صنعاءُ تواصلُ إحباطَ المساعي الأمريكية لإعادة العجلة إلى الوراء: استعادةُ الحقوق أمرٌ حتمي

اللجنة الاقتصادية العليا: العدوُّ استعان بشركة تهريب دولية لنهب أكثرَ من مليونَي برميل نفط

 

المسيرة | خاص

أثبتت القواتُ المسلحةُ عمليًّا استحالةَ الالتفاف على قرار ومعادلة حماية الثروات الوطنية، حَيثُ حاول العدوُّ ومرتزِقتُه تطويرَ أساليبهم لنهب شحنة جديدة من النفط الخام عبر ميناء الضبة، لكنهم فوجئوا بضربة عسكرية جديدة أفشلت المحاولة بسرعة وبشكل كامل، وأكّـدت أن صنعاء ترصد كُـلّ تحَرّكاتهم، وأنها على أتم الجاهزية للتعامل مع مختلف الحيل والأساليب بالشكل الذي يضمن بقاء الثروة اليمنية بعيدة عن أيدي اللصوص.

العمليةُ الجديدة اختلفت عن سابقاتها، من حَيثُ إن مرتزِقة العدوان لجأوا هذه المرة إلى “شركة تهريب دولية” بحسب تصريح السكرتير الإعلامي للجنة الاقتصادية العليا، إبراهيم السراجي، الذي أوضح أن هذه المرتزِقة تعاقدوا مع هذه الشركة لإرسال ناقلة النفط (براتيكا) مع 2 لنشات، وست قطع حربية مجهولة الهُــوِيَّة.

هذه المعلومات تعني أن العدوّ حاول تطوير أُسلُـوب النهب وفتح طريق للالتفاف على قرار حظر التصدير الذي فرضته صنعاء، والذي يحاول تحالف العدوان ورعاته منذ مدة أن يضغطوا عليها للتخلي عنه.

وبحسب السراجي، فَـإنَّ الصفقةَ تضمن مبالغَ كبيرةً حصل المرتزِقة على نسبة منها كعمولات ورشاوى.

لكن الأُسلُـوب الجديد لم يغيّر من واقع معادلة حماية الثروات شيئاً، إذ يؤكّـد سكرتير اللجنة الاقتصادية العليا أنه تم اتِّخاذ كافة الإجراءات القانونية عبر الجهات المختصة لمخاطبة الشركات النفطية ذات العلاقة بالسفينة النفطية واللنشات، بعدم الاقتراب من المياه الإقليمية اليمنية.

وَأَضَـافَ السراجي أن صنعاء خاطبت أَيْـضاً الدول التي تحمل القطع البحرية أعلامها، والدول التي ينتمي إليها أفراد الطواقم العاملة على تلك القطع؛ مِن أجلِ وقف محاولة النهب، وهو ما يشير بوضوح إلى أن صنعاء تمتلك تفاصيل كاملة عن كافة تحَرّكات العدوان ومرتزِقته وتنسيقاتهم، الأمر الذي يعني أن أية محاولة من جانبهم لاختراق معادلة حماية الثروة ستكون متأخرةً بالفعل عن استعدادات القوات المسلحة.

هذا ما أكّـدته العملية الأخيرة بشكل واضح، حَيثُ يوضح السراجي أنه بعد تجاهل السفينة النفطية والقطع الحربية لمخاطبات الجهات المختصة، قامت القوات المسلحة بتولي المهمة، وأجبرت الناقلة “براتيكا” على المغادرة لتكتب نهاية محاولة نهب أكثر من مليوني برميل من النفط الخام، بقيمة تقديرية تصل إلى 174 مليون دولار.

فشلُ محاولة النهب أكّـد أن المعادلة التي فرضتها صنعاء لحماية الثروة الوطنية معادلة راسخة وثابتة ويستحيل زعزعتها أَو الالتفاف عليها بأية إجراءات، وهو ما يعني أن الطريق الوحيد أمام تحالف العدوان لمعالجة هذا الملف هو تخصيص إيرادات النفط لمرتبات الموظفين، والتوقف عن التعامل معها كمصدر لتمويل المرتزِقة أَو كورقة ضغط وأدَاة نفوذ.

هذا أَيْـضاً ما أكّـده تصريح ناطق القوات المسلحة العميد يحيى سريع، الذي جاء فيه أن صنعاء “مُستمرّة في حماية الثروة الوطنية السيادية حتى تصبح عائداتها في خدمة اليمنيين ولتغطية مرتبات كافة الموظفين في كُـلّ المناطق اليمنية”.

وجدد السكرتير الإعلامي للجنة الاقتصادية العليا الدعوة لكافة الشركات المحلية والأجنبية إلى الامتثال الكامل لقرار منع نهب الثروة السيادية، والذي تم اتِّخاذُه لصون حقوق الشعب اليمني وخدمة مصالحه “وإلا فَـإنَّها ستتحمل مسؤولية التداعيات المختلفة والتبعات القانونية”.

