عبد السلام يؤكّـد قوةَ الموقف الوطني سياسياً وعسكرياً: استمرارُ الحصار سيغلقُ بابَ “التمديد”

المسيرة | خاص

جَـــدَّدَ رئيسُ الوفد الوطني، ناطقُ أنصار الله، محمد عبد السلام، وَضْعَ النقطِ على الحروف في ما يتعلقُ بالهُدنة ووضعها الحالي ومستقبلها في إطار الموقف الوطني الثابت، حَيثُ أكّـد أنه لن يكون هناك تمديدٌ جديد في حال عدم رفع الحصار وإنجاز آلية صرف مرتبات الموظفين بشكل متنظم من إيرادات البلد التي يسيطر عليها العدوُّ وينهبها بشكل كامل، كما حذّر من أن الوضعَ سيختلفُ كَثيراً في حال عدم التوصل لاتّفاق واضح بشأن المِلف الإنساني؛ لأَنَّ التصعيدَ العسكري القادم سيكون أكبرَ ولن تنجو منه الشركاتُ الأجنبية التي تعملُ على نهبِ الثروات اليمنية تحت مظلة تحالف العدوان ورعاته.

 

التمديدُ الأخير

وقال عبدُ السلام في مقابلة أجرتها معه قناةُ “الميادين”: إن “هذا التمديدَ للهُدنة قد يكون الأخيرَ في حال لم يتم التوصل إلى آلية لصرف رواتب الموظفين مع فك الحصار”، وهي المتطلباتُ التي تتمسكُ بها صنعاء وتعتبرها معاييرَ أَسَاسيةً لنجاح وفشل مسار التهدئة بالكامل، انطلاقاً من الموقف الوطني الثابت الذي يقتضي ضرورةَ معالجة المِلف الإنساني قبل الدخول في أية خطوات سلام.

هذا أَيْـضاً ما جدّد عبد السلام تأكيدَه، إذ أوضح أنه “لن يكون هناك أيُّ حَـلٍّ أَو وقف إطلا نار شامل إذَا لم تحل الملفات الإنسانية وينتهي العدوانُ والحصار والاحتلال”.

ومن واقع هذه التأكيدات فَـإنَّ فشلَ مساعي تحالف العدوان ورعاته للالتفاف على معادلة السلام الوطنية، بات واضح المعالم ولا يمكن تغييره، وهو ما يعني بالمقابل أن الهُدنةَ وبرغم قلة مكاسبها الإنسانية (بسبب تعنت العدو) مثلت فرصة لتثبيت متطلبات المعادلة الوطنية على الطاولة من موقع القوة وإجبار العدوّ على وضع تصوراته غير الواقعية جانباً.

في هذا السياق، أضاف رئيس الوفد الوطني، أن “الضماناتِ الحقيقيةَ للهُدنة هي ما نلمسه على الأرض” مُشيراً أن هذا هو سبب التوجّـه للتمديد وليس للاتّفاق، فنتائجُ الفترتين السابقتين من الهُدنة على أرض الواقع كانت غيرَ مشجِّعة للدخول في أي اتّفاق، أَو حتى للتمديد فترة أطول كما كان يطمح العدوّ.

مِلَفُّ الرواتب كان من أبرز الملفات التي تحدث عنها عبد السلام؛ باعتبَاره محكاً أَسَاسياً للهُدنة في فترتها الحالية، والتي ربما تكون الأخيرة إذَا واصل العدوّ التعنت، حَيثُ أكّـد رئيس الوفد الوطني أن عدم صرف مرتبات الموظفين يمثل جريمة، والمطالبة بصرفها هو مطلب طبيعي وحق مشروع، مُشيراً إلى أن ثروات البلد التي يفترض أن تغطي المرتباتِ يتم نهبها بالكامل وتورد عائداتها إلى البنوك السعوديّة.

وذكّر رئيس الوفد الوطني بمبادرة صنعاء لإيداع إيرادات الحديدة في حساب بنكي خاص بالرواتب، والتي كان يُفترَضُ أن يقوم تحالف العدوان ومرتزِقته بتغطية العجز فيها من عائدات النفط والغاز لكنهم رفضوا.

تصعيدُ “ما بعد الهُدنة”

عبدُ السلام وجّه أَيْـضاً عدةَ رسائل إنذار مهمة ومباشرة فيما يتعلق بوضعِ ما بعد الهُدنة في حال استمر تحالف العدوان بالمراوغة، حَيثُ أكّـد أنه “إذا فشلت الهُدنةُ فسيضطرُّ الشعبُ اليمني للذهابِ إلى تصعيد عسكري مفروض عليه، وستكون معطياتُه أكبرَ”.

تحذيرٌ يأتي متزامناً مع عروضٍ عسكريةٍ ضخمة وغير مسبوقة لمختلفِ تشكيلات القوات المسلحة، يؤكّـد رئيس الوفد الوطني أنها “تؤكّـد المضيَّ في التحشيد إعلان الجهوزية لمواجهة أي تطور وأي فشل للهُدنة”، وهي رسالة واضحة مفادها أن الآمالَ التي علّقها تحالف العدوان على أُسلُـوب الخداع والمراوغة تحت مِظلة الهُدنة سقطت بالكامل، بل إنها قادته إلى وضع أكثرَ صعوبة؛ لأَنَّ اشتعالَ المواجهة بعد الهُدنة سيكون أثقلَ كلفةً على دول العدوان من أي وقت مضى، بما في ذلك السعوديّة التي يؤكّـد عبد السلام أنها “باتت مدركةً أن الحمايةَ الأمريكية لم تعد مضمونة”.

