فرضياتٌ لمعارك البحار والمحيطات المقبلة.. السيناريوهات المرسومة للعراق.. (ح11)

 

المسيرة – عباس الزيدي *

احتلت أمريكا العراقَ بعيدًا عن الشرعية الدولية تحت كذبة أسلحة الدمار الشامل، والأهدافُ لا تتعلقُ في العراق، وأهميّة موقعه، ونهب ثرواته، بل يتعدى الأمر إلى أهداف كبرى تتعلق بالمنطقة، والعالم عبر العراق.

فرضت واشنطن حاكماً مدنياً وهو “بريمر” وبعد تدخل المرجعية الرشيدة وسيل مليوني من المظاهرات تم التأسيس إلى عملية سياسية وكتابة الدستور والذهاب نحو الانتخابات، والتداول السلمي للسلطة عبر الآليات الديمقراطية، وهو الحبل المتين الذي التف على عنق أمريكا في العراق، حَيثُ صعود الأغلبية من المكون الشيعي الرافض للاحتلال والتطبيع مع الكيان الصهيوني، وكل سياسات الهيمنة، لذلك لجأت واشنطن إلى زرع العملية السياسية بالعديد من الألغام منها المحاصصة والتوافقية والكثير من فقرات الدستور.

وشهدت تلك الفترةُ باكورةَ أعمال فصائل المقاومة البطولية ضد الاحتلال الأمريكي، مما جعلها تفكر في عمليات الضغط والالهاء، حَيثُ جعلت حدود العراق مفتوحة على مصراعيها، وأشرفت بنفسها على دخول عناصر القاعدة والإرهاب إلى العراق، ودعمتها لغرض اذكاء الفتن الطائفية ونشر الفوضى ساعدها في ذلك الأنظمة الخليجية، وكثير من أجهزة المخابرات العالمية، وشهد العراق أحداثاً دامية جراء تلك العمليات.

استمرت عمليات المقاومة في التصدي للقاعدة وللاحتلال، وأثمرت تلك العمليات بهروب وطرد الاحتلال من العراق عام 2011، وسرعان ما عاودت الكرة بإدخَال عناصر داعش من الحدود الغربية التي سيطرت على أكثر من محافظة، وهدّدت العاصمة بغداد، والتي من خلالها تسللت قوات الاحتلال إلى العراق تحت هذا الظرف وتلك الذريعة.

أطلقت المرجعية الرشيدة فتوى الجهاد الكفائي المباركة، فتلاحم أبناء العراق مع تلك الفتوى، فولد الحشد الشعبي المقدس، وَسطر أروع ملاحم البطولة، وحرّر الأرض، وطرد داعش وسحقها؛ مما أغاظ كُـلَّ جبهة الاستكبار والصهيونية العالمية، فبدلاً من اضعاف المقاومة ازدادت الأخيرة مَنَعَةً وعِزًّا وسُمُوًّا وقوةً بالعدة والعدد واتسعت حواضنها وسارت العملية السياسية رغم كُـلّ المعوقات والفساد الذي استشرى وانعدام الخدمات؛ بسَببِ سياسة الاحتلال التي شجعت على الفساد وَالتمرد والتهريب وغسيل الأموال والجريمة المنظمة والانحلال الأخلاقي وغيرها.

وبعد انتخابِ السيد عادل عبد المهدي رئيساً للوزراء، وانفتاحه على الصين ومشروع الحزام والطريق، مما أثار غضب أمريكا وعملائها، فحركت جيوشها الإلكترونية وعملائها على الأرض من خلال المظاهرات على غرار ما فعلت سابقًا في عملية المخابرات الأمريكية المعروفة باسم (أجاكس التي أسقطت ثورة مصدق في إيران، وأعادت حكم الشاه البهلوي).

جاء الكاظمي ليعبث بالأرض فساداً ويحرق الحرث والنسل وينفتح بالمباشر في صفقات مع الكيان الصهيوني عن طريق مشروع الشام وخلال هذه الفترة استطاعت المقاومة العراقية أن تحصل على تصويت البرلمان العراقي بإخراج قوات الاحتلال.

ومنذ بداية الاحتلال عام 2003 وحتى هذه اللحظة دفعت فصائل المقاومة وأبناء العراق مئات الآلاف من الشهداء ضحايا للاحتلال الأمريكي، وَأَيْـضاً نفذت فصائل المقاومة عشرات العمليات الثأرية التي طالت قواعد الاحتلال المنتشرة في العراق، أَو مقرات الموساد الصهيوني في إقليم كردستان، ولم تقتصر عملياتها الثأرية على الملف العراقي، بل كانت لها اليد الطولى في المشاركة للدفاع عن المقدسات في سوريا، وكذلك عمليات ساندت في حرب تموز 2006 في لبنان، وتوفير الدعم في عمليات سيف القدس في غزة، وكذلك في اليمن دعماً للأخوة “أنصار الله” وغيرها من المواقف في عموم محور المقاومة.

