رئيس هيئة التفتيش القضائي القاضي أحمد الشهاري في حوارٍ خاص لصحيفة “المسيرة”: لدينا إجراءات حازمة ضد كُـلّ قاض يتساهل أَو يهمل ونخطو نحو الإصلاح القضائي وفق توجيهات قائد الثورة

المسيرة – حاوره محمد المنصور

أكّـد رئيسُ هيئة التفتيش القضائي القاضي أحمد الشهاري، أنهم تمكّنوا من إنجاز أكثر من نصف مليون قضية خلال ثماني سنوات من العدوان والحصار الأمريكي السعوديّ على بلادنا.

وقال الشهاري في حوارٍ خاص لصحيفة “المسيرة”: إن السلطة القضائية وعلى الرغم من الصعوبات التي رافقت المرحلة تسير بخطى ثابتة نحو الأفضل، وأنها تعمل على ترشيح القاضي العادل النزيه لتولي الأعمال والمناصب وترفع الدعوى التأديبية في مواجهة القاضي المسيء.

وأوضح أن الهيئة تلقت خلال النصف الأول من العام 1444ه أكثر من 1319 شكوى تم إنجاز 1290، وأنها تطمح لتفعيل التفتيش المفاجئ والمُستمرّ على جميع المحاكم التابعة لها.

إلى نص الحوار:

 

– بدايةً كيف تقيمون مسار القضاء في الوقت الراهن، وماذا عن مبدأ الثواب والعقاب في تحديد المسؤوليات والواجبات، وكيف تتعاملون مع القُضاة المخالفين على ضوء عملكم الرقابي؟

نشكرُكم بدايةً على إتاحة هذه الفرصة للحديثِ عن هيئة التفتيش القضائي ودورِها في تقييم وتقويم الأداء القضائي والارتقاء به، وعن القضاء والسلطة القضائية عُمُـومًا، وفيما يتعلق بمسار القضاء في الوقت الحالي، فهو مسارٌ تصاعدي نحو الأفضل، وهذا ليس مُجَـرَّدَ حديث، وإنما تؤكّـدُه الأرقامُ، حيثُ أنجزت السلطةُ القضائية خلال العام 1436هـ (19.050) قضية بنسبة إنجاز بلغت (18%) من إجمالي القضايا المعروضة، وفي عام 1437هـ ارتفع الإنجاز ليصل إلى (26.855) قضية بنسبة بلغت (23%)، ثم عاد ليرتفعَ في العام 1438هـ ليصل إلى (40.297) قضية بنسبة بلغت (29%)، وفي العام 1439هـ تم إنجاز (51.954) قضية بنسبة بلغت (34 %)، ولم يتوقف الإنجاز عن الصعود ليبلغ في عام 1440هـ (63،623) قضية بنسبة بلغت (38 %)، واستمر الإنجاز في الارتفاع ليصل في عام 1441هـ إلى (87.817) قضيةً بنسبة بلغت (43%)، وفي العام 1442هـ بلغ (106.990) قضية بنسبة بلغت (47%)، وأخيراً بلغ الإنجاز في العام 1443هـ (135.481) قضية بنسبة إنجاز (56%)، ولا يعني هذا أن السلطة القضائية بلغت قمة الأداء القضائي لكنها رغم الصعوبات التي رافقت المرحلة تسير بخطى ثابتة نحو الأفضل.

وبالنسبة لمبدأ الثواب والعقاب في تحديد المسؤوليات والواجبات، فَـإنَّ الهيئة تحرص على ذلك كُـلّ الحرص، فتُثيب القاضي العادل الكفء النزيه بما تستطيع، وترشحه لتولي الأعمال والمناصب الهامة في المحاكم، وترفع الدعوى التأديبية في مواجهة القاضي المسيء المخالف لواجبات رسالته القضائية وآدابها، وأما فيما يتعلق بكيفية التعامل مع القضاة المخالفين فيكون ذلك بدايةً بإجراء التحقيق الأولي معهم، فإذا تبيّنت مخالفتهم يتم عرض تلك المخالفات على اجتماع الهيئة الذي ينعقد برئاسة رئيس الهيئة وحضور نائبه وسائر أعضاء الهيئة والذين يصل عددُهم حَـاليًّا إلى (23) قاضياً، حَيثُ يناقشون تلك المخالفات، ثم يصوِّتون بمدى استحقاق القاضي المخالف للإحالة إلى مجلس المحاسبة من عدمه، ويكونُ التصويتُ بأغلبية الأصوات، فإذا كانت الأغلبية مع الإحالة إلى المحاسبة، يتم الرفعُ إلى مجلس القضاء الأعلى للموافقة على طلب الإحالة، وبعد الموافقة تتم إحالةُ القاضي المخالف إلى مجلس المحاسبة الذي يتولى محاسبةَ القاضي واقتراحَ العقوبة المناسبة، ومن ثَم يتم العرضُ على مجلس القضاء الأعلى للحكم بالعقوبة والتي قد تصل إلى حَــدِّ العزل من السلطة القضائية، علماً أنه خلالَ النصف الأول من العام 1444هـ -فقط- أُحيل لدائرةِ التحقيق والدعاوى التأديبية (48) مِلفاً للتحقيق فيها، بالإضافة إلى (36) ملفاً مما رحل من العام الماضي، أنجز منها (46) ملفاً، وقد تم تحريك الدعوى التأديبية في (14) ملفاً خلال هذه الفترة.

 

– إلى أي مدى تقوم هيئة التفتيش القضائي بتقييم القضاة ومدى كفاءاتهم؟ وما هي ثمرة التفتيش الدوري والمفاجئ؟ وهل هناك معالجات لشكوى المواطنين ضد القضاة المقصرين والبت في شكاوى المواطنين بسرعة وبشكلٍ إيجابي؟

لا يخفى على أحد أهميّةُ الدورِ المنوط بهيئة التفتيش القضائي، كجهة تتولى مراقبة الأداء القضائي وتعمل على الارتقاء به عن طريق تقييم أعمال القضاة وتقويم سير العمل في المحاكم، حَيثُ تمارسُ في سبيل ذلك عدداً من المهام أهمُّها: التفتيشُ الدوري والمفاجئ، وتلقي وفحص ودراسة شكاوى المواطنين ومعالجتها، وفي هذا الصدد تجري الهيئة تفتيشاً دورياً على أعمال القضاة خلال فترة عملهم عن مدة لا تقل عن سنتين تفتيشاً دقيقاً لتقييم كفاءتهم، ابتداءً من المظهر والسمعة ومُرورًا بالأداء في الجانب الإشرافي والإداري وانتهاء بالأداء القضائي في نظر القضايا والفصل فيها، وخلال النصف الأول من العام 1444هـ أعدت الهيئة خطة للتفتيش دورياً على (225) قاضياً، على أن يتم التفتيش عليهم في ثلاث مراحل، وقد تم تنفيذ المرحلة الأولى باستهداف (77) قاضياً، وعلى أن يتم استهداف البقية خلال النصف الثاني من العام.

