اليهود وراء كُلّ جريمة: اليهود والاتجار في الحروب

الحلقة السابعة عشرة

فِي كتابِ “اليَهُوْد وَرَاءِ كُلِّ جريمة” للكاتب الكندي وليام كار، يُسلِّطُ المؤلفُ الضوءَ على الأمور التي لم تكن واضحةً من أساليب اليهود للسيطرة على العالم، مستخدمين كافة الوسائل القذرة والجرائم التي لم يكن يدرك الناسُ أن اليهود يقفون وراءَها للوصول إلى غايتهم بالسيطرة على العالم وثرواته، مؤكداً أنه ما سيكشفه في الكتاب سيصدم القراء؛ نظراً لعدم قدرة الكثير منهم على استيعاب خُبث اليهود من تلقاء أنفسهم.

في ترجمة الكاتب وفق موسوعة ويكيبيديا هو باحثٌ كندي وأستاذ جامعي اختص بالعلوم وبالآثار القديمة. وقد قضى فترة بفلسطين ودرس بالجامعة (العبرية) في القدس المحتلة وسبق له أن عرض القضية الفلسطينية من مختلف جوانبها وأثبت (بطلان الحق التأريخي لدى اليهود) وبشكل علمي موثق وببراعة نرى من خلالها الصدق والتعلق بالحق والعدالة.

ونظراً لأهميّة محتوى الكتاب، تقومُ صحيفةُ المسيرة بنشره في سلسلة حلقات معتمدة على النسخة المترجمة والصادرة في عام 1982 عن دار الكتاب العربي في بيروت والذي تولى شرحه والتعليق عليه باللغة العربية الكاتب والمؤلف العراقي “خير الله الطلفاح”.

 

سقوط نابليون

كان هدفُ سادة المال العالميين من التخطيط للثورة الفرنسية أن يصبحوا بعدها السادة الحقيقيين لفرنسا، وبالتالي إلى السلطة الخفية التي تسيطرُ على حكومات أوروبا من وراء الستار، كمرحلة من مراحل المُخَطّط الطويل الأَمَدِ؛ للسيطرة على العالم.

تتالت الأحداثُ بسرعة بعد أن تفجّرت الثورة -كما بيناه في الفصل السابق-، فاستولى اليعاقبة أولاً على الحكم كما كان مبيتاً، وتابع هؤلاء استخدام الدوق دورليان مطية لهم كما في السابق، حتى جاء الوقت الذي طلبوا منه أن يصوت في الجمعية الوطنية على اعدام ابن عمه الملك لويس السادس عشر، وكانوا قد حملوه على إعدام الملك متحملا بذلك المسؤولية بينما ظل المتآمرون الحقيقيون في خفايا الظلام..

على أن التعليمات التي تلقاها اليعاقبة من السلطة الخفية التي كانت تسيّر الثورةَ الفرنسية كانت مغايرةً لما يعتقده الدوق دورليان، فقد أوعزت هذه التعليمات بتصفيته هو أَيْضاً بعد أن أصبح عبثاً لا فائدة منه..

وكان أن دارت عجلة الآلة الرهيبة.. آلة التشهير ضد الدوق دورليان هذه المرة، كما دارت في السابق ضد ماري انطوانيت، فلم تلبث حبال الفضائح والتلطيخ أن التفت حول عنقه مجتذبة إياه رويدا رويدا نحو سكين المقصلة التي لم يطل به الأمر حتى اقتيد اليها ضمن قافلة من القوابل المحكوم عليهم بالإعدام.!، وحينئذ استمع بأذنيه وهو على طريق المقصلة إلى صراخ الجماهير وهي تندد بفضائحه وتعبر عن بعضها..

أما ميرابو فقد كان الأمر مختلفاً بالنسبة إليه، فقد أحس بالخطر الداهم.. وأدرك أنه كان آلةً في يدِ أولئك الذينَ يكمنون وراء الستار، فشعر بالندمِ بالرغمِ من انهياره الخلقي ولم يستطع أن يتقبل مشاهد الفظائع التي كان اليعاقبة يرتكبونها كُلّ يوم..

