الهُدنـــةُ ومنهجيةُ القرآن في التعامل مع العدو (1-2)..بقلم/ هنادي محمد

 

 

  • ونحن نمر بأحداث ومتغيرات كبيرة في مواجهتنا للعدوان السعوديّ الأمريكي، ولأهميّة الحفاظ على ثبات الموقف ونفاذ الوعي والبصيرة، فَـإنَّنا بحاجةٍ ماسَّةٍ للارتباط الوثيق بهدى الله ونوره الذي يقدّم لنا رؤية وتقييم لكل حدث ومستجد في الساحة الداخلية والخارجية.

وفيما يَخُصُّ موضوعَ الهُدنة وكيفية التعامل مع العدوّ، ونتيجة التزام المؤمنين بقيم ومنهجية القرآن في ميدان المواجهة، لنا وقفاتٌ لمقتطفات من حديث الشهيد القائد السيد/ حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه- لما ذُكر.

 

افهَمْ بأن التزامَك بمبادئ الدين في ميدان المواجهة لن يضيعك الله أبداً

لاحظ في نفس الوقت أنه يقدم للمسلمين أنه يجب أن يكون عندهم التزامات بمبادئَ معينةٍ في صراعهم، تبدأ من داخل أنفسهم، أن لا يكون عندهم تصور بأن هذا قد يتيح للعدو فرصاً، وأنه قد يؤدي إلى ضياع فرص، وأشياء من هذه، أبداً لا تحصل هذه، الله هو رقيب على الجميع، لا تتصور بأنه شيء أمرك الله به يعتبر إضاعة فرصة لك، والأفضل أن تكون هكذا [متلون متقلب] تغدر وتمكر وتخون؛ مِن أجلِ تتمكّن من عدوك، في الأخير لا تنجح، فعلاً لا تنجح بالطريقة هذه، ولو رأيت أنك نجحت في مرة أَو مرتين، فعندما تلتزم فعلاً بالمبدئية التي قدمها القرآن الكريم، حتى لو عندك يمكن أنه ربما قد يكون هذا بالشكل الذي يتيح فرصة للآخر، أبداً لا يحصل هذا {وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللّهُ هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ} (الأنفال: ٦٢) ألم يقل هكذا في آية أُخرى؟، {وَإِن يُرِيدُواْ خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُواْ اللّهَ مِن قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ} (الأنفال من الآية: ٧١). هذا لن يحصل، الشيء الذي قد يكون في الصراع، وقد مر في الحديث حول الأشهر لحرم أَو {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ} (البقرة من الآية: ١٩٤) هذا أَيْـضاً تعتبره دليلاً على أنه عندما يكون هناك التزامات معينة – لكن عندما تكون قائمة على أسس صحيحة – وأنت في ميدان المواجهة، فئات لا تقتلها، أصحاب سن معين مثلاً لا تقتلهم، أشياء معينة لا تقربها، لا تقل: إذَا ماذا بقي لي! فلا نستطيع أن نضرب العدوّ نهائيًّا، وقد يتمكّن العدوّ من أن يعمل كذا، أحسن نضربه بطريقة معينة؛ مِن أجلِ لا يتمكّن. افْهَمْ بأن التزامَك بمبادئ الدين في ميدان المواجهة لن يضيعك الله أبداً {وَإِن يُرِيدُواْ خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُواْ اللّهَ مِن قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ}، {وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللّهُ} ماذا يعني؟ هو سيكفيك لا تخف، لا تخف إلا من ماذا؟ من أن لا تلتزم بهذه المبادئ في ميدان المواجهة؛ لأَنَّها مبادئ مهمة، مهمة في التأثير في نفسية العدوّ، قد تكون أخطاء مثلاً عندما يكون الطرف الذي يمثل المؤمنين ليس طرفاً بمستوى أن يكون جديراً بأن يمثلهم فعلاً في موضوع مثلاً إما دخول في هُدنة، أَو ميثاق، أَو أي شيء معين، أما هذا فيجلب فعلاً شراً، مثلما كان تعمل إسرائيل مع العرب، أليسوا يتقاتلون فترة ثم يدخلون في هُدنة؛ لأَنَّ مسألة الهُدنة، مسألة ميثاق، هذه الأشياء تقيَّم، وتقيم على اعتبارات متعددة، ومن جهة خَاصَّة جديرة بأن تمثل المسلمين فعلاً عندما لم يكونوا جديرين بتمثيل الأُمَّــة هذه، أصبحت تلك الهُدن كلها لصالح العدوّ فعلاً، هنا يلمح إلى هذه، وكما هو أُسلُـوب القرآن الكريم، قد لا يكرّر الشيء دائماً، دائماً بطريقة موسعة، يشير لك إلى الموضوع. هو يقول هنا: {وَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُولئك أصحاب الْجَحِيمِ} (المائدة: ١٠) هنا يقول لك الطرف الآخر الذي قد تفكر أمامه عندما يقول لك: {لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ} ثم تجلس تفكر في الطرف الآخر، هو قول لك: الطرف الآخر أمامنا، ننظر إليه، نراقبه، هم أصحاب الجحيم، أصحاب الجحيم يعني ماذا؟ هم خاسرين هنا، إذَا ذكر لك بأنهم من أصحاب الجحيم فاعرف بأن تدبيره معهم هنا تدبير يقوم على أن لا ينجحوا، على أن يخسروا. ثم جاء بمثال واضح {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ، إذ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ} (المائدة من الآية: ١١) فلا تقول: نحن عندما نلتزم قد نعطي فرصة للعدو، وقد.. وقد يتمكّن ثم.. إلى آخره، الله يقول هنا: {، إذ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ} من حَيثُ لا تشعرون، وفي وقت ما قد دخلتم في التزامات قائمة على أَسَاس توجيهه مع آخرين، فإذا هو كف أيديهم عنكم من حَيثُ لا تشعرون ألن يكف أيديهم عنكم؟ ألن يكونوا هم الخاسرين، ألن يحبط كيدهم عندما يفكرون أن يستغلوا فرصة معينة؟، بل ربما قد يدفعون إلى أن يظهروا في الصورة ناقضين مثلاً، مثلما تعامل رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) معهم؟ ما كان أحياناً ما تدري ونقضوا هم من هناك، ينبذ إليهم على سواء ويضربهم.

