ما صُنعت الرُّتَب العسكرية إلَّا لهكذا رجال..بقلم/ عبد القوي السباعي

 

تغمُرُ الكثيرَ من أبناء وطني مشاعرُ الفخر والشموخ، ومظاهر العزة والأنفة، حين يسير بهم الركب وهم يشاهدون أينما أَمَّموا أبصارهم صوراً لأُولئك الشهداء الشباب، من أبطال الجيش واللجان الشعبيّة، وقد توسموا بأنواط خدمة الدين والوطن، وظهر البعض منهم وهم يرتدون البزاة والرتب العسكرية المختلفة، ويدرك المنصف أنها قد شعت من ضمائرهم، وانطلقت من جباههم، قبل أن تعتليَ أكتافَهم حتى ارتقوا شهداء مقبلين غير مدبرين، كرجالٍ نادرين حقاً، يستحقون أكثر منها بكثير، رجالٌ مضوا مسجلين بها وبدونها أعظم وأشرف المواقف وأروع البطولات والتضحيات وأرقاها على الإطلاق.

في المقابل، يظهر البعض الآخر بمظهرٍ عجيب، حيال ما يشاهد من التكريم البسيط لشهدائنا الأبطال، بل نجدهم يتوقدون غيرةً، ويحترقون حسداً، ويتشدقون ضجيجاً، وتخرج خبايا نفوسهم، إما تصريحاً أَو تلميحاً، وكأنهم حريصون على النظام والقانون والدستور اليمني أكثر من غيرهم، ويتساءلون بخُبثٍ عن الكيفية التي استحق بها هؤلاء الشهداء الشباب تلك الرتب والأنواط العسكرية.

ويتناسى هؤلاء أن اليمن الأرض والإنسان، عاشت ولا تزال، أكثر من سبع سنوات تحت وطأة الحرب والبغي والعدوان وجور التطويق والحصار، ولا يزال المتشدقون الذين من المفترض بهم أن يكونوا هم في مقدمة الصفوف دفاعاً عن الأرض والعرض، وعن العقيدة والشرف، منشغلين في أمورٍ خَاصَّة بهم، وكأن الوطن والشعب اليمني لا يعنيهم في شيء!

وفيما هب هؤلاء الشهداء الأبطال لمقارعة العدوان ووثبوا في وجه مخطّطاته ومشاريعه التدميرية، وقدموا في سبيل ذلك أرواحهم واسترخصوا دماءهم، وقف من سواهم محايدين، متخاذلين، خائفين، ومتناسين قضايا أمتهم المصيرية ومتعللين بذرائعَ واهية، لا تصمد أمام مشهدٍ واحد من مشاهد الأشلاء والضحايا الأبرياء على مدى السنوات الماضية، ويطلقون مبرّراتٍ باهتة، لا تثبت أمام طلعة واحدة لطائرات تحالف البغي والعدوان وهي تستبيح السيادة اليمنية وتذبح سماء الوطن ناهيك عن أبنائه.

نعم.. قد يكون أكثرُ هؤلاء الشهداء الأبرار –سلام الله عليهم– لم يدخلوا الكلياتِ والمعاهدَ العسكرية، ولم يحصل يوماً أن أقسموا بالقَسَم العسكري المعروف الذي يردّدهُ الملتحقون الجدد أَو المنتسبون للسلك العسكري عُمُـومًا، إذ لم يكن لدى هؤلاء الشباب متسعٌ من الوقت بأن يتشبعوا كما يقال بالحياة العسكرية وصفات الانتماء إلى الجندية، غير أنهم وخلافاً عمن سبقهم في الانتساب لسلك العسكرية، كانوا هم أكثرَ وفاءً للقَسَم العسكري، وأسرعَ استجابةً لنداء الواجب المقدس، وأعظم تجسيداً لشرف الانتماء للجندية الحقة، وأوفاهم تمسكاً وإخلاصاً لمبادئها الدينية والوطنية والأخلاقية.

وعليه.. ندعو المجلس السياسي الأعلى ومجلسي النواب والشورى وحكومة الإنقاذ الوطني في صنعاء، العمل على دراسة آلية تثبيت كُـلّ شهيد بدرجته الوظيفية مع الرُّتبة الممنوحة واعتمادها إدارياً وتعزيزها مالياً، واستصدار قرارات منح كُـلِّ شهيد “وِسامَ الشرف البطولي”، كأقلِّ واجبٍ نجو الشهداء الأبرار، وهي مناسبة أَيْـضاً للوفاء للجرحى الأوفياء بمنحهم جزءًا من اهتماماتنا في الإطار، والله من وراء القصد.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com