المبادرةُ العُمانية على المحك.. صنعاءُ لن تصبرَ طويلاً

العدوُّ لن يقرأ ما بين السطور وسيسعى إلى تجاوز التحذيرات

 

المسيرة – محمد ناصر حتروش

يستمر العدوان الأمريكي السعوديّ في المراوغة، باحثاً عن وسائل متعددة لإحداث شرخ أَو خلل لكسر صمود الشعب اليمني الصابر للعام الثامن على التوالي، غير أن كلفة هذه المراوغة ستكون وخيمة على الأعداء إذَا ما نفد الصبر، وعادت الأمور إلى مربع الصفر.

الرسالة وصلت جيِّدًا للعدوان عبر الوفد العماني الذي زار صنعاء مؤخّراً، ونقلها رئيس الوفد الوطني محمد عبد السلام بلسانه، في تصريحٍ خاص لقناة “المسيرة”، حين أكّـد أن أن القوات المسلحة بعد انتهاء الهدنة “غير ملزمة” لوقف إطلاق النار، وأن الوفد العماني يبذل جهوداً محترمة لتحقيق تقدم في مسار تحقيق السلام، مشدّدًا على أن وقف إطلاق النار بشكلٍ دائم لن يتحقّق إلا في حالة تم رفع الحصار بشكلٍ دائم وخروج نهائي لقوى الغزو والاحتلال من كافة الأراضي المحتلّة، وَأن من أولويات المفاوضات السياسية في الملف الإنساني هي صرف الرواتب لكافة موظفي الدولة، وذلك وفقاً لميزانية النفط والغاز 2014م.

ولعل النقطة المهمة التي وردت في تصريح عبد السلام تلك المتمثلة برسم ملامح المرحلة المقبلة، إذَا ما فكر العدوان باستئناف عدوانه الغاشم، حَيثُ يقول: “قواتنا المسلحة فرضت قواعد اشتباك جديدة، وَعلى قوى الغزو وَالاحتلال إدراك أننا دخلنا مرحلة جديدة”.

ووفق هذه المعطيات يؤكّـد عضو المكتب السياسي لأنصار الله حزام الأسد أن حكومة الإنقاذ الوطني أوصلت رسالة للوفد العماني تؤكّـد على ضرورة صرف المرتبات لكافة موظفي البلد من إيرادات البلد السيادية، إضافةً إلى فتح مطار صنعاء، وإزالة العوائق والقيود أمام سفن المشتقات النفطية، والمواد الغذائية والأَسَاسية، وتسهيل دخولها إلى ميناء الحديدة، معتبرًا تلك المطالب محقة لكافة الشعب اليمني الصامد والذي يتجرع معاناة الجوع والحصار منذ ثمانية أعوام.

ويقول الأسد: “وبهذا تصبح اليوم الكرة في ملعب دول العدوان، وعلى رأسهم أمريكا وبريطانيا اللتان لا تزالان تراهنان على إخضاع وإركاع أبناء الشعب اليمني عبر الحصار والتجويع وحالة اللا حرب واللا سلم، وهو ما يضع كُـلّ الجهود والمبادرات المبذولة من قبل الأشقاء في السلطنة على المحك.

ويضيف أنه وفي حال استمر تجاهل تحالف العدوان لتلك المطالب وتمادوا في رعونتهم وممارساتهم الإجرامية واللا إنسانية بحق شعبنا فَـإنَّ القيادة مخولة بما تراه مناسب ومنها انتزاع حقوق شعبنا بالقوة، لافتاً إلى أن تحالف العدوان يعرف جيِّدًا بأن موازين القوة وقواعد الاشتباك اليوم قد تغيرت، وأن سلاح الردع اليماني سيقلب الطاولة -بعون الله- عليهم، وسيتحمل حينها العدوّ تبعات ما سيجري، وأية انعكاسات على المنطقة أَو العالم لا سِـيَّـما في الجوانب الاقتصادية والطاقة وغيرها، موضحًا أنه لم يعد لدى الشعب اليمني ما يخسره بعد عدوان وحصار استمر لثمانية أعوام، مستهدفاً البشر والحجر وكل ما له صلة بالإنسان اليمني.

 

مطالب لا تنازل عنها

وعلى صعيدٍ متصل يقول وكيل محافظة صنعاء حميد عاصم: إن زيارة الوفد العماني للعاصمة صنعاء جاءت في ظل المساعي الدولية لتقريب وجهات النظر بين حكومة الإنقاذ الوطني وبين مرتزِقة العدوان وأسيادهم، مُشيراً إلى أن القيادة السياسية والثورية أوصلت رسالة للوفد العماني بأنه لا يمكن التنازل عن المطالب الإنسانية والمحقة لكافة الشعب اليمني.

ويؤكّـد عاصم على ضرورة فصل الجانب الإنساني والحقوقي عن الجوانب العسكرية والأمنية، موضحًا ضرورة صرف المرتبات لكل موظفي أبناء اليمن والمتقاعدين دون استثناء ورفع الحصار عن المطارات والموانئ بصورةٍ نهائية ومُستمرّة وكذلك استكمال ملف الأسرى والمعتقلين والمخفيين قسراً.

ويبين عاصم أن حكومة الإنقاذ الوطني وبعد تنفيذ المطالب السابقة يمكن أن تفاوض قوى العدوان في الجوانب الأُخرى العسكرية والأمنية والسياسية والمتمثلة في انسحاب القوات الغازية من كافة الأراضي اليمنية ومياهه وجزره وكذا دفع التعويضات عما دمّـره العدوان من البنى التحتية العامة والخَاصَّة.

