صنعاء في ذكرى عاشوراء.. حشودٌ ثائرة ترفعُ وتيرةَ بأسها وإرادتها من شهادة سيد الثائرين

في مسيرة حاشدة بحضور قيادات الدولة وعشرات الآلاف من أحرار الشعب:

مفتي الديار: ثورةُ عاشوراء سدت الطرقَ أمام المتخاذلين وإحياؤها يكسبنا الدروس التي نحتاجها لمواجهة طغاة العصر

بيان المسيرة: ثورتُنا مُستمرّة ونضالُنا متصاعِدٌ لنصرة قضايا الأُمَّــة وأولها فلسطين وعلى الأعداء وأدواتهم الإدراك

المسيرة: صنعاء

تجديدًا للوَلاءِ والوُقوفِ عند المناسبة التي تعتبر محطةً لاستلهام العبر والدروس والتسلح بالوعي اللازم في مواجهة طغاة الزمان و”أمويي العصر”، خرج عشرات الآلاف من أحرار الشعب اليمني، أمس الاثنين، في العاصمة صنعاء؛ لإحياء يوم عاشوراء “ذكرى استشهاد الإمام الحسين -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، ومن منطلق إحياء المناسبة؛ باعتبَارها محطةً للتزود بالقوة ودروس الثبات والصمود، رفع اليمانيون زئيرَهم وراياتِهم، مجددين العهد بالسير على نهج “أبي عبدالله”، وواضعين على آلامَهم –المتجددة من هول استذكار شواهد الذكرى– وجراحَهم التي عمقها طغاة العصر، بلسم العزيمة والإرادَة والثبات والإيمَـان بعدالة القضية ودلالاتها، وموقعها من أعداء الأمس واليوم.

وفي المسيرة الحاشدة التي أقيمت في خَطِّ المطار شمال أمانة العاصمة صنعاء، بحُضُورِ قيادات الدولة، ردَّدَ الأحرارُ المحتشدون الهُتافاتِ التي جَدَّدَت التأكيد على مواصلة الصمود والثبات والتضحية ورفض الذل والخنوع والتبعية، ودعم ونُصرة الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة في مواجهة صلف وغطرسة العدوّ الصهيوني المحتلّ.

ورفع المشاركون الراياتِ والبنادقَ والشعاراتِ المعبِّرة التي رسخت صلابة موقف الشعب اليمني المبدئي والثابت في الدعم والوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة وتأييد كُـلّ خيارات الرد على العدوان الصهيوني حتى تحرير كافة الأراضي المحتلّة، فيما استنكر الأحرار الغطرسة الصهيونية الأخيرة بحق الفلسطينيين.

وفيما نوّهت الحشود اليمانية الثائرة إلى أهميّةِ إحياءِ ذكرى عاشوراء لاستلهام الدروس والعبر من سيرة ونهج الإمام الحسين وثباته في مقارعة الظلم والطغيان ونصرة المستضعفين، فقد خاطبوا دول العدوان وكلّ الطغاة والمستكبرين بأن الشعب اليمني ماضٍ في ثورته ضد المستكبرين، اقتدَاء بالإمام الحسين وثورته ضد الطغاة والظالمين، معتبرين إحياء هذه الذكرى تجسيداً للارتباط بسيّد الشهداء والمنهج الذي تحَرّك؛ مِن أجلِه.

 

المناسبةُ كمحطةٍ لتجديد العزيمة

وفي كلمةِ المناسبة التي ألقاها مفتي الديار اليمنية –رئيس رابطة علماء اليمن– العلامة شمس الدين شرف الدين، أكّـد أن الهدفَ من إحياء ذكرى عاشوراء هو ربط الأُمَّــة بأعلام الهدى ومسؤوليتها تجاه قضاياها.

وقال مفتي الديار اليمنية: “أمَّة لا ماضيَ لها لا حاضِرَ لها ولا مستقبل لها، وعندما نحيي ذكرى عاشوراء فَـإنَّما نحيي كُـلّ القيم التي حملتها المناسبة”.

وَأَضَـافَ العلامة شرف الدين “الذين فصلوا حاضر الأُمَّــة عن ماضيها تخلوا عن مسؤولياتهم وانظروا اليوم إلى مواقفهم تجاه فلسطين وقضايا الأُمَّــة”.

ولفت إلى أنه “عندما نتحدث عن الإمام الحسين فنحن نتحدث عن المنهج الإلهي الذي كَلَّفَ اللهُ به عبادَه لتتحَرَّكَ الأُمَّــة في تحمل المسؤولية”.

ونوّه إلى أن “الذي دفع الإمامَ الحسين للخروج هو واجبُ المسؤولية، ودينُنا قائمٌ على أَسَاس الصدق والشجاعة والحضور الفاعل في الساحات”.

وأردف بالقول: “إن الحسين بن علي كان أول من تمرد على الظلم والجور والفساد وأول من أحيا سُنَّةَ جده -صلوات الله عليه وآله وسلم-، في وجوب الخروج والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”، مستدركاً “لو لم يخرج الإمام الحسين على الظالمين والمفسدين لكان حُجّـةً لكل المتذرعين والمتنصلين والمتخليين عن المسؤولية إلى قيام الساعة”، متبعاً حديثَه “لكن الحسين -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، قطع على الناس الأعذار وخرج واستشهد وعمّد بدمه الطاهر وروحه الزكية هذا المبدأ الشريف وسنّ لنا سنة كانت سنة رسول الله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ- الذي بيّن مشروعيتها منذ وقت مبكر في الخروج على الظالمين والتي نصت عليها الآيات القرآنية في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله”.

