الإمامُ زيد عليه السلام مدرسةٌ متكاملةٌ نتعلمُ منها أبلغَ الدروس لقهر الطغاة والمستكبرين

مسؤولون وسياسيون وثقافيون لـ “المسيرة”:

المسيرة | أيمن قائد

قدّم حليفُ القرآن الإمام زيد -عليه السلام- النموذجَ الراقيَ في مواجهة الطغاة والمستكبرين بكل عزةٍ وشموخٍ وقوة، كما قدم روحَه ودمَه في سبيل الله؛ مِن أجلِ إعلاء كلمة الله، ليدرأ عن أُمَّـة جده الخطر المحدق بها نتيجة لتلك الثقافات الأموية الخاطئة والتصورات المجحفة بحق الدين والإسلام المحمدي الأصيل.

ومن خلال هذه الذكرى نستلهم جوانب هامة لا تخلوا من الدروس القيمة والعبر العظيمة ولا سيَّما ونحن في صراع دائم مع أعداء الرسول والرسالة وكذا في مواجهة مع دول عدة متمثلة في تحالف العدوان الأمريكي السعوديّ منذ أكثر من سبعة أعوام، ولذا ما أحوجنا لاستلهام مواقف حليف القرآن الإمام زيد في مجابهة المضلين والمنحرفين، في وقت بلغ فيه الفسق والانحراف إلى الذروة إضافة إلى استبعاد الناس وقهرهم وإذلالهم وذلك برداء الدين وبعنوان يحمل امتداد الخلافة الإسلامية.

ونجد من حياة الإمام زيد وعباراته التاريخية دلالات واضحة فيما كان عليه من التزام وورع وعلم وبصيرة، حَيثُ كان يقول حين مجابهته للأعداء: “البصيرة البصيرة ثم الجهاد” بمعنى أن الإنسان لا يقدم على معركة إلا وقد عرف أن من يواجهه قد استحق القتالَ والجهادَ وليس بمُجَـرّد الأوهام أَو التخيلات، وهو من قال: “من أحب الحياة عاش ذليلاً” في إشارةٍ واضحة أن لم يكن للدنيا في قلوبهم أية قيمة أَو مساحة؛ كونها حياة قصيرة لا تستحق أن يضحي الإنسان مِن أجلِها، كما أن هذه المقولة توحي بأن من يبغض زخارف الحياة وأهوائها فسيعيش عزيزاً كريماً، كما أن عباراته وحديثه يعبر بالرفض القاطع للذل كما نهج جده الإمام الحسين -عليه السلام- الذي قال: “هيهات منا الذلة”.

ويرى العلماء والمثقفون أنه كان لا بُـدَّ من قيامِ ثورة الإمام زيد -عليه السلام- ضد الظلم والطغيان، في وقتٍ تمادى فيه الطغيان الأموي وتطاول كَثيراً على الإسلام ورموز الدين من أعلام الهداية، فقد استمر حكام بني أمية في بطشهم وانحرافهم عن منهج الرسول والرسالة المحمدية وعمدوا على تشويه صورة الإسلام وانحرفوا عن تعاليمه وقيمه، بل وحاربوه بشتى الطرق والأساليب وهم يرتدون ثياب الدين وباسم الخلافة الإسلامية حسب زعمهم.

 

زيدٌ امتدادٌ حسيني

ويرى الناشط الثقافي الدكتور خالد القروطي، أنه ومن خلال استعراض أحداث التاريخ سواءً بإيجابياته المتمثلة في خط الهداية والثبات والقُدوة أَو بسلبياته المتمثلة في خط الانحراف والنفاق والطغيان نجد أنه يجب ألا نبقى أسرى تلك الأحداث فنقف عندها نصيح ونولول ونندب بل يجب أخذ العبرة والاستفادة من تلك الأحداث لكيفية التحَرّك والعمل في حاضرنا.

ويقول الدكتور القروطي: ونحن في ذكرى استشهاد الإمام زيد -عليه السلام- علينا أن ندرك أن أهم ما تميزت به ثورته ونهضته هي: التمحور حول القرآن الكريم -الوعي والبصيرة- الاستشعار العالي للمسؤولية، مُشيراً إلى أن البعض من الناس سواءً بحسن نية أَو بخبث نية يحاول التفريق والتقسيم لأئمة أهل البيت ويحاول التقسيم حتى بين الآباء منهم وأبنائهم، مبينًا أن الحقيقة والواقع والحركة والسيرة والمنهج لأئمة أهل البيت واحدة.

