مستشارُ المجلس السياسي الأعلى الشيخ محمد حسين المقدشي في حوارٍ لصحيفة “المسيرة”: اليمن اليوم بات على مشارف النصر المبين وقواتنا المسلحة قادرة للوصول إلى أهدافٍ نوعية وحسَّاسة

 

المسيرة – حاوره محمد المنصور

دعا مستشار المجلس السياسي الأعلى الشيخ محمد حسين المقدشي، الشعب اليمني للاستمرار في رفد الجبهات بالرجال وقوافل الدعم حتى تحقيق النصر المبين ضد تحالف العدوان الأمريكي السعوديّ.

وأكّـد الشيخُ المقدشي في حوارٍ خاصٍّ لصحيفة “المسيرة” أن اليمن اليوم بات على مشارف النصر المبين، وفي مستوى عالٍ من الجاهزية والترقب والاستعداد لأية حماقات قد تلجأ إليها قوى العدوان، في وقتٍ يمد يده للسلام المشرف الذي يضمن حقه في الأمن والاستقرار والتخلص من الوصاية.

وتطرق الشيخ المقدشي إلى جملةٍ من المواضيع نستعرضها في الحوار التالي:

إلى نص الحوار:

 

– بدايةً شيخ محمد.. مضى ما يقارب ثماني سنوات من العدوان والحصار الأمريكي السعوديّ على الشعب اليمني.. ما تفسيركم لمراوغة الأعداء وإصرارهم على الاستمرار في الحرب وعدم الاستفادة من الهُــدنة؟

بالنسبة للهُــدنة التي يتحدثون عنها لم تنفذ بنودها، ولم يفِ تحالُفُ العدوان بالالتزامات، وانتهت قبل أن تبدأ؛ كون تحالف العدوان استمر في خرق بنودها، وواصل جرائمه وغاراته وحصاره، واستمر في إعاقة دخول المشتقات النفطية، وتكريس معاناة شعبنا.. تلك الهُــدنة لم تكن سوى محطة حاول العدوان استغلالها لمحاولة إعادة ترتيب أوراقه وسرقة الانتصارات التي حقّقها شعبنا والسعي من خلالها لوضع شعبنا في حالة اللا حرب واللا سلم في محاولةٍ من قوى العدوان لإطالة أمد عدوانه والتوسع أكثر في إنشاء قواعده العسكرية في المناطق المحتلّة والمياه الإقليمية والاستمرار في نهب الثروات وتكريس المزيد من المعاناة.

لكن ومهما استمرت دول العدوان في مراوغتها لن يقف شعبنا مكتوف الأيدي، ولن يسمح بالبقاء في هذه الحالة، وَشعبنا اليوم قادر على التحَرّك وحسم المعركة والوصول إلى الأهداف التي لم تكن دول العدوان تتوقعها، فشعبنا بعد الهُــدنة ليس كما كان قبلها، وتحالف العدوان يعرف هذا جيِّدًا مهما حشد وكثّـف من قدراته الدفاعية، ومهما حاول حشد كُـلّ قدراته السياسية والاقتصادية والإعلامية لن يستطيع عمل شيء أمام شعبنا الذي بات اليوم يمتلك قدرات عسكرية نوعية قادرة على الحسم.

وما أود قوله هنا إنه ومنذ البداية وحقيقة العدوّ السعوديّ الإماراتي تتكشف كُـلّ يوم وتتضح بأن قياداته مُجَـرّد دمى وأدوات رخيصة بيد العدوّ الصهيوني والأمريكي، والتي تقف اليوم عاجزة عن اتِّخاذ قرار حقيقي بوقف العدوان على شعبنا رغم ما منيت به من خسائر طيلة ثمان سنوات، والعالم يعرف ذلك جيِّدًا بأن قرار الحرب الذي اتخذ من واشنطن لن يتوقف بقرار من الرياض، أَو من أبوظبي قبل أن يأخذوا الإذن والموافقة من أسيادهم التي تستخدمهم كقفازات ترتكب من خلالها الجرائم بحق شعبنا، ومهما تعمد العدوان في إطالة أمد الحرب والحصار فَـإنَّ أيادي أبطال قواتنا المسلحة على الزناد في انتظار التوجيهات لحسم المعركة في الوقت الذي لا تزال فيه أيادينا ممدودة للسلام المشرف الذي لا ينتقص من حق شعبنا.

ويبدو أن دول العدوان التي باتت لا تمتلك قرارات تحديد مصيرها ستظل تكابر وتعاند وتتجاهل التحذيرات التي أطلقتها القيادة اليمنية، ولن يعود لها رشدها إلَّا بعد أن ترى الصواريخ والمسيَّرات اليمنية تدك أهم مواقعها الحساسة، وتصل الأهداف التي لم تكن يوماً تتصورها.