هذا وقد حرّرت الهيئة خلال النصف الأول من العام 1444هـ (29) تكليفاً تفتيشياً مفاجئاً شمل جميع المحاكم الاستئنافية والمحاكم الابتدائية التابعة لها والبالغ عددها (202) شُعبة ومحكمة، وعلى ضوء نتائج النزول الميداني يتم معالجة الاختلالات، فمنها ما يتم معالجته مباشرةً أثناء وجود المفتش في الميدان، ومنها ما يتم بواسطة مخاطبة المحاكم والقضاة، أَو الوزارة أَو النائب العام بحسب الأحوال، وقد أصدرت الهيئة بهذا الشأن مئات المخاطبات، ومنها ما يستلزم رفعه إلى مجلس القضاء الأعلى لاتِّخاذ اللازم سواء بالمحاسبة أَو إجراء التنقلات وسد الشواغر وفقاً لما تقتضيه مصلحة العمل. وبالنسبة لشكاوى المواطنين فيُعد استقبالها ومعالجتها من أهم أعمال الهيئة ويأخذ جل وقتها، إذ أن هذا العمل هو ما تتصل به الهيئة بجمهور المتقاضين، حَيثُ تعد الهيئة من الأجهزة المتصلة إتصالاً دائماً ومباشراً بالجمهور، إذ ترد إليها يوميًّا عشرات الشكاوى، منها ما يرد مباشرة إلى رئيس الهيئة ونائبه، ويتم التصرف فيها مباشرةً من قبلهما دون المرور بمكتب خدمة الجمهور أَو دائرة الشكاوى، ومنها ما يصل إلى مكتب خدمة الجمهور بالهيئة ويحال إلى دائرة الشكاوى للدراسة، ومعنى هذا أن ما يتم رصده وقيده في مكتب خدمة الجمهور ونظام الشكاوى ليس إلا جزءٌ يسير مما يرد إلى الهيئة ويتم التصرف فيه دون قيده في النظام الإلكتروني، وفي كُـلّ الأحوال تتلقى الهيئة كماً هائلاً من الشكاوى يتم معالجتها أولاً بأول، حَيثُ ورد خلال النصف الأول من عام 1444هـ أكثر من (1319) شكوى تم إنجاز (1290) شكوى، هذا ولا بُـدَّ من أن يدرك المواطن أن الشكوى بقاضٍ ليست مثل أية شكوى عادية، ولهذا لا بُـدَّ أن تتوفر في الشكوى ضد القاضي شروطٌ معينة حدّدتها لائحة الهيئة واتِّخاذ إجراءات معينة تتعلق بقيدها وفحصها ودراستها ومعالجتها والتصرف فيها وفقاً للقانون، وفي الغالب لا تتجاوز تلك الإجراءات أياماً قليلة معدودة وهذه مدة قصيرة نظراً لخطورة وحساسية الشكوى -من جهة- التي تستدعي التحقيق والتدقيق في فحصها والتصرف فيها، ومن جهةٍ أُخرى فَـإنَّ الهيئة تستقبل كماً هائلاً من الشكاوى، ولهذا لا يمكن القول إن هناك بطئاً في فحص الشكاوى ومعالجتها، بل على العكس من ذلك لا تتوقف الهيئة -بجميع كوادرها- عن بذل الجهود اللازمة لإنجاز الشكاوى، وكَثيراً ما يتدخل رئيس الهيئة ونائبه وبشكل يومي وعاجل وسريع في معالجة عشرات الشكاوى رغم وجود دائرة مختصة بشئون الشكاوى يعمل فيها عدد من القضاة لا يتوقفون عن فحص ودراسة ومعالجة الشكاوى.

 

– كيف تساهم هيئة التفتيش القضائي في التسهيل والتعاون مع الجهات الحكومية الأُخرى مثل الهيئة العامة للأوقاف في حماية أراضي الوقف من المعتدين عليه؛ كون الأوقاف كانت في السابق في ضياع وإهدار كبير؟ ما رأيكم عن القاضي الذي يتساهل أَو يهمل في مال الله وعدم الوقوف مع حماية وحفظ الأوقاف؟

لا تنفك الهيئة عن القيام بواجبها الشرعي والقانوني في التعاون مع الجهات الحكومية المختلفة، وأبوابها مفتوحة لممثليها لاستقبال شكاويهم ومقترحاتهم وطلباتهم وتقوم بالتنسيق مع أية جهة وبما يحقّق العدالة، وبالنسبة للهيئة العامة للأوقاف فتتعامل هيئة التفتيش القضائي معها بشكلٍ خاص، وبما من شأنه حماية أراضي الأوقاف من المعتدين، علماً أن الهيئة لا تتساهل مطلقاً مع أي قاضٍ يهمل في حفظ أموال الأوقاف، بل إن الهيئة تتخذ إجراءات حازمة ضد كُـلّ قاضٍ يتساهل أَو يهمل في أي حق سواءٌ أكان حقاً لله تعالى أَو حقاً لعبد من عباده، وفي هذا الصدد أصدرت الهيئة العديد من التوجيهات والتعاميم المتعلقة بالجهات الحكومية منها: التعميم رقم (3) لسنة 1437هـ بشأن سرعة البت في القضايا المتعلقة بالمبيدات الزراعية، والتعميم رقم (5) لسنة 1439هـ بشأن تنفيذ الأحكام الشرعية الصادرة لصالح الدولة، والتعميم رقم (2) لسنة 1439هـ بشأن الاختصاص في نظر قضايا المياه والبيئة، والتعميم رقم (6) لسنة 1439هـ بشأن سرعة الفصل في القضايا المتعلقة بالمنازعات الضريبية والجمركية، والتعميم رقم (7) لسنة 1439هـ بشأن التحري عند إصدار أحكام انحصار وراثة الشهداء، والتعميم رقم (16) لسنة 1441هـ بشأن القضايا المتعلقة بجرائم المخدرات، والتعميم رقم (13) لسنة 1441هـ بشأن نظر قضايا المغتربين بصفة مستعجلة، والتعميم رقم (25) لسنة 1441هـ بشأن ضرورة التحري والتأكّـد من أن الخرائط والصور الجوية والإسقاطات المساحية التي تقدم إلى المحاكم صادرة بشكلٍ رسمي عن الهيئة العامة للأراضي والمساحة والتخطيط العمراني، والتعميم رقم (38) لسنة 1442هـ بشأن التأكيد بضرورة التحري وعدم البت في قضايا المجاهدين والشهداء إلا بعد الحصول على رسالة رسمية من هيئة القوى البشرية من وزارة الدفاع أَو من مؤسّسة الشهداء، والتعميم رقم (65) لسنة 1442هـ بشأن التعامل مع الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وفقاً للقانون، والتعميم رقم (70) لسنة 1442هـ بشأن سرعة إنجاز القضايا المتعلقة بالفساد، والتعميم رقم (72) لسنة 1442هـ بشأن التنسيق بين الجهات القضائية والأمنية، والتعميم رقم (35) لسنة 1442هـ بشأن ضرورة التحري عند نظر القضايا المتعلقة بمنازعات عقارية تنشأ في المدن والمناطق التاريخية وفقاً للقانون، وغير ذلك.