ويوضح العلامة القروطي أن الإمام زيداً -عليه السلام- لم يكن إلا امتداداً لمنهج وحركة وسيرة جده نسباً ومنهجاً الإمام الحسين -عليهم السلام-، منوِّهًا بالحذر من السقوط نتيجة لتلك التصورات الخاطئة؛ باعتبَار منهج أئمة أهل البيت وعقيدتهم وحركتهم واحدةً ولا غُبارَ عليها، متبعاً أن ذلك يستدعي أن يكون المقتدون بهم أُمَّـةً واحدة.

من جهته، يقول مستشار رئيس المجلس السياسي الأعلى، العلامة محمد أحمد مفتاح: إن في ذكرى استشهاد الإمام زيد -عليه السلام- نستلهم أهميّة وضرورة القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإصلاح شأن الأُمَّــة مهما كانت التضحيات، مُشيراً إلى عظمة المواقف والعبارات لحليف القرآن والتي تشد الأذهان ويقف الإنسان معها بتأمل عميق.

ويشير العلامة مفتاح في تصريح لصحيفة المسيرة قائلاً: ما أصدق وأعظم ما قاله الإمام زيد: (إن كان دين محمد لم يستقم إلا بقتلي فيا سيوف خذيني)، وقوله مخاطباً صاحبه البابكي: (أرأيت الثريا يا بابكي هل يستطيع أحد أن ينالها؟!

فقال: لا، فقال الإمام زيد والله لوددت أن يدي ملصقة بالثريا فأقع منها إلى الأرض أَو إلى حَيثُ أقع فأتمزق قطعة قطعة وأن الله يصلح شأن الأُمَّــة)”.

 

رفضُ الخنوع والإذلال

من جهته، يوضح الناشط الثقافي حسين صولان، أن من أهم الدروس التي قدمها الإمامُ زيدٌ -عليه السلام- هي عدم الاستسلام للظالمين مهما كانت ترسانتهم العسكرية ومهما كان فارق العدة والعتاد، مُشيراً إلى استحالة السكوت على الباطل حتى وإن كلف ذلك الحياة وبذل الروح والدم.

ويقول الناشط صولان: إن الإمام زيد بن علي -عليهم السلام- استطاع كسر هيمنة وجبروت بني أمية بكل بصيرة ووعي وحكمة، نتيجة لذلك الرصيد الذي قد شربه عند ملازمته كتابَ الله واستقامته على خُطَى أجداده الإمام الحسين والإمام علي وسيدنا محمد -صلوات الله عليه وعلى آله الطاهرين-.

ويشير إلى وقتنا الحاضر أن التاريخ يعيد نفسه، حَيثُ امتداد حكم بني أمية المتمثل في أسرة آل سلول واستعبادهم للناس وقتلهم وتشريدهم كما تفعله بأحفاد الأنصار “اليمن” منذ أكثر من سبعة أعوام، معتبرًا ذلك امتداداً لذات الفكر والتوجّـه الأموي والحقد الأعمى لأنصار الرسول وأهل بيته وأنصار الرسالة المحمدية.

ويضيف صولان: إننا نتعلم من الإمام الأعظم زيد -عليه السلام- الثبات في مواجهة التحديات وكذا التضحية؛ مِن أجلِ المبادئ العظيمة والسامية بالإضافة إلى الاستمرار في حمل راية الحق والعدل وعدم المبالاة بالطغاة والظالمين والمستبدين، معتبرًا حليف القرآن مدرسة متكاملة لتعليم الدروس التي تزيدنا قوة وإرادَة صلبة أمام المستكبرين والجبابرة، متبعاً: إننا نتعلم من حليف القرآن الثبات على المبادئ حتى لو تراجع عنها الكثير من الناس، وأن نحمل في قلوبنا ومشاعرنا عزة الإسلام وكرامة الإسلام والمبادئ الإلهية العظيمة.

وستبقى ثورة الإمام زيد -عليه السلام- مُستمرّة عبر الأجيال، وسيبقى ذكره وروحه حية في الأنفس والوجدان، بينما يظل الأعداء في تاريخهم الأسود الملطخ بالعار والأعمال القبيحة عبر الأزمان.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com