 

– برأيكم، ما تداعيات فشل الهُــدنة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي؟

في حال استمرار العدوان في ممارساته ومحاولته وضع اليمن في حالة اللا سلم واللا حرب لن يتوقف شعبنا عند هذه الحالة، وأمامه عدة خيارات وسوف يبادر في المضي نحو خطوات حاسمة سيكون لها تداعياتها على المستوى المحلي وعلى مستوى المنطقة بشكلٍ عام، وبالتأكيد أن دول العدوان تعي بأن الهُــدنة بالنسبة لشعبنا لم تكن سوى استراحة محارب، وبالتأكيد بأن القادم سيكون أشد إيلاماً ووجعاً مما مضى، فشعبنا اليمني لم يعد لديه ما يخسره بعد أن دمّـر العدوان كافة مقدراته وارتكب المجازر، وشرد الآلاف، والأحرى بقيادات دول العدوان أن لا تطيل اختبارها لصبر شعبنا، وعليها اليوم أن تتغلب على نزعات التعالي والكبرياء وتسارع إلى تنفيذ شروط القيادة في صنعاء قبل فوات الأوان.

 

– جاء العدوان تحت مبرّرات كثيرة منها إعادة ما يسمى “بالشرعية” ومحاربة المد الإيراني.. لقد سقطت هذه المبرّرات بالتأكيد لكن ما هو الهدف الرئيس لهذا العدوان؟ وما أبرز العوامل التي عززت من صمود الشعب اليمني في مواجهة العدوان خلال ثماني سنوات مضت؟

في الحقيقة أن العدوان لم يأتِ لمحاربة المد الإيراني كما يدعي، أَو لاستعادة الشرعية المزعومة لكنه كان مرتباً له منذ سنوات وكانت دول العدوان في انتظار لحظة الصفر وتتحين الفرصة لاحتلال البلاد في السيطرة على قراره السياسي واحتلال ممراته البحرية وجزره وموانئه ومسخ هُــوِيَّة اليمنيين ونهب ثرواتهم وخيراتهم وجعل اليمن تحت الوصاية والتبعية، ففي الأشهر الأولى للعدوان كانت المبرّرات التي يطلقها العدوان عبر ترسانته الإعلامية تنطلي لدى البعض، لكنها سرعان ما بدأت تنكشف وبدأت الحقائق واضحة للعيان في حقيقة ذلك العدوان الذي بدأ باستهداف البنى التحتية والمؤسّسة العسكرية، وبدأ في احتلال الأرض وبناء ثكنات عسكرية وقواعد وبدأ في نهب الثروات وبناء السجون ومصادرة حقوق المجتمع والتعامل معهم بطرقٍ تنتقص من إنسانيتهم وتسلب حرياتهم من خلال الزج بهم إلى السجون والتعامل معهم بدونية وحرمانهم من حقوقهم وتقييد تحَرّكاتهم، ورغم كُـلّ المغريات والأموال التي تضخ وحجم العملات التي طبعت لشراء الذمم، وأمام كُـلّ ذلك فشل العدوان في تحقيق هدفه رغم الغارات المكثّـفة، وَما حشده من مرتزِقة من مختلف بقاع العالم، ولعل العامل الإيمَـاني وحُسن تعامل القيادة والتفاف الشعب خلف الجيش واللجان الشعبيّة أسهم في إسقاط المؤامرة والصمود في مواجهة قوى العدوان ومرتزِقتهم، ولعل من أهم عوامل تعزيز صمود وثبات شعبنا في مواجهة العدوان تعزيز الهُــوِيَّة الإيمَـانية ونشر الثقافة القرآنية وَثقافة الشهادة والاستشهاد وتماسك الجبهة الداخلية ومستوى كفاءة القيادة وحكمتها وصبرها وصمود الأبطال في جبهات العزة والبطولة ووقوف الشعب إلى جانبهم ورفدهم بالأبطال وقوافل الدعم والتوجّـه نحو تطوير القدرات الدفاعية وتأهيل وبناء قدرات الكوادر الوطنية، ولعل أبرز عوامل الصمود والنصر توفيق الله عز وجل وإيمَـان شعبنا بعدالة قضيته ومظلوميته في ظل تكالب عدوان عالمي اجتمعت فيه مختلف قوى الشر في العالم.