حاولت قواتُ الاحتلال الأمريكي استثمار عميلها الكاظمي، ووضعَ العراق تحت مشاريع متعددة منها التقسيم، أَو نشر الفوضى والفتن للقتال الشيعي – الشيعي، وبذلت جهداً غير مسبوق في دعم التحالف الثلاثي (للأكراد والحلبوسي والصدر) لغرض تجديد ولاية ثانية لعميلها مصطفى الكاظمي، وشجعت الأخير على القيام بانقلاب على العملية السياسية والآليات الديمقراطية من خلال حركة مسلحة شهدتها العاصمة بغداد والقصور الرئاسية في المنطقة الخضراء تصدى لها الحشد الشعبي وأفشلها، وأعلن بكل وضوح لابديل عن الآليات الديمقراطية، محافِظاً على العملية السياسية والتداول السلمي للسلطة.

وبالمقابل وقفت قوى الإطار التنسيقي حائلاً بوجهِ ذلك المشروع، وأفشلت المؤامرة، ودفعت بالسيد محمد شياع السوداني رئيساً للوزراء.

هذا التراجُعُ الأمريكي في العراقِ جاء تحت ضغط الظروف وَما يشهده العالم من أحداث وأزمات وبوادر حرب كونية ثالثة.

حكومة السيد السوداني جاءت بشروط أمريكية تتجاوز فيها واشنطن ارهاصات الوقت الراهن، وتحاول فيها تخفيف عيار الضغط عليها، وتوفير مناخات تجعلها على أقل تقدير بعيدة عن ضربات فصائل المقاومة العراقية من خلال اشراك بعض الفصائل في وزارات بعيدة عن الملف الأمني، لكي تضمن تحييدها مؤقتاً.

كذلك من شروط الاحتلال إجراء انتخابات مقبلة تحت سقف زمني.

عمليةُ تشكيل حكومة السوداني جاء متزامناً تحت نفس الظروف التي أرغمت تحالف العدوان على الهُدنة في اليمن، وَمفاوضات حقول الغاز في لبنان، وغيرها من الملفات.

ما زالت تدخلات الاحتلال واضحة ومنتهكة للسيادة العراقية، وتدخلات سفيرة أمريكا متواصلة هي وراعية الفوضى ممثلة الأمم المتحدة، بلاسخارت، ولم تنقطع زياراتهما للحكومة ومؤسّساتها، وتحاولان التأكيد على مايلي:-

1- عدم التقرب أَو الاضرار بالمصالح الصهيوأمريكية.

2- التزام حكومة السوداني بإبعاد فصائل المقاومة عن الأجهزة الأمنية، أَو الولوج إلى الملفات الحساسة.

3- مساهمة العراق في تخطي أزمة الطاقة التي تعيشها أُورُوبا، وهذا الموضوع يثير حساسية الجانب الروسي الذي على اثره هاتف الرئيس بوتين السيد السوداني، مؤكّـداً على المحافظة على سياسة “الأوبك” وسقف أسعار الغاز والنفط.

4- عدم التعرض إلى أصدقاء أمريكا في العراق، أَو في الجوار.

5- عدم التعرض لكثير من الخطوات والمشاريع، أَو الاتّفاقيات التي أبرمها عميلهم الكاظمي.

وتسعى أمريكا إلى تحقيق أهداف مركزة في العراق كالآتي:-

أولاً: نهب موارده وجعل العراق مرتعاً لها ولمشاريعها وبناء قواعد عسكرية ثابتة.

ثانياً: انخراط العراق بالكامل مع الكيان الصهيوني واستقبال كُـلّ الثقافات المنحرفة، بما فيها الديانة الإبراهيمية بعد القضاء على الإسلام وأن تجعل من بعض مناطق العراق ملجأ للأخوة الفلسطينيين بعد تهجيرهم.

ثالثاً: أن يكون العراق منطلقاً وأرض لتصدير العدوان الأمريكي شرقاً وغرباً في أي وقت تشاء.. وما زالت هذه المشاريع حيز التنفيذ.

والسؤال: ما هي السيناريوهات الأمريكية للعراق سواء تجاه حكومة السوداني أَو ما بعدها؟

هناك عدة سيناريوهات فيما لو لم تلتزم حكومة السيد السوداني بالشروط الأمريكية.

 

السيناريو الأول

1- إعادة مسلسل المظاهرات ونشر الفوضى.

2- تشجيع القوى الانفصالية ونشر الفتن الطائفية.

3- دعم الإرهاب وتسهيل مهام داعش الإجرامية.

4- تشجيع الانقسام المجتمعي والتقاطع السياسي.

5- الدفع نحو حكومة وطبقة سياسية عميلة تحقّق لها أهدافها.

 

السيناريو الثاني

في حالة الانتخابات ستلجأ إلى تزوير الانتخابات بالقدر الذي يجعل من الأغلبية – أقلية برلمانية وتقوم بدعم عملائها لتحقيق أغلبية برلمانية.

 

السيناريو الثالث

إعادة انتشار قواتها وبمشاركة قوات الناتو بعد نشر الفتن والحروب الأهلية، وانهيار العملية السياسية، وَهذا الأمر تعمل عليه حال قرب ساعة الصفر من العدوان على جمهورية إيران، أَو على محور المقاومة بأجمعه، أَو عند انطلاق شرارة الحرب العالمية مع القوى الكبرى.

وفي كُـلّ الأحوال هناك دورٌ للقوى الوطنية العراقية لفصائل المقاومة سنتعرف عليه في سيناريوهات المواجهة لاحقاً

  • كاتب عراقي.. رفيق الشهيد أبو مهدي المهندس
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com