قبل انتهاء الهُدنة التي ولدت مريضةً بداءِ العجز الأممي.. حجّـةٌ أخيرةٌ على الوسطاء الأمميين والأُورُوبيين لتفادي “الانفجار”

المسيرة: خاص

مع قُرْبِ موعدِ انتهاءِ فترةِ التمديد للهُدنة الإنسانية والعسكرية الموقعة نهايةَ مارس الماضي، ما تزالُ قوى العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي تتعاملُ مع الاتّفاق بكل استهتار وتتخذُه فرصةً لجني المكاسب العسكرية والسياسية، مقابل التنصل عن الالتزامات والإبقاء على معاناة الشعب اليمني التي تستخدمُها قوى العدوان كورقة ضمن عدوانها المسعور على اليمن أرضاً وإنساناً، في حين أن الطرفَ الوطني ما يزال حريصاً على تمديد السلام؛ بغرض سد حاجات الشعب الإنسانية وحلحلة الملفات الإنسانية التي يعاني من ورائها اليمنيون، داعياً إلى المزيد من المزايا الإنسانية لصالح الشعب، على الرغم من الخروقات العدوانية والجرائم المرافقة لها والانتهاكات الفاضحة لبنود الهُدنة على كُـلِّ الأصعدة العسكرية وما يخص الميناء والمطار، وهو الأمر الذي يضعُ الأمم المتحدة والمجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي أخير لإثبات وجودهم المسؤول المناط بهم، سيما أنهم على اطلاع تام بكل الحصيلة التي خرجت بها 4 أشهر من الهُدنة.

وفي سياق المستجداتِ، جدّدت صنعاءُ إقامةَ الحُجّـة على دول العدوان والمجتمع الدولي بجملة من اللقاءات مع البعثات الأممية والأُورُوبية، وأطلعتها مجدّدًا على الأوضاع الراهنة وسبل معالجتها لتفادي أية عودة للتصعيد على حساب معاناة الشعب، مجددة حرصَها على السلام بتقديم مطالب إنسانية مشروعة تمس حاجات الشعب، ولا ترتبط بأية ملفات عسكرية أَو سياسية.

 

وقفُ الخروقات كمطلبٍ أَسَاسي لتعزيز “هُدنة”

وفي جديد مساعي السلام التي تكرِّسُها صنعاءُ، جددت اللجنة العسكرية مطالَبةَ الأمم المتحدة بسرعة وضع حَــدٍّ للخروقات والانتهاكات والجرائم، والعمل الجاد والدؤوب في تسريع عجلة عملية السلام.

جاء ذلك خلال لقاءِ نائب رئيس اللجنة العسكرية، العميد حسين هاشم، بالمستشار العسكري لممثل الأمم المتحدة إلى اليمن، الجنرال انطوني هايورد، ومديرة مكتب ممثل الأمم المتحدة في اليمن.

واستعرض العميد هاشم مع الجنرال هايورد الخروقَ المتواصلة لقوى العدوان ومرتزِقتهم للهُدنة في مختلف الجبهات، فيما ناقش اللقاء مع الفريق الأممي خطوات تجهيز غرفة العمليات المشتركة للحد من الخروق، في تأكيد الحرص على إحلال السلام وإغلاق كُـلّ الفرص أمام المساعي التصعيدية التي يتولى كِبَرَها تحالُفُ العدوان وأدواته في مختلف المحاور.

وقال العميد هاشم: إن تعنت دول العدوان في منع دخول الأجهزة والمعدات الخَاصَّة بنزع الألغام فاقم من معاناة المواطنين ويتطلب موقفاً واضحًا من الأمم المتحدة.

من جهته، طالب الجنرال هايورد جميعَ الأطراف بأن تكونَ الهُدنة حُزمةً واحدة وفق بنود الهُدنة وبما يضمن التخفيف من المعاناة الإنسانية، في حين أن تكرار مثل هذه التصريحات دون العمل على الواقع يجعل من التحَرّكات الأممية مُجَـرّد شكليات تغطي على استمرار الوضع الراهن المليء بالخروقات والجرائم ومؤشرات التصعيد.

وتقدم الجنرال هايورد بالشكر للجنة العسكرية “لما قدموه من إيضاحات للخروق ونأمل أن تكون غرفة العمليات المشتركة خطوة للحد من الخروق”.

 

حجّـةٌ متجددةٌ يدركُها الوسطاء

وفي سياق متصل، اطّلع محافظ الحديدة محمد عياش قحيم، وسفير جمهورية ألمانيا الاتّحادية لدى اليمن هوبرت ييقر، ونائبة المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي لشؤون الشركات والمناصرة أوتي كلاميرت، أمس، على الأوضاع في ميناء الحديدة.