 

– كيف تقرؤون الرسائل التي قدمتها العروض العسكرية والأمنية لمنتسبي الجيش والأمن مؤخّراً، وما أهم المكاسب التي حقّقتها صنعاء خلال السنوات الماضية على الصعيد العسكري والأمني، وَما سر تنامي القدرات العسكرية اليمنية على الرغم من مرور ثماني سنوات من العدوان والحصار؟

تماسُكُ الشعب اليمني وتسلحه بهُــوِيَّته الإيمانية وعقيدته وثقافته القرآنية ووقوفه خلف قيادته الثورية والسياسية وإلى جانب أبطال الجيش واللجان الشعبيّة في جبهات العزة والبطولة عزز من عوامل الصمود والثبات وشجع القيادة على التوجّـه نحو تعزيز القدرات الدفاعية وامتلاك وسائل الردع والتوجّـه نحو الصناعات العسكرية في ظل الحصار الذي يفرضه تحالف العدوان، وأمام تلك الغطرسة والمحاولات المستميتة من قبل تحالف العدوان في تركيع الشعب اليمني وفرض أجنداته والاستمرار في الوصاية عليه، ونهب ثرواته أثبت شعبنا من خلال قواته المسلحة أنه ورغم إمْكَانياته ورغم الحصار قادر على المقاومة والدفاع والانتصار، فشعبنا يدافع مِن أجل حق، ومن أجل الدين والعزة والكرامة والانتصار للأرض والعرض، وَتلك العوامل كانت كافية لأن ينهض شعبنا من بين ركام القصف متغلباً على كُـلّ الجراح، متسلحاً بالثقافة القرآنية ماضياً بخطى ثابتة ومدروسة نحو إعادة لملمة الصفوف، وتأهيل الكوادر والخبرات الوطنية للمضي في صناعة الأسلحة الخفيفة وذخائرها، وُصُـولاً إلى المنظومات الصاروخية والطيران المسيَّر عالية الدقة وغيرها من الجوانب التي لم يكشف عنها الستار بعد، ولعل العروض العسكرية المهيبة التي شهدتها عدد من المناطق العسكرية تعكس مستوى الجاهزية العالية والمستوى المتقدم الذي وصلت إليه القوات المسلحة اليمنية في الآونة الأخيرة، ويعرف العدوان بأن دقة إصابة الأهداف المعادية التي أثبتتها القوات المسلحة اليمنية أمر تعرفه قوى العدوان والشواهد على ذلك كثيرة، وَإذَا أرادت دول العدوان التحقّق مجدّدًا من كفاءة وقدرات وسائل الردع اليمنية فقواتنا المسلحة على مستوى عالٍ من الجاهزية ولن تعود على دول العدوان تكرار تلك المغامرات إلَّا بالدمار والمزيد من الانكسارات والانهيارات بفعل الضربات المزلزلة للقوات المسلحة اليمنية.

 

– كيف تقرؤون المشهد السياسي والعسكري القادم في اليمن ولا سيَّما بعد العروض العسكرية الأخيرة التي عكست المستوى المتطور الذي وصل إليه الجيش اليمني وقدراته في حماية السيادة اليمنية.. ما هي الرسالة التي جسدتها هذه العروض؟

العروضُ العسكرية للقوات المسلحة والأمن تعكس مستوى التطور الكبير الذي شهدته المؤسّستين العسكرية والأمنية من تطورات نوعية في جوانب التصنيع العسكري، وامتلاك أسلحة ردع قادرة على الوصول إلى أبعد مواقع العدوان، والمشهد السياسي بعد التطور الذي شهدته المؤسّسة العسكرية يؤكّـد بما لا يدع مجالاً للشك قوة الردع التي وصلت إليها المؤسّسة الدفاعية اليمنية والتي باتت قادرة على حسم المعركة والوصول إلى أهداف نوعية وحساسة، والرسالة التي بعثتها تلك العروض تؤكّـد أن القوات المسلحة اليمنية باتت تمتلك وسائل الردع الموازية القادرة على حماية الأرض والانتصار للسيادة والكرامة.

 

– كيف تقيمون الأوضاع في المحافظات المحتلّة مع احتدام صراع الأجنحة المتحالفة مع الإمارات من جهة والسعوديّة وحكومة المرتزِقة من جهةٍ أُخرى.. وما مدى خطورة ذلك على النسيج الاجتماعي والسلم المجتمعي كونها تدفعُ نحو تمزيق الوطن؟

