21 سبتـمبر.. يمنٌ بلا وَصاية..بقلم/ دينا الرميمة

 

ما من ثمة شك أن الثورات لا تأتي إلَّا من ضرورة ملحة وواقع مضن تعيشه الشعوب تحت وطأة ظلم واستبداد الأنظمة الحاكمة التي تتخذ من كرسي الحكم سلماً لمصالحها الخَاصَّة، فتكون بمثابة محتلّ للوطن تصادر إرادَة الشعوب وتقمع كُـلّ من يستنكر الواقع المعاش.

وبحسب أهداف الثورة وإرادَة أصحابها وما يحملونه من وعي وحب الأرض وعشقهم للكرامة يكون نجاح هذه الثورات! فغالبًا ما تفشل الثورات التي تأتي تنفيذاً لأجندات خارجية وهذا ما لاحظناه خلال ثورات الربيع العربي أَو بالأصح العبري والتي على الرغم من أنها ثورات شعوب تطلعت للتخلص من أنظمة بائدة، إلَّا أن أغلب هذه الثورات اغتيلت باستبدال تلك الأنظمة بأنظمة أسوأ منها أكثر عمالة وقرباً لأمريكا وإسرائيل المحرك الرئيسي لهذا الربيع!!

كما حدث معنا في اليمن التي تأثرت بالربيع وخرج الشعب في 11 فبـــراير بثورة شبابية لإسقاط نظام استبد بالحكم لثلاثة وثلاثين سنة مستغلاً كُـلّ المناصب والثروة لصالح أسرته في ظل تهميش واضح للقوى الفاعلة والوطنية، وتجويع الشعب المحروم من خيرات وطن يحكمه سلطة مرتهنة للخارج لم يكن لها من الحكم إلَّا مُجَـرّد اسم يسيره فارستاين السفير الأمريكي آنذاك وهو الحاكم الفعلي لليمن التي جرها للتطبيع المبكر مع إسرائيل من حَيثُ لا يعلم اليمنيون الذين يرونها العدوّ الأول ويعتبرون فلسطين قضيتهم الأولى.

فكانت ثورة لها أهدافها المحقة في التغيير والاستقلال لأرض وشعب لهما كامل السيادة، لكن سرعان ما اغتيلت بأول رصاصة اجتاحت ساحات الثورة والثوار بعد انضمام قيادات من حزب الإصلاح متقنعين بقناع الثوار تنفيذاً لأجندات خارجية لقمع الثورة وأهدافها عبر المبادرة الخليجية التي تبنتها السعوديّة زاعمة أنها المخرج لحل النزاع في اليمن بينما أمريكا هي من كتبت بنودها الخمسة عشر من ضمنها تقسيم اليمن إلى أقاليم أربعة لكل إقليم الحق في عقد الاتّفاقيات مع الخارج!

أضف إلى هيكلة الجيش ومحاولة تفكيكه وتفتيته بالاستهداف الممنهج عبر العمليات الإرهابية التي باتت تطال أفراده وتطال القيادات الوطنية ما جعل الأمن في اليمن شبه منتهي بعد أن سلمت اليمن لنظام لا يقل عمالة وارتزاقاً عن سابقه.

كُـلّ هذه الأسباب مجتمعة جعلت الشعب اليمني يتنبه للمخطّط الخطير الذي يحاك لهم ولليمن ما جعلهم يعودون إلى ساحات الحرية والكرامة في 21 سبتـــــــمبر ٢٠١٤ لمواصلة اعتصاماتهم الرافضة للمبادرة الخليجية ومشروع الأقاليم واليمن الاتّحادية، مطالبين بيمن بلا وصاية، يمن يحكم نفسه بنفسه له كامل السيادة في قراره وأرضه!!

فكانت ثورة حدّد أهدافها قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، التي ارتكزت في تحقيق مبدأ السلم والشراكة الوطنية وعدم الإقصاء والتهميش ومحاربة الفساد والدعوة إلى التصالح والتسامح لبناء دولة مدنية حديثة.

وهذا هو ما يطمح إليه أبناء الشعب اليمني الذين عمدوا ثورتهم بالدم متسلحين بالوعي الذي استقوه من المسيرة القرآنية وبقيادة السيد القائد من وجدوا فيها القيادة الحكيمة والفذة لإدارة هذه الفترة العصيبة التي تمر بها اليمن، والذي بدوره أعلن التزامه بحماية الثوار وحذر من المساس بهم.

فكانت ثورة سلمية يراها اليمنيون أم الثورات ومصححة لما قبلها من ثورات؛ كونها تعبر عن إرادَة شعب بعيدًا عن أية أجندات خارجية.

وبالتالي فقد كانت ثورة أسقطت أقنعة الخائن العميل في الداخل ووصاية الخارج المستكبر والدخيل على الأرض اليمنية ومعها تهاوت أحلامهم في اليمن وذرتها رماداً في الرياح ما جعلهم يحاولون لملمة ما تبقى لهم من أحلام على هذه الأرض بلغة الحرب والقوة علهم يستردون هيبتهم المكسورة على سفح هذه الأرض، بعد أن أدركوا جيِّدًا حجم الوعي الذي يحمله اليمنيون وبه أخرجوا أمريكا تجر أذيال خيبتها لتأتي بهذا العدوان ظناً أن لغة الترهيب سترغم اليمنيين على الاستسلام لها، لكنهم ما ازدادوا إلَّا تمسكاً بثورتهم وصموداً وتحدياً لهذا العدوان الذي أضاف لهم قوة إلى قوتهم وبأساً هو الأشد اختصر كامل معانيه العروض الدفاعية لوحدات الدفاع والداخلية التي أكّـدت أن هذه الثورة ماضية في تحقيق كامل أهدافها حتى تحرير آخر شبر من أرض اليمن.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com