وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون..بقلم/ أحمد محمد الدفعي

كتابات

من يُتابِع الأحداث التي في عالمنا قديماً وحديثاً ويتأملها بنظرةٍ قرآنية سيجد أنها سُنَنٌ إلهية ثابتة ومتجذرة من يوم دحا الله -سبحانه وتعالى- الأرضَ وقدّر فيها أقواتها، وأن الأمم المتجبرة والطاغية ستزول حتماً مهما بلغت قوتها العسكرية ومهما كثرت خزائنها المالية على أيدي المستضعفين من الناس، المستضعفين المؤمنين الواعين الذين قال الله عنهم: (إذ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ)، (وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأبنائنَا).

وأن عددهم وعدتهم متواضعة مقارنة بقوة عدوهم، وأن كُـلّ المصاعب والآلام التي يكابدها من يسيرون في خط الاستقامة وركاب أولياء الله وأنبيائه ليست سوى طفرة من الزمن سرعان ما تنتهي ويرثهم الله الأرض ومن عليها، وتتحول الأحداث والمتغيرات الكبرى لخدمة المسيرة التي هم فيها بشكلٍ يذهل الجميع.

متغيرات كبرى طرأت في المشهد اليمني من بداية العام ٢٠٠٠م وإلى اليوم أي منذُ بزوغ فجر المسيرة القرآنية من جبال مران بصعدة بقياده السيد حسين بدرالدين الحوثي -رضوان الله عليه- وما مرت به من حروبٍ ظالمة وحملاتٍ تضليلية شاسعة طغت على مشهدية الصراع هناك وعتمت على عين الحقيقة حيناً من الدهر، ولكن مع مرور الوقت وتتابع الأحداث كانت نتائجها ترجّح لصالح هذه المسيرة الفتية ورجالها، وظهر نور الله ساطعاً لا يُحجب وصار أعداؤها يخدمونها من حَيثُ يشعرون أَو لا يشعرون وصناع القرار الذين تجندوا نيابةً عن الأمريكان لقتالها أعلنوا مراراً وتكراراً أنهم اجتثوا المشروع القرآني، وَإذَا بهم يُفاجأون بفتية المسيرة يطرقون على أبواب قصورهم ويقتادوهم أسرى أَو يُجهزون عليهم قتلى، وما حصل من تطورٍ نوعي للقوات المسلحة اليمنية اليوم رغم الحرب الشعواء على اليمن والحصار الخانق من مارس ٢٠١٥م، وما أحدثه الماضي من تراكماتٍ سيئة جعلت القرار اليمني في يد قوى الاستكبار أمريكا وأذنابها واستمرار العملاء في نخر عظم ومفاصل الجيش اليمني ومؤسّساته.

حتى قيام ثورة ٢١ سبتمبر ٢٠١٤م واستقلال القرار اليمني، حدثت نقلةً عظيمةً في الجيش اليمني وترسانته التسليحية وهذه النقلة النوعية في بناء المؤسّسة العسكرية اليمنية ليست من قبيل الصدفة، إنه نتاج طبيعي لحمل القيم الإيمَـانية والمبادئ العريضة والتحَرّك الجاد والمسؤول والإخلاص لله سبحانه وتعالى من قبل القيادة السياسية والعسكرية، التي تتولى أمر الشعب، وحمل ثقل بناء الوطن وأبنائه والسعي للارتقاء بالشعب في كُـلّ المجالات رغم الظروف الصعبة والجروح الغائرة، وهذا يعتبر قمة النجاح وهذه المبادئ والقيم ليست سوى إرثٍ ثمينٍ تركه الشهيد القائد ضمن مشروعة القرآني الذي بذل في سبيله روحه الطاهرة، وحمل من بعده ذلك الهم السيد القائد عبدالملك الحوثي -يحفظه الله-، وبناء الجانب العسكري هو الأَسَاس الذي بدونه لا يحصل أي تقدم في أي مجال من المجالات ولا يمكن الاستغناء عنه.

ورأينا كيف كان خصوم وأعداء المسيرة يعايرون أنصارها ويستهزئون بقدراتهم المتواضعة، ويسخرون من أي إنجاز ويقللون من أهميته ناهيك عن محاولة سرقة مشاهد البطولات النادرة التي ينشرها الإعلام الحربي ومحاولة تقمصها، من قبل قنوات العدوان.

لم يسعف الأعداء عيشهم في الوهم والتقليل من قدرات اليمن العسكرية حَـاليًّا فَيمن ما بعد ٢٠١٤م ليس كما قبله، ومشروع التحالف بقيادة أمريكا في حسم الموقف عسكريًّا أُجهِضَ نهائيًّا وأتى بنتائجٍ عكسية وهو ما جعل دول العدوان تعض أنامل الندم حسرةً وخيبة، بعد ثماني سنوات من الحرب والتجارب المريرة التي أربكت تلك الدول وأوصلتها إلى حافة الانهيار، وما زاد الطين بلة هي العروض العسكرية الكبرى وكان آخرها عرض المنطقة العسكرية الخامسة الذي فاجأ الجميع فكيف بدول العدوان أن تقبل بمثل هذا الجيش وهي التي كانت تتدخل في أبسط مقوماته وأصغر مخازن ذخيرته، وتدمّـر ما لديه من عتاد وعملت على هيكلته وقامت بشن حربٍ كونية لتدمير ما تبقى منه، والمعجزة الباهرة هي وصول الحال بالقوات المسلحة اليمنية إلى مَـا هِي عليه اليوم من عنفوان وصلابة وتماسك، وأصبح اليمن بفضل الله أولاً والقيادة ثانياً، واقعاً ملموساً حسب محللين ومراقبين، الرقم الأصعب في المنطقة خَاصَّةً بعد الضربات الاستراتيجية على المنشآت النفطية في العمقين السعوديّ والإماراتي.

وهذه سنّة إلهية متجذرة لا تتبدل حتى يتحقّق، قول الله سبحانه وتعالى: (وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ).

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com