النص الكامل لمقابلة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي مع صحيفة الأخبار اللبنانية

 

– بعد مرور 3 سنوات على اندلاع العدوان، كيف تصفون وضع السعوديّة من جهة ووضع أَنْصَـار الله واليمن عموماً من جهة أُخْــرَى؟ ألم تصبح الحركة معزولة يمنياً كما صرّح ولي العهد السعوديّ محمد بن سلمان قبل أَيَّـام؟

نحييكم في صحيفة الأخبار ونُحيي شعبَنا العزيز الشعب اللبناني، ونوجّه تحيّةَ الإعزاز لمقاومته الباسلة، كما نوجّه التحيّة للقرّاء الأعزّاء جمهور صحيفة الأخبار، وبمرور ثلاثة أعوام منذ بداية العدوان الأمريكي السعوديّ على دولة عربية مسلمة مستقلة اسمها اليمن فإن الحديثَ ذو شجون وله جوانبُ كثيرةٌ في مقدّمتها مظلومية الشعب اليمني التي لا نظيرَ لها في المرحلة الراهنة، والتي وصلت لدرجة أن المُؤَسّسات الدولية – الأمريكية الهوى والولاء – ومنها الأمم المتحدة ومنظمات أُخْــرَى عُرِفَ عنها أنها تجاه مظالم أمّتنا صمّاء بكماء عمياء باتت اليوم تعترف بعظم مظلومية الشعب اليمني وبأنها تمثّل اليوم أكبر كارثة ونكبة على وجه المعمورة، فالاستباحة كانت هي السِّمةَ التي اتّسم بها العدوان الأمريكي السعوديّ لاطمئنانه تجاه المواقف الدولية والإقليمية أنها ستداهنُ؛ لاعتباراتها المعروفة، وأيضاً لتجرّده من القيم الإنْسَانية وأيضاً لفشله وإخفاقه في تحقيق أَهْـدَافه العسكرية بطريقة نظيفة، فعمد إلى الممارسات الوحشية ليجعلَ منها أسلوباً في عدوانه، آملاً أن يساعدَه ذلك على كسب المعركة وتحقيق هدفه في احتلال اليمن كُلّ اليمن، فلم يتحرّجْ من قتل الآلاف من الأطفال والنساء والمدنيين في المدن والقرى بطريقة وحشيّة تتّصف بالإبادة الجماعية حيث استهدف الأسواق المزدحمة بالمتسوّقين،واستهدف التجمعات للمدنيين في المناسبات الاجتماعية كالأعراس والعزاء وغيرها، واستهدف الأحياء المكتظّة بالسكان واستهدف المدارس والمساجد وغير ذلك، وقد نشرت وسائلُ الإعلام عندنا في اليمن والحرّة منها في المنطقة مشاهدَ موثّقةً تعبّر بنفسها عن حجم المأساة وفظاعة الجريمة ومع ذلك لم يتحرّك ضمير البعض حتى ليقولَ كلمةَ الحق تجاه مظلومية شعب من شعوب المنطقة تربطه ببقية شعوب المنطقة كُلّ الروابط الإنْسَانية والدينية والقومية والجغرافية، وإلى جانبِ العدوان العسكري لم يَقِلّ عنه العدوان الاقتصادي بالحصار الجائر الرامي إلى خنق شعبنا وتقييد حركته حتى المرضى الهادفين للسفر حتى إلى بلدان أنظمة متحالفة مع العدوان كمصر والأردن للعلاج من المواطنين العاديين وإلى فرض القيود على وصول الإمدادات والاحتياجات الضرورية الإنْسَانية كالغذاء والدواء والوقود، وحكاية الاستهداف والمؤامرة على البنك المركزي وضرب قيمة العُملة والسعي لتجفيف موارد المرتبات التي يعتاشُ عليها موظفو الدولة وكل أشكال الاستهداف الرامية إلى تجويع الشعب اليمني مع تدمير المصانع والكثير من المحلات التجارية والمنشآت الخدمية، ومع كُلّ ذلك بقي شعبنا اليمني بكل أحرارِه من مختلف المكوّنات الحرّة وبجماهيره صامداً وثابتاً بعون الله تعالى وتوفيقه ونصره وساعياً إلى التصدّي للعدوان في كُلّ أشكاله وجوانبه، وبما أدهش قوى العدوان التي كانت واثقةً أن حجمَ العدوان وما ألحقه بالشعب اليمني كفيلٌ بانهيار الشعب واستسلامه في غضون أسابيع، ونجح شعبُنا في مكوّناته بالتماسك الداخلي سياسياً فلم تنهرْ مُؤَسّسات الدولة ولا البُنية السياسية ولا المكوّنات الاجتماعية، وإلى الصمود عسكرياً في وجه شذّاذ الآفاق الذين أتت بهم قوى العدوان لغزو البلد من عشرات الدول من المرتزقة جيوشاً وجماعاتٍ ومنظماتٍ، وبوجه الآلة العسكرية والتقنيات الحربية الحديثة والإمْكَانات المتطورة التي أتى بها الأمريكيون إلى المنطقة ويُديرون بها المعركة التي تستخدم فيها قوى العدوان الأسلحةَ المحرَّمة دولياً وبشكل مكشوف وبشهادة الكثير من المنظمات بما فيها منظمات غربية..

واليومَ بعد ثلاث سنوات فإن شعبَنا العزيز يقاوِمُ بعنفوان وفاعلية كبيرة ويتصدّى باستبسال وصمود عظيم لهذا العدوان الغاشم، ويطور قدراته العسكرية لدرجة أذهلت الأعداء الذين كانوا أعلنوا في بداية العدوان تدميرهم الكلّي للقدرات العسكرية لبلدنا وإعْـلَانهم ذلك موثّق إعلامياً، فإذا بالنتيجة أنهم كلّما استمرّوا في عدوانهم كلّما ابتنت وتطوّرت قدرة بلدنا العسكرية وكلّما تآمروا عليه في الداخل كلّما أسهموا بذلك لتصحيح وضعه الداخلي بشكلٍ أفضل وتنظيفه من بقيّة الخونة والمتربّصين وإن شاء الله يتوفّق شعبنا لتحويل التهديد إلى فرص والتحدّي إلى إنجاز..

