شتاءٌ متجمِّدٌ “الحرارة والاقتصاد” يضرب القارة العجوز..بقلم/ محمود المغربي

 

انكماشٌ اقتصاديٌّ يضربُ ألمانيا أكبرَ الدول الأُورُوبية صناعةً وإنتاجاً وعشرات المصانع الكبيرة في ألمانيا مهدّدة بالإغلاق، وفي أفضل الأحوال تقليص الإنتاج نتيجة الارتفاع الكبير في أسعار الطاقة وقرب انتهاء عقود التزود بالطاقة القديمة بحلول العام الجديد!

فمع انتهاءِ العام الحالي يتوجبُ على أغلب المصانع والشركات داخل ألمانيا تجديدُ عقود التزود بالطاقة الكهربية والدفع بالأسعار الجديدة والباهظة؛ بسَببِ توقف إمدَادات النفط والغاز الروسي إلى أُورُوبا.

ومن المرجح أن لا تستطيعَ أغلبُ تلك المصانع تحمُّلَ التكلفة العالية في أسعار الطاقة التي سترفع تكلفة الإنتاج وبالتالي رفع أسعار المواد المنتجة وصعوبة المنافسة في الأسواق المحلية والعالمية.

وحتى مع كُـلّ الحلول والإجراءات البديلة التي تعد بها الحكومة الألمانية إلا أن تلك البدائل غير عملية خُصُوصاً عندما نتحدث عن تزويد مصانع عملاقة بالطاقة الكهربية مثل مصانع صناعة الحديد الصلب ومصانع البتروكيماويات التي تحتاج إلى طاقة كهربائية كبيرة كما أن البدائل عالية التكلفة ولن تكون متاحة إلا بعد سنوات.

مع العلم أن مصانع بتروكيماويات هي المسؤولة عن تزويد أغلب المصانع الصغيرة بالمواد الكيميائية والأولية اللازمة لصناعة المنظفات والمساحيق والمفروشات والكماليات وغيرها وهذا ما يضاعف أسعار كُـلّ شيء، وبلا شك سوف تظهر الآثار السلبية الكارثية في الأسواق الألمانية والأُورُوبية في الشهور الأولى من العام الجديد، فحتى الآن لا تزال كبار المصانع تشتري الطاقة الكهربائية بالعقود والأسعار السابقة.

وبالطبع تحاول الدولة الألمانية تطمينَ الناس على أمل حدوث انفراج وتغير في مسار الصراع في أوكرانيا إلا أن الوضع يزداد سوءًا ولا أملَ في الأفق وألمانيا والدول الأُورُوبية بشكلٍ عام أمام أزمة كبيرة وشتاء بارد حَــدَّ التجمد ليس في درجة الحرارة بل التجمد الاقتصادي وسبل العيش التي سوف تكون باهظة التكاليف وقد نشهد ثورة جياع تجتاحُ ألمانيا وكل أُورُوبا التي تشهد موجة جفاف نتيجة الاحتباس الحراري والتغير المناخي والذي سوف يزداد سوءًا بعد تراجع أغلب الدول الأُورُوبية عن الإجراءات التي تم اتِّخاذها في السنوات الماضية للتقليل من التلوث وانبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون المسؤول الأول عن الاحتباس الحراري والعودة إلى استخدام الفحم الحجري لتوليد الطاقة وما سوف ينتج عن ذلك من تلوث ومخاطر بيئية.

لقد كان بالإمْكَان تجنب كُـلّ هذا لو أن ألمانيا لم تنجر خلف الغطرسة والمطامع والمصالح الأمريكية التي تسببت بكل كوارث القارة الأُورُوبية في الماضي والحاضر وليست روسيا التي أنقذت أُورُوبا من النازية وهزيمة قوات هتلر الذي اجتاح الدول الأُورُوبية بكل سهولة، وكانت السبب في الوفرة والنمو الاقتصادي الكبير في أُورُوبا بضخ كميات هائلة من الغاز والنفط الروسي إلى أُورُوبا بأقل الأسعار لتتم مقابلة ذلك من قبل الأنظمة الأُورُوبية بالمؤامرات والعقوبات الاقتصادية والسعي إلى تفكيك الدولة.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com