السواد الأعظم من أبناء شعبنا في المحافظات المحتلّة اتضحت لديهم المؤامرات والدسائس التي يحيكها العدوان وتكشفت لديهم حقيقة أطماع العدوان، وبات الغالبية منهم في منأى عن تلك الصراعات خَاصَّةً أُولئك الذين لم يتورطوا باستلام الأموال المدنسة المقدمة من قبل قوى العدوان، واليوم تمحور الصراع بين ذوى المصالح من قيادات قوى العمالة والارتزاق الذين بدورهم يحركون بالأموال الأبرياء وخَاصَّةً الشباب خدعوا وانساقوا خلف تلك القيادات وتورطوا في سلسلة من الأعمال الجنائية، والأخطاء، ولعل غياب الثقافة الإيمَـانية والبعد عن تعاليم دين الله وغياب المشروع القرآني في تلك المناطق أحد الأسباب الناجمة عن انخراط البعض خلف تلك المشاريع الصغيرة التي سيكون لها آثارها الكارثية على النسيج المجتمعي مخلفةً الأحقاد والضغائن والصراعات التي ليس بالسهولة معالجة الآثار على المدى القريب، وهو الهدف الذي تسعى إليه قوى العدوان التي تعمل على تنفيذ مشروع تفتيت وشرذمة المجتمعات وجعلها تعيش على صفيحٍ ساخن في صراعاتٍ دائمة تسهل تمرير مخطّطات الهيمنة والوصاية ونهب الثروات.

والمتابع للأوضاع التي تعيشها المحافظات الواقعة تحت سلطة العدوان والاحتلال يعرف جيِّدًا مستوى الانفلات الأمني، وأعمال السطو والنهب التي تتم، والأوضاع الاقتصادية المزرية التي يعيشها أبناء تلك المحافظات والذين يتوقون حَـاليًّا ويتطلعون أن تمتد إليهم أيادي صنعاء لتنتشلهم من الأوضاع المزرية التي يعيشونها خَاصَّةً بعد أن وصل سعر صرف الدولار في تلك المناطق إلى 1298 ريالاً بزيادة بنسبة (230 %) عما هو عليه في المحافظات المحرّرة الواقعة تحت سلطة المجلس السياسي الأعلى والتي تعاني حصاراً وعدواناً منذ ثماني سنوات، الأمر الذي جعل أبناء المحافظات المحتلّة يعيشون أوضاعاً معيشية صعبة في الوقت الذي يحرمهم العدوان من العيش الكريم رغم ما يمارسه من نهبٍ واستحواذ على الثروات.

 

– ما تعليقكم على دور مجلس الأمن تجاه العدوان وجرائمه في بلادنا والتهرب من مسؤوليته في اتِّخاذ الخطوات اللازمة لإنهاء العدوان؟

مجلس الأمن، والأمم المتحدة والمجتمع الدولي بشكلٍ عام لم يكونوا إلَّا أدَاة من أدوات العدوان منذ اليوم الأول من العدوان على اليمن، وقد تكشف الحقائق أن مجلس الأمن والأمم المتحدة ما هي إلَّا مُجَـرّد أدوات بيد قوى الاستكبار العالمي تعمل بشكلٍ مباشر على شرعنة وتبرير العدوان على الشعوب والسطو على ثرواتها والانحياز الواضح مع الطرف الآخر وتجاهل الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يعيشها الشعب اليمني منذ ثماني سنوات، ويعمل مجلس الأمن والأمم المتحدة والمجتمع الدولي على الاستمرار في الوضع الحالي الذي يعيشه الشعب اليمني في محاولة لتمديد هُــدنة تكريس حالة اللا حرب واللا سلم، وهنا لا يجب السير في أية هُــدنة لا تلتزم من خلالها دول العدوان بوقف العدوان ورفع الحصار، وإخراج القوات الأجنبية من الأراضي اليمنية وتعويض الضرر، والكف عن نهب الثروات، والتخفيف من معاناة الشعب اليمني؛ باعتبار أن تلك المطالب حقوق مشروعة لأبناء الشعب وليست منة أَو هبة من قوى العدوان والاحتلال ولا يمكن إغفالها مهما كانت الضغوط.

 

– برأيكم شيخ محمد.. ما خطورة الدور الذي تلعبه أمريكا ودول العدوان في هذه المرحلة؟

منذ اليوم الأول للعدوان ظهر جليًّا الدور الأمريكي في العدوان على شعبنا، وبات واضحًا الأطماع الأمريكية والمخطّطات الصهيونية، وهذا الأمر يعرفه الجميع والمؤامرات التي تحاك ضد شعبنا واضحة للعيان في الوصاية والهيمنة عليه ونهب ثرواته والسيطرة على الجزر والموانئ وممراته البحرية، والمخطّط الأمريكي الصهيوني لا يقتصر على اليمن بل يمتد ليشمل دول المنطقة بما فيها دول العدوان التي سوف تكتوي في الغد القريب بنفس المخطّط الذي تنفذه اليوم في اليمن وعدد من دول المنطقة.

