من الأساليب القـرآنية: الدعوة والتبيين للجميع بما فيهم (اليهود) الذين لا طمعَ من إيمانهم نهائياً

إعداد/ بشرى المحطوري

قسوة القلوب: نتيجة طبيعية لتكذيبهم:

أوضَحَ الشَّهِيْدُ القَائِدُ -سَلَامُ اللهِ عَلَـيْهِ- في محاضرة (ملزمة) الدرس الخامس من دروس رمضان وهو يتناول قصة (بقرة بني إسرائيل) بأن إعراض بني إسرائيل عن هدى الله أدى إلى قسوة قلوبهم، ثم أدت القسوة إلى ارتكابهم للموبقات، التي أدت بدورها إلى أن تكون نفوسهم خبيثة، حيث قال: [{فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}(البقرة:73) لعلكم تعقلون، لعلكم تفقهون بأن الله سيخرج كُلّ ما تكتمون وكل ما تتآمرون به. {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ}(البقرة: من الآية74) بعد هذه الحادثة التي كانت هي في حد ذاتها آية من آيات الله.. آية من آيات الله على أقل تقدير توجد عندهم نموذجاً لقضية البعث يوم القيامة {كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى}(البقرة: من الآية73) فيتذكر؛ لأن هذه كانت – قضية اليوم الآخر – من القضايا الأولى التي حذر منها بني إسرائيل، منها في الآيات الأولى قوله: {وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ}(البقرة:48) {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً}(البقرة: من الآية74) هذا يكون أثراً طبيعياً من الآثار السيئة التي تكون عند الناس سواء أفراد أَوْ مجتمع أَوْ أمة بكلها، إذا ما هناك استجابة لله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، وعمل بهديه، وتفاعل مع ما يُهْدَوْنَ إليه، فيكون البديل قسوة في القلوب، تقسوا متى ما قسا القلب فإنه لا يعد يتأثر بالمواعظ، ولا يستجيب، وتكون قسوة القلب ينتج عنها هذه التصرفات الخاطئة، وتلاحظ كيف هي في الأخير أشياء رهيبة جداً. الشيء الطبيعي: أن الإنْسَان بعدما يشاهد آية من آيات الله أَوْ يسمع شيئاً من هدى الله أن يتأثر قلبه ويلين قلبه {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ}(الحديد:16) {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ}(البقرة: من الآية74) هناك من الحجارة بعضها ينفع، القلب القاسي لم يعد يقدم شيئاً، لم يعد ينفع بشيء، لم يعد كله إلا خلل، لم يعد ما ينتج عنه إلا ضر].

 

{أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ}

وأشار الشَّهِيْدُ القَائِدُ -سَلَامُ اللهِ عَلَـيْهِ- بأنه لا تعارض بين قوله تعالى: {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ}وبين قيام النبي صلوات الله عليه وعلى آله بدعوتهم إلى الإسْلَام، حيث قال: [{أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ}(البقرة: من الآية75) يعرفون أنه كلام الله على لسان موسى، أَوْ على لسان أي نبي من أنبياء الله {ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ} (البقرة: من الآية75) فهموه أنه من عند الله، فهموا معناه ويحرفونه عندما يقدمونه للآخرين، {وَهُمْ يَعْلَمُونَ}(البقرة: من الآية75) أليست هذه جرأة شديدة جداً؟ ليست قضية طبيعية أبداً، فهل هؤلاء فيهم طمع تطمع فيهم أنه يمكن أن يؤمن لك، ويستجيب لك، ويقبل منك، يؤمن لك، يسلّم لك، ويؤمن بما أنت تريد أن يؤمن به؟!. {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ}(البقرة:76) {أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ}(البقرة:77) بعد ما أَكَّـدَ بقوله أنها قضية مستبعدة، على أقل تقدير ليست قضية تطمع فيها، والمسألة تكون أن تؤدي شيئاً كمسؤولية، هذا شيء تؤديه كمسؤولية، أن تبين، أن تدعو. لكن قد تأتي قضية أُخْـرَى، هي: قضية الطمع في الطرف الآخر أنه قد يستجيب، وقد يؤمن لك، وقد يتقبل منك. الموضوع الأول ضروري عمله: الدعوة، التبيين لأي طرف مهما كان وإن لم يكن فيه طمع، وهذا أسلوب قُـرْآني].

