المعتقلون اليمنيون في السعوديّة.. التعذيبُ حتى الموت

المسيرة: محمد الكامل

تمتلئُ المعتقلاتُ السعوديّة سَيِّئَةُ الصيتِ بالآلاف من اليمنيين الذين يتم الزَّجّ بهم في سجون مظلمة ويعانون ويلات التعذيب والتنكيل.

ويتبنَّى النظامُ السعوديّ منهجيةً متوحِّشةً في التعامل مع المعتقلين، تصل إلى درجة التعذيب حتى الموت كما حدث مؤخّراً للشاب المغترب علي العليي، وآخرين لاقوا المصيرَ ذاتَه دون أن تصلَ مظلوميتهم إلى مسامع الناس، فالمواطن علي العليي الذي يبلغ من العمر 24 سنة تم اختطافه وإخفاؤه قسرياً ثم قتله في 9/ سبتمبر/ 2022م من قبل جهاز أمن الدولة التابع للمملكة العربية السعوديّة دون معرفة الأسباب أَو الدوافع التي تقف وراء ذلك.

ويقول والد الشهيد أنه لم يكن يعمل شيئاً، وأن حاله كحال الكثيرين الذين ذهبوا إلى السعوديّة مغتربين بحثاً عن الرزق، ولكن النظام الظالم في مهلكة آل سعود قام بخطفه من قرب مقر عمله، وإخفائه وتعذيبه بالضرب ثم الخنق، موضحًا أنه تعرض للتعذيب بالضرب والحرق الذي شوه ملامحه تماماً.

ويضيف أن ابنه تم خنقه حتى الموت وبعد ذلك قاموا بدفنه في الليل دون علم أحد ورفض تسليم الجثة، مؤكّـداً أن جهاز أمن الدولة السعوديّ قام بتهديد أقاربه المتواجدين هناك من الاقتراب أَو متابعة الموضوع والرفض الدائم لمنعهم من المطالبة بإجراء تشريح للجثة أَو الحصول على تقرير حول الجريمة.

ووصلت التهديدات التي تعرض لها أقارب العليي أَو من تربطهم به أية صلة قرابة إلى الحد الذي جعل عمه المغترب أَيْـضاً في السعوديّة يبقى عاجزاً عن فعل شيء، أَو المطالبة للقيام بأي إجراء قانوني خوفاً من الاعتقال واختفائه هو الآخر حسب قول والد الضحية.

وأدانت المنظمات المحلية والدولية المتعلقة بحقوق الإنسان الجريمة التي تعرض لها المواطن المغترب علي العليي، معتبرةً أن هذه الجريمة ليست الأولى، فهناك الكثير ممن يختفون ويتم سجنهم وتعذيبهم حتى الموت في السجون السعوديّة ومن جنسيات متعددة، موضحةً أن الأدلة تشير إلى تلقي المواطن العليي تهديدات قبل اختطافه عبر رسائل واتس أب من رقم تابع لأمن الدولة في السعوديّة، حَيثُ تلقى آخر تهديد بتاريخ ٩ سبتمبر ٢٠٢٢م، لينقطع الاتصال به بعد ساعات من تهديده، قبل أن تظهر جثته لدى قسم شرطة المنار بالعاصمة الرياض.

ووصف الناشطون علي العليي بخاشقجي اليمن، في إشارةٍ إلى التوحش والجرم الذي حصل له في السجون السعوديّة، مشيرين إلى أن جمال خاشقجي، تم استدراجه إلى القنصلية السعوديّة في إسطنبول التركية وهناك تعرض لأقذع وأشنع أشكال التصفية الجسدية، حَيثُ تم قتله وتقطيع جثته بالمنشار وإخفاء الجثة من قبل فريق الاغتيالات التابع لمهفوف السعوديّة محمد بن سلمان.

وأوضحوا أن جرائم ومذابح آل سعود بحق أبناء القطيف والناشطين والحقوقيين والدعاة الذين عبروا عن رفضهم لسياسة ابن سلمان تتوالى واليوم يقف العالم مذهولاً أمام جريمة قتل العليي.

وأكّـدوا أن هذه الجريمة لن تمر مرور الكرام، وستضاف إلى قائمة الجرائم البشعة التي ارتكبتها عصابة آل سعود الإجرامية، داعين الجميع إلى تسليط الضوء على المظلومية التي تعرض لها العليي، على اعتبار أن القضية قضية كُـلّ اليمنيين الشرفاء وَليست قضية شخصية خَاصَّة بأسرة المجني عليه.