أمّا وضعُ السعوديّ فهو بحماقته بهذا العدوان ورّط نفسه في متاهة أودت به نحو السقوط الأخلاقي والإنْسَاني أولاً، ونحو الأزمات والمشاكل السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية التي تتفاقم يوماً إثر يوم، ثانياً، ومآلاتها بلا شك وخيمةٌ عليه، وكما فشل في سوريا والعراق كذلك النتيجة في اليمن والبحرين بإذن الله، فإرَادَة الله هي لصالح عباده المظلومين والعاقبة للمتقين، أمّا السعوديُّ فهو في مرحلة الاستنزاف غير المسبوق ممن يفعل لأجلهم وفي سبيل التقرّب إليهم كُلّ شيء وهو بنظرهم ليس أَكْثَــر من بقرة حلوب كما عبّر ترامب يحلبونها حتّى يجفَّ ضرعُها ثم يذبحونها وهل هناك أسوأ من وضعٍ كهذا ومن مصيرٍ رسمت معالمه ونهايته على هذا النحو..

أمّا أَنْصَـارُ الله فليست مشكلة العدوان تخصّهم بل هي مع الشعب اليمني بكلّه وهم ليسوا منظمة منعزلة بل هم تيار شعبي كبير مترابط مع بقيّة أبناء الشعب ضمن توجّه واحد وموقف واحد، ومتى كان الشعبُ اليمني معزولاً يمنياً كما قال بن سلمان!!؟ هذه مقولة فارغة..

 

– معظمُ المؤشرات تفيد بتحضيرات يقوم بها تحالف العدوان لإطلاق عمليات عسكرية جديدة على الساحل الغربي، هل لديكم كــأَنْصَـار الله التقديرات نفسها؟ وما هي استعداداتُكم لمواجهة احتمالات من هذا النوع؟

المعركةُ في الساحل أتت برغبة أمريكية، فمعروفٌ عن الأمريكيين تركيزُهم الكبيرُ على البحار والمناطق الساحلية، ومن المعلوم تركيزُهم في المنطقة على البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، وهم يدركون الأهميّةَ الجغرافيةَ والاستراتيجية لها، وقد رأوا في العدوان الحالي على بلدنا فرصةً ذهبيةً للسعي للسيطرة عليها بقناع سعوديّ وإماراتي وقفّازات يمنية من خونة البلد ومرتزقتها، وفي الأَيَّـام الماضية صدرت تصريحاتٌ عن عسكريين أمريكيين تكشف طبيعة الدور الأمريكي في معركة الساحل، ويهمّني أيضاً أن أوضح أيضاً التركيزَ الإسرائيلي على باب المندب والبحر الأحمر، وهذا معروفٌ لدى الكثير من الباحثين والمراقبين للشأن الإسرائيلي، ونحن رصدنا أنشطةً ومشاركةً للإسرائيليين منها بالقصف الجوي في الساحل ولهم أيضاً دور أساسي مع الضبّاط الإماراتيين في التخطيط وغيره من الأنشطة التي يشاركون فيها ضمن دورهم ومساهماتهم في هذا العدوان، أما من جانب شعبنا اليمني فلم تزدْه هذه العملياتُ من الغزاة إلا وعياً بحقيقة أطماعهم وسوء أَهْـدَافها وقناعةً بموقفه وحتمية مقاومته وجهاده ضد المعتدين الغزاة المحتلّين، وهو ماضٍ في معركة التحرّر والتحرير والاستقلال والدفاع عن حرّيّته وكرامته واستقلاله وأرضه في كُلّ ربوع الوطن في الساحل وفي مختلف الجهات من شرق البلاد إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها ويسعى أيضاً إلى تحرير المحتل من البلاد بإعَادَة تكوين وبناء أبناء المناطق المحتلة ودعمهم ومساندتهم إلى حين طرد المحتل الأجنبي إن شاء الله، ويوماً إثر يوم تتكشّف الحقائق لبعض المغفّلين الذين تورّطوا في الخيانة أَوْ كانوا حالمين وتائهين وراء السراب يظنّون أن الغزاة الأجانب أتوا فقط لخدمتهم والعناية بهم، واليوم ما هو الواقع لديهم؟؟ وصل الأمرُ لدرجة الاعتقال لبعض الذين يسمّونهم بوزراء وكذلك إخضاع عبدربه للاحتجاز والإذلال والاحتلال المكشوف والتحكّم التام للمطارات والموانئ والقواعد العسكرية والمنشآت النفطية والاقتصادية وغيرها في المحافظات الجنوبية من قبل الأجانب، وتحوّل أولئك العملاء إلى غُرباء في بلدهم خاضعين للأجنبي المحتل بشكل كامل..

 

– بالنسبة للجبهة الحدودية مع السعوديّة هل يمكن الحديثُ عن سيطرة دائمة وثابتة على مساحات من نجران وجيزان وعسير؟ وكيف تخطّطون لاستثمار إنجازاتكم على تلك الجبهة؟

هناك سيطرةٌ مستمرّةٌ في الجبهات الحدودية للضغط على السعوديّ بوقف العدوان، وهناك أيضاً عملياتٌ عسكريةٌ؛ للردّ على جرائمه بحق شعبنا وقد أسهمت العمليات العسكرية في جهات جازان وعسير ونجران وظهران الجنوب في التصدّي للعدوان بشكل كبير وفعّال ووصلت إلى درجة انهيار تام للجيش السعوديّ في بعض المحاور وتكبيده خسائرَ هائلة في قوّته البشرية التي خسر فيها الكثير من قادته وضبّاطه وأفراده قتلى وجرحى وأسرى، ووصل إلى درجة العجز عن المواجهة في أغلب محاور الحدود وقد وثّق الإعلام الحربي مشاهد ممتازة لبطولات الجيش واللجان الشعبية في اقتحام المواقع العسكرية للجيش السعوديّ ومطاردة ضبّاطه وجنوده وتدمير معدّاته العسكرية.