 

– الوقفُ هو مالُ الله، وسمةٌ من سمات المجتمع الإسلامي يمثل قيمة من أرفع القيم الإنسانية سواءً بالنسبة لرعاية بيوت الله أَو بالنسبة للتكافل الاجتماعي.. هل هناك توجيه أَو تعميم من قبلكم للمحاكم في سرعة البت في مثل هكذا قضايا والتعاون مع هيئة الأوقاف لحمايته؟

هناك العديدُ من التعاميم التي تصدرها هيئة التفتيش القضائي إلى رؤساء وقضاة المحاكم الاستئنافية والابتدائية، والتي تعكس التعاون والتنسيق مع الهيئة العامة للأوقاف، وبما من شأنه حماية أموال الأوقاف، ومن تلك التعاميم: التعميم رقم (26) لسنة 1435هـ بشأن عدم قبول أية طلبات تتعلق بتسويغ بيع أي عين من أعيان الوقف أَو المعاوضة بها إلا بعد موافقة المجلس الأعلى للأوقاف وعدم قبول أية نزاعات تمس العين المستأجرة الموقوفة إلا بعد إعلان متولي الوقف بها، والتعميم رقم (16) لسنة 1441هـ بشأن ضرورة التحري والتأكّـد من أن الإفادات التي تقدم إلى المحاكم والمتعلقة بالأوقاف صادرة بشكل رسمي عن وزارة الأوقاف، والتعميم رقم (32) لسنة 1441هـ بشأن ضرورة التحري في قضايا الأوقاف وإيلاءها الأهميّة التي تستحقها وسرعة الفصل فيها بما يتفق وصحيح القانون، والتعميم رقم (11) لسنة 1442هـ بشأن ضرورة إدخَال الجهات المختصة بالأوقاف وأراضي وعقارات الدولة في القضايا المرفوعة أمام المحاكم بشأنها مع التحري التام والتقيد الصارم بالقانون وإجراءاته في تلك القضايا، والتعميم رقم (39) لسنة 1442هـ بشأن ضرورة اتِّخاذ الإجراءات الكفيلة بالمحافظة على أموال الأوقاف العامة وفقاً للقانون.

 

– ماذا عن دعوة قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، المُستمرّة بالاهتمام وتفعيل القضاء مع إصلاحه للقيام بمسؤولياته وواجباته وتطهيره من الخونة.. برأيكم هل تحقّق الإصلاح القضائي في ضوء توجيهات السيد القائد ورئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط؟

دعوةُ السيد القائد -يحفظه الله- إنما هي دعوةٌ من رجل يدركُ أهميّةَ القضاء وقيمتَه بين أجهزة الدولة، فلا دولة دون قضاء عادل، وَإذَا فسد القضاء ضاعت الحقوق، وقد كان لدعوة السيد القائد أثر كبير في تحفيز العاملين في السلطة القضائية، فشعورهم باهتمام القيادة دفعهم إلى التفاني في العمل رغم الأوضاع الصعبة، وَتوجيهات قائد الثورة تشكل مرتكزات وإرشادات تسير عليها جميع قطاعات الدولة وأجهزتها، ومنها السلطة القضائية التي تحث الخُطَى نحو الإصلاح القضائي الشامل على ضوء توجيهاته وإرشاداته، وهيئة التفتيش القضائي لا تتوانى في تحقيق الإصلاح القضائي، والجديد الذي قامت به لتحقيق ذلك الهدف على ضوء توجيهات السيد القائد ورئيس المجلس السياسي الأعلى إدخَال نوع جديد من التفتيش -وهو يعتبر في إطار التفتيش المفاجئ- وهو التفتيش المُستمرّ، لمراقبة أداء القضاة بشكل مُستمرّ ابتداءً من قبول الدعاوى والطلبات ومُرورًا بالتأجيلات وحجز القضايا للحكم والنطق بالأحكام وتسليم نسخ منها للأطراف وانتهاء بتنفيذها، وقد نتج عن هذا النوع من التفتيش تحسن أداء المحاكم المستهدفة بشكل ملحوظ، ويهدف التفتيش المُستمرّ إلى تحقيق أهداف عديدة نحو إصلاح قضائي شامل، وأهم تلك الأهداف: انضباط القضاة بعقد الجلسات في مواعيدها، وإنجاز القضاة للمعاملات اليومية للمواطنين، والحد من تراكم القضايا قيد النظر، ومن تطويل إجراءات التقاضي، وسرعة الفصل في القضايا عُمُـومًا والقضايا الجزائية التي على ذمتها مساجين خُصُوصاً، وكذا سرعة تنفيذ الأحكام؛ باعتبار ثمرة الأحكام تنفيذها، ومعرفة معوقات العمل القضائي ومعالجتها، وتوفير قاعدة بيانات بالقضايا المتعثرة -الموضوعية والتنفيذية- وأسباب تعثرها، ليتم العمل على معالجة تلك الأسباب، ومعرفة مستوى إنجاز القضاة المفتش عليهم من الأحكام بالنظر إلى حجم القضايا المعروضة عليهم وحثهم على رفع مستوى الإنجاز، وضمان خلو أماكن التوقيف في المحاكم من أي مساجين بشكل غير قانوني، وترسيخ هيبة القضاء في المحاكم، وتزويد الهيئة بالمعلومات المتعلقة بأداء القضاة مهنياً ومسلكياً.