وَأَضَـافَ السراجي أنه “كان الأحرى بالمرتزِقة بذل الجهود والمخطّطات التي يقومون بها في السعي لإنهاء معاناة اليمنيين في كافة المحافظات، من خلال الالتزام بالدستور والقوانين النافذة الملزمة بتخصيص عوائد الثروات السيادية لصالح الشعب، بدلاً عن الاستئثار بها ونهبها وحرمان موظفي الدولة وبقية المواطنين منها”

 

الإصرارُ على النهب يضيفُ المزيدَ من التعقيدات

إصرارُ العدوّ على تكرار محاولات نهب الثروة الوطنية، يمثل مؤشرًا واضحًا على انسداد أفق الحل الذي تنشده صنعاء، والذي يتضمن صرفَ مرتبات الموظفين من إيرادات النفط والغاز، ورفع الحصار، الأمر الذي يبدو بوضوح أن تحالف العدوان لا ينوي الاقترابَ منه.

وحتى في ظل المعلومات التي تؤكّـد أن الولايات المتحدة الأمريكية هي الطرف المُصِرُّ على الدفع نحو التصعيد وإفشال التفاهمات، فَـإنَّ تكرّر محاولات نهب الثروة يترجم خضوعًا واضحًا من جانب دول العدوان للتوجّـهات الأمريكية، وهو ما يعني أن المَأزِقَ السعوديّ والإماراتي يزداد سوءًا؛ لأَنَّ الإصرار على سرقة الموارد سيؤدي بلا شك إلى ارتفاع وتيرة العمليات العسكرية للقوات المسلحة كمًّا ونوعًا، وقد تتجاوز الضربات المستوى التحذيري لتصبح تأديبية وعقابية كما لوح بذلك نائب وزير الخارجية بحكومة الإنقاذ حسين العزي قبل أَيَّـام.

ويرى نائبُ مدير دائرة التوجيه المعنوي بوزارة الدفاع العميد عبد الله بن عامر، أن العملياتِ العسكريةَ ضمن معادلة حظر تصدير النفط الخام حملت رسائل مباشرة للولايات المتحدة؛ باعتبَارها الطرفَ الأكثرَ تمسكًا باستمرار نهب الثروات، والذي يدفع نحو التصعيد.

ويشير بن عامر في هذا السياق إلى أن عمليةَ ميناء قنا نفَّذت بالتزامن مع وجود السفير الأمريكي في حضرموت، فيما نفّذت عملية الضبة الأخيرة أثناء تواجد السفير الأمريكي في عدن، ملمِّحًا إلى أن الأمر ليس مُجَـرّد صدفة.

والحقيقةُ أن توقيتَ تحَرّكات السفير الأمريكي والوفود العسكرية الأمريكية يشير بوضوح إلى أن الولايات المتحدة تعمل بشكل مكثّـف على إعادة العجلة إلى الوراء ومنع حصول أي تقدم أَو تغيير إيجابي في مشهد التهدئة، وخُصُوصاً فيما يتعلق بالمرتبات وإيرادات النفط والغاز، حَيثُ ركّزت التحَرّكات الأمريكية الأخيرة بشكل واضح على محاولة اختراق معادلة حظر التصدير التي فرضتها صنعاء.

وعلى أية حال، فَـإنَّ موقفَ صنعاء الثابت ونجاحها الراسخ في تثبيت معادلة حماية الثروات يمثل مأزقًا لجميع أطراف تحالف العدوان؛ لأَنَّ هذه المعادلةَ تدفع بالمشهد نحو تغييرات كبيرة، لا مجال لتأخيرها طويلاً، وأية محاولة لإيقافها ستغذي مسار التصعيد بشكل يؤدي إلى فرض تلك التغييرات ضمن معادلات أوسع وأكثر تأثيرا.

وقد أكّـد نائب وزير الخارجية مؤخّراً أن قرارَ منع نهب الثروات وحظر تصدير النفط سيبقى ساريًا في حالتَي السلم والحرب ما لم يتم الاتّفاقُ على تخصيص الإيرادات لرواتب الموظفين وتحسين الوضع المعيشي والاقتصادي، وهو ما يعني أن خيارَ التصعيد الذي تدفع الولايات المتحدة نحوه لن يؤديَ إلى عودة العجلة إلى الوراء ولن يوقف مسار استعادة الحقوق، بل أنه سيفتح المجال لفرض معادلات أُخرى بسرعة أكبر.

هذه المعادلاتُ الأُخرى كانت القيادة الثورية والسياسية قد أكّـدت بشكلٍ واضحٍ على أن تداعياتِها ستكونُ إقليميةً ودوليةً، وقد وجّهت صنعاء رسائلَ عسكريةً خَاصَّة بشأن الاستعداد لخوض مواجهة بحرية ستكون الأشدَّ مع تحالف العدوان، وبالتالي فَـإنَّ استمرارَ تعاطي صنعاء بإيجابية مع الجهود المبذولة في مسار التهدئة وعلى طاولة التفاوض، ليس سببُه نجاحَ العدوّ في تقييد الخيارات الوطنية، بل حرصُ صنعاء على إكمال الحُجّـة وسَدِّ كُـلِّ الثغرات قبل اتِّخاذ قرار التصعيد.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com