الاحتلال للعراق، مثل ما هو اليوم عنوانٌ في الهجوم على بلدنا، في اليمن عنوانُ التحرير، عنوان مثلاً عناوين الديموقراطية، عناوين حقوق الإنْسَان، عنوان مكافحة الإرهاب، عنوان الحرية، مجموعة من العناوين والمصطلحات تحَـرّكت أمريكا تحتها أبرزها عنوان مكافحة الإرهاب وركزوا على توظيف هذه العناوين والتحَـرّك من خلالها وهذه طريقة أرادوا من خلالها ألّا يستفزوا الأُمَّـة.. لو أتى توجّههم نحو المنطقة واحتلالهم لهذه البلدان تحت عنوان صريح وواضح أنه “يا أيها الأُمَّـة الإسْـلَامية يا أيتها المنطقة العربية نحن آتون لاحتلال أرضكم والسيطرة عليكم ومصادَرة ثرواتكم ومقدراتكم والاستهداف لكم في دينكم وفي عِـرْضِكم وفي أرضكم ومصادَرة حريتكم واستقلالكم”، هذه عناوينُ مستفزةٌ يمكنُ أن تُسهِمَ هي بحد ذاتها في استنفار الأُمَّـة للتحَـرُّك المضاد والمواجَهة لهذه الهجمة.. ولكن لا.. هم عرفوا هذه الأُمَّـةَ والسذاجةَ الكبيرةَ لكثيرٍ من أبنائها البسطاء الذين لم يحظوا في المراحل الماضية بأية عملية توعية تجاه العدو وتجاه أساليبه، وكانت المراحل الماضية في كثيرٍ من بلدان هذه المنطقة حالة من التدجين، تدجين للحكومات الجائرة والمتسلّطة، وأسهمت فيما بعدُ بالتدجين للعدو الخارجي والأجنبي القادِم للسيطرة على هذه المنطقة وهذه الأُمَّـة.

فهذه العناوين أسهمت إلى حَـدٍّ كبير في أن تستغل البساطة السائدة في أوساط الكثير من أَبْنَـاء الأُمَّـة فصدقوا البعض.. صدق أنه ما من هدف أمريكي لهذه الهجمة.. ولا إسرائيلي حتى.. إلا لمجرد مكافحة الإرهاب؟! هناك فئة بسيطة كانت تعد أحيانا بالعشرات وأحيانا بالأقلّ هم يقولون البلد الفلاني أَوْ الدولة الفلانية فيها خمسة من تنظيم القاعدة والبلد الآخر فيه ثلاثة من تنظيم القاعدة، والبلد الآخر فيه عشرة من تنظيم القاعدة، والبلد الآخر احتمال أن يذهبَ إليه أحد عناصر تنظيم القاعدة!! وبكل بساطة يصدق هذا الكلام عند البعض، وتتقبّله الحكومات والأنظمة وتدخل في التزامات واتفاقات بأن تكون تحت القيادة الأمريكية.. واتّجهت بالتالي هذه الأنظمة في معظم هذه المنطقة لتكونَ جنوداً مجنّدةً خاضعةً لالتزاماتٍ، للتحالف مع أمريكا تحت قيادتها وفي فتح المنطقة أمام أيِّ تحَـرّك أمريكي تحتَ هذا العنوان.

وهذا العنوانُ الأضحوكة والمهزلة الذي رأينا كيف أَصْبَـح لعبة واضحة ومكشوفة فإذا بالحالة تتنامى يعني بلد معين فيه خمسة من القاعدة والمطلوب أن تتحَـرّك أمريكا للسيطرة عليه والتدخل فيه عسكريا أمنياً سياسياً اقتصادياً إعلامياً، وبكل الوسائل والأساليب وأن تجعل لها مناطق أَوْ قواعد عسكرية وأن تنفذ وتتحكم في السياسات والمواقف والمناهج التعليمية والسياسات الإعلامية إلى غير ذلك تحت هذا العنوان.. وهل يجدي ذلك؟! فتحوا لها المجالَ تحَـرّكوا معها بكل جدية وبكل اهتمام وفعلوا لها كُلّ شيء فإذا بالمسألة لم تصل إلى نتيجة والمشكلة لم تحتل تفاقمت المشكلة وتعاظمت، المسألة تنتهي من مجرد وجود خمسة عناصر من تنظيم القاعدة أَوْ سبعة أَوْ عشرة أَوْ نحو ذلك أَوْ في حالات الاحتمال أن يأتي أحد أَوْ يدخل أحد من تنظيم القاعدة، بمسألة أنهم يأتون وينشئون ويصنعون الآلاف من تنظيم القاعدة، ويطوّرون الحالةَ هذه من حالة أمنية إلى حالة عسكرية، هي المسألة أنهم يصنعون ويهيئون الظروفَ لأن تتوفر، أَوْ تتواجدَ الآلافُ المؤلفةُ من تنظيم القاعدة، وأن تمَكّـن من احتلال مساحات شاسعة، ثم إذا بالمسألة تتطور إلى إنشاءِ دول، فنسمع بما يسمى بتنظيم الدولة، بتنظيم داعش، الذي أرادوا له وهيّأوا له الظروف لأن يتمدَّدَ وأن تَتَّسِعَ رقعةُ سيطرته في هذه الساحة العربية، والساحة الإسْـلَامية، بالتالي يكبر هذا المبرّر، وتكبر هذه الذريعة؛ لأنَّهم أرادوا لها أن تكبر، أرادوا لها أن تتعاظمَ، أرادوا لها أن تصبحَ حالةً مستمرةً في ساحة الأُمَّـة، وحالة كبيرة في واقع الأُمَّـة، ليكبر معها تدخلهم، وتعظم معها سيطرتهم، ولتتفاقم معها أَيْضاً أساليبهم وتدخلاتهم بشتى الوسائل والأساليب في هذه الساحة.

وهذا الذي يحصل؛ ولذلك ينزعجون جداً إذا ما توفر، أَوْ إذا ما حدث أن أحد من أَبْنَـاء هذه الأُمَّـة يتجه بجدية لضرب هذه الذريعة، وإزاحة هذه المبررات، ينزعجون جِـدًّا، فيظهرون في تحالف مباشر، وفي تدخل مباشر لمساعدة القاعدة، لمساعدة داعش، لمساعدة تلك التشكيلات، التي أطلقوا لمكافحتها عنوان مكافحة الإرهاب.