ونشيرُ هنا إلى أن كثيراً من منتسبي الجيش السعوديّ غير مقتنعين بالعدوان على بلدنا، وهذا واحد من أهم أَسْبَاب عدم تحمّسهم الكبير للقتال، وأمّا الأغبياء منهم المتحمّسون للعدوان فكانوا فاشلين في الصمود في المواجهة برغم أحقادهم وتكبّرهم، وقد سخر حتى مسؤولون أمريكيون من ضعف القوة البرية السعوديّة، وتقييمُنا نحن للوضع وحقيقة الأَسْبَاب هو هذا التصنيف الذي شرحناه، ومؤخراً فقد عمد النظام السعوديّ إلى جلب مرتزقة من عدّة بلدان بينهم مرتزقة يمنيون وسودانيون وباكستانيون ومن دول متعدّدة للتمترس بهم في الجبهات الحدودية بعد وصوله إلى الفشل الحقيقي والعجز التام في الاعتماد على جيشه في المعركة هناك، وهذا يدل على الفاعلية الكبيرة والنجاح المؤكّد لعملياتنا هناك، والله خير الناصرين..

 

– على مستوى قدراتكم الصاروخية هل نتوقّع مفاجآت جديدة في حال طالت الحرب أَكْثَــر؟ وما هو المعيار الذي توقتون على أساسه ضرباتكم الباليستية؟

التطويرُ للقدرات الصاروخية مستمرٌّ؛ باعتبارها قوّةً استراتيجيةً ويداً طولى تطال الأَهْـدَاف البعيدة في عُمق مناطق العدوّ ولها الصدى والتأثير الكبير، وقد وصلت إلى الرياض وإلى منطقة أبوظبي، والأهمُّ في ذلك أنها نجحت في اختراق منظومة الحماية الأمريكية التي كانت محطَّ ثقة لديهم ووصول (بركان 2) إلى قصر اليمامة في الرياض وَينبُع بمسافة أبعد اعترف به الأمريكيون أنفسهم، ومؤخراً أقاموا – غير مشكورين – معرضاً لصاروخ (بركان 2) في الولايات المتحدة، ومن الجيّد لنا هذا القلق والتأثير – عندهم وعند أدواتهم في المنطقة – من قدراتنا الدفاعية التي نأمل بعون الله أن تصلَ يوماً ما في فاعليتها ودقّتها وزخمها إلى مستوى الردع، فمن المهم لنا العملُ بكل ما نستطيع للدفاع عن بلدنا وحماية شعبنا من قتَلة الأطفال والنساء، ومن المهم بالنسبة لنا امتلاكُ القُدرة اللازمة لمواجهة كُلّ معتدٍ وطامعٍ بأرضنا ومتكبّر على شعبنا، وهذا حَـقٌّ طبيعي لنا سيما وقد اتضح أن هناك مَن يسعى وسعى فعلاً إلى تدمير بلدنا واحتلال أرضنا..

أمّا توقيتُ الضربات فتتنوّع أَسْبَابُ التوقيت إلى سياسية وعسكرية وكذلك للانتقام للمدنيين إثر جرائم العدوان الكبيرة والهدفُ واحدٌ وهو السعيُ للضغط على المعتدين بوقف عدوانهم على بلدنا..

 

– هل أنتم متفائلون بإعَادَة تنشيط المسار السياسي؟ وهل ثمّة مبادرة جدية معروضة عليكم اليوم؟

لا توجدُ لدينا مؤشّراتٌ حاليّاً على توجُّه جادّ من جانب الخارج للتوجّه إلى الحلّ السياسي مع وجود احتمالٍ للقيام ببعض التحرّكات كعملية تجميلية للوجه القبيح للأمم المتحدة التي ظهر دورها على أنه منحصرٌ في تأمين غطاء للعدوان ومحاولة لشرعنته وتبريره، فأحياناً تنطلِقُ بعضُ التحرّكات والمساعي الخَجُولة والضعيفة والتصريحات (الإعلامية)؛ للتغطية على التواطؤ السلبي والانحياز المفضوح لصالح العدوان، والحقيقةُ هي أن أمريكا وبريطانيا هما طرفان مستفيدان في العدوان ويجنيان من خلاله مئاتِ المليارات من الدولارات، إضافةً إلى مكاسبَ سياسيةٍ وجيوسياسية وغير ذلك ولا رغبة لهما في وقف العدوان بعد أن أصبح مصدراً مغرياً جداً للحصول على تلك المصالح..

 

– ما هو سقف التنازلات الذي يمكنكم القبولُ به، خصوصاً في ما يتصل بالسلاح؟ بمعنى آخر: هل أنتم مستعدون لتسليم أسلحتكم الثقيلة على الأقل إلى طرف ثالث يمكن أن يُتفق عليه عبر المفاوضات؟

