حليفُ القرآن الإمامُ زيدٌ “عليه السلام”.. منهجٌ وثورة ووعيٌ وبصيرة

الإمام الثائر تحَرّك من واقع استشعاره بالمسؤولية كما تحَرّك جده الإمام الحسين “عليه السلام”

المسيرة – الهيئة النسائية مكتب الأمانة

يمثِّلُ إحياءُ ذكرى استشهاد الإمام زيد بن علي -عليه السلام- إحياءً لروح الجهاد وروح مقارعة الظالمين متى ما وُجدوا، وهي كذلك إحياءً لسير ومنهج الصالحين وأعلام الهدى من آل بيت الرسول الأعظم محمد -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ-، فقد كان نهج الإمام زيد -عليه السلام- هو نهج جده الحسين، المتمثل في مقارعة الظلم والظالمين من بني أمية الظالمين.

لقد حملت ثورة الإمام زيد -عليه السلام- نفس مبادئ ودوافع ثورة الحسين -عليه السلام-، حَيثُ لم يقف عائقاً أمام مبادئه وقيمه وهو يرى الظلم متفشياً في الأُمَّــة، وإنما ثار عليه وعلى أربابه وَجاهد حتى استشهد، ومن ثم أخرجت جثته، وأحرقت وذريت في الرياح.

وبالتزامن مع هذه الذكرى أجرينا استطلاعاً مع عدد من الإعلاميات والناشطات والثقافيات للحديث عنها، فكانت هذه الحصيلة:-

 

الإمامُ المصلوب

تقول الناشطة الثقافية ميرفت السواري: إن الإمام زيداً هو ابن سيد الساجدين، وزين العابدين الإمام علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب -عليهم السلام-، وهو من قال فيه رسول الله -صلى الله وسلم عليه وآله-: (المصلوب من أمتي، المظلوم من أهل بيتي سمي هذا، وأشَارَ إلى زيد بن حارثة، وقال: ادْنُ مني يا زيد، فقد زاد الله حبك في قلبي فأنت سمي الحبيب من ولدي).

وأشَارَت ميرفت إلى أن الإمام زيداً خرج ثائراً في وجه الظالم هشام بن عبدالملك، والذي كان يسمي نفسَه بخليفة المسلمين والذي يُسَبُّ في مجلسه الرسول الأعظم ولا يحرك ساكناً بل وينهر من يستنكر ذلك، مؤكّـدة أن تحَرّك الإمام زيد كان يحمل نفسَ المبادئ والقيم التي خرج؛ مِن أجلِها الإمام الحسين والتي جاء بها رسول الله -صلى الله عليه وآله-.

وتضيف السواري: “الإمام زيدٌ قُتل وأُخرِجت جثتُه الطاهرة من القبر وفُصل رأسه وَصُلب ثم أُحرق جثمانه وذروا رمادَه في الفرات”، موضحةً أن الإمام زيداً تحَرّك في ثورته تلك من واقع استشعاره بالمسؤولية، آمراً بالمعروف وناهياً عن المنكر، كما تحَرّك جده الحسين لما رأى من واقع الأُمَّــة السيئ، وَالانحراف الكبير الذي وقع في الأُمَّــة.

وتشير السواري إلى أننا “نحيي اليوم هذه المناسبة الأليمة، مثلما أحيينا ذكرى عاشوراء؛ لأَنَّها مسيرة واحدة، وخط واحد ولها نفس الغايات والأهداف، ومنها نستلهم الدروس والعبر، ونتذكر منها التحَرّك الصحيح والواعي ضد الظلم والظالمين”.

بدورها، تؤكّـد الإعلامية زينب الديلمي أن الإمامَ زيداً -عليه السّلام- ليس إنساناً عادياً تُقرأ سيرتُه وانتهى، وليس تأريخاً يبقى في رفوف الكُتب ويذر مهجوراً، بل هو منهج، وثورة، وعظمة، ومن روّاد البطولة والفداء، وقائد الكلمة المُحقّة في زمنٍ بقي أصحاب الباطل سلاطين عصرهم، حَيثُ كانوا يُعلِّقون الحق في مشانق الاستسلام لإرادتهم.