العناوينُ والمصطلحاتُ التي تحَـرّكوا بها في داخل الأُمَّـة كثيرةٌ ومتعددة ومتنوعة، أبرزُها هو عنوانُ مكافحة الإرهاب، إضافة إلى أسلوب استغلال المشاكل بين أَبْنَـاء الأُمَّـة، أي مشاكل سياسية، أي نزاعات، أي خلافات، أي صراعات تحت أي عنوان، توجّهوا لاستغلالها بشكل كبير، إضافة إلى تفعيل أَدَوَات تعمل لهم من داخل الأُمَّـة.

فإذاً الاستراتيجيةُ الرئيسيةُ التي اعتمد عليها الأمريكي واعتمد عليها الإسرائيلي لاستهداف أُمَّتِنا كانت هي الاختراق لهذه الأُمَّـة، ومن هنا تحَـرّكوا تحت عناوينَ، تحت مصطلحاتٍ تساعِدُ على هذا الاختراق وتساعدُ على تفعيل كُلّ شيء من داخل هذه الأُمَّـة، كانت مشكلتنا التي ساعدتهم في داخلنا كأمة إسْـلَامية. أَصْبَـح عندنا أَيْضاً وفي داخل ساحتنا، من المنتمين لأُمَّتِنا، فئاتٌ، قوىً، كياناتٌ، منها ما هو دولٌ معينة، أنظمةٌ، سلطاتٌ، منها ما هو جماعاتٌ، منها ما هو فئاتٌ ونخبٌ، النخب الإعلامية والثقافية والأكاديمية، من مختلف أَبْنَـاء الأُمَّـة، من يتحَـرّك معهم بكل الأساليب، من يتحَـرّك معهم عسكرياً، من يتحَـرّك معهم أمنياً، من يتحَـرّك معهم ثقافياً، من يتحَـرّك معهم إعلامياً، من يتحَـرّك معهم في الساحة الاقتصادية، في كُلّ المجالات أَصْبَـح هناك فئات وتشكيلات وقوى من داخل الأُمَّـة تتحَـرّك لصالح أمريكا وخدمة إسرائيل، وبشكل صريح في أَكْثَـرها، وبشكل مباشر وإن كان تحت عناوين أُخْـرَى لبعضها.

كانت المشكلةُ كبيرةً جداً على هذه الأُمَّـة، والمعاناة كبيرة، والتحدي كبير وخطير؛ لأنَّنا لو سلمنا هذه المشكلة وبقيت المواجهة بشكل مباشر، مواجهة هذه الأُمَّـة بشكل مباشر مع الأمريكي، بشكل مباشر مع الإسرائيلي، من دون أن تبلى الأُمَّـة بمَن يتدخل كأَدَوَات ليكونَ هو المترسَ الذي تتترَّسُ به أمريكا، ممَّن يكون هناك من يتحَـرّك كأَدَوَات لأمريكا، تستخدمُه أمريكا لضرب الأُمَّـة من الداخل، وكانت المواجهة مباشرةً، والمشكلة مباشرة مع الأمريكي والإسرائيلي، لكانت أبسط وأهون وأجدى، ولكنا في مواجهة مريحة بكل ما تعنيه الكلمة، لكن المحنة كبيرة، والمشكلة كبيرة، والمأساة بكل ما تعنيه الكلمة المأساة كبيرة جداً.

وفعلاً الأمريكيون والإسرائيليون أذكياء عندما استخدموا هذا الأسلوبَ، أسلوب الاختراق لِلأُمَّـة، وتوظيف صراعاتها ومشاكلها، والتحَـرّك تحت عناوين مخادعة، وأساليب مخادعة، والتوظيف لأَدَوَات، والتفعيل لقوى وكيانات تشتغل وتعمل لمصلحتها.

هذا وفرَّ للأمريكيين الكثير، أولاً وفرَّ لهم العنصرَ البشري، بدلاً عن أن يُقتَلَ الآلافُ من الجنود الأمريكيين، وهذا ما لا تَتَحَمَّلُه أمريكا ولا تَتَحَمَّلُه إسرائيلُ، هذا الشيءُ معروفٌ، لا الأمريكيون ولا الإسرائيليون يتحملون أن يقدّموا تضحياتٍ جسيمةً ورهيبةً في حروب مباشرة مع الأُمَّـة، وأن يُقتَلَ مَثَلاً منهم عشرات الآلاف من الجنود، هذا أمرٌ لا يطيقُه لا الأمريكيون ولا الإسرائيليون، نلحظ مَثَلاً أيام الاحتلال المباشر الأمريكي في العراق، في الحالات التي يُقتَلُ فيها جنودٌ أمريكيون، عندما وصل أعدادُ الجنود المقتولين في العراق لمئات اهتزَّت أمريكا، الرأي العام الأمريكي بات معارضاً للوجود المباشر العسكري الأمريكي في العراق بتلك الطريقة التي تكبّدهم خسائرَ يوميةً، أَصْبَـح في كُلّ يوم يُقتَلُ منهم، المقاوَمة العراقية الباسلة، والمجاهدون في العراق أَصْبَـحوا في كُلّ يوم يستهدفون الأمريكيين، وأَصْبَـح كُلّ في يوم يُقتَلُ جنود أمريكيون في العراق، بالتالي لم تتحمل أمريكا هذا، فصارت هناك ضجة في أمريكا، اعتراض، وأَصْبَـحت المسألةُ غيرَ مقبولة ولا مُطاقة ولا يتحملونها، الحالة السابقة للجنود الإسرائيليون مَثَلاً في جنوب لبنان، عندما تحَـرَّكَ حزبُ الله والمقاومة اللبنانية واستهدفوهم بعملياتٍ مباشرة وضربات متتالية وكبّدوهم الخسائرَ الجسيمة وأَصْبَـحوا يُقتلون يوميًّا أَوْ شبه يومي، فإذا بهم لا يتحملون ذلك، فإذا بالانسحاب من لبنان، أَصْبَـح دعايةً في الانتخابات الإسرائيلية ينجح بها أصحابها ويفوزون بها، وإذا بالهروب الإسرائيلي من جنوب لبنان، أَصْبَـح وسيلة ملحةً بالنسبة لهم، وطريقةً ضروريةً للتخلّص من هذا الثمن الذي يدفعونه يوميًّا، فالأمريكي والإٍسرائيلي لا يريد أن تكونَ التكاليفُ باهظةً والخسائر جسيمةً في جنوده، في ضباطه، وأن تسفك دماؤهم في مواجهات مباشرة بأعداد كبيرة جِـدًّا، هو يريد أن يأتي من يقاتل بالوكالة عنه، بالنيابة عنه، جيوش، جماعات، تنزل إلى الساحة، تواجه كُلّ من يعترض عليه، كُلّ من يتصدى له، كُلّ من يعارض احتلاله للمنطقة وسيطرته على الأُمَّـة، ونجح في هذا، ويأتي بالتالي حضوره تابعاً ووراء أولئك، تأتي تلك التشكيلات، تأتي تلك القوى التي تحارب بالوكالة، ويأتي خلفها، فتكون قواعده خلفها وتكون مؤمّنة بها، ومحميةً بها، محمية بالعرب كجيوش، أَوْ بالعرب كجماعات، يتحلقون حولها فيكونون هم المترس والحصن الذي يتحصن به الأمريكي والذراع التي يبطش بها ويحارب بها الآخرين، استفاد من هذا كَثيراً، وهذا أمرٌ مؤسفٌ جِـدًّا، استفاد أَيْضاً في تفادي الكلفة المالية والاقتصادية.