 

– هل هناك توجّـه لتفعيل التدريب والتأهيل من خلال تدريب القضاة وتدريب كوادرها الإدارية؟ وهل من رؤية لترتيب وإعادة البناء والإصلاح في السلطة القضائية بما يواكب التقدم التكنولوجي المعلوماتي والعمل على نظام الأتمتة؟ وهل هناك ربط شبكي وتنسيق بينكم وبين الجهات التابعة للسلطة القضائية؟

تدخلت الهيئة بشكلٍ مباشر في عملية تدريب القضاة لأول مرة هذا العام، حَيثُ اشتملت خطة الهيئة على عدد من الدورات التدريبية للقضاة خلال عام 1444هـ، وتستند هذه الدورات إلى ما جاء من الميدان من تقارير حدّد بموجبها الاحتياج التدريبي، وتعمل الهيئة أَيْـضاً مع بقية الجهات مثل وزارة العدل والمعهد العالي للقضاء لتطوير عملية التدريب المُستمرّ للقضاة، كما عملت الهيئة أَيْـضاً وللمرة الأولى على تدريب كوادرها بشكلٍ مكثّـف، وذلك؛ مِن أجل إيجاد الموظف الكفء القادر على القيام بأعمال نوعية مفيدة مستقبلاً، فالموظف غير المدرب قد يكون في كثير من الأحيان عالة على الجهة وليس عوناً لها، وقد نفذت الهيئةُ دوراتٍ في مهارات المفتش وكذا في القانون الدولي الإنساني، وتعمل على تنفيذ دورات في مجال تنفيذ الأحكام القضائية والقضاء المستعجل وغيرها من المواضيع، وهذا بالنسبة للقضاة، أما العاملون في الهيئة من الإداريين فقد خضعوا لدورات في الحاسب الآلي والتحليل الإحصائي ومهارات كتابة التقارير، وكل هذا فقط خلال الستة الأشهر الماضية من العام 1444هـ، ويتم الإعداد لدورات قادمة بمشيئة الله تعالى، أما في جانب الأتمتة، فالهيئة تعمل على أنظمة خَاصَّة بها أهمها نظام متعلق بالمحاكم والقضاة يقوم بجمع وترتيب بيانات المحاكم والقضاة وكذا يستقي المعلومات من الأنظمة الأُخرى الموجودة في الوزارة أَو جهات السلطة القضائية المختلفة ليقوم بتقييم آلي وفوري لمستوى العمل الذي يقوم به كُـلّ قاضٍ، واحتياجات المحاكم، ويساعد قيادة الهيئة وقيادة السلطة القضائية على اتِّخاذ قرارات مبنية على معطيات حقيقية وفي وقتٍ سريع وبكفاءةٍ عالية، وكذا عملت الهيئة على توفير نظام شكاوى إلكتروني سيرتبط مستقبلاً بموقع الهيئة على الانترنت ويمكّن الجمهور من متابعة شكاواهم، وقد يصل الأمر إلى إمْكَانية تقديم الشكاوى عبر الموقع، وما تزال لدى الهيئة خطط متعددة فيما يخص الأنظمة الخَاصَّة بها، كما تعمل الهيئة على تقديم العون والمساندة لوزارة العدل فيما تبذله من جهود لربط المحاكم شبكياً وتفعيل النظام القضائي الإلكتروني.

 

– ما هي الخطط والتوجّـهات في رفع مستوى أداء هيئة التفتيش القضائي في الفترة المقبلة؟ وإلى أي مدى نفذت الهيئة دورها الهام في إطار الرؤية الوطنية؟ وما أهم التوجّـهات والطموحات التي تسعون لتحقيقها؟

الهيئةُ -كما بقية أجهزة السلطة القضائية- تعملُ بشكلٍ مكثّـف ومُستمرٍّ على تطوير أدائها، وتضع الخطط الطموحة لرفع مستوى أدائها على ضوء الدراسات النوعية، ثم تعمل على تطبيقها في الواقع العملي، ونتوقع أن تثمر نجاحاً كَبيراً، ومن أهم خطط الهيئة لرفع مستوى أدائها هو الاستمرار في رفدها بالأعضاء الأكفاء القادرين على تلبية طموحاتها وتأهيلهم وتدريبهم، بالإضافة إلى تطوير الكادر الإداري المعاون، ومنح الهيئة الإمْكَانيات اللازمة للقيام بواجباتها على النحو الأكمل.

وبالنسبة للرؤية الوطنية فقد كان لها دور كبير في رسم استراتيجية الهيئة، حَيثُ تم تحليل الوضع الراهن وظهرت الثغرات والمشاكل التي كانت مستترة في الماضي، وتم إعداد خطة طويلة المدى -لخمس سنوات وتم ترتيب الأولويات من هذه الخطة، ويتم تنفيذ جزء من الأولويات كُـلّ عام، وبحمد الله تعالى فَـإنَّ الهيئة تمكّنت خلال الأعوام الماضية من تحقيق الجزء الأكبر من المصفوفة التنفيذية للرؤية الوطنية، حيثُ أنجزت في عام 2020م ما يقارب (16) مشروعاً، وتعمل هذا العام على إنجاز (12) مشروعاً آخرَ، وبحمد الله قطعت الهيئة ما يقارب (75 %) من المصفوفة التنفيذية للرؤية الوطنية لهذا العام، أما عن التوجّـهات والطموحات التي تسعى الهيئة لتحقيقها في الوقت الراهن فهو تفعيل التفتيش المفاجئ المُستمرّ وتكثيفه على جميع المحاكم الاستئنافية والمحاكم الابتدائية التابعة لها.

 

– في ظل ثماني سنوات من العدوان والحصار الأمريكي السعوديّ الإماراتي على بلادنا من تدمير للبنية التحتية ونهب الثروات وفي ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة وعدم صرف المرتبات.. هل هناك آلية لمعالجة مشاكل القضاة والكادر الإداري في ظل انقطاع المرتبات؟

لو نظرنا إلى سنوات العدوان الغاشم والحصار الظالم لوجدنا أن المحاكم لم تغلق أبوابها أمام الناس رغم الظروف الأمنية التي صاحبت العدوان، ورغم انقطاع المرتبات، وصعوبة الظروف المعيشية للقضاة وأعوانهم، ولا يخلو الأمر من وجود بعض المتقاعسين، وقد اتخذت الهيئة ضدهم إجراءات صارمة وصلت إلى العزل في كثير من الحالات، هذا وقد عملت هيئة التفتيش القضائي مع بقية أجهزة السلطة القضائية وبالتنسيق مع الجهات المعنية كرئاسة الجمهورية ووزارة المالية على إيجاد المعالجات اللازمة في ظل انقطاع المرتبات، وبما يكفل للقضاة والكادر الإداري المعاون حياة كريمة تمكّنهم من التركيز على القضايا وإنجازها، وبالفعل تم بدايةً صرف نصف مرتب شهرياً منذ منتصف العام 2020م، واستمرت المتابعة إلى حين تم التوصل مع الجهات المعنية بصرف النصف الثاني للعاملين فعلياً في المحاكم والنيابات ابتداءً من العام 1444هـ، كما حرصت الهيئة -مع الجهات الأُخرى- على توفير النفقات التشغيلية الممكنة لها ولسائر أجهزة السلطة القضائية وبما من شأنه توفير الإمْكَانيات اللازمة لإنجاز الأعمال وعدم توقفها.