ولعل الدور الذي تلعبه أمريكا يؤسس لمرحلة صراع بين القوى العظمى التي تسعى جميعها لفرض هيمنتها على دول العالم وخَاصَّةً دول الشرق الأوسط التي تعد منبع الطاقة وذات الموقع الاستراتيجي الهام الذي يربط بين الشرق والغرب ويشرف على ممرات ملاحية هامة ويظل محل أطماع القوى الاستعمارية التي تستغل مرحلة الضعف والهوان التي وصل إليها حال شعوب المنطقة من صراعات، وأطماع؛ بسَببِ البعد عن دين الله والسير خلف مشاريع العدوّ الصهيوأمريكي الذي يعد العدة للنيل من دين الله والسطو على ثروات الأُمَّــة وتفتيتها والنيل من كرامتها.

 

– بصفتكم مستشار رئيس المجلس السياسي الأعلى.. ما تقييمكم لمستوى التفاعل والتنفيذ لمشروع الرؤية الوطنية الذي جسده شعار الرئيس الشهيد صالح الصماد “يد تحمي ويد تبني”.. وما تعليقكم على مدونة السلوك الوظيفي، وما أبرز احتياجات البناء المؤسّسي والارتقاء به في الوقت الراهن؟

مشروعُ الرئيس الشهيد الصماد “يد تحمي ويد تبني” ينفذ حَـاليًّا في معظم مؤسّسات الدولة رغم الإمْكَانيات المتواضعة؛ بسَببِ استمرار العدوان والحصار، والشواهد كثيرة منها ما هو على سبيل المثال عملية التصنيع العسكري والأنشطة التي تنفذ في كثير من الجوانب الصناعية والاقتصادية والزراعية والتعليمية والتنمية بشكلٍ عام، والأمر يحتاج إلى تضافر الجهود والمضي بخطواتٍ مدروسة للوصول إلى الأهداف المنشودة ويجب أن تتحول الخطط التي وضعت في هذا الجانب إلى برامج عمل ميدانية تنفذ على مستوى المحافظات والمديريات والعمل على استغلال طاقات المجتمع وإمْكَانياته لتبني المبادرات المجتمعية وتعزيز ثقة المجتمع بقدرات مؤسّسات الدولة على الوصول نحو التنمية الشاملة وبناء الإنسان.

وبالنسبة لمدونة السلوك الوظيفي فهي تعد إحدى خطوات الإصلاح المؤسّسي وذات دور بارز في صنع تحول نوعي في منظومة الأداء الإداري، وذات أثر ملموس في تطور الخدمات التي تقدمها أية مؤسّسة، وبصورةٍ تتلاءم مع استراتيجية العمل، وبناء ثقافة تنظيمية مؤسّسية مبنية على مبادئ وقيم جوهرية ترتقي بالتعاملات والممارسات في القطاع الحكومي، ويمثل أحد الخيارات لاستراتيجية للارتقاء بمستوى العمل المؤسّسي والنهوض بمستوى الخدمات.

ويتطلب من منتسبي القطاع الإداري الامتثال لمدونة السلوك والعمل بها نصاً وروحاً لضبط وتنظيم قواعد السلوك الوظيفي وأخلاقيات العمل المبنية على حُسن الخُلق وَالاحترام والصدق والأمانة والشفافية والالتزام بالقوانين والتشريعات واللوائح المنظمة للعمل.

 

– كيف تصفون مرحلة ما قبل ثورة 21 سبتمبر، وما الذي تحقّق من أهداف الثورة بعد مرور 8 سنوات من العدوان؟

ثورة 21 سبتمبر مثلت نهاية مشاريع الوصاية الأجنبية التي ظل الوطن يعانيها منذ عقود وكان القرار السياسي خلال تلك المراحل مختطفاً، ويدار عبر السفراء وممثلي الدول العشر، وتتحكم السعوديّة عبر سفيرها ولجنتها الخَاصَّة بجميع شؤون اليمن، وذلك لا يخفى على أحد، وشهدت اليمن عقب 2011م المزيد من الوصاية ومحاولة وَإعاقة المشروع الوطني الثوري الذي انطلق في تلك الفترة وسعت قوى الفساد، وأدوات العمالة إلى تمريد مشاريع الفوضى وتكريس المزيد من الوصاية على القرار اليمني، والسعي لتنفيذ مخطّطات لتقسيم اليمن والاستحواذ على مقدراته، وشهد الوطن قبل ثورة 21 سبتمبر مرحلة من الانفلات الأمني عبارة عن سلسلة من الاغتيالات والتفجيرات وبدأت القاعدة تتحَرّك بشكلٍ علني وتسلمت أسلحة المعسكرات وسيطرت على عدد من المحافظات حتى جاءت ثورة 21 سبتمبر لتنتشل الوطن من أيادي العابثين والقوى المنتفعة، وبدأت أول خطواتها بالقضاء على بؤر الإرهاب والتطرف التي ظلت تعبث بأمن اليمن وتنفذ مشاريع تديرها الاستخبارات الأمريكية والصهيونية، الأمر الذي قض مضاجع قوى العدوان التي سارعت لمحاولة إنقاذ مشاريعها وعملائها وشنت عدوانها على اليمن في مارس 2015م في محاولةٍ للالتفاف على الثورة وإفشالها، لكن صمود وثبات شعبنا حال دون تحقيق أهدافها.