وكان إلى ذلك معارضاً لأسلوب اتّباع العنف ضد لويس السادس عشر، ويعلم أنه كان رجلاً ساذجاً، طيب القلب، ضعيف الإرَادَة، لا يدري شيئاً مما يجري حوله.. وكان كُلّ ما يهدف إليه ميرابو شخصياً هو انتزاع السلطة المطلقة من الملك وجعله عاهلاً دستورياً يملك ولا يحكم؛ على أن يصبح هو، ميرابو، المستشار الأول آنئذ لهذا الملك؛ ولذلك فإنَّه عندما تحقّق من أن هدف السلطة الخفية هو مقتل لويس السادس عشر أقدم على محاولة تهريبه من باريس التي كان سجيناً فيها ونقله إلى مقر القوات التي لا تزال مخلصة له، ولكن هذه الخطة فشلت وكانت نتيجتها أن السلطة الخفية أصدرت أوامرها بتصفيته هو أَيْضاً.. على أن الدوق دورليان إلى جانب كونه ابن عم الملك كان الأستاذ.. إن الأمر اختلف بالنسبة له ؛ لأنَّه لم يكن لدى منظمات التشهير الوقت الكافي لحبك شبكة الفضائح والاتَّهامات حوله، فلجأ المنقذون إلى تسميمه بصورة بدت معها الجريمة كأنها حادث انتحار..!

جاءت بعد ذلك الفترة المرعبة التي عرفت في التأريخ الفرنسي باسم حكم الإرْهَـاب: تلك الفترة التي كان الضحايا يساقون فيها إلى المقصلة يومية بالمئات، وتجد الإرْهَـاب في شخصين هما: (دانتون) وَ(روبسبير) وعندما أَدَّى هذان الجلادان مهمتها جاء دورهما هما أَيْضاً، فأرسل روبسبير أولا بزميله دانتون إلى المقصلة ثم لم يطل به الأمر أن لحقه إليها عندما جاء دوره.!!

أدرك المؤرخ البريطاني الكبير والتر سكوت من خلال تحليله العميق لأحداث التأريخ لا سيما التأريخ الأوروبي، الدورَ الذي لعبته القوى الخفية وراء واجهة الثورة الفرنسية، ويستطيع من يتاح له الاطلاع على مؤلفه الضخم (حياة نابليون) متابعة التفصيلات الدقيقة للأحداث التي تكشف الأصل اليهودي للمؤامرة.

وقد أشار والتر سكوت في كتابه إلى حقيقة تبعث على التساؤل وهي: « إن معظم وجوه الثورة الفرنسية كانت وجوها أجنبية عن فرنسا.. يقدم كملاحظة مستغربة: استعمال هؤلاء لعدد من التعابير اليهودية الخاصة، وقد جلب انتباهه بشكل خاص حدث معين هو ظهور الشخص المدعو (مانويل) بطريقة غامضة وتعيينه في منصب المدعي العام ل (كومون) باريس.. وكان مانويل هذا هو المسؤول عن اعتقال آلاف من الضحايا، في سجون فرنسا هم بعينهم الذين قضوا نحبهم في المجزرة الكبرى المدبرة التي جرت خلال شهر أيلول عام 1792 في داخل هذه السجون وذهب ضحيتها – 8000 – من أولئك السجناء في سجون باريس وحدها..