 

– ما موقع القضاء اليمني في ظل العدوان والحصار؟ وما هي إنجازات السلطة القضائية وتقييمكم للأداء القضائي في الوقت الحالي من ناحية الانضباط والإنجاز وحسن الأداء؟

لم يستطع العدوان الغاشم والحصار الظالم ولن يستطيع أن يثنيَ السلطةَ القضائية عن القيام بواجبها على الإطلاق في تحقيق العدالة مهما كانت الصعوبات والمعوقات، فلقد وضعت السلطة القضائية الأولويات والخطط، ومضت في تنفيذها، وهناك أثر ملموس للإصلاحات القضائية، إلا أن عملية الإصلاح الكامل ليست بالأمر الهين، ولكن دعم القيادة الثورية والقيادة السياسية كان دافعاً نحو التقدم الكبير الذي شهدته المحاكم، ولا شك أن المراقب للشأن القضائي يدرك أن هناك حراكاً كَبيراً في عدة نواحٍ ابتداءً بجهود أتمتة أعمال المحاكم ومُرورًا بإنجاز القضايا المتعثرة، والتفتيش المُستمرّ على المحاكم، وتدريب وتأهيل القضاة وخُصُوصاً القضاة الجدد، والكثير من جوانب التطوير والإصلاح للمنظومة القضائية.

وبالنسبة لتقييمنا للأداء القضائي في الوقت الحالي فنستطيعُ القول إنه في تحسن إلى الفضل وتطور مُستمرّ، فانضباط الكادر القضائي والإداري في أحسن حالاته، والمتابعة والرقابة مُستمرّة، وإنجاز القضايا في تصاعد ملحوظ رغم الكم الهائل من القضايا التي تستقبلها المحاكم سنوياً، حَيثُ بلغ عدد القضايا المنظورة خلال العام 1443هـ (242.697) قضية، أي ما يقارب الربع مليون قضية، وهذا عدد مهول وغير مسبوق، إلا أن المحاكم استطاعت إنجاز (135.481) قضية، وهذا عدد كبير جِـدًّا من القضايا المنجزة خلال عام واحد، يعبر عن جهد غير عادي من قبل السلطة القضائية، خَاصَّة في ظل الظروف الراهنة ومحدودية الكادر البشري والإمْكَانيات المادية.

 

– حدثنا عن رفع مستوى الوعي القضائي والقانوني لمنتسبي السلطة القضائية والمهتمين بالشأن القانوني، وتعزيز مبدأ استقلال وتطوير الأداء والارتقاء بالعمل القضائي؟

يعتبر القضاء جبهة من جبهات مواجهة العدوان، فالقضاء المستقل كان مستهدفاً من قبل العدوان بشكل كبير، وقد تمكّنا من الحفاظ على السلطة القضائية سلطة مستقلة تحمي حقوق كُـلّ اليمنين، وتساهم في ترسيخ الأمن والسلم الاجتماعي، والمطلع على ما تعرضت له السلطة القضائية من استهداف يعرف تماماً حجم المؤامرة التي حيكت ضد القضاء اليمني المستقل ومحاولة تغييب الوعي القضائي والقانوني لمنتسبيه، إلا أن السلطةَ القضائية حاولت جاهدة رفع مستوى الوعي ونجحت في ذلك معززة استقلالها وصمودها ونجاحها، وأبسط مثال على نجاحها في ذلك هو مستوى إنجاز القضايا، فلو استعرضنا إحصائيات سنوات العدوان لوجدنا قفزة نوعية كبيرة في الأداء رغم الزيادة المهولة في عدد القضايا والظروف الصعبة، حيثُ أنجزت السلطة القضائية خلال الأعوام من 1436هـ إلى 1443هـ (632.975) قضية، أي أن الإنجاز تجاوز النصف مليون قضية خلال ثماني سنوات من الصمود في مواجهة العدوان الحصار، وهذا رقم كبير وصعب تحقيقه في ظل مثل هكذا ظروف، إلا أنها إرادَة وعزيمة الرجال الصادقين من القضاة وأعضاء النيابة العامة والموظفين المرابطين في محاكمهم وفي أجهزة السلطة القضائية المختلفة، ويسندهم ويدعمهم قيادة ثورية حكيمة وقيادة سياسية رشيدة، الأمر الذي يدل على ارتفاع وعيهم القضائي والقانوني وارتقاء أدائهم، وزيادةً للوعي فقد عُقدت العديد من ورش العمل والدورات التدريبية، ويتم بشكلٍ مُستمرّ الالتقاء بالقضاة عبر قيادات السلطة القضائية ومناقشة كافة الأمور المتعلقة بتعزيز مبدأ استقلال القضاء وتطوير الأداء.

 

– برأيكم ما هي الدلالات والأبعاد والأهميّة في مشروع “يد تحمي ويد تبني” وإلى أي مدى تم تنفيذ الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة في السلطة القضائية؟

