عمليةُ “وحدة الساحات” تبدِّدُ فجرَ صهيون الزائف

المسيرة | متابعة خَاصَّة

حركةُ الجهاد الإسلامي في فلسطين، حركةٌ متحرّرةٌ نسبياً من الضغوط الخارجية وليست لها ارتباطاتٌ إقليمية ضاغطةٌ كسائرِ الفصائل، وبهذا يرى مراقبون أنها لن تتأثر بأية ضغوطات قد تمارس عليها لوقف هجماتها على كيان الاحتلال، بل إنها ستتصدى لهذا العدوان حسب عقيدته التي تؤكّـد أن الاحتلال ما لم يتلقَّ ضربات موجعة ستتضخم ممارساته وستزداد غطرسته الموجهة ضد أبناء الشعب الفلسطيني، لذلك جاءت عملية “وحدة الساحات” لتبدد أحلام الكيان بتشتيت جهود المقاومة وحصرها في فصيلٍ واحد، في إطار عملية أطلق عليها “الفجر الصادق”.

 

عمليةُ وحدة الساحات

في تمام الساعة التاسعة من مساء يوم الخامس من شهر أغسطُس 2022م، دوّت صافراتُ الإنذار في الأراضي الفلسطينية المحتلّة معلنةً سقوط أكثر من 200 صاروخٍ وقذيفة أطلقتها حركة الجهاد الإسلامي وجناحها العسكري رداً على عدوان كيان الاحتلال على قطاع غزّة واغتيال قائد المنطقة الشمالية في سرايا القدس تيسير الجعبري.

الرد جاء ضمن عملية مُستمرّة أطلقت عليها السرايا اسم “وحدة الساحات” وقد حفظت من خلالها على معادلات معركة “سيف القدس” وإنجازاتها.

 

سرايا القدس جاهزةٌ للاستمرار في القتال

أراد الاحتلالُ جعْلَ الاغتيال “ضربةً استباقيةً” ينهي من خلالها حالة التأهّب القصوى التي سادت 3 أَيَّـام متتالية في مستوطنات غلاف غزّة جرّاء إعلان سرايا القدس النفير العام في صفوفها منذ لحظة اعتقال قوات احتلال لأحد كواردها في جنين (الضفة الغربية) بسّام السعدي، و”تتعافى” من خلالها مستوياته السياسية والعسكرية من حدّة الانتقادات الداخلية لأدائها تجاه المقاومة، بالإضافة إلى ذلك إحداث “صدمة” لدى “الجهاد الإسلامي” تثنيها عن خوض المواجهة.

لكن لم تمر 24 ساعة، وكانت العديد من مدن الداخل المحتلّ وأهمها “تل أبيب” والنقب وبئر السبع إلى جانب مطار “بن غوريون” وكل مستوطنات غلاف غزّة ومنها “كيبوتس نيريم”، “سديروت”، “اشكول”، “شاعر هنيعف”، “كفار سعد”، عسقلان وشاطئها والمنطقة الصناعية فيها، “اسدود”، “لاخيش”، و”نتيفوت”، بالإضافة إلى مواقع العسكرية ومنها “ناحل عوز”، “صوفا” كيسوفيم” وَ”بوابة المطبق”، “موقع 16” وفي جباليا، تحت مرمى نيران سرايا القدس.

أثبتت سرايا القدس أنها قادرة على المواجهة وجاهزة للقتال ولديها “شجاعة للاستمرار فيه” حسب ما صرّح الأمين العام للحركة زياد النخالة في اللحظات الأولى على الاغتيال وقد امتصت “الضربة” وباتت في مرحلة المبادرة نحو الهجوم. فيما انقلبت النتائج عكسية على رئيس حكومة الاحتلال يائير لَبيد، فقد نسبت عضو الكنيست عايدة سليمان التصعيد إلى أطماع شخصية للَبيد الذي “يحاول إثبات نفسه على أنه رجل أمن بإحداث الفوضى في غزّة ووضع الإسرائيليين في الملاجئ”، داعية إلى “وقف إطلاق النار”.

 

تلاحُمُ غزة – الضفة – الداخل لن ينهيَه العدوان

هدف الاحتلالُ إلى تفكيك استراتيجية التلاحم بين غزّة والضفة الغربية المحتلّة التي أنتجتها معركة “سيف القدس” في العام الماضي وتنامت مفاعيلها الميدانية مع تأسيس كتائب المقاومة في مختلف مناطق الضفة (جنين، نابلس، طوباس، طولكرم،…) ما أربك عمل الجيش.

