من صافر إلى الطائف: استراتيجية تصنع انتصار اليمنيين وترسم نهاية تحالف العدوان

صدى المسيرة: إبراهيم السراجي

المرحلة الفاصلة بين قول ناطق العدوان السعودي العميد احمد عسير بأنهم دمروا 90% من الصواريخ الباليستية وبين إطلاق صاروخ بركان1 الباليستي إلى الطائف، تلخص حجم الإخفاق الذي لحق بالعدوان. والمرحلة التي تمتد لعام كامل بين إطلاق صاروخ توشكا على معسكر الغزاة والمرتزقة في صافر وبين إطلاق صاروخ بركان1، تلخص أيضا مستوى التفوق اليمني.

هناك عدة نقاط ارتكاز من الاحداث التي صنعها اليمنيون يمكنها اعتبارها نقاط ارتكاز لقياس حجم الهزائم التي تكبدها العدوان، والتي بحسب المقاييس العسكرية يمكن أن تمثل سابقة لم تحدث في العالم من قبل. لأنه وإذا كان المحللون العسكريون عند انطلاق العدوان كانوا يقيمون نتائج الحرب على أمر واحد وهو اعتبار ان اليمنيين منتصرين إذا استطاعوا امتصاص الصدمة جراء الغارات الجوية لمدة أسبوع وبعضهم قال أكثر من ذلك إلا أن كل الاقاويل قاست انتصار اليمنيين بالصمود وامتصاص الأيام الأولى بين أسبوع إلى شهرين، ولذلك يمكن القول إنه وبعد تلك الفترة كانت كل دقيقة تمر ما بعد الشهرين تمثل انتصارا لليمنيين بدون النظر إلى ما يقدمونه ولذلك فإن الفاتورة التي يدفعها العدوان باهظة جدا والهزيمة أكثر من مدوية.

 

إذن هناك شقين رئيسين او عنوانين عريضين لانتصار اليمنيين، الأول أنه لم يحدث في التاريخ أن قامت دولة بتشكيل تحالف دولي يفوق عشر دول لاحتلال بلد ما، ثم وبعد سنة ونصف تجد تلك الدولة نفسها وفي أراضيها محاصرة بمقاتلي الدولة المعتدى عليها، وهذا يصوره أبطال الجيش واللجان الشعبية في نجران بشكل رئيسي وفي عسير ثم في جيزان، وهذا ما جعل أحد المواقع العسكرية البريطانية يقول إن الجيش السعودي واجه أسوأ أيامه في شهر أغسطس الماضي.

 

الشق الثاني لانتصار اليمنيين يكمن في المفارقة نفسها بين ادعاء العدوان تدمير الأسلحة الاستراتيجية اليمنية في أول أسبوع من انطلاقه لتتوالى المفاجآت بدءا من منظومة صواريخ النجم الثاقب وصولا إلى بركان1 بمدى يصل لأبعد من 800 كيلومتر وكانت باكورة ضرباته في العمق السعودي بالطائف بعد عام ونصف من العدوان ومن الادعاءات الواهمة بتدمير أسلحة اليمن الاستراتيجية.

 

مع الإعلان عن منظومة صواريخ بركان1 المطورة محليا عن صاروخ سكود الباليستي واستخدامه في أول تجربة عملية باتجاه هدف في الطائف لأول مرة، انطلقت الكثير من التحليلات العسكرية التي تحدثت عن هذا الإنجاز الذي يمثل تحولا مفصليا قد يغير وجه المعركة برمتها.

 

في هذا السياق يقول الخبير العسكري” شارل ابو نادر” ان “الانجاز نقطة مفصلية من الناحية العسكرية بالحديث عن قدرة على ايصال حشوة متفجرة تناهز اطنان شديدة الانفياز على مدى تجاوز ٨٠٠ كيلوا متر، مع جاهزية تسديد تستطيع ان ترمي بدقة وتحدد هدفاً محورياً وتنقل هذا الانفجار على هذه المسافة مع قدرة تدميرية هائلة على الهدف”.

ويضيف الخبير ابونادر ان انجاز بركان1 ” يعتبر نقطة تحول تلقي بظلالها على الطرف الآخر الذي سيعيش هاجس وصول صاروخ مدمر على أي هدف او نقطة تشكل قاعدة عسكرية وسيؤثر على الحرب والسياسة الخارجية للمملكة السعودية”.

