من محمد السادات إلى محمّد سلمان: زياراتُ التطبيع!

“زيارة بن سلمان لإسرائيل توازي في أهميتها زيارة السادات”، بهذه العبارة لخّصت مؤسسة ومديرة تحرير موقع “المصدر” الإسرائيلي واقع الزيارة.

وفي حين لم يعلّق الجانب السعودي على الحادث، رفض كُلّ من ديوان رئيس الوزراء ووزارة الخارجية بـ “إسرائيل” التعليق على هذا الخبر.

يأتي الكلام لمديرة موقع المصدر، بعد مفاجئة من العيار الثقيل فجّرتها العديد من المواقع الإسرائيلي أشارت إلى أن “أميراً من البلاط الملكي السعودي زار البلاد سراً خلال الأيام الأخيرة وبحث مع كبار المسؤولين “الإسرائيليين” فكرة دفع السلام الإقليمي إلى الأمام”.

لم يكن أحد ليعلم أن الأمير السعودي الذي زار تل أبيب برفقة وفد أمني كبير ضمّ الجنرال السعودي المتقاعد أنور عشقي إلى تل أبيب، هو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي يرافقه وفد أَمريكي رفيع المستوى يضم مسؤولين أمنيين وعسكريين كبار، وقد التقى مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وفق المصادر الإسرائيلية.

الزيارة، التي لم يصدر أي نفي رسمي من المملكة حولها رغم انتشارها بشكل واسع في وسائل الإعلام الإسرائيلية، تأتي في إطار الخطوات التطبيعية للعلاقات بين البلدين حيث تحدّث الإعلام “الإسرائيلي” عن تدشين مرحلة جديدة من العلاقات الجيدة بين “إسرائيل” وعدد من الدول العربية ومن بينها السعودية.

حتّى أن المغرّد السعودي مجتهد الذي اعتاد على نشر أسرار العائلة الحاكمة، علّق على الخبر من حسابه الذي يتابعه 1.88 مليون شخص ويُشيع على نطاق واسع “إن الصحفية نوغا تارنوبولسكي المتخصصة بالشأن الإسرائيلي، وتحظى بمصداقية عالمية، انفردت بتأكيد زيارة محمد بن سلمان لإسرائيل”، ليضيف قائلاً: “يظنون الشعوب رُوضت لتقبل التطبيع، لعلهم يفاجأون برد فعل لم يحتسبوه”، في حين أنّ حساب “بدون ظل”، المنسوب لضابط في جهاز الأمن الإماراتي، قال: “سمو الأمير محمد بن سلمان، وسعادة الجنرال أنور عشقي، وفريق دبلوماسي متكامل هم الذين ذهبوا إلى إسرائيل في زيارة سرية”.

تسعى السلطات الإسرائيلية اليوم لإيجاد نقلة نوعية في شكل العلاقات التطبيعية القائمة، لا سيّما في ظل التطوّرات القائمة في سوريا والتي تجري بخلاف التطلّعات الإسرائيلية، لا بل حتّى المواقف السابقة قد دفعت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للقول “إن السعودية كالعديدين في العالم العربي يَرَوْن إسرائيل كحليف وليس كعدو، بسبب تهديدين رئيسيين هما إيران وداعش، وعندما ينظرون حولهم ويتساءلون: من يساعدنا في هذه الحرب، ومن الواضح أن “إسرائيل” والدول العربية السُّنية ليسا على طرفي نقيض”. ليس ذلك فحسب، بل طلب نتنياهو من بعض المسؤولين الأوروبيين أن تعكس سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه إسرائيل سياسة الدولة العربية الجديدة تجاه “إسرائيل”!

 

إن العلاقات الإسرائيلية السعوديّة تستدعي الإشارة إلى جملة من النقاط، أبرزها:

أوّلاً: لم يعد يختلف اثنان على ارتفاع منسوب العلاقات بين الكيان الإسرائيلي والسعوديّة، إلا أن غاية الأمر هو توقيت إخراج هذه العلاقات إلى العلن على شاكلة حضور الرئيس المصري الأسبق أنور السادات في الكنيست الإسرائيلي. دلائل عدّة على أن العلاقات دخلت مرحلة تأريخية منها ما قاله نتنياهو نفسه خلال مشاركته، الأربعاء 6 سبتمبر/ أيلول 2017، في مبنى وزارة الخارجية في القدس الغربية بأن العلاقات مع الدول العربية بأنها الأفضل وتسجل رقماً قياسياً غير مسبوق في تأريخ هذه العلاقات، وأضاف حينها: إنّ التعاون مع الدول العربية أكبر من أي فترة كانت منذ إقامة إسرائيل وما يحدث اليوم مع كتلة الدول العربية لم يحدث مثله في تأريخنا.. ما يجري من تحت الطاولة يفوق كُلّ ما حدث وجرى في التأريخ”.

ثانياً: شكّلت زيارة السادات للقدس 1977 نقطة تحول رئيسية في الصراع العربي الإسرائيلي، وافضت حينها إلى مرحلة جديدة في العلاقات/ بين تل أبيب والقاهرة بعد معاهدة السلام طيلة الثمانينيات والتسعينيات. زيارة السادات كانت الحدث الأبرز عربياً في القرن العشرين، فهل يريد بن سلمان لزيارته أن تكون الحدث الأبرز عربياً فيما يخصّ القضيّة الفلسطينية في القرن الواحد والعشرين؟

ثالثاً: اليوم، لا تزال الزيارات والعلاقة التي تربط بين “إسرائيل” والسعودية يشوبها السرية التامة، فليس من صالح كلا النظامين إعلان هذا التعاون الخفي. بن سلمان الذي يواجه معارضة من جناح واسع في العائلة الحاكمة يخشى من أيّ تصعيد شعبي ضد حركته التطبيعية العلنية، خاصة بعد دخوله في مواجهة مع دعاة المملكة. في حين أن الكيان الإسرائيلي يخشى أي خطوة متسرّعة تحول دون استكمال الخطوات السابقة، بالتالي لا بدّ من التريّث.

رابعاً: يلعب الكيان الإسرائيلي على الوتر الإيراني وترى السلطات الإسرائيلية أن هناك عامل مشترك بينها وبين الدول العربية يدعو للتعاون والتنسيق بين بعضها البعض، يتمثّل في ما یسمى بـ “التهديد الإيراني”، الامر الذي يؤسس للتعاون بين الدول العربية و”إسرائيل” والإدارة الأَمريكية.

اليوم، بدت واضحةً أسباب الفرحة الإسرائيلية العارمة بسبب تعيين الأمير محمد بن سلمان وليا للعهد في السعودية وهو الذي سيصبح في قادم الأيام ملكًا. هذا الغلام هو بشرى جيدة لإسرائيل، وفق صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية.

* الوقت التحليلي

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com