حالةُ اللا سلم واللا حرب تتمدد: استئنافُ العدوان الخطةَ “ب”

 

المسيرة: عبد الحميد الغرباني

دائماً ما غلّبت واشنطن نظريةَ “الاستقرار في الشرق الأوسط مشكلة” وترنُّحُ الهُــدنة في اليمن شاهدٌ جديدٌ على استمرارية هذه الاستراتيجية، هي لا ترضى أن يتنفَّسَ اليمنُ الصعداءَ، لكن ما الهدفُ وراء ذلك؟ وَلماذا تعمدُ واشنطن لإطالة فترة اللا سلم واللا حرب؟ أَو بشكلٍ آخر ما الذي تتوخى إنجازَه على ساحتنا الوطنية بعيدًا عن أجنداتِها الإقليمية والدولية؟ وكيف تتعاملُ القيادةُ مع سياسة أمريكا تجاه اليمن؟

في التالي من السطور قراءة تحليلية من منظور شامل عسكري أمني وسياسي اقتصادي، مع ثلاث شخصيات ذات صلة توافق حديثها عند وصف هذه الفترة بالوقت المُستقطع من الصراع والمواجهة، في جانب منه، وهنا مكمَنُ الخطر على الشعب اليمني؛ لأَنَّ صورةَ السلام تختلف من حينٍ لآخر، والسلام الذي يسودُ بلادنا فترةُ احتقان يُراد له أجنبياً أن يتهيَّأَ للانفجار في الداخل الوطني وعليه، وبالتالي ثمة ضرورةٌ مُلحة لتحويل ما يُدعى بالسلام أَو الهُــدنة دون اتّفاقٍ إلى تجمع للانقضاض المنتظَر في الميدان المدجح.

حالةُ اللا سلم واللا حرب تتمدد، ضغطُ الأجندة الأمريكية يعقّد المفاوضات ويحولُ دونَ التوصل لتسوية، ويخلق هاجساً يمنياً متفاقماً يرى أن استئناف العدوان الخطة “ب” أمريكياً.

أهداف قوى العدوان من إطالة حالة اللا سلم واللا حرب متعددة أهمها -برأي الفريق جلال الرويشان- “إنهاك اليمن اقتصاديًّا وسياسيًّا” يجزم نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع والأمن أن “الهدف لن يتأتى لقوى العدوان” ويقدم “وحدة القيادة والشعب” عامل إحباط لحالة اللا سلم واللا حرب كتهديدٍ قائم.

من جهته يؤكّـد د. ياسر الحوري، أن المُعطى نفسَه يتصدَّرُ اهتمامَ السيد القائد “القيادة تتعامل مع المتغيرات بحكمة واسعة وحالة اللا سلم واللا حرب لن تمتد إلى ما لا نهاية”، وتبرز الولايات المتحدة الأمريكية كمعرقلٍ رئيسي للسلام وكراعٍ للعدوان والحديث لأمين سر المجلس السياسي الأعلى “التحَرّكات الأمريكية تفشل جهود السلام وتعارض استحقاقات الشعب لتعميق المعاناة في اليمن” يتابع الحوري في حديثه للمسيرة “ملفات رواتب الموظفين ورفع الحصار بشكلٍ كلي عن ميناء الحديدة ومطار صنعاء، تلقى معارضة من أمريكا وأدواتها”.

“التصادُمُ واضحٌ وساخنٌ بين الأجندة الأمريكية واليمنية؛ كون خدمة مصالح الشعب واستحقاق الموظفين أولوية وطنية لا تحتمل الترحيل، تعطيل مظاهر الحصار وَأكثرها شمولاً ضد اليمن ضرورة للنجاة بالثروة وتجنيب وضع عيش الناس في مأزق بوصف نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية”.

يقول د. رشيد أبو لحوم للمسيرة: “إن جهودَ إيقاف نهب النفط نجحت لكن عمليات نهب الثروة كلها لم تتوقف بعد، فهناك الكثير من الثروات المنهوبة في حضرموت وجزيرة سقطرى”، فيما يرى أبو لحوم ضرورة أن توظف لصالح الشعب اليمني وخدمته، لا ندري إن كانت مرواحة حماية الثروة ستتسع فتشمل مجالات أُخرى غير النفط؛ لكن أبو لحوم يقدم تفسيراً أوضح لهدف العدوان الرئيسي، أي الإنهاك الاقتصادي للشعب “من أشكال النهب الذي يتعرض له اليمن، الأموال التي تجبى دون وجه حق من قبل المرتزِقة كضرائب وغيرها” ويوضح أبو لحوم “تحويل واردات السلع والبضائع التجارية عن ميناء الحديدة لموانئ تحت الاحتلال يرفع كلفها لمضاعفة أعباء المواطنين”.

لا أحد يشعرُ بالسلام في اليمن، من أسفل القاعدة وحتى أعلى الهرم، حتى في الولايات المتحدة الأمريكية لقد أتعبهم كذب دعم عملية السلام في اليمن، فلاذوا للتنديد بحماية الثروة اليمنية، نحن أمام حالة سياسية قذرة تؤكّـد تغليبَ واشنطن نظرية “الاستقرار في الشرق الأوسط مشكلة” ترنح الهُــدنة في اليمن إضاءة على هذه النظرية، فقد عُلّق التفاوضُ عند نيل اليمن بعض حقوقه الإنسانية الطبيعية ملف توظيف الثروة لحساب الرواتب والخدمات العامة وعودة الواردات لميناء الحديدة ووجهات مطار صنعاء، لكن ما خيارات اليمن في ضوء ذلك؟ سألت “المسيرة”، فجاء الرد، أن مِنَصَّةَ التغلُّبِ على ذلك جاهزة، يؤكّـد الحوري “هناك خيارات تدرسها صنعاء على مستوى استراتيجي في الإطار السياسي والعسكري لمواجهة السياسة الأمريكية تجاه اليمن” ويغمزُ الفريق الرويشان “على قوى العدوان أن تعي أن مد يد السلام لا يعني التخلي عن الزناد وعلى المجتمع الدولي أن يستوعب سياسة صنعاء”.

للهُــدنة أن تكونَ مجموعة ملفات تحت مظلة واحدة أَو سبحة متعددة الألوان للتوصل لاتّفاق متوازن، لناحية أن تفريغ كامل العملية التفاوضية لنقطة الصفر يعني درجة العدوان المتجدد والغليان في القاموس اليمني فهل تقابلها واشنطن بمزيدٍ من العبوس والمغامرة وبدلاً عن أن تغيّر نفسها تواصل التصرف كأنها أشد إصراراً على تغيير الآخرين والتعبير عن شعورها المُستفز بتآكل هيمنتها والفشل المتمادي لسياساتها وَتهالك مكانتها.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com