 

جرائمُ سابقة

وليست هذه الجريمة التي تعرض لها له المواطن اليمني المغترب في المملكة العربية السعوديّة علي هضبان العليي هي الأولى، أَو حالة استثنائية، وهي تعكس السلوك الوحشي للنظام السعوديّ، ومخالفته لكل القوانين الإنسانية والدينية، فالقصص كثيرة والآلام كبيرة ومعاناة اليمنيين وغيرهم من المغتربين على أراضي مملكة الشر تملأ السجون ضجيجاً واستغاثةً.

وعن طريق التنقيب في الذاكرة تحضر محنة سلطان الدعيس، الذي عذب وقتل في سجون السعوديّة عام ٢٠١٠م، حَيثُ اعتقل الدعيس في أُكتوبر 2006م وأكّـد قبل وفاته في زيارات عائلية تعرضه للتعذيب.

وبعد أن سمح النظام السعوديّ لشقيقه برؤية جثمانه، لاحظت الأسرة أن جسده كان يحمل علامات واضحة تدل على ما تعرض له من تعذيب وضرب على أجزاءٍ مختلفة من الجسد.

ويعد نزار آل محسن كذلك واحداً من ضحايا التوحش السعوديّ، ففي 16 نوفمبر 2016م مات الشاب نزار آل محسن في مركز شرطة تاروت، وادعت الجهات الرسمية حينها أن سبب موته سكتة قلبية، إلا أن مصادر تواصلت مع المنظمة وأفَادت بأن الطب الشرعي أكّـد أن موته؛ بسَببِ نزيف داخلي.

وتعرض شاب آخر يمني الجنسية للاعتقال ثم القتل بعد تعذيبه بطريقةٍ قاسية، حيت فارق الحياة على يد قوات النظام السعوديّ في جريمة شهدت هي الأُخرى إدانات واسعة من قبل حقوقيين وناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي.

وأدان المئاتُ من الناشطين اليمنيين في الداخل والخارج، استمرار جرائم النظام السعوديّ وانتهاكاته بحق المغتربين، في إطار عدوانها العسكري والاقتصادي على الشعب اليمنيين المتواصل منذ 8 سنوات.

وتأتي إدانات الناشطين في مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، عقب الإعلان عن مقتل مغترب يمني بعد اعتقاله وتعذيبه بصورة وحشية في أحد السجون بالمملكة السعوديّة.

وأوضح الناشطون أن الشابَّ اليمني المقتول يدعى معاذ وهو مغترِبٌ منذ سنوات طويلة في السعوديّة ويعاني من السكر وبعض الأمراض المزمنة، مبينين أنه اعتقل قبل يومين بحجّـة عدم امتلاكه الكفالة، حَيثُ قامت السلطات في المملكة بإيداعه السجن والقيام بتعذيبه حتى الموت.

 

أوضاعٌ مأساوية

ويعيش المغتربون اليمنيون في السعوديّة أوضاعاً مأساوية في ظل ارتفاع التكاليف الإضافية التي تضاف عليهم ويتوجب عليهم دفعها شهرياً وسنوياً، إلى جانب استمرار الاعتقالات التي تقوم بها القوات التابعة للنظام السعوديّ واستباحتها للدم والمواطن اليمني، في حين أن حكومة المرتزِقة الخاضعة للتحالف وقوى العدوان الغاشم والوحشي على اليمن منذ 8 سنوات وتتخذ من الرياض مقراً لها لا تحَرّك ساكناً، ومُستمرّة في صمتها وتغاضيها عن تلك الممارسات والجرائم.

وفي سجونٍ مظلمة يتعرض فيها الكثير للقتل تارة وللتعذيب بكل أساليبه المختلفة والشديدة تارةً أُخرى، إضافة إلى تراكم القضايا وتكرار استخدام المبرّرات نفسها، في حالات الموت تحت التعذيب أَو بسَببِ سوء المعاملة أَو غيرها، وهو يبين النهج المتبع في السعوديّة وانعدام أي سبل لتحميل المسؤوليات للجهات الرسمية ومحاسبة أفرادها.

ويثير التعذيب والإهمال الصحي الذي يجري في السجون السعوديّة، الريبة تجاه أية حالة موت تحدث في السجون، وتزايد احتمالية أن يكون ضحية للتعذيب.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com