السفارة السعودية تفاخر بإشراف إسرائيل على تشكيله.. في مواجهة خطر الزوال.. اللوبي السعودي (سابراك) ينطلق في واشنطن!!

 

صدى المسيرة: إبراهيم السراجي

هل تعاظَمَ شعورُ النظام السعودي القائمِ اليومَ بالخطرِ الوُجودي الذي يهدِّدُ بقاءَه أَكْثَـرَ من أي زمن مضى؟ تجيبُ على هذا السؤال الخطوةُ السعوديةُ المتمثلةُ بإطْلَاق “لوبي سعودي” في أمريكا بإشراف إسرائيلي يتفاخر به مسؤولون سعوديون علناً، هذا اللوبي الذي يجري إنشاؤه باسم (سابراك) على غرار اللوبي الصهيوني (أيباك) وجميعُها يختصُّ بالوصول إلى مراكز القرار العليا في الولايات المتحدة وتوجيه السياسَة الأمريكية بما يخدُمُ مصالحَ الدولة التي يتبعُها ذلك اللوبي أَوْ ما يُسَمَّى بجماعات الضغط.

وقبل التعمُّق أَكْثَـرَ في سرد المعلومات وتحليل الأسباب من إنشاء اللوبي السعودي، كما أَعلنت عنه شبكةُ الـ CNN الأمريكية، يجدر التعريفُ باللوبي الصهيوني والذي يحظى بتواجُدٍ هو الأقوى في دوائر القرار الأمريكية بين ما يسمى جماعات الضغط أَوْ اللوبيات أَوْ المسميات الرسمية لها.

في عام 1953 أنشأ سياسيون ورجالُ أعمال وشخصياتٌ صهيونية (لَجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية) وهي جماعةُ ضغط توجِّهُ القرارَ الأمريكي بما يخدُمُ بقاءَ الكيان الصهيوني ويضمن توسُّعَه في المنطقة، ويعرف اللوبي الصهيوني أَوْ تلك اللجنة بـ”أيباك” التي تؤثّر بشكل كبير في مسار الانتخابات الرئاسية الأمريكية إلى جانب سيطرتِها على القرار الأمريكي ودوائره عن طريق الشركات والمنظمات وارتباطها بأعضاء الكونجرس الأمريكي.

جاءت الحاجة لإنشاء ذلك اللوبي بسبب شعورِ الكيان الصهيوني بخطر يهدد وجوده كمحتل للأراضي العربية، ومن شعور الكيان أَيْضاً بالأخطار التي تحدقُ به في المنطقة، وسعيه لأن يكون القوة العسكرية والاقتصادية المتسيِّدة في المنطقة؛ ولذلك كان منْعُ العرب من تشكيل أيّ لوبي مرادِفٍ في أمريكا ينافِسُ اللوبي الصهيوني واحداً من أهدافه للسيطرة المطلقة على القرار الأمريكي.

 

 اللوبي السعودي سابراك ينطلق في واشنطن!! وإسرائيل تشرف على تشكيله

 

  • إسرائيل -النظام السعودي.. الشبه في النشأة وتطابق الأخطار والمصالح

أَعلنت شبكة الـCNN الأمريكية أن السعودية بدأت بالفعل العملَ على إنشاء (لجنة شؤون العلاقات العامة السعودية الأميركية) أَوْ ما يسمى اختصاراً (سابراك)، وهي محاولة سعودية جاءت بفعل المتغيرات في المنطقة لتشكيل لوبي سعودي يكون قادراً على الوصول إلى دوائر القرار الأمريكي العليا والتأثير على القرارات بما يخدُمُ النظامَ السعوديَّ على غرار جماعة الضغط الصهيونية (أيباك).

في تقريرٍ صادرٍ عن مكتب قناة الميادين بواشنطن والذي واكب الإعلام عن اللوبي السعودي ويقول إنه “ومن دون الاستناد إلى أيَّة فرضيات أَوْ استنتاجات مسبقة، تدل تسميةُ “سابراك” على تشابه شديد مع “أيباك”، اللوبي الصهيوني بالغ التأثير في الحياة السياسية الأميركية. الفارق الوحيد هو في إضافة كلمة “شؤون” للأولى. ربما لن يكون هذا دليلاً كافياً لاستنتاج التماهي بين الفئتين، بيد أنه لا يجوزُ للمرء أن يغفل عن الظروف السياسية المواكبة لإنتاج “سابراك” وعلى رأسها اللقاءات العلنية الحصرية بين ضابط الاستخبارات السعودية السابق أنور عشقي مع دوري غولد، مستشار نتنياهو.

كما نقل مكتب قناة الميادين عن مصادرَ خليجيةٍ مقرّبة من الوزير والسفير السابق عادل الجبير، في واشنطن، توضح أن السفارة السعودية في واشنطن “لا تعاني من حرَجِ الاعلان بأن مستشارين من منظمة أيباك الإسرائيلية شاركوا في الإشراف على تشكيل اللوبي السعودي، سابراك”.

