المسؤوليةُ في خطابات قائد الثورة.. تكليفٌ وليست تشريفاً

فؤاد ناجي: المسؤولية في الإسلام ليست مناصبَ ولا امتيَازات وإنما خدمةٌ للناس

الهاشمي: على المسؤولين بذل أقصى جهد لخدمة الناس وتحمل الأعباء في سبيل خدمتهم

الحوثي: السيد عبد الملك يريد أن يرى الأُمَّــة تجسِّدُ تعاليمَ الإسلام وتجسد رحمة الإسلام وتعاليم الدين الحنيف

أبو نشطان: قائد الثورة يحرص على تزكية نفوس المسؤولين بغية خدمة الشعب وليس التآمر عليه

 

 

المسيرة | محمد ناصر حتروش

يكرِّرُ قائدُ الثورةِ، السيدُ عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- في العديد من خطاباته الدعوةَ للمسؤولين للتواضع مع الناس وخدمتهم وتوفير احتياجاتهم معتبرًا خدمة الناس من العبادات التي تقرب العبد من الله سبحانه وتعالى.

ويحرص قائدُ الثورة على تربية مسؤولي الدولة تربية إيمَـانية صادقة تتحَرّك بمنظور قرآني لا يتأثر بالمغريات والمسميات التي تحمق النفس وتعكسها سلباً في واقعها العملي، حَيثُ يرى أن المسؤولية في مقام تكليف وليست تشريفاً، كما يتهيأ للبعض، موضحًا أن المسؤولية الحقيقية تكمن في الإحسان إلى الناس وخدمتهم، مذكراً بالنموذج القُدوة للمسؤولين رئيس الشهداء صالح الصماد والذي كان يقول بأن الدولة للشعب وليس الشعب للدولة.

وخلال العشر المباركة من ذي الحجّـة، أفرد قائد الثورة مساحة كبيرة للحديث عن عهد الإمام علي -عليه السلام- لمالك الأشتر، والتي تضمنت موجهات ونصائح، وإرشادات للمسؤولين في كيفية التعامل مع الناس، وإدارة الدولة بالحسنى، وتجنب سيئات الأمور، وهي موجهات لو طبقت على أرض الواقع لعاش اليمنيون مشهداً مغايراً، ومحيت الكثير من مظاهر السوء والفساد، والفجوة التي تحدث دائماً ما بين المسؤولين والرعية.

ولعل ما يميز هذه المحاضرات أنها جاءت في مرحلة حساسة من تاريخ اليمن، وفي ظل استمرار العدوان والحصار الأمريكي السعوديّ على بلادنا، بالتوازي مع ما يشتغله العدوّ في الحرب النفسية، ومحاولة إثارة النعرات الطائفية والمناطقية، ومختلف الفتن لخلخلة الصفوف، وإحداث الفوضى من الداخل، بعد أن وصل إلى مرحلة اليأس والعجز المطلق من هزيمة الشعب اليمني بعد مضي ما يقارب الثمان سنوات.

ويؤكّـد نائب وزير الإرشاد وشؤون الحج والعمرة، فؤاد ناجي، أن دعوة السيد القائد -يحفظه الله- إلى المسؤولين والجهات الرسمية للاهتمام بواجبهم تجاه المواطن تأتي من شعوره بالمسؤولية تجاه هذا الشعب العظيم والمضحي والصامد، موضحًا أن نصائح قائد الثورة تأتي امتثالاً لقوله تعالى: “وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ”، وَأَيْـضاً لقول الله سبحانه وتعالى: “وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ”.

ويوضح ناجي في حديثه لصحيفة “المسيرة” أن خطابات قائد الثورة تأتي ضمن إطار بناء الدولة اليمنية الحديثة والتي ينبغي أن تكون نموذجاً في ظل تضحية الشهداء العظماء الذين ما استشهدوا إلَّا لإقامة هذه الدولة، لافتاً إلى أن على الدولة أن تقدم نموذجاً على عظمة الإسلام وأن الولايات في الإسلام رعاية ورحمة وهداية، منوِّهًا إلى أن المسؤولية في الإسلام ليست هنجمة ولا مناصب ومكتسبات ولا امتيَازات وإنما خدمة للناس، تتجلى كما تجلت على يد النبي -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ- ومن بعده الإمام علي -عليه السلام- وأن قائد الثورة يشدّد على ضرورة تقديم ذلك النموذج الذي ظهر في حياة الرسول وقيادته في قيادة الإمام علي عليه السلام.

ويواصل: “تأكيد السيد سلام الله عليه، وتكريره الدعوة للمسؤولين تأتي من باب التذكير وتبين الأهميّة القصوى في هذه المرحلة التي يحتاج المسؤولون والقائمون على المسئوليات إلى مضاعفة جهودهم؛ مِن أجلِ تخفيف معاناة الناس”، مُضيفاً أن قائد الثورة كرّر خطاباته نظراً لطبيعة المرحلة التي تحتاج فيها إلى مضاعفة الجهود، إضافة إلى أن هنالك اختلالات في تصرفات البعض ممن فهم المسئولية أنها هنجمة وبعد عن الناس وابتعاد عن خدمة الناس”.