مشروع (يد تحمي ويد تبني) هو الطريق الأصوب للمرحلة التي نمر بها، فهو مشروع يقوم على عدم الاستسلام والرضوخ لرغبات العدوّ الذي أقصى أمله وغاية رغبته هو إيقاف عجلة البناء والتطوير في البلد، لذلك نسعى بكل ما أوتينا من قوة إلى تنفيذ أهداف الرؤية الوطنية، ولا نعتقد أبداً أن استمرار العدوان يمكن أن يؤثر على تنفيذ الرؤية الوطنية إذَا ما وجد الرجال المخلصون، علماً أنه أُسند إلى الهيئة (12) مشروعاً ضمن المصفوفة التنفيذية للرؤية الوطنية خلال النصف الأول من العام 444هـ فقط، وقد باشرت الهيئة العمل في تلك المشاريع حتى قبل وصول التعزيزات المالية، وحقّقت الهيئة مركزاً متقدماً بالنسبة لأجهزة السلطة القضائية في الربع الأول، حَيثُ كانت الجهة الأكثر إنجازاً، ومن المشاريع التي أنجزتها الهيئة خلال النصف الأول من العام 1444هـ بشكلٍ كلي أَو جزئي: مراجعة نظام الترقية للقضاة استناداً للعوامل الموضوعية (الكفاءة، النزاهة، الإنجاز)، وإعداد الضوابط والمعايير والأسس المنظمة لاختيار أعضاء هيئة التفتيش القضائي وتقييم أدائهم ومساءلتهم، وتحديث مدونة السلوك القضائي وتفعيل العمل بها، ووضع أسس وقواعد البرنامج التدريبي المُستمرّ وكذلك التدريب الميداني، ووضع أسس وقواعد البرنامج التدريبي والتقييمي للقضاة الجدد أثناء فترة التدريب وقبل مباشرتهم للعمل القضائي، وبناء القدرات للقضاة في الهيئة والمحاكم لعدد (155) قاضياً، وبناء قدرات الموظفين الإداريين في الهيئة لعدد (80) موظفاً، وإنجاز القضايا الموضوعية والتنفيذية المتعثرة أمام المحاكم، وتنفيذ خطة التفتيش المُستمرّ على قضاة المحاكم الابتدائية والاستئنافية، ووضع قواعد وضوابط استحقاق حافز بدل إنجاز يقدم للكادر القضائي والإداري العامل في المحاكم والنيابات.

 

– أيهما أخطر على السلطة القضائية مواجهة الفساد أم الفاسدين؟ وماذا عن طرق التصدي؟ وما هي أبرز المعوقات والإشكاليات التي تواجهونها في تحقيق قضاء نزيه وعادل كضرورة للبناء وتحقيق تطلعات الشعب اليمني؟

الفساد هو الفاسدون، ومواجهتُه يعني مواجهتُهم، والسلطة القضائية تتصدى للفساد بملاحقة الفاسدين قضائياً ومقاضاتهم والحكم عليهم بالعقوبات العادلة التي تردعهم وغيرهم ممن تسوِّل له نفسُه سلوكَ طريق الفساد، وبالنسبة لأبرز المعوقات والإشكاليات التي نواجهها في تحقيق قضاء نزيه وعادل، فنود الإشارة إلى أنه لا يخلو عمل من المعوقات والصعوبات، وتواجه الهيئة العديد منها أهمها: نقص الكادر البشري من قضاة وموظفين إداريين، ونقص الكادر القضائي والإداري في المحاكم والسلطة القضائية بشكل عام، وعدم كفاية مقر الهيئة الحالي لجميع دوائرها وإداراتها المختلفة، وَأَيْـضاً عدم تفعيل العمل بالأنظمة الإلكترونية في جميع المحاكم (الأتمتة) بشكل كامل رغم أن العمل مُستمرّ في ذلك، بالإضافة إلى قلة الإمْكَانيات المادية والنفقات المالية التشغيلية للمحاكم، ولكن ورغم كُـلّ الصعوبات والمعوقات ما زالت الهيئة -وستظل- تعمل على مراقبة الأداء القضائي وتسعى إلى الارتقاء بذلك الأداء بمشية الله تعالى وعونه وتوفيقه.

 

– لا يجوزُ التقصيرُ أَو تعطيلُ أعمال المحاكم أَو النيابات تحت أي مبرّر؛ باعتبار القضاء هو الضامن لحرمة الدماء والحقوق، وأن القيام بواجب العدالة من الأعمال المقدسة التي لا يجوز المساس بها أَو التقصير في أدائها.. قبل أشهر كان هناك إعلان من نادي القضاة للإضراب.. ماذا كان موقف هيئة التفتيش القضائي من هذا الإضراب؟ وهل نادي القضاة له صفة رسمية وشرعية كمثل النقابات إن كان هذا النادي يمثل نقابة فيندرج تحت سلطة اتّحاد النقابات؟

هيئةُ التفتيش القضائي ترى أن القضاءَ رسالةٌ وليس مِهنةً أَو وظيفة، ولهذا فلا يصح أن يكون القضاء محلاً للتقصير أَو التعطيل أَو الإضراب، فالقاضي عليه أداء رسالته القضائية مهما كانت الظروف والصعوبات والمعوقات، والمحاكم لا يمكن أن تغلق أبوابها على الإطلاق، فالقضاء ملجأ المظلوم، والمحكمة مقصد المكلوم، ولهذا لا يمكن إغلاقها أبداً، ومن هذا المنطلق كان موقف الهيئة وسيظل رافضاً لأي إضراب أَو إيقاف للعمل القضائي، ولا يكتفي موقف الهيئة عند مُجَـرّد الرفض، بل ويتعداه إلا اتِّخاذ الإجراءات الكفيلة بمنع وقوعه، أَو رفعه إذَا حدث، وهذا ما تم خلال الإضراب الأخير، حَيثُ كانت الهيئة السباقة إلى رفع الإضراب وكانت إجراءاتها ومتابعتها هي الحاسمة والحازمة في عودة القضاة إلى العمل، وبالنسبة لنادي القضاة فهيئة التفتيش القضائي لا يهمها أي تكوين أَو تجمع للقضاة، المهم أن يكون ذلك في إطار الشرع والقانون، وبما يخدم العدالة، والهيئة مع أية مطالب مشروعة للقضاة، وتعمل على توفيرها بالتنسيق مع الجهات المختصة، مع مراعاة الظروف الراهنة.

 

– إضاءتُكم حول التعاون الإيجابي من الوزارات والجهات الحكومية في العمل على تنفيذ الرؤية الوطنية.. برأيكم ماذا عن مدونة السلوك الوظيفي هل سوف تكون هي بمثابة دليل تقييم مؤسّسي يلبي آمال وتطلعات الشعب اليمني؟

