استثمارُ زراعة الصحراء.. مشروعٌ جديدٌ نحو الاكتفاء

تحَرّكات واسعة لتنفيذ موجهات قائد الثورة

المسيرة – أحمد داوود

سلّطت وسائلُ الإعلام اليمنية خلال الأيّام الماضية الضوءَ على مشروع “الزراعة الصحراوية”، والذي يُعَدُّ من أهم مشاريع الخطة التي أعلنها رئيس المجلس السياسي الأعلى المشير مهدي المشاط؛ بهَدفِ تجاوز التحديات العالمية المتسارعة وتجاوز أزمة الغذاء التي تلوح في الأفق نتيجة الصراع الروسي الأمريكي المحتدم في أوكرانيا وغيرها.

ويأتي الحديثُ عن زراعة الصحراء في ظل الأمطار الغزيرة التي منّ الله بها علينا خلال الأيّام الماضية، وما سبقها من موجهات لقائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي –يحفظه الله- الذي شدّد على استغلال مياه الأمطار والاستفادة منها.

ويشير قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي –يحفظه الله- إلى أن الآباءَ والأجدادَ كانوا أكثر اهتماماً بالزراعة والإنتاج الزراعي منا في هذا العصر بكثير، وكانت نسبة الزراعة في زمنهم مقارنة بالسكان نسبة كبيرة، مقارنةً بنا في هذا العصر، في المساحة المزروعة، ونسبة السكان، فهناك تراجع كبير في الاهتمام بهذا الجانب، ولكن هناك تضرراً، ويزداد هذا الضرر كلما استمرت هذه الغفلة وهذا الإهمال.

ويقول السيد القائد في الدرس الثامن عن عهد مالك الأشتر في 7 يوليو 2022: “بحمد الله -سبحانه وتعالى- يتوفر في بلدنا مساحات شاسعة جِـدًّا صالحة للزراعة، وفي بيئات متنوعة، البيئة الجبلية، وفي الجبال مساحات كثيرة قابلة للزراعة، وَأَيْـضاً في المناطق الشرقية مساحات شاسعة جِـدًّا من الأرض الصالحة للزراعة، في الجوف، ومأرب، وشبوة، وحضرموت، مناطق شاسعة للغاية، ولا زالت أكثرُها لم تُستغل بعدُ في الزراعة، ما زالت مهملة”.

وتدرك القيادة الثورية والسياسية أن اليمن سيكون ضمن الدول التي ستعاني الويلات في حال استمرار تأجيج هذه الصراعات، أَو انتقالها إلى مرحلة متقدمة من التعقيد؛ لذا فَإنَّ الجهود حَـاليًّا تنصب حول ابتكار المزيد من الحلول لتطوير الإنتاج، واستغلال الطاقات، وخُصُوصاً في ما يتعلق بالقمح؛ ولهذا جاء مشروع “زراعة الصحراء” والذي سيسهم في زيادة الإنتاج من محاصيل الحبوب.

وتنتشر في وقتنا الحاضر زراعة القمح بشكل واسع في الأراضي الصحراوية، وخَاصَّة بعد إدخَال الوسائل الحديثة من التقنية الزراعية، حَيثُ تحتاج زراعة القمح إلى مياه كثيرة؛ وذلك مِن أجلِ الحصول على إنتاج جيد، ولهذا يتم تقديم الري للنبات في كُـلّ يوم تقريبًا، وحتى قبل النضج بقليل كما تشير بعض الدراسات الحديثة.
وينطلق هذا المشروع في مرحلته الأولى من زراعة الأراضي القابلة للزراعة بالحبوب والبقوليات وغيرها؛ بغية تحقيق الاكتفاء الذاتي الذي تسعى إليه الثورة الزراعية.

 

الجوفُ وتهامةُ في الصدارة

وتعد محافظة الجوف من أهم المحافظات اليمنية التي يتم التركيز عليها لزراعة الصحراء، فقد تم في 11 أغسطُس 2022 توقيع آلية تنفيذ أعمال مشروع زراعة المناطق الصحراوية المروية من سيول الأمطار، وذلك في اجتماع ضم محافظ الجوف فيصل حيدر ونائب وزير الزراعة الدكتور رضوان الرباعي وغيرهم.

