معادلةُ “حماية الثروات” تربكُ العدوّ وتكشفُ انعدامَ خياراته

العزي: الإداناتُ لن تؤدّيَ إلى عودة النهب وعملياتنا القادمة لن تك

الشامي: لا تجديدَ للهُــدنة إلا بشروط اليمن والمماطلة لن تؤتي أكلها

 

المسيرة: خاص

مع نَجَاحِ صنعاءَ في فرضِ معادلةِ حمايةِ الثروات اليمنية ومنعِ نهبها، وجد تحالُفُ العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي نفسَه أمام خطرِ فقدانِ سلاح التجويع والابتزاز الذي أصبح يعتمد عليه بشكل رئيسي لتعويض عجزه الميداني، فاندفع لمحاولة ترهيب صنعاء من خلال حشد مواقف دولية وإقليمية تدين العمليةَ التحذيرية النوعية التي نفذتها القوات المسلحة الجمعة، كما قام بدفع مرتزِقته للحديث مرة أُخرى عن التوجّـه نحو التصعيد، الأمر الذي ردَّت عليه صنعاءُ بتجديدِ تأكيدِ موقفِها الثابِتِ المتمسك بضرورة صرف المرتبات من إيرادات البلد ورفع الحصار، وحذرت من أن استمرار العدوّ بالتعنت لن يؤدي إلا إلى المزيد من التصعيد.

الإداناتُ التي حشدها تحالُفُ العدوان ورعاته إزاءَ الضربة التحذيرية التي نفّذتها صنعاءُ لمنع سرقة مليوني برميل من النفط الخام، كشفت تخبطاً كَبيراً يعيشه العدوّ، ما بين عجزه عن عرقلة خيارات وقرارات صنعاء، وحاجته إلى بقاء الهدوء النسبي وعدم عودة التصعيد العابر للحدود، حَيثُ يحاول من خلال الإدانات خلقَ ضغوط على صنعاء للتراجع عن قرار حظر تصدير النفط؛ مِن أجلِ أن يتمكّن من مواصلة استخدام سيطرته على الموارد كسلاح حرب وورقة ابتزاز.

لكن هذه ليست المرة الأولى التي يلجأ فيها تحالف العدوان إلى حشد المواقف للضغط على صنعاء، علماً بأن هذا المسعى ينتهي كُـلّ مرة بالفشل التام، الأمر الذي يعيده دائماً إلى مواجهة الخيارات الوحيدة أمامه وهي: الاستجابة لمطالب صنعاء، أَو المخاطر بعودة التصعيد.

وفي محاولةٍ مرتبكةٍ للتغطية على ضعفِ موقفه وإيجاد مخرج وهمي من هذا المأزق، دفع تحالف العدوان بحكومة المرتزِقة للحديث مرة أُخرى عن الاستعداد لاستئناف المعارك، واستهداف محافظة الحديدة ومينائها، وهو ما عبّر بشكل واضح عن خوفِ دول العدوان (التي اكتفت بالإدانات) من تبني هذا التوجّـه بشكل مباشر؛ لما قد يترتب عليه من تداعيات خطيرة، لكن ذلك يعني بدوره أنها لا زالت غير مستعدة للمضي في طريق التهدئة الحقيقية والسلام الفعلي، وأنها تحاول تكريس دعاية “الحرب الأهلية” من خلال الدفع بالمرتزِقة إلى واجهة مشهد الحرب والسلام.

وعلى أية حال، فَـإنَّ إدانات تحالف العدوان وتهديدات مرتزِقته، لم (ولن) تغير من موقف صنعاء شيئاً، إذ أكّـد نائب وزير الخارجية بحكومة الإنقاذ حسين العزي أن: “كل تلك الإدانات الواسعة لحق الشعب اليمني في حماية ثرواته المنهوبة غير منطقية وتعكس حالة بشعة من الحَوَلِ الدولي الذي يرى ردة الفعل ولا يرى الفعل ويدين الدفاع ولا يدين الاعتداء”.

وَأَضَـافَ العزي: “نقول للجميع: نظرتُكم الخاطئة لن تمكّن أدواتكم من سرقة المزيد؛ لأَنَّ في اليمن 40 مليون يمني محاصر وكلهم متخصصون في علاج هذه النظرة”.

وأكّـد العزي أنه “من الواجب احترام حق الإنسان اليمني في السفر وفي الحصول على الوقود وكل احتياجاته الأَسَاسية دون قيود، واحترام حقه في الاستفادة من نفط وغاز بلاده” مُشيراً إلى أن هذا ليس صعباً.