في المقابل، وفي اللحظات الأولى لبدأ العدوان على القطاع صدر بيانٌ مشتركٌ عن مجاهدي الضفة من مختلف الأجنحة العسكرية للفصائل (كتائب القسام وسرايا القدس وكتائب الأقصى وكتائب أبو علي مصطفى)، حذّروا الاحتلال من الاستمرار في عدوانه مشدّدين على أن “طرق المستوطنات كافة ستكون تحت رصاص المقاومة”. وبالتزامن مع إطلاق الصواريخ من غزّة الليلة الماضية استهدف المجاهدون حاجز “الجلمة” العسكري شمال جنين بعبوات متفجرة محلية الصنع.

كذلك دعا القيادي في حركة حماس عبد الرحمن شديد “الشباب الثائر والحر في الضفة والقدس والداخل المحتلّ إلى تصعيد المواجهة مع الاحتلال بكافة السبل المتاحة”. ويستعد فلسطينيو الداخل لمسيرات إسنادية في “ام الفحم”، “شفا عمرو”، “حيفا”، وغيرها من المدن تحت شعار “كلنا غزّة”.

 

الوحدةُ الفلسطينية ثابتة

حاول الاحتلالُ تحييدَ الفصائل الفلسطينية الأُخرى و”استثنائها” من العدوان، إذ كشف موقع “أكسيوس” أن “إسرائيل وجّهت بعد الغارات في غزة رسائلَ إلى حماس عبر وسطاء تؤكّـدُ أن العمليةَ تستهدفُ الجهادَ الإسلامي فقط”، فيما أعلن النخالةُ أنها “حربٌ مفتوحة ضد الشعب الفلسطيني”، واستنكرت الفصائل كافة هذا العدوان وجريمة اغتيال الجعبري معلنةّ في بيان الغرفة المشتركة أن “هذا العدوان لن يمر مرور الكرام، وأنّ رد المقاومة قادمٌ”، وقال المتحدث باسم حركة حماس فوزي: “الدم الفلسطيني خطٌّ أحمر، وكل جندي ومستوطن صهيوني هو هدف للمقاومة الفلسطينية”.

وتبعت الأجنحة العسكرية للفصائل الأُخرى سرايا القدس في قصفها للأراضي المحتلّة في مشهد من الوحدة الفلسطينية والفصائلية، فقد أعلنت ألوية الناصر صلاح الدين (الجناح العسكري للجان المقاومة الشعبيّة) قصف موقع “ناحل عوز” العسكري ومستوطنة ” كفار عزة” شرق مدينة غزة بـ 6 صواريخ من طراز 107.

كما أقدمت كتائبُ شهداء الأقصى (الجناح العسكري لحركة فتح) على قصف موقع “فجة” التابع لكتيبة “ناحل عوز” بعدد من الصواريخ وموقع “نير عوز” بخمسة صواريخ، فيما قصفت كتائب المقاومة الوطنية (الجناح العسكري للجبهة الديمقراطية) مستوطنة “نتيفوت” وعسقلان المحتلّة برشقات صاروخية، واستهدفت كتائب الشهيد أبو علي مصطفى (الجناح العسكري للجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين) العين الثالثة المحتلّة برشقة صاروخية. كذلك أعلنت كتائب المجاهدين قصفها لموقع “ناحل عوز” العسكري ومستوطنة “علوميم” برشقات صاروخية.

في الخلاصة أكّـدت لجانُ المقاومة بالقول: “يستطيعُ العدوُّ أن يقولَ ما يريدُ ونحن أَيْـضاً نقول ما نريد والميدان هو الفاصل”، وهكذا لخّص النخالة معالم المرحلة المقبلة المفتوحة أمام كُـلّ الخيارات.

 

حِراكُ الضفة وسعيُ الوساطات

اليوم بات كيانُ الاحتلال مَن يسعى إلى الوساطات ويدفع بها؛ لأَنَّه صاحب المصلحة في أَلَّا تتعقّدَ الأمور ولا تتوسع الجبهة؛ لأَنَّ هذا سيكون مكلفاً اقتصاديًّا وبشرياً، وعلى صورتها وازدياد الضغوط العالمية عليه، وتحريك الضغط في الضفة الغربية المحتملة بعد دعوات الحراك الشبابي لإشعال الضفة دعماً واسناداً لغزة، واحتمال انضمام فصائل أُخرى من المقاومة إلى هذه الحركة وهذا سيؤثر على حكومة لابيد الذي وصل إلى الحكم منذ شهرٍ واحدٍ ولا يريد أن يتورَّطَ ويبحث عن سُلَّمِ إنقاذ ينزله عن هذه الشجرة العالية.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com