وفي هذا السياق، ذكّر رئيس الوفد الوطني بأن “اليمنَ يمتلك قدراتٍ أثبتت فاعليتَها في أبو ظبي والأراضي السعوديّة” وأكّـد أن “موانئَ العدوان لن تظل مفتوحةً في ظل استمرار إغلاق الموانئ اليمنية، إذَا انتهت الهُدنة بدون اتّفاق واضح”، وأنه “لا يمكن القبول باستمرار الحصار بأي شكل”.

هذه الإنذاراتُ المباشرة التي ترافقها تجهيزاتٌ عسكرية معلَنة ومرعبة للعدو، تؤكّـد أن فشلَ الهُدنة لن يؤديَ فقط إلى استئناف المواجهة، وهو ما يمثل بحد ذاته قلقاً كَبيراً لدول العدوان، بل سيؤدي إلى تصاعد وتيرتها بشكل غير مسبوق في كَمِّه ونوعه وتفاصيله.

من تلك التفاصيل، بحسب رئيس الوفد الوطني، أن الشركاتِ الأجنبية التي تنهبُ الثروات الوطنية برعاية دول العدوان ورعاته، ستصبح أهدافاً مشروعة، و”عليها أن تدركَ بأنها لن تستمرَّ في أعمال النهب لحظة واحدة بعد انتهاء الهُدنة”.

هذا الخطابُ يتكامَلُ بشكل ملفت مع التجهيزات العسكرية ورسائل الإنذار والتحذير المُستمرّ، ليؤكّـدَ على أن صنعاء قد تعاملت مع الهُدنة لفتحِ الطريق للسلام الحقيقي بالشكل الذي يمثّل فُرصةً ذهبيةً يؤدي تفويتُها إلى دخول مرحلة حسم تعمل القيادة على إعدادها منذ مدة، وهو ما يعني أن دولَ العدوان ستقعُ في خطأ مدمّـر لن تستطيع تجاوُزَ آثاره إذَا عوّلت على استمرار المراوغة؛ لأَنَّ تمديدَ الهُدنة خلال الفترات الماضية لم يكن؛ بسَببِ مكاسبها الإنسانية أَو جدية تحالف العدوان بل؛ بسَببِ حرص صنعاء على تخفيف معاناة المواطنين في إطار معادلة الحرب والسلام الرئيسية التي أسهمت الهُدنة في تثبيتها بشكل أكبر.

 

تحَرّكاتٌ دبلوماسيةٌ معلَنة وغير معلنة

رئيسُ الوفد الوطني تحدث عن هذه المِلفات من العاصمة الروسية موسكو التي يزورها في إطار نشاطات الوفد التي أوضح أنها “تتضمن الكثير من اللقاءات الرسمية المعلنة وغير المعلنة” مُضيفاً أن “هذه ليست أولَ زيارة إلى موسكو”.

هذا يعني أن مسارَ كسر العُزلة السياسية والدبلوماسية التي حاول تحالُفُ العدوان فرضَها على اليمن منذ بداية الحرب، يشهدُ تقدماً متواصلاً هو أَيْـضاً كحال مختلف مسارات المواجهة، وهو ما يعني بدوره أن الواقع الذي فرضته صنعاء لم يعد قابلاً للتغيير لا على المستوى المحلي ولا الإقليمي ولا الدولي.

وفي هذا السياق، أكّـد عبدُ السلام أن الوفدَ الوطني لمس “تغيراتٍ حقيقيةً في الموقف الروسي وإدراكاً بأن اليمن يستطيع أن يكون مؤثراً استراتيجياً” مُشيراً إلى أن اللقاءات مع الجانب الروسي ناقشت “التأثير الواسع للأحداث في اليمن خُصُوصاً بعد المستجدات في أوكرانيا والاستشعار اليمني المبكر للخطر الأمريكي”.

وأضاف: “طالما أن هناك عدواناً وحصاراً فَإِنَّ من حقنا أن نتحَرّك في العالم مع كُـلّ المتضررين من المشروع الأمريكي ومنهم روسيا” في إشارة إلى أن فرص التحَرّك الدبلوماسي تتضاعف أكثر أمام صنعاء؛ نظراً للسلوك الأمريكي السلبي في العالم.

وتحدث عبد السلام أَيْـضاً عن عدد من قضايا المنطقة، موضحًا موقفَ صنعاء منها، حَيثُ أشار إلى أن “أيَّ تفاهم إيراني وسعوديّ هو إيجابيٌّ ونشجّعه، وهذا التفاهُمُ لا يخدُمُ الأمريكي أَو الإسرائيلي، لتعارُضِه مع مصالحهما”.

كما أكّـد أن “الموقفَ اليمني من القضية الفلسطينية ثابتٌ ومعلَنٌ عنه في أكثرَ من مناسبة، والشعبُ اليمني حاضرٌ للوقوف مع الشعب الفلسطيني بكُلِّ ما يستطيع”.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com