وكان يساعد مانويل هذا شخص آخر يهودي اسمه (دافيد) أَوْ (داوود)، وهو أحد الأعضاء المتنفذين في لجنة الامن القومي الباريسية التي اشتهرت خلال الثورة (كما اشتهر دافيد) بنداءاتها الداعية للمطالبة بالمزيد من الضحايا: وسفك الدماء، ودافيد هذا هو الذي أدخل مبدأ عبادة الكائن الأعظم الذي أحلته الثورة الفرنسية فترة محل الدين المسيحي الذي أصدرت ايمر بإلغائه..! ويشير السير والتر سكوت أَيْضاً إلى (كوديرلوس دي لاكلو) السالف ذكره والذي كان يهودياً اسبانياً، كما يذكر دوره في إعداد الجو للثورة عن طريق القصر الملكي (البالية رويال) الذي حوله إلى مقر للدعارة والفساد..

أمَّا نحنُ فيجبُ أن نشيرَ إلى أن هذا السفر الضخم المكون من تسعة مجلدات الذي ألّفه السير والتر سكوت بعنوان (حياة نابليون)، والذي يكشف عن جانب كبير من الحقائق قد اختفى تماماً تقريباً.. بحيث نستطيع القول إنه قد ضرب حوله جدار من النسيان.

يجب التنويه أَيْضاً لكتاب آخر ألفه المؤرخ (رينيه) باسم (حياة روبسبير)، فهو يتضمن فقرة على جانب كبير من الأهميّة، فقد نقل في هذه الفقرة كلمات تفوه بها روبسبير ذات دلالة عميقة.. وها نحن نوردها فيما يلي مع التعليق الذي ورد عنها في الكتاب:

(بلغ حكم الإرْهَـاب ذروتَه القصوى في الفترة بين 27 نيسان – 27 تموز 1794، ففي هذا اليوم الأخير خذل روبسبير أمام الجمعية الوطنية، فألقى آنئذ خطاباً قوياً شن فيه هجوماً عنيفاً على من أسماهم بـ (الإرْهَـابيين المتطرفين)، وتضمن هذا الهجوم اتَّهامات جاءت بصيغة عامة، أي ضد أشخاص مجهولين، ويعتقد أن الكلمات التي تفوه بها حرفيا كانت التالية: “إنني لا أجرؤ على تسميتهم في هذا المكان وفي هذا الوقت كما أنني لا أستطيع كشف الحجاب الذي يغطي هذا اللغز في الثورات منذ أجيال سحيقة.. غير أنني أستطيع أن أؤكد وأنا واثقٌ كُلَّ الوثوق أن بين مدبري هذه المؤامرة عملاء أثر فيهم ذلك المنهج القائم على الفساد والرشوة.. وهما افعل وسيلتين فعالية بين جميع الوسائل التي اخترعها أجانب عنا لتفسيخ هذه الدولة، وأعني بهؤلاء كهنة الإلحاد والرذيلة الدنسين…”.

ويضيف المؤلف رينيه معلق!..: (لو لم يتلفظ روبسبير بهذه الكلمات لما كانت نهايته أمر محتوم).

 

القوى الخفية ونابليون

قرّر أربابُ المال العالميين بعد هذه المرحلة استثمار الرجل الجديد الصاعد نابليون بونابرت ودعمَه واستغلالَ نتائج أعماله لتنفيذ مآربهم.. وبدأت منذئذ سلسلة الحروب النابليونية الشهيرة التي كان هدفها الإطاحة بعدد كبير من العروش الأوروبية.

اجتاح نابليون بجيوشِه أوروبا بأجمعها حتى وصل عام 1804 إلى الذروة فنصّب نفسه امبراطوراً على فرنسا، وعيّن إخوته ملوكاً للدول الأوروبية: (جوزيف) ملكاً لمملكة نابولي، وَ(لويس) ملكاً لهولندا، وَ(جيروم) ملكاً لوستفاليا (إحدى الممالك الجرمانية آنئذ)، أما ناتان روتشيلد فدبّر الأمور، بحيث جعل من إخوته الأربعة ملوكَ المال في أوروبا وأصبح هؤلاء بالتالي السلطة الخفية وراء العروش التي أحدثها نابليون.