ويعتبر هذا تأكيدًا واضحًا على ثبات الموقف الوطني التفاوضي الذي تحاول دول العدوان زعزعته بالضغوط والتهديدات على أمل الوصول إلى تمديد للهُــدنة بشروطها الخَاصَّة التي تطيل أمد معاناة الشعب اليمني وتكرس حالة العدوان والحصار.

وردًّا على التهديدات المرتبكة التي حاول تحالف العدوان توجيهها لصنعاء، أكّـد نائب وزير الخارجية أنه: “سيكون من الجيد تجنب الاستخفاف بمعاناة الشعب اليمني المظلوم؛ لأَنَّ الضربات القادمة لن تكون تحذيرية“.

وأضاف: “إن مشهد نهب ثرواتنا النفطية والغازية وأبناء البلد يموتون جوعاً ليس فقط مستفزًّا وإنما يستنفد كُـلَّ صبرنا” محذراً “من أي استفزاز إضافي ضد صنعاء“.

هذا أَيْـضاً ما أكّـده وزير الإعلام بحكومة الإنقاذ الوطني، ضيف الله الشامي، في حديث للميادين جاء فيه أنه: “إذا لم يتم التوصل إلى فتح موانئ اليمن ومطار صنعاء ودفع رواتب الموظفين، فَـإنَّ المماطلات لن تؤتيَ أُكُلَها” في إشارة إلى محاولات تحالف العدوان استغلال مفاوضات تجديد الهُــدنة لإضاعة الوقت وتقييد خيارات صنعاء، مع استمرار العدوان والحصار.

وَأَضَـافَ الشامي أنه لن يكون هناك أي تمديد أَو تجديد للهُــدنة “إلا بشروط اليمن”، في تأكيد إضافي على انسداد أفق كُـلّ الضغوط والتهديدات التي يعول تحالف العدوان عليها لتغيير موقف صنعاء.

وبخصوص معادلة حماية الثروات ومنع نهبها، أكّـد الشامي أن “رسائل صنعاء وصلت إلى الشركات المعنية” وأن “الدول التي تمتلك السفن التي تنقل النفط اليمني أخذت التحذيرات على محمل الجد“.

وَأَضَـافَ أنه: “في حال استجابت الشركاتُ للضغوط الأمريكية والأُورُوبية لن يقتصرَ الردًّ على ضربات تحذيريّة وإنّما قد يتطوّر إلى ضربات مباشرة وموجعة“.

ردودُ مسؤولي صنعاءَ على تهديدات وإدانات تحالف العدوان ورعاته ومرتزِقته، توجّـهُ رسائلَ واضحةً ومهمةً أبرزها أن مساعيَ العدوّ لتجنب تداعيات استمرار الحرب والحصار، والاختباء خلف واجهة المرتزِقة لن تجدي نفعاً، وأن ثمن التعنت إزاء استحقاقات صرف المرتبات ورفع الحصار ستدفعُه السعوديّة والإمارات وليس ما يسمى بالمجلس الرئاسي للخونة، وهو ما يعني أن الطريقَ الوحيدَ أمام الرياض وأبو ظبي ورعاتهما هو التعاطي مع مطالب صنعاء لتجديد الهُــدنة؛ لأَنَّ مرور المزيد من الوقت بلا اتّفاق، وفي ظل استمرار معاناة الشعب اليمني، هو مسارٌ سبق أن سلكته دول العدوان ولم تجد في نهايته سوى الضربات القاسية.

هذه الرسائلُ تؤكّـد أَيْـضاً حقيقةً مهمةً هي أنه من المستحيل إعادةُ العجلة إلى الوراء، وأن الجُهدَ الذي تبذُلُه دولُ العدوان ورعاتها في محاولة تحقيق هذا المستحيل، هو جهدٌ ضائعٌ يجبُ أن يتوجّـهَ إلى التعاطي مع المطالب الإنسانية والقانونية المحقة لصنعاء، قبل أن يزداد تعقيد الموقف وتصبح الخيارات العسكرية أكثر حضورا في المشهد من خيارات التهدئة والسلام.

بالمجمل، إنه مفترقُ طرق إضافي سبق لدول العدوان أن مرت بمثله في محطات سابقة، ولم تنجح ولا مرة في شق أي مسار مختلف عن المسارات التي حدّدتها صنعاء وهي: السلام الفعلي الذي يلبي مطالب الشعب اليمني، أَو عودة التصعيد، وحقيقة أن مراوغات تحالف العدوان كانت تنتهي كُـلّ مرة بالتصعيد الذي يكبدها المزيد من الخسائر، تجعل كُـلّ الضغوطات والتهديدات التي تحاول صناعتها الآن بلا معنى، وتؤكّـد أن توجّـهَ صنعاء نحوَ فرض المزيد من المعادلات على الميدان سيبقى الخيار الصائب إلى أن يتوقف تحالف العدوان عن تكرار نفس الأخطاء.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com