ويدعو عاصم قوى تحالف العدوان لاحترام سيادة اليمن وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، مؤكّـداً على أن مرحلة اللا سلم واللا حرب لن تطول، وأن على دول العدوان أن تعرف أن اليمن لا يمكن أن يصبر كَثيراً، وهي رسالة أوضحها بيان المجلس السياسي الأعلى قبيل زيارة الوفد العُماني الشقيق إلى العاصمة صنعاء.

 

وضعُ النقاط على الحروف

من جانبه يصف أمين سر حزب جبهة التحرير عارف العامري، رسائل القيادة السياسية والثورية للوفد العماني “بالحاسمة” للخيارات وجولات التفاوض.

ويؤكّـد العامري أنه لا طريق لأي حوار دون استيفاء الشروط الإنسانية، ولن يكون هناك قبول بأي حلول منقوصة، أَو مجزأة، والمتمثلة في صرف مرتبات الموظفين من عوائد النفط والغاز اليمني، وكذا فتح مطار صنعاء، ورفع الحصار عن الموانئ اليمنية بما فيها ميناء الحديدة، وإنهاء أي تواجد أجنبي على الأراضي اليمنية.

ويضيف العامري أن الكرة الآن أصبحت في ملعب تحالف العدوان، وهناك إجماع حزبي ومجتمعي على صوابية المعركة الوطنية مع قوى العدوان السعوديّ الأمريكي الصهيوني، والكرة لن تدوم طويلاً في الملف السياسي، فالقوات المسلحة اليمنية، باتت جاهزة وقدرتها في استهداف العمق الجغرافي لدول العدوان، والمنشآت الحيوية والحساسة ستعجل بالحلول.

ويتابع القول: “لا يفوتنا أن نشكر جهود الأشقاء في سلطنة عُمان، وندعو شعبنا وكل القوى الوطنية إلى رص الصفوف ورفع الجاهزية لمواجهة أي تصعيد لقوى العدوان حتى تحقيق الانتصار الشامل في معركة التحرّر”.

ويؤكّـد العامري أن على تحالف العدوان أن يعي تماماً بأن الموقف الشعبي الوطني هو ذاته موقف الوفد الوطني وحكومة الإنقاذ، وَإذَا لم يكن هناك جدية للخروج لإحلال سلام دائم، فَـإنَّ جدية المواجهة ستطغى على كُـلّ المواقف، خَاصَّةً وأن تحالف العدوان لا يزال يستحدث قواعد وبنى عسكرية في عددٍ من الجزر اليمنية المحتلّة.

بدوره يؤكّـد رئيس إعلامية حزب الشعب الديمقراطي سند الصيَّادي، أن زيارةَ الوفد العماني للعاصمة صنعاء تأتي لوضع النقاط على الحروف والتي من خلالها يتحدّد مسار الصراع مستقبلاً مع تحالف العدوان.

وبين الصيَّادي أن الموقف الوطني يمضي في المسار السياسي رغم نضج وتراكم الوعي بحقيقة النوايا والأجندة الأمريكية والصهيونية، لافتاً إلى أن حراك أمريكا وإسرائيل المُستمرّ في المناطق والجزر والمياه اليمنية كلها تنبئ بأن المشاريع والأهداف تتجاوز المرحلة الراهنة وتسعى لتأسيس واقع طويل المدى لهذا التواجد والحضور العدائي المقوض للسيادة والاستقلال.

ويعتبر الصيَّادي تلك التحَرّكات شواهد عملية تؤكّـد عدم جدوائية الرهان على الملف التفاوضي في ظل ما يعتمل وما يحضر له.

ويضيف بالقول: غير أن صنعاء وَبصبرٍ استراتيجي وَنفسٍ طويل تخوض المعركة، منفتحة على كافة المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية، تستقبل الوسطاء وَتستدعي الحلول ولا تألو جُهداً في تكرار النقاش حول مقرّرات السلم وَمبرّرات الحرب، معتقداً استحالة الحوار السياسي في ظل أجواء معقدة وشائكة وأزمات إنسانية واقتصادية، مؤكّـداً أن صنعاء في جميع المراحل تتمسك بخياراتها تحسباً لكل المواقف وَالأجندة العدائية التي تحيط بها وتستهدفها.

وعن تفاصيل زيارة الوفد العماني يؤكّـد الصيَّادي أن هناك رسائلَ أبرقت بها صنعاء عبر الوسطاء، مضمونها أن البقاء على نقطة اللا سلم واللا حرب صار مضجراً ومكلفاً للشعب ومعمقاً لأزماته وَمعاناته، وبأن الموقف الديني والوطني والإنساني يحتم عليها أن تتحَرّك لإنهاء هذه الحالة من الاستنزاف الذي يتعرض لها الأرض والإنسان، معتقداً أن الوفد العماني حمل رسائل واضحة للعدو بتبعات أية إجراءات اقتصادية إضافية تستهدف البلد، وبأنها قد تقلب الطاولة وتعيد المعركة إلى نقطة الصفر.

ويرى الصيَّادي أن العدوّ لن يقرأ ما بين السطور وسيسعى إلى تجاوز التحذيرات التي تقدمها صنعاء ولن يردعه إلَّا تدشين المسار العسكري من جديد.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com