من العجيب أن يكون الطلب من الجيش والشعب اليمني المعتدى عليه والمحتلّة أجزاء واسعة من أراضيه أن يسلِّمَ أسلحتَه، هذا مطلَبٌ غير منطقي بتاتاً، لقد عرضنا فيما يخُصُّ الوضع الداخلي للبلد رؤيةً منصفةً تقضي بأن تسلّم كُلّ الأطراف المحليّة سلاحَها إلى الدولة على أن تكونَ الدولة فعلاً بمُؤَسّسات تمثّل أبناءَ الشعب اليمني كافّة في ظل سلام واستقرار وتسوية سياسية عادلة ومنصفة، فالمشكلة اليوم في السلاح أن قوى العدوان قامت بتسليح داعش والقاعدة وجماعات تكفيرية وميليشيات أيضاً أطلقوا عليها اسم (المقاومة) وهي ميليشياتٌ تقاتِلُ مع العدوان وتساعده لاحتلال البلاد!! ومكوّنات أُخْــرَى تحت عناوينَ متعدّدةٍ وفّرت لها قوى العدوان مختلف أنواع السلاح الحديث مما لا يمتلكه الجيش والقوى الحرّة والمقاتلون الأحرار من القبائل ضد العدوان للتصدّي للغزو والاحتلال، وهذا ما ينبغي اعتباره يمثّل مشكلةً كبيرة على أمن واستقرار البلد وعلى البلدان المجاورة كسلطنة عُمان وغيرها؛ ولذلك فالتركيز على تجريد الجيش اليمني المدافع عن بلده من سلاحه وفي نفس الوقت تسليح داعش والقاعدة وسائر الجماعات التكفيرية والميليشيات الموالية للعدوان مطلب عدواني لا غير.

 

– كيف تقرأون أداء الإدارة الأمريكية الجديدة في الملف اليمني؟ وهل صحيحٌ أن الرئيس باراك أوباما وَوزير خارجيته جون كيري كانا يملكان رؤية مغايرة لرؤية دونالد ترامب، وهي رؤية أقل انخراطاً في هذا الصراع؟

الفارِقُ برأينا هو أن إدارة ترامب أَكْثَــر وضوحاً وأَكْثَــر استغلالاً من إدارة أوباما التي كانت تحرِصُ على أن تغطّيَ إلى حَـدٍّ ما على طبيعة الدور الأمريكي بغطاء من الدبلوماسية (كغطاء) فأتى ترامب ليكون أَكْثَــر صراحةً وَوضوحاً وباعتبار طبيعة الأجندة الأمريكية ومراحلها يكون سلوك الإدارة لديهم بما يتناسب مع ذلك، وتميّز ترامب في نجاحه في عملية حلب البقرة الحلوب بشكل يبدو أَكْثَــر من إدارة أوباما وإلا فإدارة أمريكا للعدوان كان منذ بدايته ولم تكن السلطة السعوديّة ولا الإماراتية لتدخل في حرب وعدوان بهذا المستوى بدون رغبة أمريكية وإشراف أمريكي منذ البداية وبحماية أمريكية سياسية وعسكرية وعلى أن يكون محقّقاً لمصالح أمريكية..

 

– على خلاف الملف السوري لا تظهر موسكو خصومةً للمشروع الأمريكي في اليمن، كما أن علاقة أَنْصَـار الله بروسيا تبدو ملتبسةً، أين يقفُ الروس برأيكم من هذه الحرب؟ وهل ثمة تواصُلٌ معهم؟ وهل أبلغتم بعودة السفارة إلى صنعاء؟

للروسي حساباتُه واهتماماتُه وسياساتُه، ولسنا مراهنين عليه ولا معوّلين عليه، ولعلّه يدرِكُ في يوم من الأَيَّـام أن تجاهُلَه للعدوان على اليمن ومساندتَه لقوى العدوان وتسليمَه لأموال الشعب اليمني إلى المرتزقة لم يكن موقفاً لصالحه، ولعلّ نيرانَ الأمريكي توقظ الدبَّ الروسي من سُباته الشتوي الذي امتدَّ إلى الصيف، وكنّا نتمنّى من الروسي في الحدِّ الأدنى التزامَ الحياد.

 

– كيف توصفون التقارُبَ المتسارِعَ بين الدول الخليجية وإسرائيل؟ وما المطلوبُ اليوم من وجهة نظركم إزاء مشروع (صفقة القرن) الذي يريد ترامب فرضَه على الفلسطينيين والعرب؟

العلاقاتُ والروابطُ لبعض الدول الخليجية بإسرائيل لم تكن جديدةً ولا مفاجِئةً، وإنما ظهر الخفي وما كان تحت الطاولة بات فوق الطاولة، وباتت مقتضياتُ المرحلة حسب الأدوار المرسومة أمريكياً بالظهور إلى العلن لتنفيذِ الخطوات الخطيرة التي وصل بهم مسارُ العمالة إليها بعد مقدّمات وَخطوات تمهيدية، وَاليوم فإن علينا جميعاً كشعوب عربية وَإسْلَامية أن ندركَ أن أولئك لن يتحرّجوا من فعل أيّ شيء وَتقديم أي شيء لصالح العدوّ الإسرائيلي وهم يسعَون لتطويع شعوب المنطقة لتقبّل ذلك، وَالقوم -كما يبدو- مستعجلون لتقديم هذه الخدمة لأمريكا وَإسرائيل في تصفية القضية الفلسطينية وَالتضحية بالقدس وَالشعب الفلسطيني، أمّا المطلوبُ من أحرار الأمّة وَشعوب المنطقة فهو التحرُّكُ الفعّالُ المشترك المنسَّق في موقف موحّد وَالاستفادة من تجلّي الحقائق وَافتضاح قوى الخيانة فقد حصحص الحق، وباتت الخيارات واضحة، وَفي هذا إيجابيّة كبيرة، فالخداعُ في المرحلة الماضية كان يؤثّر على بعض الكيانات وَالأشخاص وحتى الشعب الفلسطيني كان يرى في البعض ظهراً دافئاً فظهروا على حقيقتهم – في طعنه في الظهر – وَارتباط موقفهم بالأمريكي، وَهناك نقطة مهمّة جدّاً وَهي الموقف من أمريكا، فالخطواتُ الخَطِرَةُ المسمّاة بصفقة القرن تعتمدُ أساساً على أمريكا مع دور مساند لبعض الدول العربية، وَالدور الأمريكي ضدّ الأمّة الإسْلَامية وضد الشعب الفلسطيني وَلصالح إسرائيل واضحُ العداء وَبَيِّنٌ في التآمر، فيما لا يزالُ البعضُ يرى في أمريكا الصديقَ، وَفي مرحلة بات الخطرُ واضحاً في الموقف الأمريكي نفسه في نقل السفارة الأمريكية إلى القدس وما يلحق بذلك من خطوات أمريكية وَإسرائيلية، وعلى الجميع أن يعملوا لتوجيه بوصلة العِداء وَالموقف المسؤول نحو إسرائيل وَنحو أمريكا؛ باعتبارهما وجهين لعُملةٍ واحدة، ولقد استفادت أمريكا كثيراً من فصل البعض بين موقفه منها وَمن إسرائيل فهي تفعَلُ كُلُّ ما يفعله العدوّ وَتُحسب صديقاً.