واليوم وفي ظل الثورة المباركة نعيش مرحلة من الاستقلال والسيادة والتطوير والتصنيع وبناء قدرات المؤسّسة العسكرية والأمنية والتحول نحو النهوض بالقطاع الزراعي والاقتصادي والتنموي على الرغم أن ما يزال شعبنا يعيش في ظل العدوان والحصار، إلَّا أننا تمكّنا بفضل الله وبفضل صمود وتضحيات الأبطال وحكمة وحنكة قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، من تحقيق تحولات كبرى في المشهد السياسي اليمني وانعكاساته على المستويين الإقليمي والدولي، واتجهت جهود شعبنا نحو الاعتماد على الذات والتحول نحو بناء الدولة، وتعزيز معركة الدفاع عن الوطن.

 

– قائد الثورة في كثيرٍ من خطاباته يوجه بالاهتمام بالقطاع الزراعي؛ باعتباره قطاعاً هاماً وحيوياً.. هل تعتقدون أن ما أنجز خلال مراحل الثورة الزراعية كافٍ لتحقيق الاكتفاء الذاتي؟

قائدُ الثورة -يحفظه الله- يرى برؤية بعيدة وواعية لمتطلبات المرحلة والمستقبل وحجم المؤامرات التي تحاك ضد شعبنا وضد الأُمَّــة بشكلٍ عام، ويؤكّـد دوماً بأن من أهم خطوات التخلص من الوصاية واستقلالية القرار والأمن الغذائي والقومي هو الاعتماد على النفس وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء، وبلادنا والحمد لله من المناطق الزراعية التي تمتاز بتنوع المناخ الزراعي وتتناسب لزراعة مختلف المحاصيل الغذائية، والخطوات التي اتخذت تعد ترجمة لتوجيهات قائد الثورة في تحقيق التنمية الزراعية، وهي تسير ببطء، ويجب أن تتسارع الخطوات وتتضافر الجهود لتحقيق التوسع الزراعي، وُصُـولاً إلى تقليص الفجوة الغذائية وتقليل من كلفة فاتورة الشراء من الخارج بالعملة الصعبة، وهذا غير مستحيل في ظل توجيهات ودعم القيادة لهذا القطاع الهام الذي يعد أحد عوامل الاستقرار الاقتصادي والسياسي، ومحافظة ذمار من المحافظات الزراعية الهامة التي تعد سلة غذاء اليمن وتمتاز بقيعانها الزراعية الصالحة لزراعة أهم المحاصيل الزراعية النقدية، وهناك خطوات تبذل في هذا الإطار وإن شاء الله بالجد وتضافر الجهود وتنمية الوعي في أوساط المجتمع سوف يتمكّن شعبنا من النهوض بالواقع الزراعي، وسوف نصل إلى مرحلة الاكتفاء والتصدير، ولا بُـدَّ هنا أن يتجه الجميع لإعادة لاستصلاح الأراضي الزراعية بما فيها المدرجات والتوجّـه نحو استخدام الدقيق المركب ومنع استيراد المنتجات الزراعية المتوفرة في الوطن بما فيها الفواكه والتوجّـه الجاد نحو دعم المزارعين وتشجيع عملية التسويق وإنشاء المخازن ومصانع التعبئة والتبريد.

 

– قائد الثورة شدّد على أهميّة تحصين الجبهة الداخلية وتفعيل ميثاق الشرف القبلي.. ما تأثير الولاء السياسيّ للأحزاب على ميثاق الشرف القبلي.. وما مستوى تفاعل قبائل ذمار في ذلك؟

