١٤ أُكتوبر.. ثورةٌ ضد المحتل البريطاني مع وقف الاستقلال..بقلم/ بلقيس علي السلطان

 

الحريةُ ورفضُ الاستعباد فطرةٌ إنسانية، لمَن استقوا العزةَ والكرامة، وارتووا بالإباء والشموخ، فكيف لمثل هؤلاء أن يرضوا بالاحتلال والوَصاية، والتحكم على الرقاب والسيطرة على مقدرات الوطن!

لقد أثبت الإنسانُ اليمني على مر التاريخ أنه عصيٌّ على الغزو والاحتلال وسطّر مواقفَ بطوليةً لنيل حريته ممَّن سولت لهم أنفسهم باحتلال اليمن والسيطرة عليها، وجعلوا من أرضها مقبرة للغزاة، لكن محاولات الغزو تكرّرت وتكرّرت معها الثورات التي ترفُضُ الانقيادَ للمحتلّ ومنها ثورة ١٤ أُكتوبر التي قامت ضد المحتلّ البريطاني الذي احتل أجزاءً واسعة من الدول في مختلف القارات، وكانت تسمى مملكتهم بالمملكة التي لا تغيب عنها الشمس، لكن الثائرين اليمانيين جعلوا شمسَ المملكة تأفل من أنحاء اليمن لتشرق شمس الحرية فيها ويعم دفءُ الاستقلال فيها.

لم تنتهِ أطماعُ الغزاة في اليمن؛ كونه يمتلكُ موقعاً جغرافياً هاماً بإطلاله على باب المندب الاستراتيجي، ولذلك تكرّرت محاولاتُ السيطرة على هذا الموقع الهام وكان آخرها التحالفُ على رأسه الأمريكي البريطاني ضد اليمن وشن عدوان ظالم عليها نتج عنه احتلالُ المناطق الجنوبية من جديد تحت عناوين زائفة تخدع شعب اليمن كإعادة الشرعية ومحاربة الانقلابيين وغير ذلك من المبرّرات الواهية؛ مِن أجلِ شرعنة الاحتلال وإعطائه طابع الإنقاذ والدفاع!

اليوم وبعد سبع سنوات من العدوان واستمرار الاحتلال للمناطق الجنوبية، تمر على اليمنيين الذكرى الـ٥٩ لثورة الـ١٤ من أُكتوبر مع وقف تنفيذ الاستقلال الذي ناله الجنوب اليمني بعد تضحيات جسيمة من أبنائه الذين قدموا أرواحهم وأرخصوا دماءهم في مواجهة المحتلّ الأجنبي، ليعود ذلك الأجنبيُّ الأمريكي البريطاني من جديد ليحكم الجنوب ويتحكم في ثرواته وموقعه الجغرافي والعمل على إخضاع الشعب والقبول بهذا التواجد!

غادرت بريطانيا جنوب اليمن ولفلفت أذيالَ خيبتها، لتعود اليوم مع دول تحالف العدوان وقد استطاعت أن تصنع لها قاعدةً من المرتزِقة الذين تجنّدوا لحمايتهم والدفاع عنهم، متناسين الدماء الطاهرة التي سُفكت؛ مِن أجلِ نيل الحرية والاستقلال.

إن إحياءَ ذكرى الثورات يعتبر محطةً تعبويةً لتعبئة الشعب ضد الاحتلال ورفض الوَصاية، وليس للخُطَب الرنانة والأناشيد البائدة التي لا تسمنُ ولا تغني من جوع، فكيف بمَن يحتفل بذكرى ثورة ضد الوَصاية والاحتلال وضد المحتلّ الأجنبي وهو يحتضن احتلالاً من مختلف الجنسيات بما فيهم المحتلّ الأمريكي البريطاني؟

يجب على أبناء الجنوب أن يفيقوا من غفلتهم ويلتفوا حولَ قضيتهم الجوهرية بتطهير الجنوب من دنس المحتلّين ونفض وصايتهم وتدخلاتهم التي نخرت في الجنوب وأتعبت جسدَه بالمؤامرات والاغتيالات والتلاعب بقوته ومقدراته، يجب عليهم أن يجددوا ثوراتِهم ليحتفلوا بثورةٍ مثمرةٍ واستقلال مُجْدٍ، أمَّا أن يحتفلوا بذكرى ثورة والأعلام الأجنبية ترفرفُ في شوارع وقمم الجنوب فهذا لا يُعقل!

ردفان ما زال شامخاً كعادته ينتظرُ الأحرارُ والثوارُ ليكونَ المنطلَقَ من جديدٍ لثورة عاتية تقتلعُ جذورَ المحتلّين وتركمهم جميعاً في مزبلةِ التاريخ ليرفرفَ في سمائها عَلَمٌ واحدٌ ويكون لها موقفٌ واحدٌ وقائدٌ واحدٌ يحقّقُ لها الاستقلالَ الثقافي والاقتصادي والسياسي… وغيره، وهذا لن يتأتى إلا بوعي أبناء الجنوب بخطط وأجندات الأمريكي والبريطاني ليقفوا ضدها ويرفضوها وينتصروا لأوجاعهم وآلامهم التي سبّبها لهم المعتدون وينتصروا لدماء الأحرار وَالثائرين.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com