في بداية غزوه للعراق كلفه غزوه للعراق كَثيراً، مليارات الدولارات فإذا به يتأذى في وضعه الاقتصادي ويتضرر في وضعه الاقتصادي، ويضغط عليه ذلك في وضعه الاقتصادي، في النهاية رأى أن في أسلوب الدفع بالآخرين ليقاتلوا بالنيابة عنه، وبطريقة بالنسبة له طريقة ممتازة، لا يكلفه ذلك شيئاً، بل على العكس يقاتلون بالوكالة عنه ويدفعون له المال، يكون أَيْضاً من يَدفع له، يَدفع ليس فقط بالوكالة عنه، وإنما يدَفع له بالوكالة عنه، يعني أمر عجيب، هذه الحالة الرهيبة الفظيعة.

من الغباء العربي قدّم خدماتٍ لم يكن يحلُمُ بها الأمريكي، ولم يكن يحلُمُ بها الإسرائيلي، وربما لم تكن تخطر له على بالٍ، يُدفع له المال، وتصبح عملية تنفيذ أجندته في المنطقة، والتحَـرّك لخدمته في المنطقة والقتال من أجله في المنطقة، وتحريك كُلّ هذه الفتن والمآسي والنكبات في المنطقة من أجله وفي خدمته ولتنفيذ أجندته على نحو أَيْضاً يدر له دخلاً هائلاً ويكسبه أموالاً هائلة وطائلة يقدمها أولئك العملاء الأغبياء الذي يدفعون له كُلّ هذه الأموال الهائلة جِـدًّا، فأَصْبَـحت أَيْضاً طريقةً بالنسبة له مريحة مفيدة، توفر له مكاسبَ كثيرةً، كُلّ أشكال المكاسب، مكاسب سياسية، مكاسب اقتصادية، مكاسب لنجاح مؤامرته الكبيرة في ضرب هذه الأُمَّـة؛ لأنَّه يرى ضرْبَ هذه الأُمَّـة، والوصول بها إلى حالة الانهيار التام، يرى في هذا وسيلةً أساسيةً تُمَكِّـنُهُ من استحكام سيطرته عليها، كيف يسيطرُ بشكل تام على هذه الأُمَّـة، لا بد أن يضرب هذه الأُمَّـة أولاً، لا بد أن يصلَ بها إلى الانهيار التام أولاً، حينها يسيطر عليها بكل راحة بال، وتصبح هذه الأُمَّـة في ثروتها البشرية وثروتُها الاقتصادية والمادية وموقعها الجغرافي غنيمةً، غنيمة كاملة لمَن؟ للأمريكي والإسرائيلي، بشرها جنوداً ومسخرين وخدماً، خولاً، وثروتها له وموقعها الجغرافي له، هذا الذي يريده الأمريكي، كيف يضرب هذه الأُمَّـة ضربةً كبيرةً، ضربة قاضية تصل بها إلى مستوى الانهيار، هل يدخُلُ معها في حرب مباشرة، في صِدام مباشر، تحت عناوينَ واضحةٍ وصريحةٍ ومكشوفة، هذا سيكلفُه الكثيرَ جِـدًّا، هو لن يصلَ في النهاية إلى نتيجة، بل ستكون النتيجة معاكسةً، سيستفزُّ هذه الأُمَّـة، وسيدفعُها إلى التحَـرُّكِ الجادِّ لمواجهته، وإلى الدفاع عن نفسها وعن أرضها وثرواتها ومقدراتها.

إذن أسلوبُ الخداع، العناوين والمصطلحات المخادعة، الأَدَوَات التي يسخرها ويشغلها ويفعلها من داخل هذه الأُمَّـة طريقة ناجحة، طريقة فعالة، ويبقى هو يدير، يشرف على العملية، يرتب يخطط، ويدير هذه اللعبة ويشتغل عليها، من جهة هو يستهدف الأَحْـرَار والشرفاء في هذه الأُمَّـة الذين يحملون الوعي تجاه مؤامراته وأَهْـدَافه الحقيقية، وَأَيْضاً يتحلون، يحملون الحرية ويتحلون أَيْضاً بالإرَادَة الجادة والصادقة في الحفاظ، ويتحملون المسؤولية في الحفاظ على هذه الأُمَّـة وعلى استقلالها وعلى مقدراتها وعلى كرامتها، ويستهدفوهم ويضربهم من خلال الآخرين الأغبياء المنتسبين لهذه الأُمَّـة، ويستنزف أولئك الأغبياء، يستنزفهم اقتصاديا، يستنزفهم في قدراتهم العسكرية والبشرية، حتى كما يخطط هو يصل بالطريفين إلى حالة الانهيار، أَوْ يقضي على الأعداء، على الخصوم على الواعين بحقيقة أَهْـدَافه، وأولئك لن يواجه صعوبة أبدا في السيطرة التامة عليهم؛ لأنَّهم أَصْبَـحوا أساساً تحت سيطرته، يمكن أن يضربَهم أَيْضاً ضرباتٍ قاضيةً، ويطوعهم أَكْثَـر فيبقون في حالة من الضعف الشديد، هذا يمكن له بكل بساطة، إذا أدركنا هذه الهجمة في استراتيجيتها وفي أساليبها وفي وسائلها ورأينا ما وصلت إليه اليوم في ساحتنا العربية والإسْـلَامية وقد تجلّت الحقائق على نحوٍ كبيرٍ، مَثَلاً باتت الأَدَوَات نفسها سواء كجماعات مثلما هو حال القاعدة وغير القاعدة وكل التشكيلات المتفرعة عنها من داعش وغير داعش، مسميات وعناوين كثيرة أَوْ كيانات بشكل أنظمة مثل ما هو حال النظام السعودي، النظام الإماراتي ونحوهما، باتت ارتباطاتهم بالدور الأمريكي، بالهجمة الأمريكية، بالسعي لتنفيذ الأجندة الأمريكية باتت واضحة ومكشوفة بشكل كبير اليوم، نعي كيف ينبغي أن نتحَـرَّكَ لمواجهة هذه الهجمة التي استخدمت هذه الاستراتيجية في الاختراق لِلأُمَّـة والشغل من داخل هذه الأُمَّـة، والعمل من داخل هذه الأُمَّـة، كيف ينبغي أن يكون موقفنا، طبعاً خلال المرحلة الماضية.