 

– تحدثتم سابقاً عن استعدادكم لإرسال مقاتلين من أجل فلسطين؟ هل فعلاً ستلبّون دعوة الأمين العام لحزب الله السيد/ حسن نصر الله إلى إرسال مقاتلين إنْ احتاجت الحرب مع إسرائيل؟ أم أن ذلك من باب التأييد العاطفي فقط؟ وكيف يمكن أن يحدث شيءٌ مماثل؟

موقفُنا في إعْـلَان استعدادنا لإرسال مقاتلين في أيَّةِ حرب إسرائيلية ضدّ لبنان أَوْ فلسطين هو موقفٌ مسئولٌ وَجادٌّ وَصادقٌ ونابعٌ من مبادئنا (موقف مبدئي)، وهو أيضاً الموقِفُ الطبيعي جدّاً وَالمفترض من كُلّ شعوب أمتنا لو بقي الوضعُ فيها طبيعياً وَسليماً فنحن بحسب الانتماء الإسْلَامي ثم بحسب كُلّ الاعتبارات وَالروابط أمّة واحدة، وَالعدو الإسرائيلي يشكّل خطورة فعليّة على كلّ الأمّة وهو عدوّ حقيقي لكل البلدان العربية والإسْلَامية ولو كان بلدنا في موقعه الجغرافي على حدود مباشرة مع لبنان أَوْ فلسطين لكنّا قد شاركنا في القتال مع المقاومة اللبنانيّة أَوْ الفلسطينية من دون تردّد فشعبنا اليمني متفاعل جدّاً مع قضايا أمّته وَعلى وعيٍ عالٍ بالخطر الإسرائيلي على الأمّة كلها وَإن شاء الله ستساعدُه الظروفُ للقيام بدورٍ كبير في دعم ومساندة الإخوة من أبناء الأمّة، وفيما اذا تورّطت إسرائيل بحرب جديدة لن نتردّد في إرسال المقاتلين وَهناك أعداد كبيرة من رجال قبائل اليمن يطمحون للقتال ضد إسرائيل وَيتمنّون اليوم الذي يشاركون فيه جنباً إلى جنب مع إخوتهم من أحرار الأمّة الإسْلَامية في مواجهة العدو الإسرائيلي وَقد سبق إبلاغ سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله – حفظه الله – بذلك.

ونودّ الإشارة إلى أن موقفنا المبدئي في العِداء لإسرائيل وَمناهضة الهيمنة الأمريكية أبرز أَسْبَاب العدوان علينا؛ ولذلك يطلقون على موقفنا التوصيفات التي يردّدونها ضدّ كلّ الأحرار المعادين لإسرائيل وَالمناهضين للهيمنة الأمريكية فيقولون عنهم بأنهم إيرانيون.

 

– ما طبيعة العلاقة التي تربطكم بإيران وحزب الله؟ هل هي مجرّد توافُق في الرؤى الاستراتيجية؟ أم تحالُفٌ سياسي؟ أم تعاون عملياتي؟ أم ماذا؟

نحن نعتبرُ الموقفَ المسؤولَ والصحيحَ والطبيعي بحسب انتمائنا الإسْلَامي وبحسب المصلحة العليا لأمّتنا وبحسب التحدّيات والمخاطر والتهديدات الحقيقية على أمّتنا وبلداننا هو في وحدة الجميع وتعاونهم، ونرى في الوحدة الإسْلَامية والأخوّة الإسْلَامية فريضةً إسْلَامية وأن الحالة السليمة هي في تآخي كُلّ شعوب أمّتنا وتعاونهم والمصلحة الحقيقية هي في ذلك، والموقف الشاذ لأية جهة أَوْ فئة – سواءٌ أكان نظاماً أَوْ سلطةً أَوْ جماعةً – هو الذي يرى في أمريكا وإسرائيل صديقاً ويرى في أبناء أمّته عدوّاً، وبالتالي فعلاقتنا بالجمهورية الإسْلَامية وحزب الله هي في السياق الذي ذكرناه، ونحن بالمناسبة نتوجّه بالدعوة لكلّ أبناء الأمّة في السّعي لتعزيز وإحياء الروابط الأخويّة بين الأمّة وعدم الإصغاء لدعاة الفُرقة والكراهية والبغضاء والفتن، فدعاة العداء والتناحر بين أبناء الأمة مجرمون حقيقيون وجناة على الأمة وموقفهم هو الخاطئ وغير السليم، ويا عجباً كيف تصبح الأخوّة الإسْلَامية والروابطُ المطلوبة شرعاً وواقعاً بين أبناء الأمة جريمةً والحسابُ عليها كبيراً!! بينما الارتباط المفضوح والعمالة المكشوفة لإسرائيل وأمريكا شيءٌ طبيعي وحذقٌ سياسي وعروبةٌ أصيلة!!