ويشير ناجي إلى أن تكرار دعوة قائد الثورة للمسؤولين في خدمة الناس والتواضع وعدم التكبر وذلك حرصاً من قيادة الثورة في تزكية النفوس وتذكيرها بضرورة استشعار المسؤولية في خدمة الناس وأن المسؤول الذي لا يعي الدور المناط به فَـإنَّه معرض للاستبدال من قبل الله ومن قبل القيادة الثورية وهنا تتجسد الآية الكريمة في قوله تعالى: (وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم).

ويلفت إلى أن على جميعِ مسؤولي الدولة استلهامَ محاضرات قائد الثورة وترجمتها عمليًّا وأن عليهم توخي الحذر أثناء قيامهم بواجبهم الشرعي في خدمة المجتمع، لا سِـيَّـما وأن قيادة دول العدوان تسعى بشتى الطرق لإفشال أجهزة الدولة وأنها تترصد بعض الأخطاء لبعض مسؤولي الدولة وهي ما يدعو لتوخي الحذر والعمل بيقظة شديدة، مواصلاً كلامه بالقول: يجب على جميع قيادات الدولة أن تكون خادمة للشعب كمثل قائد الثورة -يحفظه الله- الذي يؤكّـد في العديد من المحاضرات المقولة: أسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقني لأكون خادماً لهذا الشعب.

ويضيف “فاذا كان قائد الثورة هكذا فيجب أن نكون نحن كذلك كقائدنا الذي يتقرب إلى الله سبحانه وتعالى بخدمة هذا الشعب ويبذل قصارى جهده؛ مِن أجلِ تخفيف معاناة هذا الشعب، ويجب أن يكون كُـلّ المسؤولين مجسدين لهذه القيم الإيمَـانية؛ كوننا ننتمي إلى مسيرة قرآنية وننتمي إلى الهُــوِيَّة الإيمَـانية التي تذكرنا بواجبنا أمام الله سبحانه وتعالى وأمام الناس”.

 

مرحلة حساسة

وتتكرّر دعوة السيد القائد –سلام الله عليه- في دعوة مسؤولي الدولة لخدمة الناس والتواضع معهم؛ كونه يستشعر المسؤولية أمام الله وكون الشعب اليمني الصابر والصامد لسبعة أعوام يستحق الخدمة بجدارة، معتبرًا ذلك مقابلة الوفاء بالوفاء، حسب ما يذكره نائب وزير التجارة والصناعة محمد الهاشمي.

ويقول الهاشمي في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة”: الشعبُ اليمني صمد لأكثرَ من سبع سنوات في أحلك الظروف وفي وضعيات لم يتوقعها أي إنسان على وجه الأرض، ثباتٌ وصمود على المستويين الرسمي والشعبي، فبالرغم من انقطاع المرتبات، وتردي الخدمات إلا أن الشعب اليمني ضحى بالغالي والنفيسِ؛ حفاظاً على الوطن من طمع الغزاة والمحتلّين، وبالتالي السيد القائد انطلاقاً من ديننا وأخلاقنا يحث مسؤول الدولة على الحفاظ على هذا المجتمع.

ويضيف: المرحلة مرحلة حساسة وبالذات مرحلة الهُدنة، أَو توقف الحرب، فالعدوان يشتغل بشكل كبير جِـدًّا على مسألة خدمات الناس وما يقدم للناس.

ويتابع “فعلى مسؤولي الدولة في هذه المرحلة مسؤولية أكبر ومسؤولية إضافية في خدمة الشعب الذي لولاه لما وجد المسؤولين ولما كانوا مسؤولين في جهاتهم ووزاراتهم ومؤسّساتهم”، مردفا بالقول: “هذه مرحلة حساسة ومن باب الدين ومن باب الأمانة، الشعب اليمني أمانة في رقابنا وهم ميدانُ عملنا”.

ويؤكّـد الهاشمي أنه يجب على الإنسان الوطني والمجاهد والمؤمن بذل أقصى جهد في خدمة الناس وتحمل الأعباء في سبيل خدمتهم، موضحًا بالقول: “علينا استشعار المسؤولية وأننا جميعاً سنسأل يوم القيامة أمام الله وأمام القيادة وأمام الشعب عن كُـلّ ما علمنا في خدمة الناس وتوفير احتياجاتهم سواء خلال هذه المرحلة مرحلة العدوان أَو ما بعد العدوان”.