وبالتأكيد في بداية الهجمة الأمريكية كان هناك أَيْضاً أنشطةٌ كثيرة للتدجين لهذه الأُمَّـة وللخداع لهذه الأُمَّـة، يعني كان الكثير من الناس دَائِـماً لا يكتفي بأنه يتعاملُ بلا مسؤولية تجاه هذه الأخطار والتَّحَدِّيَّـات، وبأنه لا يتحَـرَّكُ بجدية ليكون له موقفٌ صادقٌ في مواجهة هذه الأخطار والتَّحَدِّيَّـات، لا يكتفي بجموده ولا بقعوده، إنَّما يأتي أَيْضاً ليعملَ لصالح الأمريكي ولصالح الإسرائيلي في خداع أَبْنَـاء هذه الأُمَّـة.. إن المسألة هي في سياق ما يقولُه الأمريكي ويقوله الإسرائيلي، مكافحة إرهاب، ليس هناك أخطارٌ على هذه الأُمَّـة، مسألة بسيطة، تبسيط الأمور، الغِش للناس والخداع لهم، التكبيل لهم عن أي تحَـرّك، العمل على أن تستمر حالة اللاوعي في واقع الأُمَّـة، حالة اللامسؤولية في داخل الأُمَّـة، البعض اشتغل على هذا كَثيراً، وعمل عليه كَثيراً، وبشكل خطير وسلبي، والبعض أَيْضاً حاولوا أن يزرعوا حالة اليأس والروح الانهزامية داخل الأُمَّـة، في ظل هذه الهجمة التي تستخدم هذه الأساليب، الساحة العربية كانت فيها بعض القوى الحرة، مثلما هو الحال في قوى المقاومة في لبنان في فلسطين، كان فيها بعض الكيانات والدول الحرة والمستقلة كما هو حال الجمهورية الإسْـلَامية الإيرانية التي هي خارجة عن نطاق السيطرة الأمريكية، لها موقفها لها رؤيتها لها وعيها، تجاه الدور الأمريكي والإسرائيلي، لكن هناك بقية الشعوب، بقية أَبْنَـاء هذه المنطقة، المساحة الأوسع في الساحة العربية والإسْـلَامية، ساحة هل تبقى ضحية لهذه الهجمة؟ وهل تبقى أَيْضاً في حالة من انعدام الوعي، وتكبيل أي تحَـرّك في مواجهة هذه الهجمة.

هناك أَيْضاً اليمن، أتى المشروعُ القُـرْآنيُّ ليتحَـرَّكَ كنتاجٍ لحالة ووعي، وعي كبير وعي عميق، وعي عظيم بطبيعة هذه الأخطار والتحدّيات، وأتى هذا المشروع القُـرْآني العظيم الذي يقودُه السيدُ حسين بدر الدين الحوثي رِضْـوَانُ اللهِ عَلَـيْـهِ، وله مميزاتُه العظيمةُ والكبيرة والمهمة جِـدًّا، أتى وله أولُ ميزة من ميزاته أنه يلبّي ضرورةً حقيقيةً ومؤكّدة، لم يكن مشروعاً عبثياً ولا طائشاً ولا لمجرد صناعة مشكلة، لا، المشكلات آتية وقادمة على أُمَّتِنا موجودةٌ وتتعاظم وقادمةٌ على هذه الأُمَّـة، فلم يكن هو المشكلة أبداً، أمام ساحة مليئة بالتَّحَدِّيَّـات، مليئة بالمشاكل والفتن، وساحة للأسف قابلة لأن يلعبَ فيها العدو كُلَّ ألاعيبه لصناعة الكثير والكثير من المشاكل والفتن التي تخدمه، مشروع، هذا مشروع يلبي ضرورة؛ لأنَّ الآخرين الذين يقولون لنا أن نسكت، وأن نبقى مكبّلي الأيدي، أن لا نفعل شيئاً وأن لا نصنعَ شيئاً تجاه هذه الأخطار والتحدّيات، لا هم نصحونا ولا هم كانوا صادقين معنا ولا هم يمكن أن ينفعوا الأُمَّـة بشيءٍ، بل هم يجنون على الأُمَّـة؛ لأنَّ الذي يقولونه لِلأُمَّـة أن تسكت، أن تصمت، أن تبقى مكبَّلة، أن لا تقول شيئاً، أن لا تفعل شيئاً، أن لا تتحَـرَّكَ، وأن تبقى خانعة مستسلمة لتسحقها الأحداث والمكائد والتَّحَدِّيَّـات، ولتكون ضحية لهذه الهجمة الرهيبة جِـدًّا التي يريدون أن لا تواجه بشيء، وأن لا تقابل بشيء، وأن نبقى هكذا خانعين ومنتظرين أين يمكن أن تصل بنا الأحداث، هذا غِشٌّ كَبيرٌ لِلأُمَّـة، غِشٌّ كَبيرٌ، هذا منطقٌ لا يحمل ذرةً من النصح ولا من الخير ولا من إرَادَةِ الخيرِ لهذه الأُمَّـةِ، ولا من الحكمة ولا من المصلحة أبداً.

الأُمَّـةُ منتهى حالها وأمرِها عندما تسحقُها الأحداثُ هذه، عندما تدفعُ ثمناً باهظاً ومكلفاً جِـدًّا، سوف تصلُ إلى ضرورة أن تتحَـرَّكَ، فلماذا لا تحمل هذا الوعي منذ البداية؟ هل المطلوب أن تصل الأُمَّـة إلى نقطة الصفر؟ هل مطلوب أن يتمَكّـن الأمريكي من تحقيق أَهْـدَافه 100%؟ وأن تنهار هذه الأُمَّـة بشكل تام؟ وأن تسفك دماء الملايين من أَبْنَـاء هذه الأُمَّـة وبدون موقف؟ ليس في سياق الموقف الحر؟ ليس في سياق الدفاع عن النفس؟ لا. في سياق تلك الألاعيب والفوضى التي تسحق الأُمَّـة وتعبثُ بدمائها حتى تصلَ إلى مستوى الانهيار التام، ثم يسيطر الأمريكي بشكل تام، ثم بعد ذلك يصيح الناس؟ لا.