إنّنا نمدّ أيدي الإخاء والتعاون لكلّ من يقبَلُ بذلك من أبناء أمّتنا الإسْلَامية، ونرى في إخوتنا في الجمهورية الإسْلَامية وحزب الله إخوةً نالوا شرَفَ التحرّر وحملوا رايةَ الأمّة في وجه الهيمنة الأمريكية، ووقفوا وقفةً صادقةً مع الشعب الفلسطيني في مرحلة من أهمّ وأخطر المراحل، ويعود السببُ في عِداء البعض لهم بشدّة إلى ذلك، فالسلطةُ السعوديّة والإماراتية مثلها لم تكن تعادي إيران أَيَّـامَ الشاه بالرغم من سعيه لأن يكونَ شرطيَّ أمريكا في المنطقة، وعندما أتت الثورة الإسْلَامية بقيادة الإمام الخميني رضوان الله عليه ومدّت يَدَ الأخوّة الإسْلَامية بحميميّة صادقة ومودّة كبيرة وكان في أولوياتها نُصرة الشعب الفلسطيني ودعم أهم قضية عربية وإسْلَامية توجّهوا بكلّ عدائهم لها وتحت كُلّ العناوين للأسف لم يتحرّجوا من السّعي لإثارة الفتن المذهبية وتجاوزوا في ذلك كُلّ الضوابط الشرعية والأخلاقية والإنْسَانية.

والذي يريدونه اليوم هو تكتُّل وتحالف القوى الموالية لأمريكا وإسرائيل وفي المقابل أن يتفرَّقَ بقيّةُ أبناء الأمّة الإسْلَامية ويُجَرَّم أيّ تعاون بينهم حتى بالكلمة الحق وهذا ما نعتبره غيرَ منطقي حتى وفي ظلّ المعاناة التي يعاني منها شعبُنا من العدوان الظالم فإن المسؤوليةَ على بقيّة أبناء الأمّة في التعاون مع بلدنا وليس بالتعاون عليه.

 

– بعد قرابة 3 أشهر على مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح، هل يمكن القول إنكم تجاوزتم تداعيات الأزمة التي ولّدها خلافُكم مع صالح؟ وكيف تصفون اليوم علاقتَكم بحزب المؤتمر الشعبي العام، وكذلك بالقبائل التي أحدث مقتل صالح انقساماتٍ داخلها؟

نجحت الدولةُ في تطبيع الأوضاع إلى حَـدٍّ كبير، وهناك أنشطة جيّدة للتصالح الاجتماعي، وعلاقتنا بالمؤتمر طبيعية، فموقفهم كان مشرّفاً، وأما الشاذّون منهم فقد افتضحوا أَكْثَــر بعد ذهابهم بشكلٍ واضح إلى جبهة العدوان وارتمائهم في أحضانه، وبالنسبة للقبائل فلم يحدث أيّة انقسامات قبلية في داخلها وهي وقفت إلى جانب الدولة بكلّ قوّة لحسم المعركة سريعاً بعد خيانة الثاني من ديسمبر والأعداء فشلوا فشلاً واضحاً وذريعاً في ضرب الجبهة الداخلية وإسقاطها.

 

– طفت على السطح أخيراً الخلافاتُ بين حزب الإصلاح وبين التحالف، هل ترَون أن الإصلاحَ يتّجه إلى تغيير تموضعه السياسي؟ وهل من اتصالاتٍ بينكم وبينه؟ وكذلك بينكم وبين الحليف العربي الرئيس لهذا الحزب (أي قطر)؟

ما يحدُثُ اليومَ من استهداف لحزب الإصلاح وصَلَ إلى حالة طرد بكلّ ما تعنيه الكلمة من أغلب المحافظات الجنوبية، إضافةً إلى ذلك إنشاء كيانات بديلة يجري العمل من الإمارات على بنائها وتقويتها في تعز والمناطق الشرقية كُلّ ذلك يشهد على صحّة تحذيراتنا على أن الهدف الحقيقي لقوى العدوان ليس سوى الاستغلال لأيّ طرف يختار الوقوف مع الغزاة الأجانب ضد بلده، ومشكلة البعض في حزب الإصلاح هي عُقدتهم التكفيرية ضدّ الشعب اليمني سيما من ليس على مذهبهم، فأمّا سياسياً فلم يكونوا بحاجة إلى الارتماء في أحضان قوى العدوان فالشراكة متاحة في البلد كما هو حاصلٌ حالياً مع القوى المناهضة للعدوان وكان الأفضل لهم أن يكونوا أحراراً شركاءَ مع بقيّة المكوّنات في البلد بدلاً من أن يكونوا خانعين مُستَغَلّين للأجانب فيما لا يوصلهم إلى نتيجة وأنا اتعجّب من خذلان الله لهم وسلبهم التوفيق وحالة الاستغلال لهم في الميدان عجيبة جداً تصل أحياناً لدرجة أن يقتل الطيران أعداداً كبيرة منهم إذا تردّدوا في الزحف، والقصف لمواقعهم في مناطق متعدّدة ومع ذلك فلم يخسر بقيّة العملاء بقدر خسارتهم في الوقت الذي لا مستقبل لهم في ظلّ العدوان يقدّمون معه وله أكبر التضحيات، اللهم وفّقنا ولا تسلبنا الرشد، ونصيحتي لهم أَوْ قل للسليمين منهم من عُقدة التكفير أن يراجعوا حساباتهم فلن يعوّضهم عن بلدهم وشعبهم أي شيء آخر ومصلحتهم الحقيقية هي في العودة إلى حضن الوطن لينعموا بالحرّيّة وليكونوا شركاء في الدفاع عن وطنهم وبنائه هذا هو المستقبل الحقيقي، وإذا أصرّوا على الاستمرار في تقديم القرابين غير المقبولة إلى قوى العدوان فذلك عين الخذلان.