واطلع قحيم وييقر وكلاميرت ومعهم والمديرة الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في برنامج الأغذية كورين فلايشر، على حجم الأضرار والدمار الذي تعرض له الميناء جراء استهدافه بصورة مباشرة من قبل قوى العدوان والإجراءات والمعالجات لإعادة تشغيله.

وخلال الزيارة، أشار محافظ الحديدة محمد عياش قحيم، إلى أن قوى العدوان تواصل حصارها للميناء وتمنع وصول المساعدات الإنسانية والإغاثية والدوائية والمشتقات النفطية.

ودعا المحافظ قحيم السفير الألماني إلى المساهمة في إنهاء العدوان ورفع الحصار الذي حرم أبناء الشعب اليمني من أبسط مقومات الحياة والعيش الكريم، مؤكّـداً حرصَ السلطة المحلية بالمحافظة على تقديم كافة التسهيلات لدخول المساعدات والمشتقات النفطية للمواطنين.

وفي سياق تجديد إقامة الحجّـة وعرض الجوانب التي تعرفُها الأمم المتحدها وبعثاتها والبعثات الأُورُوبية، استمع المحافظ قحيم، والسفير الألماني خلال الزيارة من رئيس مجلس الإدارة، الرئيس التنفيذي لمؤسّسة موانئ البحر الأحمر اليمنية، القبطان محمد أبوبكر إسحاق، إلى شرح عن طبيعة وقدرة تشغيل ميناء الحديدة قبل الحصار والاستهداف الذي تعرضت له موانئ المؤسّسة، وهي حُجَّـةٌ تبدِّدُ ادِّعاءات دول العدوان بشأن عسكرة الميناء أَو زعم أن وضعه لا يسمح باستقبال السفن والحاويات.

وأشَارَ إسحاق، إلى أنه تم تدميرُ أكثرَ من 60 % من قدرة ميناء الحديدة الذي كان يعتمد عليه أكثر من 70 % من أبناء الشعب اليمني، مؤكّـداً أن مؤسّسةَ موانئ البحر الأحمر اليمنية تمارس نشاطها بكوادرَ مدنية متخصِّصة من أبنائها، وممتثلة للمنظومة الدولية لأمن الموانئ، معتبرًا استهداف ميناء الحديدة مخالفاً للقوانين والمواثيق الدولية ويتنافى مع ما ورد في المادتين “55 وَ56” من اتّفاقية جنيف الرابعة التي تنص على ضرورة تزويد السكان بالمؤن الغذائية والإمدَادات الطبية أثناء فترة الحرب.

وأوضح مديرُ مؤسّسة موانئ البحر الأحمر، أن الاستهدافَ المباشرَ الذي تعرَّضَ له ميناءُ الحديدة في الـ17 أغسطُس 2015م، ما أَدَّى إلى خروج محطة الحاويات عن الخدمة وفقدان 60 % من نشاط ميناء الحديدة، لافتاً إلى أهميّة ميناء الحديدة جغرافياً وسكانياً سواء للمانحين أَو لأبناء الشعب اليمني كشريان حياة لهم.

من جهته، أشاد السفير الألماني والوفدُ المرافق له، بالجهود التي تبذُلُها قيادةُ مؤسّسة موانئ البحر الأحمر اليمنية في إعادة تشغيل ميناء الحديدة رغم شحة الإمْكَانيات والعراقيل والحصار المفروض على موانئ المؤسّسة، فيما لم يلمح السفير الألماني إلى الجهوزية التامة للميناء رغم ما تعرض له ولجأ إلى تصوير الأمر وكأن استمرار الحصار والقرصنة وعرقلة وصول السفن النفطية والإيوائية يأتي نتاجَ عدم قدرة الميناء، وليس بسَببِ الحصار المفروض من قبل دول العدوان والحصار.

وفيما أكّـد السفير ييقر أن الوضع في اليمن يحتلُّ مكانةً في السياسَة الخارجية الألمانية، إلى أن التحَرّك الأُورُوبي لتحريك عجلة السلام في اليمن ما يزال جامداً ولا يفضي إلى نتائج حقيقية، غير أن سفير ألمانيا أكّـد أن الحل السياسي السلمي هو الوحيد ومن خلاله سيتم معالجة الوضع الإنساني.

وثمّن سفيرُ جمهورية ألمانيا الاتّحادية التسهيلاتِ التي قدمتها السلطةُ المحلية بالمحافظة ومؤسّسة موانئ البحر الأحمر اليمنية خلال زيارته للمحافظة والميناء، والاستقبال المتكرّر للبعثات الأممية والأُورُوبية، في شهادة تؤكّـد أن القيادة السياسية تعمل بكل السبل لخلقِ فرص جديدة للسلام.