القُـرْآنُ الكريمُ الذي هو نورُ الله سبحانه وتعالى، والإسْـلَام العظيم، هذا الدينُ الذي ننتمي إليه، ليس دينَ استحمار يصنع أُمَّةً من الحمير، لا تعي شيئاً ولا تدركُ شيئاً ولا تتنبَّه لشيء، تعصف بها الأخطار، وتهجم عليها الأخطار، وتحيط بها التَّحَدِّيَّـات، ثم لا تحملُ ذرةً من الوعي، لا عن تلك الأخطار والتَّحَدِّيَّـات، ولا عن كيف تحمي نفسها في مواجهة تلك التَّحَدِّيَّـات والأخطار، هذه حالة من “الحميرة”.

الإسْـلَامُ دينٌ عظيمٌ، والقُـرْآن الكريم الذي هو الأساس لهذا الدين هو كُلُّه نورٌ، نتيجته ثمرته فائدته أن يصنع أمة على درجة عالية من الوعي والفهم، الوعي عن الواقع، الوعي بأعدائها.

القُـرْآنُ الكريمُ مساحةٌ كبيرة جِـدًّا منه تتحدث عن العدو، من هو العدو؟ ما هي خطورة هذا العدو؟ ما هي أساليب هذا العدو؟ ما هي وسائل هذا العدو؟ ما هي نقاط ضعف ونقاط القوة التي يمكن أن يشتغل عليها هذا العدو في جانبه أَوْ في جانب الأُمَّـة؟ أن تكون أمة تنتمي لهذا الدين ولهذا القُـرْآن، منعدمة الوعي، عن هذا العدو وعن خطورته، وعن التَّحَدِّيَّـات والأخطار التي تواجهها، منعدمة الوعي عن كُلّ ذلك. معناه أنها أُمَّــةٌ بعيدةٌ كُلَّ البُعد، عن الاستفادة من هذا الانتماء، وعن الانتفاع بهذا النور، معناه أنها اتخذت القُـرْآن وراءها ظهريا.

ولذلك حرص السيدُ حسين بدر الدين الحوثي – رِضْـوَانُ اللهِ عَلَـيْـهِ – في إطار المشروع القُـرْآني أن يتحَـرَّكَ من خلال القُـرْآن الكريم، وأتى فعلاً من خلال النص القُـرْآني ليتحَـرَّكَ بهذا النص القُـرْآني في الساحة الإسْـلَامية، وينطلقَ وفقَ أُفُقِ هذا النص القُـرْآني، هذا الأفق الواسع والرحب، لا مكبّلاً بقيود مذهبية، ولا طائفية، ولا جغرافية، ولا سياسية، كان المطلوب حركة تتجهُ بأوساط الأُمَّـة الإسْـلَامية غير مكبلة؛ لأنَّ الأمريكي أتى ليعمَلَ في ساحتنا ولم يكبل نفسه، لا بالاعتبارات الجغرافية، ولا السياسية، ولا الدينية، ولا بأي عنوان يؤطِّرُ نفسَه فيه، أتى ليكتسحَ الساحة بكلها، أتى ليقدمَ نفسَه أنه المعنيُّ الأولُ في كُلِّ بلد، فهو مَثَلاً في اليمن يقدم نفسَه على أنه المعني الأولى بالشؤون اليمنية، المعني الأول بالشؤون السورية، المعني الأول بالشؤون الخليجية، المعني الأول بالشؤون في الشام، سواءً في سوريا أَوْ في فلسطين أَوْ في لبنان أَوْ في الأردن، المعني الأول في شؤون دول المغرب العربي، ساحتنا العربية، ساحتنا الإسْـلَامية بشكل عام أَصْبَـحت بالنسبة للأمريكي ساحة يقدم نفسه فيها بأنه المعني الأول بكل شؤونها، ويتدخل في كُلّ الأمور، في الشؤون السياسية، وكل التفاصيل، ولم يؤطر نفسه بأي أطر، وإذا لم يواجه هذا التحَـرّك الواسع الذي أتى إلى الساحة بكلها، إذا لم يواجه بعنوان غير مكبّل ولا مؤطَّر ولا مقيد فهو يستفيد من هذه الحالة التي جزأ فيها الأُمَّـة، مستفيد أن يتحَـرّك كُلّ فريق أَوْ كُلّ فئة داخل هذه الأُمَّـة إذا تحَـرّكت وهي تتحَـرّك في مستوى إطار معين، إطارها الجغرافي، إطارها السياسي، واليمني غير معني بما هناك، غير معني لا بشأن الفلسطيني، ولا بالشأن اللبناني ولا بالشأن السوري، ولا بالشأن العراقي، ولا بالشأن الخليجي، ولا بالشأن المصري، ولا بالشأن المغربي،… إلخ. وكل من أَبْنَـاء هذه الأُمَّـة يعيش هذا الظرف، يرى نفسَه غيرَ معنيٍّ بما يحصل هنا، ويحدث هناك، هذا أمرٌ قدّم خدمةً كبيرةً للأمريكي، كان هذا هدفاً أساسياً يوم قام الغرب بتجزئة منطقتنا، وتقسيمها، وحتى عمليات التقسيم المستمرة، وتحت عناوين متعددة، هي تهدف إلى إلا تتحَـرّك هذه الأُمَّـة في إطار واحد، وتحت عنوان واحد، أن تبقى مجزأة ومبعثرة، وأن يستفرد بها العدو، فيستفرد بهؤلاء هنا وهؤلاء هناك، حتى يقضي على الجميع.