 

– يرى البعض أن حكومة الإنقاذ التي تم تشكيلُها في صنعاء فشلت في ما كان مأمولاً منها، هل توافقون على هذا الرأي؟ وما هو تقييمُكم للأداء الحكومي لا سيما فيما يتعلّق بأزمة الرواتب؟

هُنَاك قصورٌ واضحٌ في أداء الحكومة يستدعي المراجعةَ والمعالجة وهناك الكثير من العوائق والصعوبات، سيما في الوضع الاقتصادي، ونأمل إن شاء الله السّعي الجادّ لتحسين عمل الحكومة على قاعدة التقييم للأداء من جانب الرئيس وعلى ضوء ذلك اتخاذ الإجراءات اللازمة حتى لوكان بتغيير وزير مقصّر ومن أيّ مكوّن كان من أَنْصَـار الله أو من المؤتمر أَوْ المكوّنات الأُخْــرَى، ونأمُلُ إن شاء الله بذلك تحسين الأداء الحكومي.

 

– ثمّة اتهاماتٌ توجّه إليكم بمنع الرواتب عن الموظفين وتجييرها لصالح المجهود الحربي، فضلاً عن اتهامات لحكومة الإنقاذ – التي أنتم جزءٌ منها – بالفساد ونهب أموال الدولة، كيف تردّون على ذلك؟

الاتّهاماتُ من قبل قوى العدوان ومرتزِقتها هي في سياقِ عدوانها على الشعب اليمني، وحربها على اليمن ليست فقط عسكرية بل اقتصادية وسياسية وإعلامية، حربٌ شاملةٌ بكلّ ما تعنيه الكلمة وقد ثبت بكلّ وضوح أن الذي سعى إلى الاستهداف للموظفين في الرواتب قوى العدوان ومرتزقتهم، فقد كان البنك المركزي يدفعُ المرتباتِ بشكل منتظم من صنعاء إلى كلّ المحافظات اليمنية حتّى المحتلة منها وكانت المرتبات تصل إلى كُلّ موظفي الدولة والمسجلين في كشف الراتب حتّى في تلك المحافظات إلى عدن وتعز ومأرب وغيرها إلى حين التآمر على البنك ومنع الإيرادات عنه وتجميد أرصدته في الخارج وتحوّلت كلّ عائدات الغاز والنفط والمنافذ البرّية والبحرية إلى قوى العدوان ومرتزقتها وإضافةً إلى ذلك سلمت روسيا لهم أموال الشعب اليمني التي جرى التعاقد معها مسبقاً بطباعتها وفي ظلّ وضع كهذا فالمناطق الحرّة التي لم تتمكن قوى العدوان من احتلالها مُحَاصَرَة ويدمّر العدوّ المعتدي فيها كُلّ المنشآت الخدمية والاقتصادية بشكلٍ ممنهج ومتواصل فيا تُرى على من يقع اللوم!؟..

أمّا المجهود الحربي فالبلد اليوم أكمل 3 سنوات من التصدّي لأكبر عدوان في أكبر حرب بالمنطقة والمواجهة مع تحالف دولي وإقليمي فيه أغنى دول المنطقة بأقلّ بكثير من عُشر تكاليف حرب94م التي كانت في الداخل واستمرّت لشهرين فقط.. فَمَن اللصوص يا ترى؟ هل أولئك الصامدون الأبطال في جبهات القتال الذين تصل بهم الظروف لدرجة أن يكونوا حفاة في كثير من الأحيان!!؟ أم الأسر المضحّية بالشهداء والمُعَانِية من ظروف معيشية صعبة!!؟ أم الذين سرقوا أموال الشعب لعقود من الزمن ثم ارتموا في أحضان العدوان يذرفون دموع التماسيح على الشعب الذي ظلموه مرتين!! يوم سرقوا أمواله وخيراته، ويوم كانوا في صفّ أعدائه الغزاة الأجانب والله المستعان.

 

– تتزايد الأصوات الجنوبية الرافضة لتواجد السعوديّة والإمارات، هل تعدّون ذلك مؤشراً إلى تمرّد شعبي على التحالف؟ وهل من تواصل بينكم وبين تلك القوى والشخصيات؟ وما الذي تستطيعون تقديمه لهم؟

نحن على ثقة بأن القناعةَ التي سيصل إليها أبناءُ المحافظات الجنوبية هي حتمية التحرّر ومقاومة الاحتلال بعد افتضاحه من خلال ممارساته الإجرامية، وللأسف فالبعض كانوا مخدوعين وصدّقوا نتيجةً لحملةٍ كبيرة وهائلة من التضليل الإعلامي والثقافي أن قوى العدوان أتت لفعل خير وتقديم خدمات، واليوم رأى الجميع هناك بأمّ أعينهم المطارات والموانئ ومنشآت النفط والقواعد العسكرية والسيطرة الفعلية عسكرياً وسياسياً واقتصادياً من قبل الإمارات مع ممارسات إجرامية، والنموذج القائم هناك هو احتلال بكلّ ما تعنيه الكلمة وهناك الكثير من الأحرار والشرفاء من أبناء المحافظات الجنوبية وَسنسعى إن شاء الله إلى مساندتهم والتعاون معهم للتصدّي للاحتلال وتحرير البلاد كما تحرّرت من الاحتلال البريطاني لكن إن شاء الله بأسرع بكثير بكثير.

 

– ما هو موقفكم من التشكيلات الجديدة التي برزت في الجنوب عقب الحرب وفي مقدمتها (المجلس الانتقالي الجنوبي) هل أنتم مستعدون لقبوله شريكاً سياسياً؟

أنشأت الإماراتُ هناك تشكيلاتٍ متعدّدةً ومتباينةً، ودعمتها؛ لتستفيدَ من تناقضاتها ولتعمل على إثارة التنافُسِ بينها في من يقدّم خدمةً أكبر لدعم سيطرة الاحتلال، وأمّا فيما يتعلّقُ بقبولنا بالشراكة مع الأطراف اليمنية الأُخْــرَى فلا مانعَ لدينا بتاتاً، بل نحن ندعو إلى ذلك، والمشكلة لدى البعض أنهم حالمون وَواهمون في تحقيق خياراتهم السياسية من خلال الأجانب، بينما هدف الأجانب هو الاستغلال والاستثمار حتى في مشاكل البلد والاستفادة من الخلافات والتباينات لتوظيفها في الصراع، وأمّا البعضُ الآخرُ فليس لهم أصلاً أية قضية أَوْ مشروع سياسي وهم مجرّد تشكيلات من المرتزقة الذين كُلّ هدفهم هو الحصولُ على أموال بأي ثمن حتى لو كان الخيانة لوطنهم.