 

إسقاط الآية على الواقع: مفاوضات السلام مع إسرائيل:ــ

وأسقط الشَّهِيْدُ القَائِدُ -سَلَامُ اللهِ عَلَـيْهِ- آية (أفتطمعون أن يؤمنوا لكم) على الواقع الذي نعيشه عبر التطرق لقضية المفاوضات من أجل السلام مع إسرائيل وكيف أنها غير مجدية نهائياً، حيث قال: [العرب الآن يدخلون معهم في مواثيق ومعاهدات ويكون عنده أنهم صادقين لم يعد يحسب أي حساب، هو ليس في موقع مجهز لنفسه متى ما نكثوا يضربهم فتراهم في الأخير يصيحون، يصيحون ويقولون: [هذا يضر بعملية السلام، هذا أثَّر على عملية السلام, هذا مؤثر على المعاهدات والاتّفاقيات] وفي الأخير قالوا: [خارطة الطريق, وسيؤثر على خارطة الطريق، هذا يؤدي إلى إخماد خارطة الطريق, إلى إبطال خارطة الطريق] وأشياء من هذه!! لعب بهم بنو إسرائيل لعبة فعلاً، لعبوا بالعرب لعبة رهيبة، يدخل معهم في معاهدات وعنده أنهم صادقون ثم في الأخير تنعكس على مواقفهم. لاحظ قوله: {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ}(البقرة: من الآية75) هذا الطرف الغبي، الطرف الغبي فعلاً الذي لا يعرف بني إسرائيل متى صار عنده أمل قد أَصْبَح يسمع من بني إسرائيل، هم مكَّارون، هم مضللون يصدقهم عندما يقولون: [أنه احتمال ندخل معكم في هدنة واتّفاقيات سلام ومواثيق ويهمنا أن يكون هناك سلام وتعايش سلمي] فيعود هذا على أصحابه الذين يجاهدون ويقاتلون ليقول لهم: اقعدوا، اسكتوا] ويقوم بضربهم؛ لأن لديه طمعاً، هنا أليس طامعاً؟ هو طامعٌ في بني إسرائيل أنه سيدخل هو وإياهم في ماذا؟ في اتّفاقيات سلام، ويستقر، ولا يوجد حاجة لقتالهم! في الأخير يقسو على أصحابه على الذين يجاهدون، وفعلاً هذا حصل في فلسطين بشكل عجيب، [السلطة الفلسطينية] يخادعها الإسرائيليون وظنوا فعلاً أنه سيدخل معهم في سلام، وتنتهي القضية! إذاً أولئك الذين هم مزعجون [حماس والجهاد] وتلك الحركات المجاهدة؛ ثم يرجعون عليهم بقسوة، ويعيقون أعمالهم، ويقتلون منهم، ويسجنونهم ويسلمونهم للإسرائيليين في بعض الحالات؛ لأنه قد أَصْبَح لديه طمع أنهم سيصدقون!].

 

التعاملُ الصحيحُ مع اليهود حسب منهجية القُـرْآن:ــ

وفي ذات السياق أَكَّـدَ الشَّهِيْدُ القَائِدُ -سَلَامُ اللهِ عَلَـيْهِ- أنه لا حَلَّ مع بني إسرائيل إلا معاملتهم على منهجية القُـرْآن، كما طلب منا القُـرْآن أن نتعامل به معهم، حيث قال: [حتى عندما يأتون يبحثون عن موضوع سلام من بني إسرائيل، عندما يكون عندهم أنهم يحصلون على سلام من عندهم في الصراع مع إسرائيل ومع أمريكا، لديهم طمع عسى أنهم سيقبلون، عسى أنهم سيلتزمون باتّفاقية معينة بيننا وبينهم، عسى أن… لا، هذه تقطع الأمل. وفعلاً قدم في آيات أُخْـرَى بأنه أَصْبَحت هذه لديهم سلوكاً معروفاً: نقض المواثيق. {أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ}(البقرة: من الآية100) لا يوجد فيهم مطمع. إذاً فلا تثق، لا تكن بالشكل الذي يحصل عادة عندما تكون طامعاً في جهة ينعكس أثرها على تصرفاتك معهم ولا تكون بالشكل الذي تثق بهم هم، أَوْ تأمل من ورائهم أن يتقبلوا منك شيئاً، لا يوجد فيهم طمع، لا تثق بمعاهدات معهم].