وعن ادعاءات العدوان بتمكنه من تدمير الأسلحة اليمنية الاستراتيجية علق الخبير العسكري شارل أبو نادر بالقول: “قالوا انهم دمروا القدرة الصاروخية بالكامل ونحن نتكلم عن صواريخ صافر وصواريخ في باب المندب توشكا والان ماذا سيتكلمون بعد ان رأينا هذه القدرة اللافتة في سلاح الصواريخ هو ليس فقط عن تطور صاروخ كيفما كان ولكن يتم رماية صاروخ استناداً على معلومات استخباراتية ناجحة وقدرة تعطي قيمة بين النجاح العسكري والنجاح الاستخباراتي ليتم رماية الهدف في الوقت والزمان التي تتحضر فيها مجموعة عسكرية تريد تنفيذ هجوم عليك.

وان ترمي صاروخ ويحصد ما حصد من قتلى وتدمير وهي النقطة الرئيسية التي يمكن ان نضيفها إلى الجيش اليمني”.

وإذا كانت تلك قراءة عسكرية تسلط الضوء على جانب من الواقع العسكري، فإن قراءة الحدث من المنظور السياسي وضعت الحدث في سياق التأثير على مستقبل المنطقة برمتها.

ففي القراءات السياسية لابعاد الكشف عن منظومة بركان1 الباليستية فقد جاء الكاتب العربي المعروف عبدالباري عطوان مقاله الأخير يقول بأن الحدث يمثل تطورا مفاجئا قد يغير مسار الحرب بشكل جذري.

وقال عطوان ان امتلاك اليمن “لتكنولوجيا الصواريخ الباليسيتة، على غرار “حزب الله” في لبنان، وحركة “حماس″ في قطاع غزة، لان هذا النوع من الصواريخ غير مكلف ماديا، ويشكل الاسلوب الانجع للرد على التفوق الجوي، مثلما هو حال السعودية واسرائيل اللتين تملكان طائرات امريكية حديثة متقدمة لا يمكن اسقاطها بالدفاعات الجوية التقليدية”.

وتابع عطوان قائلا ان “عاصفة الحزم السعودية التي انطلقت قبل 18 شهرا لم تفرض الاستسلام على اليمنيين ولن تفرضه، ومشكلة السعودية ليست في صنعاء او “تحريرها”، وانما في صعدة وعمران وحجة، وهذه مدن يستحيل احتلالها، ولم يدخلها غاز على مر التاريخ، ناهيك عن انتصاره فيها، واسألوا الرئيس السابق علي عبد الله صالح الذي حاول ست مرات، وفشل عندما كان في قمة ذروة حكمه، ويحظى بدعم السعودية”.

واختتم عطوان مقاله متحدثا عن الحرب في الحدود فقال: “العواصف توّلد غيرها، و”عاصفة الحزم” انجبت الحرب على الحدود السعودية اليمنية، وهي حرب ستحدد مستقبل الحكم السعودي، وربما المنطقة بأسرها.. والايام بيننا”.

 

  • توشكا صافر… عام على الضربة الانجح في التاريخ الصاروخي

 

أمس الاحد الموافق 4 سبتمبر ،مرت الذكرى الأولى لضربة صاروخ توشكا التي استهدفت الغزاة والمرتزقة في منطقة صافر بمأرب والتي أسقطت العشرات من الجنود الاماراتيين والسعوديين والبحرينيين وعشرات المرتزقة.

تلك الضربة اكتسبت أهميتها لعدة عوامل انتجتها الضربة نفسها، ومن أهم تلك العوامل والنتائج أنها الضربة أصبحت صاحبة أكبر نتيجة عسكرية في تاريخ الصواريخ الباليستية على مرة تاريخها.

ومن ضمن أهم نتائج الضربة أنها كرست الرواية التاريخية عن المقاتل اليمني والمصوب الذي لا يخطئ الهدف بل إنها أعادت الغزاة الى الواقع بعد أن اعتقدوا أن تغير أدوات الحرب الحديثة والتفوق العسكري المادي سيتمكنان من التفوق على عوامل التاريخ في اليمن فجاءت الضربة لتعيد الأمور إلى نصابها وتؤكد ان مقولة “اليمن مقبرة الغزاة” لم تتحول إلى شعار تاريخي يتحدث عن ماضي انتهى تأثيره على الحاضر ولكنها باتت اليوم أكثر من مجرد مقولة وصارت عنوانا سيكون اول ما يفكر به أي غاز لليمن.

 

 

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com