تهديد ووعيد أمريكي يقابله تحذير روسي.. كرة ثلج متدحرجة إلى مستقبل أكثر سخونةً

 

صدى المسيرة| محمد الباشا:

 “يحتفظ الرئيسُ بخيار التحرّك في سوريا ضد نظام الأسد كلما كان ذلك في المصلحة الوطنية، مثلما تقرر عقب استخدام تلك الحكومة للأسلحة الكيماوية ضد مواطنيها. وكما أوضح الرئيس مراراً، فهو لن يبلغَ أحداً بردوده العسكرية”.. هذا ما وَرَد حرفياً في تصريح البيت الأبيض.

وقال البيت الأبيض، إن “الرئيس دونالد ترامب مستعد لإجازة شن هجمات إضافية على سوريا، إذا استخدمت حكومتها الأسلحة الكيماوية مجددا أو البراميل المتفجرة”.

جاء الوعيد الأمريكي في مؤتمر صحفي للمتحدث باسم البيت الأبيض، شون سبايسر.

وإذ جَزَم سبايسر عبر البريد الإلكتروني بالقول “لم يتغير شيء في موقفنا”.. جدَّدَ تأكيدَه بـ “أننا نُبقي احتمال التحرُّك في المستقبل قائماً”.

الردُّ جاء سريعاً ومن أعلى الهرم الروسي، على ما صدر عن أمريكا من احتمالية تجدد ضرباتها على أهداف في سوريا.. إذ قال الرئيس فلاديمير بوتين، بأن بلادَه تملك أدلة قاطعة تؤكد أن الولايات المتحدة الأمريكية تخطط لشن هجوم آخر على سوريا.

وجزم بوتين بأن أمريكا ستقومُ “بدسّ” أسلحة كيماوية في بعض المواقع لاتهام النظام السوري باستخدام هذه الأسلحة.

واستطرد الرئيسُ الروسي بأن الوضعَ في سوريا بات يذكّرنا بما حدث في العراق عندما بدأت أمريكا حملتها على بغداد بعد كلمة في مجلس الأمن.

وفي مؤتمر صحفي مع نظيره الإيطالي سيردجو ماتاريلا، الثلاثاء في موسكو، جاء كلام بوتين صريحاً وفاضحاً لما تخطّط له أمريكا، أنه لدى روسيا معلوماتٍ من مصادر موثوقة بأن استفزازًا يخص الأسلحة الكيميائية يحضر له على الأراضي السورية، بما في ذلك منطقة دمشق.

 

روسيا: لن نُسقِطَ الصواريخَ الأمريكيةُ

وضمن الخطوات التي أقدمَ عليها حُلفاء سوريا، يأتي ما أعلنه رئيسُ لجنة الدفاع والأمن في مجلس الاتحاد الروسي، فيكتور أوزيروف، من أن منظوماتِ الدفاع الجوي الروسية لن تقومَ بإسقاط الصواريخ الأمريكية في حال قيام واشنطن بضربات جديدة على سوريا.

السيناتور الروسي أوضَحَ في تصريحات أدلى بها الاثنين لوكالة “إنترفاكس” بالقول: “إن قواتنا المسلحة منتشرة في سوريا من أجل محاربة الإجرام، وليس لحماية سوريا من التهديدات الخارجية، وليست لدينا مثل هذه المهمة، ولذا لن نقوم باعتراض شيء”.

في الوقت ذاته، شدد أوزيروف، على أن هذه المهمة يجب أن تقومَ بتنفيذها منظومات الدفاع الجوي السورية، مؤكداً أن الجيش السوري يمتلك “الحق القانوني التام في ذلك”.

تصريحاتُ أوزيروف التي تأتي رداً آخر على تأكيد متحدث البيت الأبيض بخيار توجيه ضربات جديدة إلى القوات السورية، تضمنت قولَ عضو مجلس الاتحاد (المجلس الأعلى للبرلمان الروسي) بأن “تهديدات الولايات المتحدة تبدو عبثية”؛ لأن “دمشق لا تمتلك أي سلاح كيمياوي”.

 

“الخوذ البيضاء” زيّفت أدلةَ “الكيميائي”

 من جهتها اتهمت منظمةُ “الأطباء من أجل حقوق الإنسان” السويدية منظمة “الخوذ البيضاء” بتزييف أدلة لاتهام القوات الحكومية السورية بشن الهجوم الكيميائي.

وقال رئيس منظمة “الأطباء من أجل حقوق الإنسان” البروفيسور مارتشيلو فيرادا دي نولي في تصريح لقناة “آر تي” يوم الثلاثاء، في إشارة إلى مزاعم قيام حكومة الرئيس الأسد بالهجوم الكيمائي: لا توجد براهين يمكن مناقشتها.

وأضاف “هناك معلومات أعلنها مسؤولون في الولايات المتحدة الأمريكية، وشهادات أدلى بها من يتحدثون باسم منظمة “الخوذ البيضاء” المشكوك في مصداقيتها.

 وأشار رئيس منظمة “الأطباء من أجل حقوق الإنسان” إلى استخدام الشهادات المزيّفة لإيجاد الذريعة لشن “هجوم سياسي أو عسكري على سوريا” بعدما أدركت الحكومات الغربية أن “جماعات المقاتلين” لا تستطيع مواجَهة السلطات السورية.

 

حذاري من نقل سيناريو العراق الفاشل في سوريا

وحذرت المرشحة إلى الرئاسة الفرنسية، مارين لوبان، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من أن يكرر سيناريو العراق وليبيا “الفاشل” في سوريا.

وقالت لوبان في تصريحات لصحيفة “لوفيجارو” الفرنسية (الاثنين): “أقول لترامب.. راقب خطواتك جيدا، وألا تكرر الأخطاء التي ارتكبتها واشنطن في العراق وليبيا”.

وتابعت قائلة “ينبغي أن يكون ترامب حذر للغاية في كيفية عمله في سوريا، حيث أن التدخل العسكري في كُلّ من العراق وليبيا، أدى إلى المزيد من الخطر على المدنيين، بدلاً عن السلام المنشود”.

ومضت قائلة “أحث ترامب على توخي الحذر؛ لأننا رأينا ما حدث في العراق، ورأينا ما حدث في ليبيا، والحقيقة أن التدخل لم يجلب المزيدَ من السلام، ولم يوفر المزيد من الحماية للمدنيين”.

وشدّدت لوبان على أنها كانت ضد تدخل الناتو (حلف شمال الأطلسي) في ليبيا عام 2011، منذ البداية، ولاحظت أن الأحداث التي تلتها أثبتت أن نهجها كان صحيحاً.

تهديد ووعيد وتصريحات من قبل أمريكا بتجديد تهوُّراتها في سوريا قابلها تحذيراتٌ وردودٌ ليست بالهيّنة من روسيا، بل ومن أعلى الهرم فيها.

إذن ما يجري مقلِقٌ للمراقبين الذي يرون بأن الأمريكي الساعي لاستعادة موقعه كـ “شرطي العالم” لن يسمَحَ له الدُّبُّ الروسي بتحقيق مسعاه، وإن بدا الأمرُ لحد الآن تصريحاً مقابل تصريح، فهو شبيهٌ بكُرة الثلج المتدحرجة، ما يشي للمتابعين بأن المنطقة والإقليم على صفيح أكثرَ سخونةً.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com