وأضاف أيضاً: [القضية هنا لا يكون لديك طمع فيهم على الإطلاق، أن يبني الناس أنفسهم على أساس معرفتهم لبني إسرائيل، يمكن متى ما جاءت مرحلة معينة رأوا هم، هذا الطرف، ليس على حسب إملاءات بني إسرائيل: أنه يأتي هدنة، يأتي صلح ويكون هو مجهز نفسه بالشكل الذي يعرف أنه احتمال 100% أنهم ينكثون لكن اتركهم ينكثون لتضربهم؛ لأنه متى ما نكثوا عهداً، متى ما نقضوا ميثاقاً أَصْبَح مبرراً واقعياً ومبرراً إعلامياً، ومبرراً منطقياً أن يُضْرَبُوا].

 

ثقافة مغلوطة:ــ

القولُ بأن رسولَ الله صالَحَ اليهود!! لذا ممكن التصالح معهم اليوم!!

وتطرَّقَ الشَّهِيْد القَائِد -سَلَامُ اللهِ عَلَـيْهِ- إلى نقطة مهمة وثقافة مغلوطة عند البعض تقول بأن الإسْلَام يجوز السلام مع اليهود؛ لأن رسولَ الله صالَحَهم وعقد معهم مواثيقَ وعهوداً، متناسين أن رسولَ الله عندما فعل ذلك، فعله وهو مستعدٌّ لهم أقوى استعداد من حيث الإعداد العسكري والتجهيزات، بحيث أنه سيضربهم أول ما يبدأون بنقض العهود، أما عرب اليوم فإنهم يريدون الصلح مع اليهود، بدون أن يأخذوا حذرَهم منهم، بدون أن يستعدوا عسكرياً للحظة نقضهم للعود، حيث قال: [ولهذا لاحظ: هو حصل فعلاً في الإسْلَام معاهدات، ومواثيق حصل مثلاً في مراحل في صدر الإسْلَام، في أيام رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) مثلاً اتّفاقيات معينة أَوْ صُلح معين على أن لا يعملوا كذا وأن لا يتآمروا وأن لا… لكن القضية مرتبة، هناك فارقٌ كبيرٌ جداً ما بين المواثيق والهدن والصلح الذي كان يتم في أيام رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) وبين ما يحصل بينهم وبين العرب الآن، هناك فارقٌ كبيرٌ. الرسولُ (صلوات الله عليه وعلى آله) يعرفُ طبيعةَ هؤلاء الناس سيعملُ معهم معاهدة، هدنة معينة، لكنه مجهّز نفسَه عندما ينقضون سيضربهم ليس المعنى أنه عندما يدخل معهم في صلح أنه واثق بهم. لا، هذه قضية أُخْـرَى، قضية أن واقع بني إسرائيل هم على هذا النحو: إذا واحد تأمل بأنه كيف كان هناك تعامل متميز معهم في تأريخ الإسْلَام في الصدر الأول ليس على أساس أنه مُقِرٌ لهم على ما هم عليه، ولا من منطلق أنه يثق فيهم عندما يدخل معهم في صلح، أَوْ معاهدة، أَوْ هدنة، أَوْ أي شيء من هذه أبداً، إنما هذه في نفس الوقت تجعلهم أمام واحدة من اثنتين: إما أن يكونوا أناساً يتقبلون ويندمجون في المجتمع المسلم ويذوبون فيه ويسلمون، أَوْ متى ما ظهر منهم النقض الذي هو الشيء الطبيعي عندهم، فيكون معناه أنهم فتحوا على أنفسهم الثغرة لِيُضْرَبُوا. العرب الآن يدخلون معهم في مواثيق ومعاهدات ويكون عنده أنهم صادقون لم يعد يحسب أي حساب، هو ليس في موقع مجهز لنفسه متى ما نكثوا يضربهم فتراهم في الأخير يصيحون، يصيحون ويقولون: [هذا يضر بعملية السلام، هذا أثَّر على عملية السلام, هذا مؤثر على المعاهدات والاتّفاقيات] وفي الأخير قالوا: [خارطة الطريق, وسيؤثر على خارطة الطريق، هذا يؤدي إلى إخماد خارطة الطريق, إلى إبطال خارطة الطريق] وأشياء من هذه!! لعب بهم بنو إسرائيل لعبة فعلاً، لعبوا بالعرب لعبة رهيبة، يدخل معهم في معاهدات وعنده أنهم صادقين ثم في الأخير تنعكس على مواقفهم].

+

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com