 

– كيف تقرأون مستقبل الجنوب بعد أن تضع هذه الحروب أوزارها؟ وما هو الشكل الذي يمكن أن تقبلوا به في هذا الإطار؟ دولة فيدرالية من إقليمين أم انفصال أم ماذا؟

الوضعُ في المحافظات الجنوبية يحتاجُ إلى تفاهُمٍ ومعالجةٍ وحلولٍ في ظل تعاون وحرص من الجميع فنحن إلى اليوم نرى انقساماً كبيراً بين القوى السياسية في المحافظات الجنوبية وخيارات متباينة وكيانات مختلفة، وبرأينا أن الأمر يتطلّب جوّاً ملائماً وبعيداً عن التدخّلات الخارجية للوصول إلى حلول عادلة ومنصفة ومرضية لأبناء المحافظات الجنوبية.

 

– هل كان دخولُكم الجنوب وعدن تحديداً خطأً حرّضكم عليه الرئيسُ السابق كما يعتقد البعض؟

بل كان ضرورةً بعد أن طلبنا من الإخوة في المحافظات الجنوبية منْعَ عبدربه والقاعدة وداعش من استخدام المحافظات الجنوبية في الاعتداء على المعسكرات والأمن والتحرّك العسكري منها إلى بقية المحافظات، فقد سبق عبدربه والقاعدة وداعش بالتحرّك في المحافظات الجنوبية وقاموا بالاحتلالِ للمعسكرات وكذلك مقرّات الأمن، وذبحوا الجنود بالسكاكين وبدأوا التحَـرّك عسكرياً صوبَ تعز وكانت كُلُّ ترتيباتهم بإشراف سعوديّ للتقدّم عسكرياً نحوَ بقيّة المحافظات، فطلبنا حتى في خطابات متلفزة منعهم من ذلك ومنعهم من الاستخدام للمحافظات الجنوبية في تنفيذ اعتداءات إجرامية كتلك التي استهدفت جامع بدر وجامع الحشحوش والتي استهدفت الجماهيرَ في المسيرات الشعبية، فلم يمنعوهم، مما اضطرّ الجيش إلى التحرّك لمنعهم، وعلى كُلٍّ فنحن على يقين أن الخطوةَ كانت ضروريةً وكان لها هدفٌ واضحٌ وكنّا نسعى إلى الاتفاق مع أبناء المحافظات الجنوبية؛ للحفاظ على مناطقهم بأنفسهم في ظل الدولة ولكن نظراً لمشاكل الماضي تمكّنت قوى العدوان من استغلال بعضهم وخداع الكثير منهم، فقرّرنا الانسحاب مع حصول التباس كبيرٍ وتأثيرات مشاكل الماضي وقد أفادت خطوة التقدّم لطرد عبدربه وداعش والقاعدة إلى فضح قوى العدوان التي كانت ترغب بدايةً أن يكون طابع العدوان على بلدنا بصورة حرب أهلية ففشلت في ذلك واضطرّت إلى الدخول رسميّاً في عدوان خارجي واضح ومفضوح، وهذه مسألة مهمّة جدّاً بالنسبة لنا..

 

– تُتهمون بأنكم تريدون العودة إلى الحُكم الإمامي السلالي، هل هذا صحيح؟ أم أن قبولكم النظام الجمهوري والعملية الديمقراطية هو موقفٌ ثابت؟ وهل لدى أَنْصَـار الله رؤية أَوْ نموذج تستطيع تقديمه فيما يتصل ببناء الدولة؟

مجرّد ادّعاءاتٍ كاذبة لا أساسَ لها، ونحن نسعى مستقبلاً للوصول إلى رؤية مشتركة فيما يتعلّق ببناء الدولة مع بقيّة شركائنا.

 

– تُتَّهمون أيضاً من قبل خصومكم بتعطيل الحريات في المناطق الخاضعة لنفوذكم، وبتحكيم مشرفيكم ولجنتكم الثورية في عمل الوزارات بدلاً عن ترك الأمر لأصحابه، كيف تردون على ذلك؟

مجرّد ادّعاءات لا أساسَ لها، وعادةً يكون الإشكالُ مع من يؤيّدون العدوان، ولا نعلم بأيّ أحدٍ في العالم تسامح مع خصومه بقدر ما فعلنا والواقع يشهد، فأولئك الذين شاركوا القتال في فتنة وخيانة الثاني من ديسمبر قد تم الإفراج عنهم في وقت قياسي ما عدى قِلّة قليلة جداً معدودين بالأصابع، فهل أحد كان سيفعل كذلك؟؟، أمّا اللجنة الثورية فكلّ تحرّكها ونشاطها الحالي شعبي في إطار النشاط الشعبي ضد العدوان وهي لا تتدخّل في عمل مُؤَسّسات الدولة ولا نحتاج إلى ذلك أصلاً فمنّا مسؤولون موجودون في المُؤَسّسات الرسميّة.

 

– أين تسكن؟ هل أنت في كهوف صعدةَ كما يقولون؟ وهل تقوم بزيارات إلى صنعاء؟ وكيف تقضي يومياتك في ظل الحرب والتخفي الدائم؟

أسكُنُ في أرض اليمن بطريقة عادية كأيّ يمنيّ ولا احتاج إلى كهوف، وَوضْعُ حياتي طبيعي واعتيادي لم يختلف عمّا قبل العدوان إلا في طريقة المقابلات الجماعية التي نراعي فيها الاجراءاتِ المتناسبةَ مع ظروف الحرب، والحمدُ لله رب العالمين.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com