الولايات المتحدة و”اللعبة القذرة” على حساب اليمن والشعب اليمني

صدى المسيرة: إبراهيم السراجي

 

تدير الولايات المتحدة الامريكية لعبة قذرة في اليمن على الصعيد الاقتصادي والعسكري بالشكل الذي يجعل الازمة الإنسانية في اليمن مشكلة محصورة على الصعيد الداخلي وبالحدود التي يمنعها من أن تصبح مشكلة إقليمية وربما دولية، فالأمريكي هو من يضع القيود المالية على البنك المركزي اليمني وهو بنفس الوقت الذي يظهر كمنقذ عندما يدفع البنك الدولي وصندوق النقد لعدم التجاوب مع حكومة مرتزقة الرياض بوقف التعامل مع البنك الذي لو حدث سيجعل مشكلة اليمن الاقتصادية تتمدد على الصعيدين الإقليمي والدولي.

أيضا وفي إطار اللعبة الأمريكية القذرة يعلن البنتاغون (وزارة الدفاع) الموافقة على بيع أسلحة للسعودية بقيمة 1.15 مليار دولار الأمر الذي يثير غضب المنظمات الإنسانية الدولية وفي ذات الوقت يعلن رئيس الكونجرس الأمريكي نيته تجميد الصفقة لسوء سمعة السعودية، وفي نهاية المطاف تمر الصفقة ويظهر الأمريكي إعلاميا بموقف الكونجرس الرافض وليس موقف البنتاغون الذي حتما سيمرر الصفقة كما فعل عدة مرات منذ انطلاق العدوان.

وفي الجانب السياسي تعرقل الولايات المتحدة بشكل واضح وجلي الحل السياسي في اليمن كما حدث مؤخرا في الكويت، فواشنطن لا تريد حسم الحرب العسكرية لصالح أي طرف، فالعدوان بالنسبة لها توريط للسعودية وإدخال لليمن في مستنقع الصراع الذي يجعل تمددها في جنوب اليمن بعيدا عن الأنظار وهو ما يحدث فعلا فقد أعلنت واشنطن قبل أسابيع انها وانطلاقا من علاقتها بتحالف العدوان ستتمتع بحرية أكبر وترسل دفعات جديدة من قواتها إلى الجنوب وكذلك توسع مساحة تواجدها وجاء ذلك على لسان قائد القوات الامريكية في المنطقة.

 

يدرك المجتمع الدولي بل ويشرف على حياد البنك المركزي اليمني الذي رغم طول مدة العدوان ما يزال يقوم بواجبه ويسلم رواتب موظفي الدولة في موعدها بما في ذلك رواتب الموظفين في المناطق الواقعة تحت سيطرة منافقي العدوان الذين ينهبون موارد الدولة على مرأى ومسمع من العالم، ورغم ذلك خرج بن دغر رئيس الحكومة غير الشرعية ليطالب المؤسسات المالية الدولية بوقف التعامل مع البنك المركزي اليمني الواقع أصلا تحت قيود تطبقها الولايات المتحدة التي على معرفة بحياد البنك وبالرغم من ذلك تواصل فرض القيود عليه لانهاك الاقتصاد اليمني المدمر وبالتالي إنهاك الشعب اليمني.

 

ولكي تتضح صورة اللعبة الأمريكية أكثر فتجدر الإشارة إلى أن البنك الدولي وصندوق النقد والمؤسسات المالية الأخرى رفضت مطالب الحكومة غير الشرعية كون البنك المركزي اليمني يعمل بحياد بعيدا عن الأطراف المتصارعة، ولكن لماذا لا يتم رفع القيود على البنك بالكامل طالما وهو يخدم الشعب اليمني وليس طرفا بعينه؟ الإجابة تكمن في أبعاد اللعبة الأمريكية ويمكن تلخيصها في ثلاث نقاط:

الأولى: رفع كل القيود على البنك المركزي الأمريكي يعني أن تتراجع الازمة الإنسانية والاقتصادية بشكل كبير وهو ما ترفضه الولايات المتحدة التي تستخدم الحصار الاقتصادي جزءا من استراتيجية اخضاع الشعب للعدوان عن طريق التجويع.

 

الثانية: إبقاء القيود على البنك المركزي اليمني والحفاظ على التعامل المحدود معه يضمن عدم انهيار الاقتصاد بشكل كامل وبذلك تظل الازمة الإنسانية ذات تأثير كبير على الشعب اليمني وحده وليس لها تأثيرات على المحيط الخارجي.

 

الثالثة: لو استجابت الولايات المتحدة لمطالب حكومة بن دغر غير الشرعية وأوقفت التعامل تماما مع البنك المركزي فستتحول المشكلة اليمنية وتمتد الى محيطها الخارجي بالتالي تتحول مشكلة اليمن الى مشكلة إقليمية ودولية على غرار سوريا وهو ما تخشى الولايات المتحدة وأوروبا من تكراره ولذلك هي تفضل إدارة اللعبة بالشكل الذي جاء في النقطة الثانية.

بنفس الطريقة وعلى ذات السياق تواصل الولايات المتحدة الامريكية لعبتها القذرة في اليمن، فوزير خارجيتها والمتحدثين الرسميين في البيت الأبيض يمطرون الصحافة ووسائل الاعلام بالتصريحات التي تؤيد الحل السياسي الشامل في اليمن وفي ذات الوقت يجتمع وزيرها مع نظرائه البريطاني والاماراتي والسعودي وينقلبون على كل تفاهمات الكويت ويجبرون المبعوث الأممي على تبني اعلان لندن الذي يطالب بالحل العسكري والأمني قبل الحل السياسي في اليمن وبذلك قضوا على مفاوضات الكويت التي كان يفترض انها قد توصلت للخطوط العريضة من الحل الشامل في الجولة الأولى وكانت الجولة الثانية مخصصة للتوقيع فقط على ما سبق الاتفاق عليه.

اللعبة الامريكية التي استخدمت المبعوث الأممي وصلت لذروتها بالانقلاب على الجولة الأولى من المفاوضات ولذلك كان موقف “فيتالي تشوركين” مندوب روسيا لدى مجلس الأمن قوياً وكاشفاً لكل الأوراق والتلاعبات الأمريكية في الأزمة اليمنية.

 

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com