الدرس الحادي والعشرون _دروس رمضان.

 

تعاطي العرب قديماً مع الهُدنة، وسنةُ الله في نصر أوليائه

لكن العرب عندما كانوا يدخلون في هُدن، كانوا يدخلون في هُدنة لم تقم على أَسَاس تقييم صحيح، ثم في نفس الوقت لا يهتمون ببناء أنفسهم كما يهتم العدوّ ببناء نفسه، ينخدعون به وهو شغال يبني نفسه وبدا عليهم من جديد وضربهم، ولا قيادات جديرة فعلاً بكثير من الأشياء هذه التي وعد الله بها المؤمنين؛ لأَنَّه قد يكون بعضهم لا يختلفون فعلاً عن قيادات العدوّ، هل هذا محط تأييد إلهي؟ وبعضهم لا يختلف عن شارون. لاحظ كيف الآية هذه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ}؛ لأَنَّ تذكر نعم الله لها أثر مُستمرّ، وأثر هام في كُـلّ الظروف، وفي كُـلّ الوضعيات، {إذ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} لكن المؤمنون بما تعنيه الكلمة، والمؤمنون الذين بنيانهم بنيان صحيح، على أَسَاس قرآني، تجد الآية هذه أَيْـضاً فيما يتعلق بنسف كثير من المفاهيم التي تقعد الناس، أَو الرؤى القاصرة التي تؤدي بالناس إلى أن يقعدوا، أنها كلها ناتجة عن ضعف ثقة بالله سبحانه وتعالى، هو هنا يقول للمؤمنين: {، إذ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ}؛ لأَنَّ الله هو مسيطر ورقيب ومهيمن على كُـلّ الناس، على نفوس وقلوب أوليائه وجنده، ونفوس أعدائه. وفي الوقت الذي يقدم وعوداً عندما يقول: {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ} (الحج من الآية: ٤٠) يقدم أمثلة عملية وقعت فعلاً {هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ} هذه تنسف الشعور الذي هو حاصل عند الناس، نقول: العدوّ.. قال العدوّ إذَا كذا.. فيمكن يضربنا، لا تعملوا كذا؛ لأَنَّه يمكن يضربنا ضربة قاضية!!. لا، إذَا الناس يتحَرّكون على أَسَاس دين الله، على أَسَاس هدي الله، ويثقون بالله وثوقاً عمليًّا، ويبتنون على أَسَاس قرآني، فهذه هي سنة الله أن ينصر أولياءَه، وأن يكف أشياء كثيرة من جانب العدوّ قد لا يكون في طاقتك أنت، ولا إمْكَانياتك -سواء معدات عسكرية، أَو إمْكَانيات أُخرى- أن تدفعه، هو يكف يده عنك {وَاتَّقُوا اللَّهَ} لا يكون من عند الإنسان تقصير يقصر، يتراجع، يقعد؛ لأَنَّه يرى العدوّ كَبيراً، ربما يحصل، وربما يضربنا، وأحسن نحافظ على أنفسنا، أحسن نتحول إلى دعوة، دعوة هكذا نحافظ على الدين بشكل دعوة، لا ننطلق بهذا الشكل فيضربونا فيقضوا على الإسلام، هذه رؤى قاصرة كلها، الله يقول: {وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}.

الدرس الحادي والعشرون _دروس رمضان.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com