عالميةُ الإسلام..بقلم/ احترام المُشرّف

 

الإسلامُ وكتابُ الإسلام الذي هو القرآن الكريم هما دستور حياة للعالم أجمع ولكل الإنسانية وموافق لكل العصور وملائم

لكل التغيرات ومعالج لكل الأُطروحات والآيات القرآنية خير دليل وبرهان على عالمية الإسلام، فقد نادى الإنسانية  بقوله:                           “يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي                         تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا” من سورة النساء- آية (1).

ونادى بني آدم على اختلاف ألوانهم وجهاتهم ودياناتهم بقوله: “يَا بَنِي آَدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ”                              من سورة الأعراف- آية (27).

وأرشد الجميع أن دينهم واحد فقال: “إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإسلام” من سورة آل عمران- آية (19).

ونبه على أن لا دين غيره وقال: “وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإسلام دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخرة مِنَ الْخَاسِرِينَ” من سورة آل                         عمران- آية (85).                                                                                                                                            وأن نبي الإسلام محمد هو رسول البشرية أجمع وقال: “وَمَا أرسلنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَـمِينَ” من سورة الأنبياء- آية (107)،                               وقال: “قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِـمُون” من سورة الأنبياء- آية (108).

هذه نماج وهناك غيرها الكثير من الآيات التي تؤكّـد عالمية الإسلام وشموليته لكل بني البشر، والذي حَــدّ من هذه العالمية                            هو ما يسمى بنظام العولمة والذي جعل العالم قرية صغيرة تستطيع فيها قوة النفوذ المتحكمة فرض ما تريد وإلغاء ما لا                              تريد وكانت محاربة عالمية الإسلام هي توجّـههم الأَسَاسي وساعد على ذلك عاملان اثنان: الأول أعداء الإسلام الأبديون                             وهم اليهود المعروفين بالمكر والخديعة والمؤامرات طويلة المدى، ومؤامرتهم ضد عالمية الإسلام معدة منذ قرونٍ طويلة وأمدٍ                      بعيد وبدأوا بمحاربة الإسلام منذ أن أصبحوا هم من يسيطر على القرارات في مراكز القوة العالمية وهم من يوجه القرارات                       للكثير من القائمين على رأس الدول الإسلامية، والذين لم يعد يربطهم بالإسلام إلا ما يسجل في هُــوِيَّاتهم في خانة مَـا هِي الديانة،                      وأصبحوا عملاء رسميين على الإسلام من أعداء الإسلام.

العامل الثاني وهو الأشد خطرًا؛ لأَنَّه العدوّ الذي يرتدي ثياب الصديق، إنه عدو الإسلام والذي هو في نظر المسلمين القائم بأمر الإسلام أنهم من يتسمون بالعلماء، والعلم منهم براء إنهم علماء البلاط الذين يوجهون عامة الناس وفق ما تريده القوى المحاربة لعالمية الإسلام، إنهم من جعلوا من الإسلام دين التشدّد والعصبية والقتل والذبح ورفض الآخر وعدم التعايش مع الغير، إنهم من يلصقون اسم الإرهاب بالإسلام والذي هو دين السلام والسماحة والرأفة والرحمة.

قد وجدت الجماعة المعادية لعالمية الإسلام في التناقض المذهبي والتعصب الطائفي بغيتها لقوقعة الإسلام من خلال تصارع المسلمين فيما بينهم، فإذا لم ينتبه أصحاب المذاهب الإسلامية بكل مسمياتها لهذه الألاعيب فَـإنَّهم سيكونون هم حجر عثرة في طريق الإسلام، وعندما يقول قائلهم إن الله لم يأمرنا أن نتعبده على ما يقول الحنفية أَو الزيدية أَو المالكية أَو الشافعية أَو الحنبلية وإنما نتعبده بكتابه وسنة نبيه، وهذه دعوة باطلة من أَسَاسها؛ لأَنَّ كُـلّ الفقه الإسلامي في العالم الإسلامي كله قائم على هذه المذاهب الإسلامية المألوفة، والاجتهاد لا يكون صحيحًا إلا إذَا التزم بضوابطه في خدمة الإسلام وإضافاته التجديدية إلى الاجتهادات السابقة وليس بنسف ما سبق والتنمر على أئمة العلم السابقين.

يقول الحبيب أبو بكر المشهور وهو يتحدث عن ضيق الأفق عند بعض من أهل الطوائف والذين هم مسموعي الكلمة: إن ضيق الأفق الذي صنعته عقليات الخبراء المعادين لعالمية الإسلام قد حول الكتاب والسُّنة من عالميته الكبرى إلى سلاح قومي وفئوي وسياسي وحزبي يستفرغ به الفرد حقده وكيده وتعصبه المقيت ضد كُـلّ مخالف له ونسي أَو تناسى أن هناك قواسمَ مشتركةً له مع الآخر، وزاد في القواسم المشتركة وضوحًا، حَيثُ يقول: والأصل هو الالتقاء على القواسم المشتركة والاعتراف بالآخر ومشروعية وجوده في الحياة والديانة والأهداف حتى تضيق مساحة الاختلاف وما يترتب عليه من انفعالات، وتعتبر القواسم المشتركة المنطلق الأَسَاسي والقاعدة الثابتة لعالمية الإسلام وهو الشمولية لمفهوم السلام والرحمة والمحبة، انتهى كلام الحبيب المشهور.

ومن هنا ندرك أن التطرف بكل أشكاله وأنواعه يحد من عالمية الإسلام بل ويجعل من الآخر ينفر وهو يرى أبناء الإسلام يتناحرون فيما بينهم ويتشرذمون إلى فرقٍ وطوائف، وكان من المفترض أن يكون اختلافهم فيه إثراء لمعاني الإسلام وسعته وأنهم ومع اختلافهم ما زالوا جميعاً مجتمعون في دائرة الإسلام هدفهم إيصاله إلى كُـلّ أرض لم تشرق عليها شمس الإسلام، لا أن يكونوا أعداء فيما بينهم ينقلون إلى غير المسلمين صورة غير حسنة عن الإسلام.

فالإسلام أَسَاسه ومنهجه الفقهي أن لا نصارع أحداً في مفاهيمه ولا نطالب صاحب رؤية أن يرجع عن رؤيته بل علينا تبسيط ما عندنا لنقرب مسافة البعد المذهبي المسيس، أما ما يحدث فهو صورة ليست غير حسنة فقط بل هي صورة سيئة تجعل من أراد الاقتراب يبتعد أكثر وأكثر، ومن همّ بالاعتناق يفضل الافتراق قبل الاعتناق، (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إذ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أنت الْوهَّـاب) من سورة آل عمران- آية (8).

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com