وشهدت المحافظة تدشين مشروع زراعة الصحراء والذي تنفذه المؤسّسة العامة لتنمية وإنتاج الحبوب برعاية اللجنة الزراعية والسمكية العليا وبالتعاون مع السلطة المحلية بالمحافظة.

ويؤكّـد مدير عام مكتب الزراعة بمحافظة الجوف يحيى داوود، أن مشروع زراعة الأراضي الصحراوية المروية بمياه السيول والأمطار بالجوف يشمل نحو 17 ألف هكتار من الأراضي الصحراوية المروية وهي تعتبر مساحة كبيرة وإن شاء الله يكون لها أثر ونتائج طيبة، موضحًا أن المشروع يحتاج إلى تكاتف الجميع وتظافر الجهود لإنجاحه والاستفادة من مياه وسيول الأمطار واستغلال الأراضي المروية، لافتاً إلى أن المشروع يعتبر تهيئة؛ مِن أجلِ المواسم المقبلة لزراعة محاصيل الحبوب؛ باعتبَارها الرافد الاقتصادي الكبير للبلد.

من جانبه، يشير رئيس الوحدة التنفيذية لإدارة تمويل المشاريع الزراعية بمحافظة الجوف عمار شملان، إلى أن المشروع سيكون أكبر مشروع زراعي في المحافظة.

وإلى جانب محافظة الجوف، فَإنَّ تهامة هي الأُخرى محط اهتمام الجميع الذين يبذلون جهوداً كبيرة لتنفيذ موجهات القيادة الثورية والسياسية ووزارة الزراعة واللجنة الزراعية والسمكية العليا لتدشين زراعة الصحراء والكثبان الرملية بتهامة.

وخلال الأسابيع الماضية عقدت الكثير من الاجتماعات لمناقشة آلية زراعة الصحراء، وخطط وزارة الزراعة والري، والإدارة العامة لتنمية وإنتاج الحبوب في هذا الجانب، وقد أكّـدت الاجتماعات على ضرورة التنسيق مع الجهات المعنية في محافظة الجوف لتنفيذ أنشطة زراعة الحبوب والبقوليات، والاستفادة من موسم الأمطار الحالي.

ويشير نائب وزير الزراعة نائب رئيس اللجنة الزراعية والسمكية العليا الدكتور رضوان الرباعي، إلى أهميّة تفعيل جانب الإرشاد، لتوعية المزارعين وتعريفهم بالممارسات الزراعية السليمة وبما يخدم الإنتاج وبالتالي تحسين الدخل المعيشي للأسر الزراعية والتخفيف من معاناتها، مشدّدًا على الاستفادة من مخرجات البحوث الزراعية والتركيز على توزيع البذور المحسنة للمزارعين وتزويدهم بالأصناف الجيدة لرفع إنتاجية الوحدة من المساحة المزروعة بالحبوب، وعلى ضرورة إيجاد آلية للتنسيق والتعاون بين مختلف الجهات والمؤسّسات الزراعية تحت مظلة وزارة الزراعة والري، لتنفيذ البرامج والأنشطة الزراعية التي تسعى لإحداث نهضة زراعية تنفيذاً لتوجيهات قائد الثورة.

وكان لافتاً الفعاليات التي أقيمت في محافظة حجّـة منتصف يوليو الماضي تحت شعار (نأكل مما نزرع)، حَيثُ أكّـد محافظ حجّـة هلال الصوفي، على أهميّة زراعة الصحراء والاهتمام بالجانب الزراعي بتهامة، مثمناً الجهود التي تبذلها اللجنة الزراعية ووزارة الزراعة، كما أكّـد أن السلطة المحلية بالمحافظة ستقدم كُـلّ ما تستطيع لتسهيل مهام القائمين على برنامج زراعة الصحاري بتهامة حجّـة، وكل اللجان العاملة في الجانب الزراعي.

ويظل الاهتمام بالجانب الزراعي من أهم ركائز ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر 2014، حَيثُ قطعت القيادة شوطاً كَبيراً في هذا الجانب، ويحتاج الأمرُ المزيدَ من التعاون من قبل الجميع، بما فيهم المزارعون أنفسُهم، والاستفادة من كافة الموجهات بحرص وعناية فائقة، وُصُـولاً إلى مواجهة المخاطر وتحقيق الانتصار الغذائي لليمن في هذا الجانب.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com