يمنُ الإيمَـان..بقلم/ احترام عفيف المُشرّف

 

(آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْـمُؤْمِنُونَ كُـلّ آَمَنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أحد مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْـمَصِيرُ) – من سورة البقرة- آية (285).

يقولون لكل اسم من مسماه نصيب، وهذا هو حال اليمن مع الإيمَـان المشتق اسمه من الإيمَـان، فاليمن الموصوف في كتاب الله العزيز بالأرض الطيبة، وَالموصوف أهله بأولي القوة والبأس الشديد، اليمن المُشاد به على لسان من لا ينطق عن الهوى -صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله- بقوله: (إني لَأجدُ نفَسَ الرحمن من قبل اليمن)، والمزكي أهله بقوله: (أتاكم أهل اليمن أرق قلوبًا وألين أفئدة، الإيمَـان يمانٍ والحكمة يمانية).

اليمن والإيمَـان مرتبطان ممتزجان امتزاج الأرواح بالأبدان منذ خلق الله سماواته، وله فيها النجم المسمى باسمه، وخلق أرضه ووضع فيها بيته الحرام الذي سُمِّيَ ركناً من أركانه باسمه.

اليمنيون هم من تفكروا في جاهليتهم ولم يعبدوا الأوثان والأحجار بل تطلعوا إلى ما فوقهم وعبدوا الشمس، ولم يقتنعوا بها لمعرفتهم بأن المعبود لا يكون إلا عظيماً أعظم من كُـلّ ما يُرى أنّه عظيم، وكانوا مع قوتهم وبأسهم عارفين متوجّـهة قلوبهم للحق، فكانوا الأُمَّــة الوحيدة التي آمنت فدخلوا في دين الله أفواجاً بغير قتال ولا جدال بل أرسل النبي الكريم إليهم برسالة فآمنوا بالرسالة وأعلنوا الشهادة.

هم في أرضهم هكذا تفاعلوا وآمنوا، وكذلك كانوا مِنهم وفيهم ونعني أوسهم وخزرجهم -الأنصار- الذين آووا ونصروا وفتحوا قلوبهم ومدينتهم واستقبلوا الحبيب المصطفى -صلوات ربي عليه وعلى آله-.

لذلك حريٌّ أن يُكرَم الأنصار من قِبل رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- بإعلان قوي وصريح بقوله: (لو سلك الناس شعباً وسلك الأنصار شعباً لسلكت شعب الأنصار) وقلدهم بدعائه الباقية بركته عليهم حتى يرث الله الأرض ومن عليها بقوله: (اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار).

إذًا علاقة اليمن بالإيمَـان منذ بزوغ شمس الرسالة وحتى تطلع الشمس من مغربها علاقة لن تحول ولن تزول.

وهَـا هو يمن الإيمَـان تُشن عليه حرباً كونية حشد فيها العدوّ كُـلّ ما ابتكر العالم من أسلحة دمار شامل واشترى الضمائر لإصدار القرارات الدولية المؤيدة والداعمة لهذا العدوان الظالم، وإضافة إلى الضربات العسكرية فهناك الحرب الاقتصادية والحصار الشامل لكل منافذ اليمن، فكل ما ذكر شُن على اليمن، وكأن الأعداء على يقين وهمي بأن اليمن سيُهزم أَو يستسلم، ظنوا ذلك وخاب ظنهم.

وكان الفارق كبير والبون شاسع بين سلاحنا وسلاحهم وولينا ووليهم، فكيف مَن سلاحه القرآن أن يُهزم ومن وليه الله أن يُقهر؟! فيمنُ الإيمَـان واجههم بالإيمَـان، وباليقين أن الله مع المؤمنين، فحشد عليهم “حسبنا الله ونعم الوكيل” وأعد لهم ما استطاع من قوة، ولم ترهبه قوتهم وعدتهم وعتادهم، فاليمن شامخ شموخ الجبال الرواسي الذين قالوا عنه: بإنهم سيقضون عليه ويهزمونه خلال أسابيع، فخاب ظنهم فامتدت هزيمتهم لسنوات، وها هم رجال الله الشعث الغبر يقلبون موازين الأمور، وها هم المحاصرون يصنعون ويبتكرون ويرهبون العدوّ، وهَـا هو يمن الإيمَـان يُدافع ويهاجم وينتصر ويفرض معادلة كان العالم قد نسي إنها معادلة الإيمَـان.

الإيمَـان الذي يعلم صاحبه علم اليقين بأنه حين يقول: الله أكبر، عليه أن يمشي على هذه الكلمة -الله أكبر- لا تخيفه قوة قوى أَو جبروت جبار، فهو قد جعل ترسانته “الله أكبر” منكم ومن جمعكم.

هذا هو الإيمَـان، وهذه هي الهُــوِيَّة الإيمَـانية قول وفعل وعمل، وقد كان اليمن أحسن من جسدها كواقعٍ عملي على الأرض وما زالت بإرادَة الله، فمِن يمن الإيمَـان سيعود للإسلام عزه الذي بدأ باليمنيين أنصاراً ودعاةً وفاتحين، وصدق الله العظيم القائل: (إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) -من سورة النحل- آية (128).

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com