الجبهةُ السياسية..بقلم/ د. فؤاد عبدالوهَّـاب الشامي

 

لم يقتصرِ العدوانُ على الجبهة العسكرية فقط، ولكنه طال جميعَ الجبهات الأُخرى السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتأتي الحربُ على الجبهة السياسية في الأهميّة بعد الحرب على الجبهة العسكرية، ولذلك فإنَّ المحاربين في الجبهة السياسية بقيادة الأُستاذ محمد عبد السلام يبذلون جهودًا كبيرةً إلى جانب القيادة الثورية والقيادة السياسية لتحقيق مطالب الشعب اليمني وتوفير احتياجاته الإنسانية من خلال المفاوضات.

هذه الجبهة تواجهُ ضغوطاً هائلةً من قبلِ مختلفِ القوى الإقليمية والدولية في المرحلة الراهنة؛ بهَدفِ الحصولِ على تنازُلاتٍ من حكومة الإنقاذ لتمرير تمديد الهدنة الأممية التي انتهت في الثاني من شهر أغسطُس الماضي، ولكن الصمودَ الأُسطوري لهذه الجبهة أفشل تلك الضغوط التي تقودُها أمريكا وحلفاؤها ودفعها إلى تقديم بعض التنازلات التي لم تلبِّ مطالبَ الشعب اليمني الأَسَاسية وما زالت معركة التفاوض قائمةً إلى الآن.

لم تأتِ النجاحاتُ التي حقّقتها الجبهةُ السياسية في الفترة الماضية من ضربة حظ أَو بسَببِ حصولها على دعم أَو مساعدة من أي طرف، ولكنها جاءت من خلفيةٍ معرفيةٍ واضحةٍ بالظروف التي تمر بها بلادنا وبالوضع الداخلي للمناطق الحرة والذي يتسمُ بالقوة والتماسك بين القيادة والشعب، إضافةً إلى الإيمان الكامل بضرورة معالجة الوضع الإنساني قبل الدخول في مفاوضات سياسية.

كما اكتسب القائمون على هذه الجبهة الخِبْــرَةَ الكافيةَ للاستفادة من الظروف الإقليمية والدولية وتوظيفها لصالح تحقيق مصالح الأُمَّــة ومطالب الشعب من خلال التفاوض مع المعنيين في جانب العدوان، وتمكّنت الجبهةُ من تحقيق انتصارات كبيرة استغرب لها الأعداء قبل الأصدقاء.

وبعض المتابعين للشأن اليمني في الداخل والخارج يحيلون سبب هذه الانتصارات إلى الوضع الدولي المعقد ورغبة أمريكا في عدم استمرار حرب اليمن لتأثيرها المباشر على أسعار النفط والغاز في ظل الحرب الروسية الأوكرانية، ولكن أُولئك المتابعين يتجاهلون أن أمريكا لا تسمحُ لأيةِ دولة مهما كان حجمُها بلَـيِّ ذراعها في أية قضية مهما كانت طبيعتها، وأن ما حدث في اليمن يعتبر غيرَ مألوف؛ لأنَّ الجميع ينظر إلى حكومة صنعاء بأنها متمردة لا تأبهُ لمبادئ السياسة الدولية ولا تخضعُ للنظام العالمي الذي يحتكرُ تحديدَ الطرف الشرعي والطرف المتمرد.

ولكن ما حدث في الوقع أن المفاوِضَ اليمنيَّ تجاوز كُـلَّ تلك المعوقات وتمكّن من فرض شروطه ومطالب شعبه على كُـلّ القوى المعادية، معتمداً على توجيهات القيادة وعلى إمْكَانياته التي اكتسبها من الواقع وعلى الثقة التي منحها له الشعبُ اليمني.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com