 

اليمنُ ثابتٌ في فلسطين ومناصر لكل المظلوميات

وفي حديثِه عن المستجدات على الساحة العربية والإسلامية، وتحديداً في فلطسين وما تشهده من غطرسة ووحشية صهيونية بغطاء دولي، خاطب مفتي الديار اليمنية الشعب الفلسطيني بقوله: “يا شعبَ فلسطين، لا تشكوا في وعد الله الصادق بالنصر، وأنتم في وقوفكم وصمودكم ترضون الله وتدخلون السرور على كُـلّ حر وأبي”.

وجَدَّدَ التأكيدَ على ثبات موقف الشعب اليمني تجاه فلسطين أرضاً ومقدساتٍ، بقوله: “نحن معكم يا شعب فلسطين، صفوفُنا وأيدينا وكلّ ما نملك معكم”.

وخاطب الأعداءَ وأدواتهم بقوله: “نقول لكل العملاء والخونة والمحايدين والله ما خرجنا أشراً ولا بطراً ولا ظالمين ولا مفسدين وإنما خرجنا للقيام بواجب المسؤولية، واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي سيسألنا الله سبحانه وتعالى عنه”.

ودعا مفتي الديار اليمنيةِ “أبناء الأُمَّــة وفي مقدمتهم العلماء ورثة الأنبياء الذين عرفوا الله وكتابه وسنة رسوله إلى التحَرّك والخروج عن الصمت والوقوف الموقف الصائب وأن يأمروا بالمعروف وينهون عن المنكر، وتحريض المؤمنين على الجهاد لتكون كلمة الله هي العليا ولكي تعود الأُمَّــة إلى مجدها وحضارتها ومكانتها بين الأمم”.

 

“التطبيعُ” محرَّم

وعلى صعيد متصل، أكّـد الشعبُ اليمنيُّ في بيان صادر عن المسيرة التمسك المطلق والدائم بالموقف المبدئي المناصر والمساند لكل قضايا الأُمَّــة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، مجددين التأكيد على موقفنا المعادي للعدو الإسرائيلي والغطرسة الأمريكية.

وقال البيان: “نؤكّـد تضامننا مع شعوب أمتنا الإسلامية، ونعتبر ذلك جزءاً أَسَاسياً من التزامنا الديني لا يقبل المساومة”.

وَأَضَـافَ “نؤكّـد استنكارنا لكل أشكال التطبيع والعلاقات مع العدوّ الإسرائيلي بأي شكل من الأشكال، ونعتبرها من الولاء المحرم شرعاً”، فيما أدان اليمنيون في بيانهم “العدوان الإسرائيلي على غزة واستهداف قادة المقاومة، والاقتحامات المتكرّرة للمسجد الأقصى المبارك”.

وأكّـد بيان الشعب اليمني الصادر عن المسيرة دعم “الحق الفلسطيني في الرد على الاعتداءات الإسرائيلية وندعو شعوب وأحرار الأُمَّــة للوقوف مع الشعب الفلسطيني المظلوم.

كما أكّـد البيان “موقفنا المبدئي مع محور الجهاد والمقاومة في مواجهة اليهود والصهاينة حتى يتم دحرهم وتحرير المقدسات في فلسطين”، متبعاً “نؤكّـد وقوفنا إلى جانب لبنان في مواجهة التهديدات الإسرائيلية، وإلى جانب المقاومة الإسلامية ممثلة بحزب الله”.

ولفت إلى “أن القوة التي راكمها حزب الله تمثل قوة ليس للبنان فحسب، بل للأُمَّـة جمعاء ورأس حربة لمحور المقاومة”.

وبشأن الأحداث المستجدة على الساحة الوطنية، قال بيان مسيرة عاشوراء: “في ظل الهُدنة المعلنة نقول لتحالف العدوان، أيدينا على الزناد ونحن مُستمرّون في إعداد القوة لمواجهة عدوانكم وحصاركم وغطرستكم”.

وَأَضَـافَ “موقفنا في التصدي للعدوان على بلدنا هو موقف مبدئي من منطلق هُــوِيَّتنا الإيمَـانية”، مردفاً بالقول: “موقفنا تجاه العدوان هو جهاد مقدس، وواجب ديني وإنساني ووطني، ومن يفرّط بهذا الواجب أَو يخون هذا الموقف فهو يخون هُــوِيَّته الإيمَـانية”.

ونوّه البيان إلى أن اليمنيين لن يألوا جهداً في التصدي للعدوان مهما كان حجم التحديات والتضحيات.

وأشَارَ إلى “أن التضحيات مهما بلغت لن تكون بمستوى خسائر الاستسلام والخنوع التي تخسر الأُمَّــة فيها حريتها واستقلالها وكرامتها ودينها وحاضرها ومستقبلها”.

وجدد أحرار الشعب اليمني “العهد لإمام الثائرين الإمام الحسين -عَلَيْهِ السَّلَامُ- بأننا ماضون لمواجهة يزيد العصر وطغاة هذا الزمن أمريكا وإسرائيل وعملائهم حتى يأذن الله بالنصر”.

وفي المسيرة التي شارك فيها عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي، ورئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي أحمد المتوكل، وعددٌ من الوزراء وقيادات الدولة مدنيين وعسكريين، ألقى الشاعر الثائر صقر اللاحجي قصيدة شعرية، استعرضت جوانبَ من المناسبة وآلامها وأهميّة إحيائها للاستفادة من دروسها في ظل المعركة التي يخوضها الشعب اليمني ضد طغاة العصر، فيما جدد اللاحجي في قصيدته التأكيد على أن الشعب اليمني يتطلع لنيل الحرية والكرامة والاستقلال سواءً بالسلام أَو بالقوة إذَا لم يدرك تحالف العدوان خطأ استمراره في غطرسته.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com