استقرّ قرارُ السلطة الخفية حينئذ على اختيار سويسرا لجعلها مركزاً آمناً لأموالهم، فقرروا بالتالي إخراجها عن نطاق جميع الحروب والمنازعات وجعلها حيادية إلى الأبد.. ثم اتجه أربابُ المال العالميون إلى تجارة جديدة فاحشة الأرباح هي تجارة الحروب التي تعود عليهم بالأرباح في كُلّ الأحوال ودون أن يهمهم في شيء من الذي يحارب ومن يخسر الحرب أَوْ يربحها، وكانت وسيلتهم إلى ذلك السيطرة على مصانع السلاح والذخيرة وعلى صناعة السفن والصناعات الكيماوية والمعدنية والأفران الفولاذية وانتاج الأدوية..

وقد سارت مشاريع سادة المال على عجلات ذهبية وتدفق عليهم سيل الأموال من تقديم مواد الحرب إلى كافة المتحاربين دون استثناء..!. غير أن عائقاً جديداً ظهر في الأفق: الامبراطور نابليون..

كان نابليون مرتاحاً في البدء إلى حلفائه أصحاب الأموال الضخمة الذين يمدونه بالقروض والمؤن كلما احتاج إليها لتمويل جيوشه وإعداد حملاته، ولكن الشك خامَرَه في طبيعة العمليات التي يقوم بها هؤلاء.. وأدرك بثاقب نظره أن شيئاً ما يجري في الخفاء وأن هنالك جهات غامضة تحَـرّك هؤلاء من وراء الستار.. فالتزم جانب الحذر تجاههم منذئذ وأخذ يتربص الفرص لضرب تجار الحروب والخلايا السرية ضربة قاضية حين يستكمل المعلومات والبراهين، واتخذ تجاههم منذئذ مسلكا عدائياً صريحاً، لكن الظروف لم تمهل نابليون لتنفيذ نواياه؛ لأنَّه كان منهمكاً في الحرب الروسية وكان مصيره ومصير جيشه الجرار معلقاً بنتيجة هذه الحرب، فوجد النورانيون الفرصة مواتية لتسديد ضربتهم أولاً.. وكان انهيارُ الجيش النابليوني في الحملة الروسية وانقلاب مجرى الأمور..

يسودُ الاعتقادُ بأن شتاءَ روسيا وبردها القارص هما اللذان قلبا حملةَ نابليون الظافرة في مطلعها إلى أكبر فاجعة عسكرية عرفها التأريخ أما الحقيقة فهي أن أسباب الهزيمة كان تخريب خطوط الاتصال بأيدٍ خفيةٍ مما منع وصول الذخائر والأسلحة إلى جيشه، في الوقت الذي تدفقت فيه الأموال والذخائر على الجيوش القيصرية..

أصبحت هذه الخطّة التي اتبعتها القوى الخفيةُ لتحطيم جيش نابليون وإجباره بالتالي على التنازل عن العرش، أصبحت منذئذ منهجاً تقليدياً لجماعة المؤامرة العالمية يتبعونهُ في كُلّ حركاتهم التالية..

من الممكن وصف هذا المنهج بأنه يقومُ على تسلُّل العملاء السريين إلى المناصب الرئيسية في الصناعة والمواصلات والتموين والنقليات وغيرها من المراكز الحساسة، وعندئذ تصبحُ الدولةُ التي يتغلغلون فيها بهذه الصورة تحت رحمتهم.. ذلك أن الخلايا السرية تصبحُ آنئذ في مركز يمكّنها من بث الفوضى والاضطراب في تموين الجيش المحارب وإمداداته ومواصلاته وإثارة الاضطرابات الاجتماعية آنئذ والبلد في غمار الحركة..

وقد كان المنهج الذي استُعمل لتحطيم جيش نابليون هو بعينه الذي استُعمل فيها بعدُ مثلاً لتحطيم جيوش روسيا القيصرية عام 1904 أمام اليابان.

 

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com