المرأة بين تكريم القرآن واستغلال أدعياء الحرية.. المرأة في الإسلام

 

الحلقة السادسة

عبد الرحمن محمد حميد الدين

لقد كثرت دعاياتُ الأعداء من دول الغرب وغيرها من المنظمات الصهيونية التي تختفي خلف منظمات حقوقية، وأثاروا الكثيرَ من الجدل والأخذ والرد حول مكانة المرأة في الإسلام؛ واتهامه بإهانة المرأة والتقليل من شأنها في شتى الجوانب الحياتية؛ وهذه القضية تُعدّ إحدى أهمّ الثغرات التي استثمرها اليهودُ والغربُ للطعن في الإسلام، وفي المقابل ظهرت الكثيرُ من الأصوات المنصفة التي خاضت مجتمعاتُها تجاربَ مريرة فيما يتعلق ببنية الأسرة، وتفككها الذي كان نتاجًا للعديد من العناوين التي تنادي بما يُسمى تحرر المرأة، فكانت النتيجة مأساوية إلى الحدّ الذي أرجعَ تدهورَ الإنتاج والثقافة والمعنويات إلى تدهور العلاقات الأسرية، مما حدَى بهذه المجتمعات للمناداة بعودة المرأة إلى رسالتها النسائية البحتة.. وسنوردُ للقارئ الكريم مقتطفاتٍ من التجربة الماركسية الشيوعية في هذا الصدد؛ حيث يقول الرئيس الروسي الأسبق [غورباتشوف] في كتابه «بيريسترويكا»:

«طيلة سنوات تأريخنا البطولي والمتألق، عجِزنا أن نولي اهتمامًا لحقوق المرأة الخاصة، واحتياجاتها الناشئة عن دورها كأمٍ وربّة منزل، ووظيفتها التعليمية التي لا غنىً عنها بالنسبة للأطفال.. إنّ المرأة إذ تعمل في مجال البحث العلمي.. وفي مواقع البناء.. وفي الإنتاج والخدمات.. وتشارك في النشاط الإبداعي.. لم يعدْ لديها وقت للقيام بواجباتها اليومية في المنزل – العمل المنزلي – وتربية الأطفال.. وإقامة جوّ أسري طيب.. لقد اكتشفنا أن كثيراً من مشاكلنا – في سلوك الأطفال، والشباب، وفي معنوياتنا، وثقافتنا، وفي الإنتاج – تعود جزئياً إلى تدهور العلاقات الأسرية.. والموقف المتراخي من المسؤوليات الأسرية».

..إلى أن يقول: «والآن في مجرى البيريستوريكا.. بدأنا نتغلب على الوضع.. ولهذا السبب نجري الآن مناقشات حادة في الصحافة.. وفي المنظمات العامة.. وفي العمل والمنزل.. بخصوص مسألة ما يجب أن نعمله لنسهل على المرأة العودة إلى رسالتها النسائية البحتة.. إلى أن يقول: إن عصب طريقة التفكير الجديدة، يتمثل في الاعتراف بأولوية القيم، ولنكون أكثر دقة، فإن الاهتمام بالقيم هو من أجل بقاء البشرية».

وهذه التجربة التي خاضها [الاتحاد السوفييتي] الذي يعتبر من أقوى الأنظمة في هذا العالم هي جديرة بالتأمل؛ كونها تمثل شهادة على عظمة القرآن والإسلام.. فالمناداة بعودة المرأة إلى رسالتها النسائية البحتة – التي هي رسالة عظيمة جدًا وأساسية – تعني في مضمونها العودة إلى الإسلام والقرآن.. فرسالة المرأة ليست رسالة على هامش الحياة؛ بل رسالة تستوعب الحياة إذا كانت وفق ما قدمه اللهُ تعالى في كتابه الكريم..

وقد استغل الأعداءُ بعضَ “الأحكام الشرعية” المتعلقة بخصوصية المرأة، واستثمروا بعض الممارسات والفتاوى المحسوبة على الإسلام والتي انتهجت منهجًا مشوهًا بحق المرأة فكانت محطًّا لدعايات الغرب ضد الإسلام؛ حيث يقول السيدُ حسين بدر الدين الحوثي أن: ((الصياغة الفقهية – إذا صحت العبارة – في القرآن الكريم تختلف كثيراً عن الصياغة الفقهية في كتب الفقه بل إن الكثير من المشاكل التي طرأت الآن مثلاً في قضايا المرأة وأصبح اليهود يستغلونها كثير منها نتيجة عبارات فقهاء ومحدثين ومفسرين يأتون بعبارات غير لائقة استخدمها الأعداء)). (دروس رمضان – الدرس السادس).

ومن القضايا المتعلقة بالمرأة والتي كان للفقهاء دورٌ في تشويهها كونها بعيدة عن الطريقة القرآنية، والتي اعتمدت على تخريجات قواعد أصول الفقه (قضية الطلاق) والتي قدمها الفقهاءُ وكأنها عملية طرد وإهانة للمرأة!! ففي عملية الطلاق يتمحور تركيزُ الفقهاء والمفتين على (الألفاظ) أو (العبارات) التي صدرت من الرجل هل هي تستلزم الطلاق أم لا..!! وتركوا [الضوابط القرآنية] جانبًا، والتي كَفَلتْ للمرأة حقوقها وكرامتها..!! فأصبحت طريقة الطلاق وفق (تخريجات الفقهاء) مما يُشنع عليه الإسلام، وصارت مادة دسمة لدعايات الأعداء من الغرب والأمريكان وغيرهم..

وفي هذا الجانب يقول الشهيدُ القائد: ((موضوع الطلاق مثلاً أليس يأتي أحياناً من بعض المجتمعات، خاصة المجتمعات الغربية محاولة أنه لماذا المرأة لا يكون لها الحق في أن تطلق؟ هذا عندما يفهم الطلاق عملية نفي، عملية طرد، أما عندما يتم الطلاق على هذه الطريقة الصحيحة، الطريقة القرآنية فمعنى هذا بأنه لا تعتبر مشكلة: أن يكون من جهة الرجل العبارات التي تعني ماذا؟ إصدار الطلاق لأنه يتم في أجواء بإحسان، بمعروف، ورعاية ومتعة، {وَمَتِّعُوهُنَّ})).

ويقول أيضًا: ((عندما تكون عبارات المفرعين من الفقهاء تقدم جافة، ويلاحظ لك فقط العقود، ما هي العبارات التي يتم بها الطلاق؟! ولم يعودوا يلاحظون أشياء من هذه التي هي هامة جداً)).

ويذكر (رضوان الله عليه) بعض أهم الضوابط القرآنية للطلاق قائلاً: ((الطلاق له ضوابط، والطلاق يتم بطريقة أيضاً فيها مراعاة لمشاعر المرأة نفسها، ولهذا أوجب المتاع، أو المتعة. المرأة التي تطلقها يجب عليك أن تعطيها تمتعها بشيء، تعطيها مثلاً بذلة، أو تعطيها شيء من أثاث البيت الذي كان موجوداً، لا تتم عملية الطلاق وكأنها طرد، تطرد إمرأة وقد جلستَ معها سنين، وتمثل سكَناً لك ولباساً لك، كما قال الله: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ}(البقرة: من الآية187). ثم في يوم من الأيام تطردها)).

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com