وتضيف الديلمي أن الإمام زيداً خرج بثورته بروحٍ قرآنيةٍ، ليدحض زمن الخنوع والجور الأموي، ويحاربها دون تلكؤ ومُماطلة، مُستشعراً المسؤولية المُلقاة على عاتقه، حَيثُ توّج بوسام “حليف القرآن” لاقترانه بآيات الله في عمله وجهاده وحياته، مشيرةً إلى أن الرابط المُشترك بين ثورته وثورة جده الشّهيد الحُسين -عليهما السّلام- بأنهما النّفير ثورةً على الطُغيان، وإحياءً لما أماتة الظالمين وإصلاحاً لأمة نبي الرحمة والهُدى التي أصبحت لا حياة لها وَلا نشوراً حينما غزاها علقم الانحراف الأموي.

وتؤكّـد زينب الديلمي على أنه وفي ذكرى عروج إمامنا الشهيد المظلوم المصلوب، علينا أن نُحييها حياةً ومنهاجاً ووجداناً، وهاهم اليمانيين يُجسّدونها في صبرهم وصمودهم وثباتهم أمام أرعن عدوان، وهاهم كإمامهم يصدحون بصيحة الحق: “والله ما يدعنا كتابُ الله أن نسكُتَ أمام عدوانكم وإجرامكم”.

 

حليفُ القرآن

من جهتها، تقولُ الناشطة الإعلامية ابتهال محمد أبو طالب: إن الإمام زيداً -عليه السلام- إمامُ كُـلّ المؤمنين الصادقين الثائرين ضد الباطل وأعوانه، وهو نورٌ من أنوار العترة الطاهرة، وهو المؤمن الصادق القائل: “واللهِ ما كذبت كذبةً منذُ عرفتُ يميني من شمالي، وما انتهكت لله محرماً منذُ عرفت أن الله يعاقب عليه”، وهو من بلغ أعلى درجات الإيمَـان قولاً وعملاً، فهو القائل: “واللهِ لَوددت أن يدي ملصقةً بالثريا ثم أقع إلى الأرض أَو، حَيثُ أقع فأتقطع قطعة قطعة وأن يصلح الله بذلك أمر أُمَّـة محمد -صلى الله عليه وآله وسلم-“.

وتضيف: هو الإمام المُتحَرّك في زمن السكوت، وهو النور في زمن الظلام، من تصدى لعلماء السوء، قائلاً: “يا علماء السوء، أنتم أعظم الخلق مصيبة، وأشدهم عقوبة، إن كنتم تعقلون”.

وتشير إلى أن الإمام زيداً -عليه السلام- تحَرّك في ثورته المُباركة تحَرّكاً دعائمُه من القرآن، وهدفُه الأسمى والأعلى رفع دين الله عالياً، وإزهاق الباطل وحزبه، منوّهةً إلى أنه وعند تصفح القارئ الواعي للسطور التاريخية للثورتين، يخرج بأسئلة استفهامية، لِمَ فرط المسلمون آنذاك للولاء لأئمة آل البيت؟ لِمَ استمر طغيان وفساد بني أمية؟ لِمَ لِمَ يتخذ المسلمون موقفاً من حكم بني أمية؟

وإثر كُـلّ هذه الأسئلة يستنتج أن سبب كُـلّ ذلك هو التفريط في ولاية آل البيت، وسببه أَيْـضاً هو اللهث وراء أطماع الدنيا الفانية.

بدورها، الكاتبة منار الشامي تقول إنه في قائمةِ آلِ البيت لن ترَ من لا يُعرف، فتجِدُ أنّ رموز أعلام الهدى ظاهرون على الدوام، مؤكّـدةً أنه لم يكنِ الإمامُ الأعظم مجهولًا، فهو زيدٌ بنُ عليٍّ بن الحُسين بن علي بن أبي طالب، وهو ابنُ الناجي الوحيد من أبناء الإمام الحسين بعد حادثةِ كربلاء.

وتوضح منار أن تحَرُّكَ الإمامِ زيدٍ –عليه السلام- كان امتدادًا فاعلًا لما حدث في عاشوراء، فالغاية الإصلاح في أُمَّـة جده رسول اللّٰه، ولهذا فَـإنَّ أهم عوامل الاندفاع وَالتحَرّك وراء هدفٍ مُعيّن قد يكون هادفًا أَو هادمًا، لذا الإمام زيد لن تجدهُ في موقعٍ خارج إطار المسؤولية التي فرضت عليه الثورة ضد طواغيت بني أميّة فخرج بكلِّ عزمٍ وقوّة، راسمًا بدمه معالم ومبادئ ثورةٍ في الاقتدَاء والسير والاتباع والثبات، ببصيرةٍ بصيرة ثمّ جهاد.