السيدُ حسين بدر الدين الحوثي رِضْـوَانُ اللهِ عَلَـيْـهِ تحَـرَّكَ من خلال النص القُـرْآني، من خلال المشروع القُـرْآني، الذي هو مشروع يمكن أن يتسع لكل الأُمَّـة، لكل المسلمين، لكل أَبْنَـاء الأُمَّـة، وهو المشروع الحق، والكلمة السواء، الذي لا يمكن أن يرتقي أي مشروع آخر ليكون بمستوى القُـرْآن، لو بحثنا عن أي طريقة أُخْـرَى، عن أي مشروع آخر، عن أي فكرة أُخْـرَى، مهما كانت، لا يمكن لأي مشروع ولا لأي فكرة أن ترتقي لتكون بمستوى القُـرْآن الكريم، ثم إنه برز سؤال كبير وعلامة استفهام كبيرة جِـدًّا، نحن كمسلمين ننتمي للإسْـلَام، وأعظم ما نعتمد عليه في إسْـلَامنا كمرجعية ثقافية ودينية، ومرجعية تنويرية هو القُـرْآن الكريم. ألا يوجد في القُـرْآن الكريم ما يمكن أن نستفيد منه؟ وأن نعتمد عليه في مواجهة هذه التَّحَدِّيَّـات والأخطار؟ ألا يوجد فيما يمكن أن يكون بالنسبة لنا نورا وأن نستفيد منه الوعي اللازم الذي نحن في أمس الحاجة إليه تجاه هذه التَّحَدِّيَّـات والأخطار؟ علامة استفهام كبيرة؟ لماذا غيب القُـرْآن بشكل تام، عن الرجوع إليه في ظل هذه العواصف والأخطار والتَّحَدِّيَّـات الكبيرة؟.

المشروعُ القُـرْآني يتّصفُ بأنه أرقى رؤية، وأدقُّ رؤية، تتناوَلُ هذا الواقعَ، وتُحصِّنُ الساحة الإسْـلَامية من الداخل؛ لأنَّ أَكْبَـر أهم أعظم ما تحتاج إليه أمتنا في هذه المواجهة، هو تحصين الساحة الداخلية، كيف تتحصن الساحة الداخلية لِلأُمَّـة، وما هو أعظم ما يمكن أن يحصنها؟ كثير من العناوين يمكن أن يستغلها العدو بدلاً عن أن تحصن الساحة الداخلية يستفيد منها كعناوين مجزأة، ومبعثرة، وكعناوين أَيْضاً يمكن أن يوظف البعض منها لإحداث صراع، ما بالك أن تحمي الأُمَّـة في واقع ساحتها الداخلية، المشروع القُـرْآني الذي يلامس هذه الأحداث يتجه من خلال القُـرْآن إلى هذا الواقع في ساحتنا الداخلية وتجاه العدو، على قاعدة عين على القُـرْآن وعين على الأحداث، هذه القاعدة المهمة جِـدًّا تصنع وعياً عالياً في واقع الأُمَّـة، تساعد على صناعة حصانة كبيرة في الساحة الداخلية لِلأُمَّـة، وعلى إيجاد دافع وحافز كبير نحو تحمل المسؤولية، وهذان الجانبان أهم ما تحتاج إليهما الأُمَّـة، وعي ومسؤولية.

القُـرْآنُ الكريمُ لا يضاهيه ولا يساويه أيُّ شيء آخر في صناعة الوعي، ولا يساويه ولا يضاهيه أي شيء آخر في صناعة المسؤولية، في ترسيخ الإحساس بالمسؤولية، وفي إيجاد دافع كبير، لتحمل المسؤولية والتحَـرّك في التصَـدِّي لهذه الأخطار والتَّحَدِّيَّـات، وإذا توفر الوعي الكبير لِلأُمَّـة، وتحلت بهذا الوعي، وحملت الإحساس الكبير بالمسؤولية، وتوفر الدافع الكبير للتحَـرّك في مواجهة هذه التَّحَدِّيَّـات والأخطار، توفرت لِلأُمَّـة أهم عوامل القوة التي تحتاج إليها للتصَـدِّي لهذا الخطر الكبير، وهذا ما نحتاج إليه بشكل كبير، وهذا من أهم الإيجابيات في المشروع القُـرْآني.