سبق وأوضحنا أن الهيئةَ تتعاونُ وبشكلٍ إيجابي مع الجهات الحكومية، وذلك التعاون سواءً فيما يتعلق بالقضاء والعدالة بشكل خاص أَو ما يتعلق بتنفيذ الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة بشكلٍ عام، وبالنسبة لمدونة السلوك الوظيفي فَـإنَّها تعد إنجازاً كَبيراً، ولا شك أنها ستقود إلى تحسين كبير في الأداء المؤسّسي، ومن المؤكّـد أن القضاة كغيرهم ملتزمون بها، بل إن القضاة تفرض عليهم طبيعة عملهم مسؤوليات وقيوداً أكبر من غيرهم، لذلك فجميع دول العالم تضع مدونات للسلوك القضائي، والجمهورية اليمنية كغيرها من الدول لديها مدونة سلوك قضائي، وقد عملت الهيئة منذ أشهر على تحديث وتطوير تلك المدونة، وسيكون تحديثها على ضوء مدوَّنة السلوك الوظيفي، ولا شك أن مدونة السلوك القضائي لن تتعارض مع مدونة السلوك الوظيفي، بل ستتوافق معها، وستمثل المدونتان مجتمعتان معياراً ودليلاً للتقييم لدى السلطة القضائية، علماً أن الهيئة باشرت بتعميم مدونة السلوك الوظيفي على القضاة والموظفين العاملين، وتم أخذ التعهدات منهم بالعمل بموجبها، كما أن الهيئة كانت -من سابق- قد أعدت دليلاً للعمل فيها، وقد تضمن الدليل ضوابط العمل في الهيئة، ومن تلك الضوابط ما يتوافق مع ما ورد في مدونة السلوك الوظيفي، ومن تلك الضوابط: التقيد الصارم بالقوانين واللوائح النافذة، والانضباط الوظيفي وإنجاز الأعمال أولاً بأول، وأداء العمل بدقة وأمانة وإخلاص، والالتزام بالتجرد والموضوعية والحياد في العمل، والمحافظة على أسرار العمل والالتزام بالتحفظ، وتطوير المعارف والقدرات والكفاءات وتوظيفها في الارتقاء بأداء الهيئة، والالتزام بالنزاهة والشفافية، والالتزام بالتسلسل الإداري وتفعيل التعاون والتنسيق مع الجهات القضائية، والتقيد بالآداب الرفيعة والأخلاق العالية، وحُسن الهيئة والمظهر ورقي السلوك والتعامل، وتجنب الأعمال التي تضع الشخص في موضع الشبهة، وعدم إقامة علاقات شخصية مع مقدمي الشكاوى، واجتناب المباهاة وعدم استغلال العمل للحصول على منافع شخصية، وتعزيز ثقة المجتمع في نزاهة وأمانة العاملين في الهيئة والسلطة القضائية عُمُـومًا.

 

– لا شك أن ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر قد أسهمت بشكل فعال وهادف في تحقيق انتصارات وإنجازات للهيئة والسلطة القضائية بشكل كامل.. فهل بالإمْكَان ذكرها؟

لقد شكَّلت ثورة 21 سبتمبر منعطفاً هاماً وتاريخيًّا في حياة الوطن بشكلٍ عام، وكان لها الأثرُ الكبيرُ في شتى المجالات وفي جميع المؤسّسات، ولا شك أن السلطة القضائية تأثرت بهذه الثورة العظيمة، فرغم ما واجه الوطن من عدوان غاشم وحصار ظالم -عقب الثورة مباشرةً- إلا أن السلطة القضائية شهدت إنجازات وإضافات نوعية ومن أهمها تعزيز استقلال السلطة القضائية، فقد كانت السلطة القضائية قبل الحادي والعشرين من سبتمبر تعاني من التدخل في شئون القضاء، بل والتدمير الممنهج للسلطة القضائية كسلطة مستقلة تحمي الحقوق ولا تراقب في عملها سوى الله تعالى، وما زلنا إلى اليوم نعاني من آثار ذلك التدمير، ولكننا اليوم قد خطونا خطوات جيدة وملموسة في تعزيز استقلال السلطة القضائية، ومن أهم إنجازات ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر ارتفاع إنجاز القضايا بشكل ملموس، وَأَيْـضاً انطلاق الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة والتي شاركت السلطة القضائية في تنفيذها بقوة وفاعلية، وبالنسبة للهيئة فقد تم تفعيل عملها الرقابي بعد الثورة بشكل كبير من خلال تكثيف عمليات التفتيش الميداني، وما نود الإشارة إليه هنا أن الهيئة واجهت صعوبات وتحديات كبيرة في أداء مهامها جراء العدوان الغاشم إلا أنها تمكّنت من إدارة الأزمة التي سببها العدوان وحافظت على الدوام في المحاكم فلم تغلق المحاكم أبوابها حتى في أشد الظروف صعوبةً، وتمكّنت الهيئة -بفضل الله تعالى- من دارسة الأوضاع المحيطة بها ثم النهوض رويداً رويداً حتى وصلت إلى مرحلة حقّقت فيها إنجازات لم تكن تتحقّق حتى قبل العدوان خُصُوصاً بعد أن بدأت الهيئة في التخطيط المدروس ضمن فعاليات الرؤية الوطنية.

 

– قبل الختام، مضى ثلاثة أعوام على تعيينكم رئيساً لهيئة التفتيش القضائي، هل بالإمْكَان التوضيح ما الذي قدّمتموه للهيئة والسلطة القضائية بشكل عام خلال هذه الفترة سواء في جانب الإصلاح القضائي والإداري؟

