الزهراءُ سيدة نساء الأولى والأُخرى.. لماذا؟..بقلم/ منير الشامي

 

ضرب الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز أمثلة راقية في كتابه الكريم وعرض لها نماذج عظيمة في كمال الإيمَـان بالله وزكاء النفس وطهارة القلب وقوة الارتباط بالله وعظمة الثقة به وصدق التوكل عليه وحسن التعبد له وسرعة التلبية لأمره والامتثال لإرادته، من أولاهن السيدة آسية امرأة فرعون وحتى آخرهن سيدة نساء الدنيا والآخرة السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وعليها وعلى بعلها وبنيها، فلماذا نالت هذا الشرف وحظيت بهذا الاصطفاء من الله تعالى؟

لقد ختم الله بها الكاملات من النساء وجعلها سبحانه وتعالى المثال الحي والنموذج الأكمل والأمثل والأجمل لبناء المرأة المؤمنة، لحكمة عظيمة لله تبارك وتعالى تمثلت بوضع المنهجية المتكاملة لإعداد وتنشئة المؤمنات.

ولا مبالغة إن قلنا أن السيدة فاطمة الزهراء -صلوات الله عليها- كانت وما تزال وستظل ذلك النموذج الكامل في التاريخ البشري لكل نساء الأرض وقول هذه الحقيقة إنما يأتي من باب الإنصاف لا من باب المبالغة والإسراف، فشخصيتها الشريفة جمعت كُـلّ خصائص ومناقب النساء اللاتي ضرب الله بهن الأمثال للمرأة المؤمنة في كتابه الكريم فاجتمع في شخصيتها قوة إيمَـان آسية وتَعبدْ مريم وعفتها وطاعتها لله وحسن توكلها وثقة أم موسى وتضحيتها وأخذت كُـلّ مناقب والدتها وفوق ذلك كله هي بضعة أبيها وهو أشرف خلق الله وأعلاهم قدراً وأرفعهم منزلةً وأعظمهم شأناً فهي مثله، لأَنَّ البعض من الشيء ككله، إضافةً إلى ذلك فَـإنَّها -عليها السلام- وقفت كُـلّ مواقف أبيها رسول الله -صلوات الله عليه وعليها وعلى آله- وتحَرّكت بحركته منذ نعومة أظافرها وحتى لحاقه بالرفيق الأعلى وكانت له نعم السند ونعم المؤازر ونعم المهتم به وبخدمته لدرجة أن لقبت بأم أبيها من عظمة اهتمامها به ورعايتها لشؤونه، وهي كوثره الفياض وولده وأم ولده وينبوع ذريته ومنها امتد حسبه إلى يوم القيامة وتناقل نسبه عبر الأجيال المتعاقبة إلى يوم البعث والندامة، وهي زوج الوصي الكامل الإيمَـان والصادق اللسان والضارب خراطيم الكفر حتى آمنوا بالرحمن وأم الأئمة الأطهار إعلام الهدى ومصابيح الدجى وقرناء القرآن الذين لن يفترقون عنه حتى يردوا على حوض أبيها رسول الله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ-.

لقد جعلها الله المثل الحي والقُدوة المضيئة لنساء العالمين بعلمها وبيانها، بتقواها وإيمَـانها، بثباتها وجهادها، بطاعتها وعبادتها، بتبتلها لربها وبرها لأبيها، وحسن تبعلها لزوجها، وتربيتها لأولادها، بأخلاقها القرآنية وسجاياها الإيمَـانية، وبتعاملها وإحسانها، وصبرها وزهدها، وبجهادها وتضحياتها.

فإذا ما نهلت نساء الأرض من معينها العذب، وتأسياً بسيرتها العطرة، واقتدين بسلوكها الطاهر وعفافها القدسي وعبادتها القويمة، وتربيتها السليمة، وبرها وورعها، وجودها وكرمها، وفي تدبير أمور بيتها وشؤونها فقد أدركن الخير كله وأصبنا الفضل جله، ولبسن محاسن الدنيا ومناقب الآخرة، وتحولن إلى صناع مهرة للإنسانية ولرجال الاستخلاف في الأرض، لأَنَّهن حينها سيبنين أجيالاً لا تضل، وأمماً لا تزل، يكسوها الإيمَـان، ويفر من دروبها الشيطان، وستتحقّق حكمة الله من خلق الإنسان، وسيُعبد في الأرض كما يعبد في السماء فتحل البركات وتفيض النعم ويرفع البلاء ويزول الشقاء، ويسعد الإنسان في الدنيا ويفوز بنعيم الآخرة.

ولهذه النتيجة وتلك الأسباب استحقت السيدة فاطمة الزهراء أن تكون سيدة نساء الدنيا والآخرة.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com