المقامُ لا يتسعُ للحديث عن الموضوع بشكل كبير، يبقى لنا أن نقولَ: إننا اليوم ببركة هذا المشروع القُـرْآني وبالرغم من كُلّ ما واجه هذا المشروع القُـرْآني من يومه الأول من استهداف كبير جِـدًّا من يومه الأول وهو بدأ بطريقة سليمة وصحيحة ولم يكن هناك ما يبرر لا للسلطة في بلدنا ولا للقوى الإقليمية التي وقفت معها ضد هذا المشروع القُـرْآني لم يكن هناك ما يبرر لهم ذلك الاستهداف مَثَلاً بدأت مسيرتنا القُـرْآنية العظيمة من خلال نشاط سلمي طبيعي في إطار ما يسمح به الدستور في بلدنا والقانون الذي كان يكفل حرية التحَـرّك السلمي حرية التعبير نشاط كبير توعوي من خلال القُـرْآن الكريم من خلال الثقافة القُـرْآنية وتصحيحي يصحح الكثير من المفاهيم المغلوطة؛ لأنَّ وراء ما وصلت إليه أمتنا الإسْـلَامية من سقوط وانحطاط وضعف وخلل كبير جِـدًّا وتخلف كبير جِـدًّا وتفرق كبير كُلّ مشاكل هذه الأُمَّـة ما وصلت الأُمَّـة إلى ما وصلت إليه من ضعف وشتات وفرقة وتخلف إلا لخلل ثقافي قناعات مفاهيم أفكار أوصلت الأُمَّـة إلى ما وصلت إليه لم تكن أمتنا الإسْـلَامية هكذا أمة ضعيفة من أول لحظة لا.. كانت في يوم من الأّيَّـام أمة عظيمة كبيرة قوية سقطت واتجهت نحو السقوط والضعف والشتات يوم إثر يوم حتى وصلت إلى ما وصلت إليه ووصلت بها محطات في التأريخ معروفة من الاستعمار والاستهداف الأجنبي، ولكن المشكلة في الأساس مشكلةٌ ثقافية مشكلة مفاهيم قناعات تصورات أفكار الإنْسَان دَائِـماً في مواقفه في سياساته في تصرفاته هو ينطلق من قناعات ومفاهيم وأفكار إنْ كانت صحيحةً اتجه بشكل صحيح إن كانت فعالةً اتجه بشكل فعّال إنْ كانت سيئةً وَسلبيةً كانت النتيجة في تصرفاته في اتجاهه في الحياة على ضوئها نتيجة لها ثمرة لها، فالمشروعُ القُـرْآنيُّ في مسيرتنا القُـرْآنية بدأ بحركة صحيحة طبيعية سليمة يقدم الثقافة القُـرْآنية بطريقة توعوية هتاف بشعار يحصن الساحة من الداخل من العمالة لأمريكا وإسرائيل ويعلن عن موقف حيوي فاعل في البراءة من أمريكا وإسرائيل ويعبر عن نبض عن حياة عن وجود عن حضور عن موقف تجاه ما تفعله أمريكا وإسرائيل، يجذرُ الوعي بالخطر الأمريكي والإسرائيلي والموقف والتحمّل للمسؤولية، يربطُ الأُمَّـةَ بقضاياها الكبرى التي يسعى الآخرون إلى إبعادها عنها مثلما هو الحال بالنسبة للقضية الفلسطينية والمقدسات إلى آخرة، لا يتسع الحديث لذلك، ولكن وُوجه بحرب شرسة جِـدًّا حروب تلو حروب عداوة شديدة حملات رهيبة من التضليل الإعلامي والكيد السياسي عملية تشويه غير مسبوقة، ولا أعرف مشروعاً في الساحة الإسْـلَامية وفي المنطقة العربية ووجه بعداوة شديدة وبحملات رهيبة وبعِداء كبير وباستهداف عسكري واستهداف بكل أشكال الاستهداف مثلما واجهته هذه المسيرة القُـرْآنية وبالرغم من مستوى الاستضعاف إلا أن هذا المشروع حمل أسباب البقاء والنماء فتعاظم وتنامى وقوي واشتد بقدر ما حورب وبقدر ما ووجه وها هو اليوم حاضرٌ في الساحة الإسْـلَامية حضوره القوي حضوره المميز يحمل إرَادَة الخير تجاه أَبْنَـاء كُلّ الأُمَّـة يرتبط بقضايا الأُمَّـة الكبرى يمد يد الخير وينادي بوحدة أَبْنَـاء هذه الأُمَّـة كلها واعتصامها بحبل الله جميعا، يتحَـرّك من خلال الكلمة السواء والمحقة وساعد في تشكيل نواة صلبة في ساحتنا الداخلية في اليمن عندما أتى هذا العدوان لم يأتِ ونحن في حالة من الغفلة وفي حالة نوم، أتى هذا العدوان على بلدنا وهناك أمّة متيقظة داخل هذا البلد، أمة تحمل الوعيَ، أمة تتحلى بالمسؤولية أمة تثقفت بثقافة القُـرْآن واكتسبت منها النور والوعي والبصيرة وحملت منها أعظم إرَادَة في الصمود والثبات والتصَـدِّي للعدو والمواجهة للتحدّيات والأخطار والتف معها بقيةُ الأَحْـرَار من أَبْنَـاء شعبنا اليمني العظيم واليوم مشروعنا القُـرْآني ومسيرتنا القُـرْآنية مستمرة في الطريق أربعة عشر عاماً من الحروب المتوالية والمستمرة والهجمات الإعلامية لم تتمَكّـن من القضاء على المشروع القُـرْآني ازداد تألقاً وعظم وتوسع وانتشر؛ لأنَّه يلبي ضرورة أولئك كما قلت الذين أرادوا أن يدجّنونا لأمريكا وإسرائيل ولعُمَلاء أمريكا وإسرائيل اكتشفوا هم اتضحوا هم أنهم هم المخطئون من كانوا يرون موقفهم هو الحكمة هو الصواب هو التصرف الصحيح اتضح أن موقفهم هو الخاطئ بكل ما تعنيه الكلمة، لن يجديَ اليوم أمتنا إلا أن تحمل الوعي وأن تتحلى بالمسؤولية ولن يكون لها أي مصدر يصنع لها الوعي يساوي القُـرْآن الكريم ولا أي مصدر تتحلى من خلاله بالمسؤولية ويعطيها الدافع العظيم الذي تتحمل من خلاله مستوى التَّحَدِّيَّـات وتواجه مستوى كافة الأخطار مثلما هو القُـرْآن الكريم وهو الذي ينسجم مع هُويتها الإسْـلَامية.

اليومَ نحن في مواجهة هذا العدوان، ننطلقُ من هذا المنطلق، نرى إيجابيتَه، ثمرتَه العظيمة والكبيرة والمهمة جِـدًّا، ونرى أَيْضاً أنه لا يزال يساعدُنا على أن نبنيَ واقعنا أَكْثَـرَ فأَكْثَـرَ فأَكْثَـرَ هذه جملة مختصرة عن الموضوع الذي نتحدث عنه بهذه المناسبة يبقى لنا أن نتحدثَ باختصار كبير عن المرحلة الراهنة فيما يتعلق بالعدوان الأمريكي السعودي على بلدنا.

عدوانٌ يتجّهُ بشكل واضح نحو التصعيد لديه مساراته العسكرية التي يهدف إلى التصعيد بشكل كبير بالذات فيما يتعلق بالساحل والحدود وبعض المحافظات الحمدُ لله رَبِّ العالمين أنَّ القدرة الصاروخية وَأَيْضاً القدرة فيما يتعلق بتفعيل الطائرات المسيّرة باتت واضحة اليوم أَكْثَـر من أي وقت مضى هذا يُمَثّـل إحباطاً لهذا العدوان الذي قال في أول ليلة من عدوانه قبل ثلاث سنوات بأنه قد نجح في ضرب قُدراتنا العسكرية في هذا البلد وأنها أُصيبت بالشلل التام وخلاص أَصْبَـح مطمئنًا.

قدراتُنا العسكريّةُ كلما استمرَّ العدوانُ تتعاظم وتكبر وتتطور هذا الذي يجب أن تعيَه قوى العدوان جيداً أن تعيَه جيداً أنه كلما استمر العدوان فليتأكدوا أن قدراتِنا العسكرية هي إلى مزيدٍ من التطور إلى مزيد أَيْضاً من الارتقاء إلى مزيد من الزخم الصواريخ الباليستية اليوم في حالة من الزخم المستمر، في الماضي كانت على مستوى الشهر وأحياناً بأَكْثَـرَ من شهرين ثلاثة، اليوم كُلّ أسبوع القصف بالصواريخ الباليستية والحمد لله، الطائرات المسيّرة إنتاجها المحلي على نحوٍ جيد ومستمر وستفعل بشكل كبير، هذا حقنا الطبيعي في الدفاع عن أنفسنا ودفاعاً عن بلدنا وفي مواجهة عدوان علينا بغير حق، عدوان أجنبي بغير حق على بلد مستقل حُرٍّ هو اليمن ولن نألوَ جُهداً في تطوير هذه القدرات، إن شاء الله، وفي تفعيلها، حتى تكونَ فعَّالةً بشكل كبير في الاستهداف ونوعية إن شاء الله في الاستهداف بما يحقِّقُ الردعَ المأمولَ إن شاء الله، وهدفُنا هو دفعُ هذا العدوان عن بلدنا.