خلال الآونة الأخيرة ذابت أنشطة معظم الأحزاب السياسية فيما هو أهم، واتجهت معظم القوى السياسية الوطنية والمكونات لدعم المشروع التحرّري ومقاومة العدوان.. ولطالما وأن هناك قضية محورية تؤرق الجميع فَـإنَّ المشاريع الصغيرة تذوب وتضمحل في إطار مشروع وطني جامع، وهذا ما يتضح؛ كون معظم القوى أيقنت بأن المرحلة لم تعد تستدعي الأحزاب والمكونات السياسية، وأن الوطن هو الحزب الكبير الذي يجب أن تكرس كُـلّ الجهود لحمايته والدفاع عنه وتخليصه من الوصاية والتبعية، وكان لوثيقة الشرف القبلية دورها في الإسهام في لملمة الصفوف وتوحيد الجبهة الداخلية وتحصينها في مواجهة العدوان وتحديد بأن عدونا هو عدو واحد هو من يمارس قصفه وحصاره على شعبنا منذ ما يقارب تسع سنوات، وقبائل ذمار كما هو معروف عنها أنها من أكثر القبائل اليمنية مبادرةً ودعماً لمعركة استعادة السيادة، وقدمت قوافل من الشهداء، إضافةً إلى أن أبناء ذمار كانوا قد هبوا منذ اللحظات الأولى للعدوان للمشاركة في إسناد دور الأبطال وتعزيز الصمود والثبات في مواجهة العدوان، وما زالوا إلى اليوم في مقدمة الصفوف متصدرين المحافظات الأُخرى تواجداً وثباتاً واستبسالاً في مواجهة العدوان وتقديم قوافل من الشهداء.

 

– لمسنا بعد ثورة 21 سبتمبر جهوداً كبيرة من قبل القيادة السياسية لحل قضايا الثأر بين القبائل اليمنية.. ما مستوى الوعي القبلي من مخاطر قضايا الثأر في الوقت الراهن، وما هو الذي تحقّق مؤخّراً في هذا الجانب؟

خلال المرحلة الأخيرة برز الوعي القبلي جليًّا من خلال التوجّـه نحو تسهيل حلحلة القضايا العالقة من قضايا الثأر والصراعات منها ما كان عالقاً لفترة تصل لنصف قرن، لكن بفضل الله وترجمة لدعوات وتوجيهات السيد القائد استطعنا طي ملف الكثير من القضايا العالقة، ونتذكر هنا بأن السيد القائد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي، أشرف بنفسه خلال العام 2012م على حَـلّ إحدى القضايا العالقة في إطار محافظة ذمار بين بيت الوشلي وبيت السليماني، وكان لتوجيهاته ومتابعته ورعايته الكريمة الدور الكبير في تحريك هذا الملف والإسهام في حلحلة كثير من القضايا التي كانت تمثل تهديداً للأمن والسكينة العامة، بعد أن راح ضحيتها العشرات، والحمد لله شهدت محافظة ذمار مطلع شهر يناير حَـلّ العديد من القضايا الهامة، والحمد لله كانت قبائل عنس في طليعة القبائل المبادرة إلى حَـلّ الكثير من القضايا بإشراف عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي، ولا ننسى بأن للقبيلة اليمنية دورها الفاعل والهام في تعزيز عوامل الصمود والثبات في مواجهة العدوان من خلال رفد الجبهات بالمقاتلين وتسيير قوافل الدعم والإسناد، ومثَّل وقوف القبائل خلف الأبطال في الجبهات أهم عوامل الصمود والثبات، في الوقت الذي فشل فيه العدوان من خلال محاولاته المستميتة في زعزعة الجبهة الداخلية ومحاولة لخلق صراعات جديدة، وَإعادة الصراعات القديمة إلى السطح سعياً لإعادة إشعال الثارات من جديد، لكن كُـلّ تلك المحاولات باءت بالفشل، واليوم ينعم الجميع بالأمن والاستقرار، وباتت المتارس تجمع أبناء الأمس، ليتناوبون السهر والتأمين، وكلّ منهم يحمي ظهر الآخر، ويعملون لأجل هدفٍ أسمى وأكبر عنوانه مواجهة العدوان وإفشال مخطّطاته.

 

– هل هناك استجابة لدعوات المصالحة الوطنية من طرف المرتزِقة.. وهل برأيك المصالحة الوطنية هي المدخل الرئيس لحل الأزمة اليمنية.. وما هي المشاكل والعراقيل التي تواجه عملكم بصفتكم عضواً في فريق المصالحة الوطنية؟