ما أنا إلا جندي من جنود هذا الوطن، بذلت -وسأضل أبذل- قصارى جهدي في خدمته، ولا أريد هنا تقييم نفسي وأدائي، فغيري من يقيمني، وقبل ذلك كله لا أبتغي من عملي سوى رضا الله تعالى، وعلى كُـلّ حال وإجَابَة على سؤالكم أشير بإيجاز إلى أهم ما تم إنجازه خلال الأعوام الثلاثة الماضية والتي منها: تفعيل دور الهيئة في الارتقاء بالأداء القضائي من خلال تدشين التفتيش المفاجئ المُستمرّ الذي لم يتوقف خلال السنوات الثلاث الماضية وشمل جميع المحاكم الاستئنافية والابتدائية، ونتج عنه معالجة الكثير من الإشكاليات والمعوقات، وأهمها رفع إنجاز المحاكم للقضايا والتي كانت (63.623) قضية بنسبة (38%) والآن ارتفعت إلى (135.481) قضية -أي أكثر من الضعف- وبنسبة (56%)، ومن تلك القضايا التي تم إنجازها قضايا متعثرة مر عليها سنوات طويلة، وقد تم البت فيها خلال السنوات الثلاث الماضية، ويكفي أن نقول إنه بلغ عدد القضايا المتعثرة المرصودة حتى نهاية العام 1443هـ (25.557) قضية، وقد تم خلال النصف الأول من العام 1444هـ إنجاز (11.086) قضية متعثرة وبنسبة (43%)، هذا بالإضافة إلى تحريك التفتيش المُستمرّ وتقييم كفاءة المئات من القضاة، وكذا رفع الترشيحات للمجلس بتنقلات القضاة وبما من شأنه تعيين القاضي المناسب في المكان المناسب، وَأَيْـضاً معالجة شكاوى المواطنين والتي تجاوزت خلال السنوات الثلاث الماضية (5000) شكوى مقيَّدة، وأما جميع الشكاوى التي تم معالجتها فقد تجاوزت (8000) شكوى، بالإضافة إلى مساءلة القضاة المخالفين والرفع بالدعاوى التأديبية بحق العشرات منهم، ورفد المحاكم بالقضاة من خلال توزيع الدفع المتخرجة من المعهد العالي للقضاء أولاً بأول للعمل بالمحاكم، حَيثُ تم توزيع قضاة الدفعة (21) من خريجي المعهد العالي للقضاء وعددهم (89) قاضياً، والآن يتم توزيع قضاة الدفعة (22) للتدرب في المحاكم، فضلاً عن المشاركة والتدشين للعشرات من الدورات التدريبية سواءً للقضاة أَو الموظفين الإداريين، وتنفيذ الأنشطة الواردة في مصفوفة الرؤية الوطنية، وإعداد الإحصائيات القضائية الفصلية والسنوية، بالإضافة إلى إصدار لائحة هيئة التفتيش القضائي وبناءها التنظيمي ودليل عملها، وكذا إصدار التعاميم القضائية والتي تجاوزت (200) تعميم، وقد تم إصدار كتاب بتعاميم الهيئة الصادرة خلال الفترة من 1434هـ إلى 1443هـ، فضلاً عن إصدار الأدلة القضائية كدليل المفتش ودليل حركة الدعاوى والطعون، ودليل إجراءات قضايا الأمور المستعجلة، ودليل تصنيف الدعاوى، ودليل إجراءات التنفيذ، هذا بالإضافة إلى إنشاء دوائر وإدارات جديدة في الهيئة، ورفدها بالكوادر القضائية والإدارية الكفؤة، وإجراء التدوير الوظيفي لموظفي الهيئة، وتطوير بناءها الإداري والتقني المعلوماتي، وإنشاء موقع إلكتروني للهيئة، وأتمتة عمل الهيئة وتحديث الأنظمة والبرامج وتطوير الأجهزة والمعدات وإدخَال التقنية المعلوماتية في جميع أعمال الهيئة، وإعداد نظام إلكتروني حديث لقاعدة بيانات القضاة شمل أكثر من (1800) قاضٍ، وغير ذلك.

 

 

– ما هي خططُكم وترتيباتكم المستقبلية لفترة ما بعد العدوان؟

نحن نطمحُ للأفضل، فما قامت به الهيئة خلال السنوات القليلة الماضية هو إنجاز كبير، رغم العدوان الغاشم والحصار الظالم، وقد امتد تأثير الهيئة إلى سائر المحاكم، بدليل تضاعف الإنجاز، وارتقاء الأداء القضائي، وبالنسبة للخطط فالهيئة لا تعمل بدون تخطيط، فجميع أعمالها مدروسة، ولا تنفذ إلا وفق خطط مزمنة محدّدة الأهداف، فعلى سبيل المثال وفي مجال التفتيش الميداني -الذي هو أهمُّ أعمال الهيئة- لا يوجد تفتيشٌ دون خطط مدروسة وموضوعة له، سواءٌ أكان تفتيشاً دورياً لتقييم كفاءة القضاة أَو كان تفتيشاً مفاجئاً عاماً أَو تفتيشاً مفاجئاً مُستمرّاً، حَيثُ تقوم الهيئة بوضع الخطط التفتيشية أولاً ومن ثم يتم تنفيذها، وتلك الخطط تشمل أهداف التفتيش وآلية تنفيذها والمحاكم المستهدفة بالتفتيش وعدد لجان التفتيش وفترة تنفيذ المهام التفتيشية، وعادةً ما يتم عرض الخطط على مجلس القضاء الأعلى للموافقة عليها، وبعد إقرارها يتم تنفيذها ميدانيًّا ومن ثم الرفع بتقارير بنتائجها، ليتم بعد ذلك تنفيذ مخرجات التفتيش، ومن كُـلّ ذلك يتحقّق هدف التفتيش وثمرته في تقييم عمل القضاة وتقويم العمل في المحاكم والارتقاء بالأداء القضائي، أما عن خطط الهيئة المستقبلية فهي منبثقة من علم الهيئة بأهميّة التخطيط في حياة الفرد والمجتمع، وضرورة رسم رؤية مستقبلية لما يراد أن يكون عملاً ناجحاً، فلا يوجد نجاح بدون عمل، وليس هناك عمل ناجح بدون تخطيط، وهذا ما تدركه الهيئة جيِّدًا، ولهذا فهي تعمل على وضع الخطط التشغيلية السنوية التي تسير عليها، مراعيةً أن تكون خططها واضحة وطموحة، وفي ذات الوقت دقيقة وواقعية، وفي كُـلّ الأحوال فَـإنَّ خطط الهيئة تنبثق من هدفها الرئيسي المتمثل في الارتقاء بالأداء القضائي عن طريق تقييم القضاة وتقويم عمل المحاكم، ولتنفيذ هذا الهدف لا بدَّ أن ترتقيَ الهيئة بنفسها أولاً عن طريق تطوير كادرها البشري وإمْكَانياتها المادية والتقنية والمعلوماتية، ومن ثم تنطلق نحو الميدان للارتقاء بالأداء القضائي عن طريق العمل على رفد المحاكم بالقضاة وتدريبهم وتأهيلهم، ثم مراقبتهم وتقييم أدائهم وتقويمه، وبما يرفع الإنجاز ويجوّده، ويحد من تعثر القضايا، ومن التطويل في إجراءات التقاضي، وُصُـولاً إلى تحقيق العدالة القريبة الناجزة، بواسطة قضاء كفء نزيه يكون محل ثقة المجتمع وملجأهم، وتحت قضاء عادل سيسود -بلا شك- الأمن والاستقرار والرخاء بإذن الله تعالى.

 

– كلمة أخيرة

أشكركم على إتاحة الفرصة لنا لتوضيح دور الهيئة وإنجازاتها والإجَابَة على التساؤلات التي يثيرها الإعلاميون وغيرهم من المواطنين عن السلطة القضائية عُمُـومًا وهيئة التفتيش خُصُوصاً، سائلين اللهَ تعالى النصرَ والعزةَ لوطننا الحبيب والتمكين للرجال الشرفاء فيه، مع خالص تمنياتنا بالتوفيق والسداد لنا ولكم ولكل قاضٍ نزيه كُفءٍ يحملُ رسالةَ العدالة ويسعى إلى إقامة الحق.. واللهُ وليُّ الهداية والتوفيق.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com