المطلوبُ على مستوى الجبهات من شعبنا العزيز الاستمرار في علمية التجنيد الرسمي التجاوب الكبير مع عملية التجنيد؛ لأنَّنا نرى اليومَ يا شعبَنا العزيز ما آل إليه الحالُ في المناطق المحتلة هناك ما يكفي في أن يدفعَنا إلى أقصى حَـدٍّ للتصَـدِّي لهذا العدوان، احتلال هناك بشكل واضح في كُلّ ممارساته الإجْـرَامية وصل إلى درجة انتهاك الأعراض وصل إلى درجة انتهاك الأعراض، حالات الاغتصاب للنساء مثلما حصلت في الخوخة حصلت قبل ذلك في المخاء وحصلت قبل ذلك وتحصل بشكل مستمر في المحافظات الجنوبية، وهناك بعضُ الإخوة في المحافظات الجنوبية تحدثوا عنْ هذا وتحدثوا عن قصص وعن حكايات مؤلمة جِـدًّا وعن جرائمَ مؤلمة جِـدًّا ومؤسفة جِـدًّا، العِرْضُ اليمني مستباحٌ، مَن لا يغتار لذلك مَن لا يغضب لذلك من لا ينفعل لذلك أَصْبَـح دَيُّوثاً في مصطلح الشرع الإسْـلَامي، مَن لا يبالي حتى عندما ينتهك العِرض عندما ينتهك عِرضه وعرض كُلّ يمنية هو عرضك يا كُلّ يمني ويا كُلّ مسلم، إذا أنت والأعداء ينتهكون الأعراضَ ويغتصبون النساء ويغتصبون الأطفال مثلما حصل في حيس اغتصاب لطفل، هناك مَن لا يغضب من لا ينفعل، فهو مَن قد ذهبت نخوتُه وإنْسَانيَّتُه ومروءتُه وغِيرتُه وأَصْبَـح دَيّوثاً، أَصْبَـح إنْسَاناً تافهاً لا يحمِلُ أيَّة قيمة ولا أيَّ شَرَفٍ ولا مثقالَ ذرة لا من قَبْيَلَة ولا من شرَف ولا من وطنية، وللأسف البعض ظهروا على هذا النحو، البعضُ من المرتزقة ظهروا على هذا النحو يقفون مع المعتدي ويبرّرون له حتى جرائمَ الاغتصاب ويُبَسِّطُون المسألة ويهونونها، ليست سهلةً ليست بسيطة هذا هو الشيء الذي يحصل في ظل الاحتلال.

الاحتلالُ معناه أن تخسَرَ حريتَك، الاحتلالُ معناه أن تخسَرَ أرضَك، الاحتلالُ معناه ان تخسَرَ عِرضَك، أن تستباح كرامتك، لا يظن الناسُ أن مسألةَ الاحتلال شيءٌ طبيعي، لا، الاحتلالُ لا يبقى حرية لا يبقى كرامة لا يبقى أرض لا يبقى عِرض، تصبح أنت عبداً لذلك المحتل الأجنبي وأرضك وثرواتك له قواعد عسكرية ينهب ما يشاء منها يأخذ ما يريد منها.

اليومَ المنشآتُ النفطيةُ في حضرموت والمنشآت النفطية في شبوة من المسيطر عليها أليس هو الإماراتي؟!، أوليس هو اليوم من يسعى لتشغيلها والاستغلال لها؟!، ثم تكون أنت كمواطن يمني في تلك المناطق على الهامش، يمكن أن يعطيَك البعض من المال لكن مقابل ماذا أن تبيعَ منه نفسَك أن تبيعَ منه نفسَك هذه عملية استعباد هو يشتريك تصبح له عبداً وتذهب إلى الميدان لتقاتلَ وتفديه، تسعى أنت لتضحيَ بنفسك فتُقتل ليتمَكّـنَ من تثبيت احتلاله ولتُمَكّـنَه أنت بتضحيتك في سبيله تمَكّـنَه من السيطرة على بلدك، هناك غباء أَكْثَـر من هذا، هناك خسارة أفدح من هذه الخسارة، لا، أمر فظيع ومؤسف جِـدًّا، فنحن اليوم نواجه هذا الغزو وهذا الاحتلال الذي يمتهن العِرض ويمتهن الكرامة ويغتصب النساء لنحميَ أنفسنا، لنحميَ أعراضَنا، لنحمي شرفنا لنحمي كرامتنا، لو لم نفعل نكون لا شيء نكون لا شيء لا نحكي عن أنفسنا لا بكرامة ولا بوطنية ولا بقَبْيَلة ولا بإسْـلَام ولا بشيء، فمطلوبٌ اليوم منا أن نكونَ أَكْثَـرَ وعياً وأعظمَ ثباتاً وأَكْثَـرَ عزماً في التصَـدِّي لهذا العدوان، وأن يتحَـرَّكَ الشبابُ إلى الجبهات لمواجهة قوى الغزو والاحتلال التي ترتكب يوميًّا أبشعَ الجرائم كُلّ يوم وهي تقتل الأطفال والنساء لا نحتاجُ إلى التوضيح كُلّ شيء واضح كُلّ شيء واضح، وكلنا يعرف ماذا تفعلُه تلك القوى المعتدية وما هي أَهْـدَافها، لن يبقى إلا أن نتحمَّلَ المسؤوليةَ وأن نتحَـرَّكَ بجد، ولا يتسع الوقت للكثير من الكلام حول بقية المواضيع يمكن أن نتحدَّثَ عنها في كلماتٍ قادمةٍ إن شاء الله.

آملُ إن شاء الله أن يكونَ هناك زخمٌ كبيرٌ في التحشيدِ للجبهات في التجنيد للدفاع عن أنفسنا عن كرامتنا عن أعراضنا عن أرضنا عن شرفنا وأَسأَلُ اللهَ سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى أن يكتُبَ لنا في العام الرابع التأييدَ، النصرَ، العونَ، السدادَ، ونَسْأَلُ اللهَ سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى أن يرحَمَ شُهَدَاءَنا الأبرارَ وأنْ يشفيَ جرحانا وأنَ يُفَرِّجَ عن أسرانا وأن ينصُرَنا بنصره، إنَّه سَمِيْعُ الدُّعَاء.

وَالسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ..

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com