بالنسبة للمرتزِقة لا نعول عليهم؛ كونهم لا يمتلكون القرارَ وما هم إلَّا مُجَـرّد دُمًى يحركها العدوان بما يتوافق مع مصالحه ومخطّطاته، وكما هو معروف بأنه عقب أية حرب أَو صراع تجلس القوى المتصارعة على طاولة للحوار والمصالحة وتجاوز آثار الصراع، ومهما طال أمد الحرب، لا بُـدَّ لنا أن نجلس مع القوى التي لم تتورط في سفك الدم ولم ترتكب الجرائم لنفتح صفحة جديدة من التعاون والترابط والإخاء، واليوم لا يزال الوقت متاحاً أمام من تورطوا في مساندة العدوان للعودة إلى حضن الوطن ونبذ ما اقترفوه من جرائم بحق شعبهم، ونجدد الدعوة هنا لكل المخدوعين للعودة إلى حضن الوطن والاستفادة من قرار العفو العام قبل فوات الأوان، ونؤكّـد هنا أنه متى ما استقلت قيادات المرتزِقة بقرارها وتجردت من كُـلّ أشكال العمالة والارتزاق وغلبت المصلحة الوطنية سوف تجد الظروف مهيأة لطي الماضي وتجاوز آثاره، مع العلم بأن مشكلة اليوم تكمن في تلك القيادات التي أضحت لا تمتلك قرارها وتعيش في الذل والهوان، عاجزة عن تحديد مصيرها الذي بات بيد قوى العدوان.

 

– مَا هِـيَ رسائلكم للقبائل التي ما زالت تصر على الوقوف في صف العدوان، أَو تلك التي تنتظر الأحداث والتغيرات السياسية؟

ثماني سنوات كانت كافية بأن تفهم كُـلّ القبائل والمكونات حقائق ما يجري من عدوان وحصار، وأطماع، تهدف جميعها إلى الاستحواذ على خيرات هذا الوطن، ولم يتبق إلَّا شلة بسيطة لا تزال مصرةً على مواقفها المساندة للعدوان.. نسبةٌ بسيطة تستفيد من نتائج ما يجري، أما السواد الأعظم من أبناء تلك المحافظات يعون جيِّدًا حقيقةَ العدوان وأهدافه، لكن خوفهم وخشيتهم على مصالحهم جعلتهم يلتزمون الصمت.

وبالنسبة للدعوات لعودة قيادة المرتزِقة، فالأمرُ هذا بيد القيادة وهي من تتولّى حسم هذا الجانب، وما يُطرَحُ عن مضايقات تطالُ بعضَ العائدين إلى صف الوطن نؤكّـد أن القيادة الثورية والسياسية أعلنت مراراً أهميّة تسهيل إجراءات استقبال العائدين، وهو ما يتم فعلاً عدا بعض التصرفات الشخصية من قبل قلة قليلة ممن لم يتحلوا بأخلاق وصفات رجال المسيرة القرآنية.

وعُمُـومًا بأن هذا المِلف يحظى باهتمام ومتابعة من القيادة الثورية والسياسية وهناك تسهيلات متعددة، وأي خطأ فردي، أَو تقصير لا يُحسَبُ على المسيرة وقيادتها الحكيمة، وإنما على من ارتكبه وهي ممارساتٌ فردية ونادرة.

 

– شيخ محمد كم تقدرون عددَ القيادات العسكريّة والمدنية والأفراد من المخدوعين الذين عادوا مؤخّراً إلى أرض الوطن.. برأيكم ما الذي دفع العائدين إلى العودة إلى الوطن رغم تهديد العدوان لهم وتخويفهم من تبعات عودتهم؟

هناك عشرات الآلاف من العائدين، ولا نمتلك رقماً دقيقاً، والأرقام لدى الجهات المعنية، ولعل حسن التعامل مع العائدين ونجاح برامج التوعية بعد تكشف حقائق العدوان وفضح مخطّطاته ومحاولة قيادات العدوان في فرض أوامرها وتعليماتها على القيادات، وأفراد الجيش، الأمر الذي كان له الأثر الهام في عودة الكثير من المخدوعين الذين انساقوا في المرحلة الأولى خلف العدوان لكنهم بعد أن تكشفت أمامهم الحقائق سارعوا إلى تصحيح أوضاعهم والعودة إلى جادة الصواب.

 

– كلمة أخيرة!

ختامًا أتقدم بعظيم الشكر والامتنان لصحيفتكم الموقرة على إتاحة المجال لنا من خلال هذا اللقاء، وأؤكّـد أن شعبنا اليمني اليوم بات على مشارف النصر المبين وفي مستوى عالٍ من الجاهزية والترقب والاستعداد لأية حماقات قد تلجأ إليها قوى العدوان في الوقت الذي يمد شعبنا ذراعيه للسلام المشرف الذي يضمن حقه في الأمن والاستقرار والتخلص من الوصاية ودفع التعويضات وفك الحصار ودفع المرتبات، ونبارك الخطوات الهامة التي اتخذتها القيادة في تأمين الثروات، ونعتز بالمستوى العالي والمشرف الذي وصلت إليه قواتنا المسلحة والأمن، ونؤكّـد على أهميّة الاستمرار في رفد الجبهات بالرجال وقوافل الدعم حتى النصر.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com