ويختتم الهاشمي حديثه بالقول: “نتمنى من الجميع استشعار المسئولية والسيد القائد عليه السلام، يذكر دائماً ومن باب فذكر فَـإنَّ الذكرى تنفع المؤمنين يتعمد دائماً التكرير والتكرار على جميع المسؤولين سواء في الجانب الرسمي أَو في الجانب الشعبي أَو الجانب التنظيمي بأن يهتم الجميع بخدمة الشعب الذي يعتبر أَسَاس الثبات وأَسَاسَ الصمود وأَسَاس العزة والرفعة”، مذكراً بمقولة الشهيد الرئيس المشهورة: “دولة للشعب لا شعب للدولة”.

من جهته، يقول رئيس الهيئة العامة للأوقاف، العلامة عبد المجيد الحوثي: “السيد يحفظه الله، يربي المسؤولين على تحمل المسؤولية ومعرفة أن هذا تكليف من الله سبحانه وتعالى في خدمة الناس وفي خدمة المجتمع وخدمة الأُمَّــة كما قال الله سبحانه وتعالى: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ).

ويضيف الحوثي في حديثه لصحيفة “المسيرة: “السيد -يحفظه الله- يريد أن يرى الأُمَّــة تجسد تعاليم الإسلام وتجسد رحمة الإسلام وتجسد تعاليم الدين الحنيف، والقُدوة التي فرضها لنا النبي -محمد صلى الله عليه وآله وسلم- الذي قال الله عنه: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ).

ويؤكّـد الحوثي أن المسؤول إذَا لم يكن في موقعه لخدمة الأُمَّــة ولخدمة المجتمع ولخدمة المواطن فلا خير فيه، معتبرًا المسؤولية موضع مساءلة أمام الله سبحانه وتعالى.

ويرى الحوثي أن المسؤولية ليست تشريفاً وإنما تكليف وأنه يجب على كُـلّ مسؤول أن يتقي الله سبحانه وتعالى ويعلم أنه لم يصل إلى هذا المكان إلَّا بدماء الشهداء وبتلك التضحيات العظيمة التي قدمها أُولئك العظماء معتبرًا تلك التضحيات أمانةً في أعناق المسؤولين والتي عليهم مسؤولية كبيرة في بناء الدولة اليمنية العادلة والحق دولة النظام والقانون.

ويبين الحوثي أن الشهداء العظماء حلموا ببناء دولة المؤسّسات والذي ينبغي على جميع المسؤولين تحقيق ذلك ليلمس أولاد الشهداء ثمار تضحيات آبائهم.

ويقول: إذَا أدينا المسؤوليةَ كما أمر الله النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- “كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته”، فيجب أن نستشعر هذه الرقابة الإلهية ونستشعر أننا مسؤولون أمام الله كما قال الله سبحانه وتعالى: “وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ” ويقول: (فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ)، فالمسألة هي بين يدي الله سبحانه وتعالى يوم يقوم الناس لرب العالمين.

ويتابع بالقول: “فإذا استشعر المسؤول أنه مساءَلٌ بين يدي الله فَـإنَّه سيحسبُ لكل خطوة في هذه الحياة والنجاة يوم القيامة يتمثل في العمل بما يرضي الله سبحانه وتعالى وفيما يخدم الأُمَّــة وفيما يخدم المواطن وأن الدولة جاءت لخدمة المواطنين ولتسهيل أمورهم ولحفظ الأمن والاستقرار ولتقديم الخدمات للناس والعمل على راحة واستقرار كُـلّ مواطن في هذا البلد بمختلف أطيافه وشرائحه وألوانه، ويجب علينا أن نتقي الله فيهم وأن نعرف أن هذا الشعب العظيم المضحي الصابر الصامد يستحق منا أن نبذل كُـلّ الجهد وأن نبذل كُـلّ ما نستطيع في سبيل خدمته ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا لأداء هذه المهمة حتى نلقاه وهو راض عنا وأن يبيض وجوهنا أمام شعبنا وأمام قيادتنا وأمام الله سبحانه وتعالى”.

بدوره، يقول رئيس الهيئة العامة للزكاة، شمسان أبو نشطان: “إن قائد الثورة -يحفظه الله- يحرص دائماً وأبداً على تزكية نفوس المسؤولين وجعلهم يستشعرون أن المنصب تكليف وليس تشريفاً”، موضحًا أنهم وجدوا لخدمة الشعب وليس للتآمر عليه، مبينًا أن على المسؤولين خدمة الشعب وتذليل الصعاب أمامهم ورفع المعاناة عنهم بقدر المستطاع والمتاح.

ويحكي أن الشعبَ اليمني العظيم أثبت بجدارة صموده الأُسطوري على مدى ثمانية أعوام، عظيم هذا الشعب، ما يحتم علينا بذل أقصى جهد في خدمة شعب العزة والكرامة.

ويختم حديثه بالقول: “نسألُ من الله أن نكونَ عند حُسن ظن القيادة السياسية والثورية فنخدمَ شعبنا الحبيب والصابر”.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com