وتنوّه الشامي في سياق حديثها إلى أن ثورةَ الإمام الأعظم زيد بن علي ارتبطت بثورةِ الإمام الحسين، من حَيثُ الأهداف والغايات، فلم تكن عفوية بفعلِ المؤثرات التي جعلت من آل البيت محطِ إهمال الأُمَّــة وعدم وضعهم في مكانهم الصحيح، وإنما كانت امتداداً أصيلاً لحركةٍ واقعيّة في حاضر تلك الأُمَّــة تهدف إلى إخراجها من واقعها المُنحط إلى مكامن عزّتها.

وتذكّر منار أن كربلاء كانت محطّة الثورةِ الأولى التي طالت من الإمام زيد إلى اليوم والتي توسّع فيها سيلان دم الشهداء والعطاء لأجلِ ألا تُذل الأُمَّــة، وأن تثور ضد طواغيتها متمسكةً بكتاب الله تحت ولايته، مشيرةً إلى أن إحياء هذه الذكرى لا ينحصرُ بترديد الشعارات والقصائد والهُتافات فقط، بل هي المدرسة المُتكاملة لما يجبُ على الأُمَّــة أن تكون به من ارتقاء متواصل بالروح الثوريّة التي تُقارعُ الفساد حيثما حَـلّ وتسعى جاهدةً للبناء المتواصل والرُقيّ.

 

بين زيد والحسين

وعلى صعيدٍ متصل، توضح الناشطة الثقافية غادة حيدر أن الإمامَ الثائر الشهيد زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب -عليهم السلام- هو واحد من العترة الطاهرة وَنجومها وأعلامها وهداتها الذين قال عنهم الرسول -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ-: (أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى).

وتشير حيدر إلى أنه ومع ما سبق فلا غرابة من هذا الموقف فهو سبط الحسين بن علي وبهذا الحرص تحَرّك ليستنقذ الأُمَّــة من الواقع المرير الذي كانت تعانيه من دافع المسؤولية فهو حليف القرآن وهو من التصقت به عبارة قوية تشير إلى صدق موقفه ومنطقه واستشعاره للمسؤولية: “والله ما يدعني كتاب الله أن أسكت”، مؤكّـدةً على أن هذا الانتماء القرآني جسده الإمام زيد وعياً وقولاً وعملاً، وأن خروج الإمام زيد بثورة ما كان لأجل دنيا ولا سلطان ولا ملك ولا مال إنما لإصلاح مسار الأُمَّــة على أَسَاس كتاب الله وسنة جده رسول الله -صلوات الله عليهم أجمعين-.

وتذكر حيدر أن ثورةَ الإمام زيد جاءت امتداداً لثورة الإمام الحسين في إصلاح مسار الأُمَّــة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتخليد الاتّجاه الثوري الصادع بالحق والمنادي بمواجهة المستكبرين وزعزعة عروش الطغاة، وبهذا فثورة الإمام زيد ونهجه التي تعتبر امتداداً لثورة الإمام الحسين عليه السلام وثمارها الممتدة إلى حاضر الأُمَّــة بعد مئات الثورات للأحرار ضد الطغيان والاستكبار، لافتةً إلى أن إحياء ذكرى الإمام زيد محطةٌ لاستلهام الدروس في مواصلة الصمود والثبات لمواجهة قوى الاستكبار العالمي بقيادة أمريكا والكيان الصهيوني وأدواتهما من آل سعود وآل نهيان، وهي محطة لاستلهام معاني وقيم الإسلام الصحيحة من ذكرى استشهاد الإمام زيد، في السير على الطريق الأمثل والاستقامة الشاملة وإصلاح مسار الأُمَّــة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في كُـلّ أمور الحياة، مبينةً أن القيم والمبادئ التي مثلها الإمام زيدٌ يمكن الاحتفاء بها في أي وقت لأهميتها في إحقاق الحق ومواجهة الباطل ورموز الشر والفساد والاستكبار، وبالتالي تعد منهجية الإمام زيد الجهادية الحل الوحيد لخروج الأُمَّــة من حالة الخنوع والاستعباد التي تعيشُها وتجسيد معاني الفداء والتضحية في مقارعة الظالمين ونُصرة الحق.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com