 

تناغُمٌ أممي مع إجراءات العدوان والحصار.. دعوة أخيرة

إلى ذلك، التقى أمين عام المجلس الأعلى للشؤون الإنسانية والتعاون الدولي، إبراهيم الحملي، السفير الألماني لدى اليمن ونائبة المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي لشؤون الشركات والمناصرة في العاصمة اليمنية صنعاء.

وخلال اللقاء قال الحملي: “يجب أن يحرص المانحون على وصول المساعدات إلى مستحقيها من خلال متابعة المنظمات وتقييم عملها لضمان جودة الأداء والتخفيف من معاناة المواطنين”، داعياً “إلى معاودة نشاط الوكالات الألمانية العاملة في مجال التعاون الدولي في العاصمة صنعاء، لتلمس احتياجات المجتمع عن قرب.

ونوّه الحملي ضمنياً إلى التناغم الأممي مع إجراءات تشديد القيود على ميناء الحديدة والمتمثل في تقليص المساعدات الممنوحة لليمن بالتزامن مع كُـلّ خطوة لتحالف العدوان والحصار يقوم بها لتشديد الخناق ومفاقمة معاناة اليمنيين.

ولفت الحملي إلى أن تخفيضَ المساعدات الغذائية والنقدية يفاقم من معاناة ملايين المستفيدين والمتضررين في ظل الأزمة الإنسانية الأسوأ في العالم.

وبشأن استمرار قتل المدنيين عبر مخلفات العدوان وأدواته الانفجارية التي زرعوها في مختلف مناطق اليمن كقنابل موقوته تصنع الموت والجرائم في ظل توقف الطائرات الحربية عن القصف إثر الهُدنة، أكّـد الحملي على ضرورة دعم المركز التنفيذي لنزع الألغام من خلال توفير أجهزة كشف الألغام للإسهام في حفظ أرواح الأبرياء، مُشيراً إلى أن حصيلة ضحايا المدنيين بلغت 370 مواطناً منذ بداية الهُدنة المعلنة.

وفي سياق متصل، قال رئيس المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام، العميد علي صفرة: “إن مذكرةً أمميةً وصلت إلينا بتاريخ 25 مايو أكّـدت أن التحالف يمنع إدخَال أجهزة كشف الألغام”، في إشارة إلى تعمد الأمم المتحدة الظهور بدور العاجز أمام إجراءات العدوان والحصار، في حين أنها تعمل وبشكل متواصل على إدخَال سفن النفط والمعدات الخَاصَّة بها وبمنظماتها دون الحاجة للاستئذان من دول العدوان، وهو الأمر الذي يكشف الدور الممنهج للأم المتحدة في الإبقاء على معاناة اليمنيين واستمرار الجرائم بحقهم.

وأوضح العميد صفرة أن 255 مدنياً سقطوا كضحايا للألغام والقنابل العنقودية منذ بداية الهُدنة منهم 84 طفلاً، مؤكّـداً أن القنابلَ العنقودية التي ألقاها طيرانُ العدوان منتشرةٌ في المنشآت المدنية وهذا ما رفع أعداد الضحايا.

وجَدَّدَ رئيسُ المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام العميد صفرة التأكيد على أن “الأمم المتحدة تتحمل المسؤولية الكبرى عن استمرار وقوع ضحايا؛ بسَببِ مخلفات العدوان من ألغام وقنابل عنقودية”.

وأمام هذه الحصيلة المذكورة من الإرهاصات والمستجدات، فَـإنَّ صنعاءَ قد رمت كرة السلام إلى ملعب الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، وقبلهم تحالف العدوان، لتصبحَ كُـلُّ تلك الأطراف أمامَ الاختبار الأخير، لا سيما أن صنعاء ومع رفع سقف مطالبها الإنسانية والمتمثلة بإدخَال ملف المرتبات ضمن بنود التمديد للهُدنة، قد أقامت الحُجّـةَ على جميع الأطراف المعادية والوسيطة، وأكّـدت أن مطالبَها إنسانيةٌ بحتة وليست كما هي حال مطالب دول العدوان العسكرية والسياسية المقايضة بالمِلفات الإنسانية، وهو الأمرُ الذي يعطيها المشروعيةَ الكاملةَ للرد على التصعيد وممارسات خنق الشعب، بعمليات ردعٍ عسكرية كبرى ونوعية، علها تفرض المزيد من الجدية الحقيقية للوسطاء الأمميين والأُورُوبيين الذين تعودوا على التحَرُّكات فور كُـلّ عملية نوعية موجعة تستهدفُ العُمقَين السعوديّ والإماراتي.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com