مفاخَرَةُ السفارة السعودية بواشنطن بالتعاون مع اللوبي الإسرائيلي في إنشاء اللوبي السعودي يكشف عن نقاط هامة:

الأولى: أن النظامَ السعودي يمضي بخُطَىً متسارعةٍ في اتجاه التطبيع مع إسرائيل بشكله المعلَن، وتأتي هذه الخطوة لتتراكم مع خطوات مماثلة من قبل الإسرائيليين، وكان آخرها تصريحات رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو في مؤتمر دافوس الاقتصادي والذي قال بمقابلة تلفزيونية قبل أَسَابيع إن السعودية لا ترى في إسرائيل عدواً بل حليف.

الثانية: أن إسرائيل التي أنشأت جماعة الضغط أَوْ اللوبي الخاص بها كانت تسعى للسيطرة على القرار الأمريكي بما يخدم مصالحها؛ نتيجةً لمخاوفها من الوطن العربي وسعيها لإبعاد العرب عن دوائر القرار الأمريكية، لكنها اليوم تساندُ وتُشرِفُ على إنشاء اللوبي السعودي من منطلق زوال خطر “السعودية” باعتبارها دولةً عربيةً وجزءً من الخطر المفترض على إسرائيل لتتحول –أي السعودية- إلى حليف تتطابق مصالحُه ومخاوفُهُ والأخطار التي تحدق به مع إسرائيل التي اندفعت لمساعدة السعودية لتشكيل ذلك اللوبي.

 

  • سابراك.. لوبي سعودي أم شعور باقتراب الزوال؟

فرَضَت المتغيّراتُ في المنطقة على السعودية واقعاً جديداً وجدت نفسَها فيه متمثلة بنظام آل سعود أنه مهدد بالزوال وفقدان الحليف أَوْ بالأصح الراعي لهم وهو أمريكا ويمثل الاتفاق النووي مع إيران وغرق النظام السعودي في حرب الـيَـمَـن وسوريا أبرزَ تلك الأخطار التي دفعت النظام السعودي للاستنجاد بالإسرائيليين وتشكيل اللوبي السعودي.

على غرار الدعم الأمريكي للعدوان السعودي على الـيَـمَـن، فالدعمُ الإسرائيلي والإشراف على تشكيل اللوبي السعودي بواشنطن لم يكن هو الآخر مجاناً، حيث الاعتياد الدولي على سُهُولة الحصول على مليارات السعودية بشتى الطرق، وعن ذلك يكشف الصحفي الأمريكي الشهير روبرت باري في مقال أثار ضجةً كبيرة أفاد فيه نقلاً عن مسؤول رفيع في الاستخبارات الأمريكية أن السعودية دفعت لحكومة نتنياهو نحو “16 مليارَ دولار، على الأقل، على مدى عامين ونصف، إسهاماً منها في مشاريع للبُنية التحتية داخل إسرائيل – مثل بناء مستوطنات في الضفة الغربية”.

ويأتي تطابُقُ الأخطار التي تواجهُ نظام آل سعود والكيان الصهيوني من العلاقة بين نشوء الكيان وتأسيس نظام آل سعود والتي جرت جميعها بتخطيط وتنفيذ بريطاني، وكان قيام نظام آل سعود مرتبطاً أَسَاساً بالدور الذي سيلعبه هذا النظام في خدمة الكيان الصهيوني وضمان بقائه وتوسعه، وهو ما التزم به النظامُ السعودي على مدى العقود السابقة.

كما ينعكسُ تطابُقُ الأخطار على آل سعود والكيان الصهيوني على خطواتهم العدائية بالمنطقة (احتلال فلسطين وتدمير الدول العربية)، وأيضاً ينعكس على خطواتهم الرامية لمواجهة تلك الأخطار ولم يكن اللوبي السعودي حديث العهد وبإشراف صهيوني معلَن إلَّا مناسبة لتعميق العلاقة الصهيونية مع آل سعود والشراكة في إدارة الأخطار لتكون (أيباك وسابراك) عنواناً لمرحلة جديدة من طريق المصير الواحد بينهما.

أخيراً ودونَ المغامرة السعودية غير المحسوبة في الـيَـمَـن واستنزافها مالياً وعسكرياً وكذلك ولو بشكل غير مباشر التورُّط في سوريا فإن النظامَ السعودي لم يكن ليشعر بالحاجة لخلق لوبي سعودي في واشنطن يعبّر عن شعور آل سعود المتزايد بضرورة العمل على ضمان بقائه، وهو فصلٌ جديدٌ يشاركُ فيه الـيَـمَـنيون بشكلٍ بارزٍ بدَقِّ مسمارٍ جديدٍ في نعش هذا النظام، كما تفعَلُ المقاوَمةُ الفلسطينية واللبنانية بالكيان الصهيوني الطارئ كنظيره نظام آل سعود.

 

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com