دعواتٌ متكرّرةٌ لنظافة صنعاء.. الوجهُ الجميلُ للعاصمة

قائدُ الثورة كرّر أكثرَ من مرة على زيادة الجهد لتفعيل حملات النظافة

 

المسيرة| محمد ناصر حتروش

يحُثُّ قائدُ الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، في خطابات متعددة على أهميّةِ الاهتمام بالنظافة، داعياً إلى تضافر الجهود الرسمية والشعبيّة لتفعيل حملات النظافة في مختلف المدن والمحافظات اليمنية.

ويكرّر قائد الثورة في خطابه الأخيرة خلال لقائه بأهالي صنعاء للاهتمام بنظافة العاصمة، وزيادة الجهد بين المواطنين والجهات الرسمية، داعياً إلى تفعيل حملات النظافة في مختلف المدن والمحافظات اليمنية، ومشدّدًا على ضرورة تنمية الوعي الثقافي بأهميّة النظافة وجعلها جزءاً من الثقافة المجتمعية لا سِـيَّـما وأنها مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالإيمَـان.

ويعتبر تكدس النفايات وطرحها في الأماكن غير المخصصة لها ظاهرة سلبية تخلف أضراراً كارثية على البيئة وصحة الإنسان، كما يؤدي تكدس النفايات المنزلية، أَو بقائها في الشوارع العامة أضراراً جسيمة على صحة الإنسان، كما يتسبب تراكُم القمامة في انتشار العديد من الأمراض، وذلك لكونها بيئة خصبة لوجود وعيش حشرة البعوض في هذه القمامة، وهذه الحشرة مسؤولة عن نقل العديد من الأمراض.

 

سلوكٌ ووعي

ويعتبر مديرُ صندوق النظافة والتحسين، فضل الروني، النظافةَ سلوكاً حضارياً وإيمَـانياً لنا كمسلمين وكيمنيين بالأخص، موضحًا أن تلك السلوكيات تلاشت بعدم الالتزام بهذا السلوك.

ويقول الروني: “النظافةُ تبدأ من البيت بعملية الفرز للمخلفات ووضعها في أكياس محكمة وإخراجها في وقت مرور معدات النظافة، أَو في الأماكن المخصصة لها، حَيثُ نقوم برفع المخلفات على مدار اليوم ولأكثر من مرة للمكان الواحد مما يؤدي ذلك إلى هلاك المعدات وعدم قدرتها على إكمال الرفع”.

ويؤكّـد المروني في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” أن أكثر المعدات متهالكة، وقد انتهى عمرها الافتراضي، وأن إصلاحها يحتاج إلى مبالغ باهظة وبصورة مُستمرّة”، وذلك لعدم التزام الإخوة المواطنين بمواعيد الإخراج، وهذا يؤثر على المظهر العام للعاصمة وانتشار الأمراض.

ويواصل المروني: “وقد تم بحمد الله شراء معدات هذا العام لتغطية بعض العجز للمناطق الطرفية غير المخدمة، وبعض المناطق الوسطية بثمانين معدة ولكن إذَا لم يتعاون المواطنُ مع عمال النظافة لا يمكن أن نحصل على نظافة بالشكل المطلوب، وبما يليق بنا كيمنيين أهل الإيمَـان وعاصمة الهُــوِيَّة الإيمَـانية وكذا تعاون الجهات الرسمية معنا في نشر الوعي”.

ويشكل الازدحام السكاني بأمانة العاصمة ضغطاً على قيادة الأمانة في تقديم الخدمات المرتبطة بالمواطن، والتي من أهمها النظافة.

ويؤكّـد مدير إدارة النظافة بصندوق النظافة والتحسين إبراهيم الصرابي، أن الإدارة العامة للنظافة تقوم بجمع المخلفات من جميع مديريات العاصمة، وتنقل هذه المخلفات إلى مقلب “الأزرقين”، حَيثُ يتم ترحيل ما يقارب ١٦٠٠ طن من المخلفات يوميًّا، وَبما يعادل ٦٠٠ زفة، وهذه الكمية كبيرة تحتاج إلى إمْكَانيات آلية وبشرية ومالية، دون انقطاع كون عمل النظافة يتم بشكل يومي.

ويشير الصرابي في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” إلى أنه ورغم الجهود المبذولة الاّ أنه قد يحصل بعض القصور في هذه الخدمة، وبالذات في المديريات بأمانة العاصمة الطرفية لكبر مساحتها، وأغلب النزوح إليها، فيكون هذا القصور ناتج عن عدم وجود معدات كافية لتقديم الخدمة لتلك المديريات، لافتاً إلى أنه يتم التدخل من قبل الإدارة العامة للنظافة بعمل حملات بالمعدات الثقيلة التابعة لإدارة الحركة والطوارئ الموجودة لهذه المناطق الطرفية بالمديريات ورفع التراكمات بين فترة وأُخرى أسبوعياً ونصف أسبوعي حتى لا تسبب هذه التراكمات بالأمراض وانتشار الروائح.

ويؤكّـد الصرابي أن الإمْكَانيات البشرية والمالية لصندوق النظافة ضئيلة جِـدًّا مقارنة بالتعداد السكاني الجديد للعاصمة، موضحًا أنه يتم العمل بإمْكَانيات عام ٢٠١٢ وكان ما زال تعداد السكان لا يتجاوز ٢ مليون نسمة.

ويلفت الصرابي إلى أن أكثر من ٧٠ % من المعدات كثيرة الأعطال؛ كونها قد عملت البعض منها لأكثر من عشرين سنة في النظافة، وأن العمر الافتراضي لها انتهى، كذلك قلة العمالة، حَيثُ ولدينا ما يقارب ٧٠٠ عامل وسائق وموظف ما بين شهيد وجريح جراء العدوان وكذلك المتوفين وكبار السن وهؤلاء قد عملوا لفترات طويلة في مجال النظافة.

ويطالب الصرابي وزارة المالية توفير المتطلبات الضرورية للنظافة من إحلال المعدات الهالكة وكذلك توفير عمالة بدل المتوفين والعجزة ورفد الورشة المركزية بما تحتاجه من قطع بصورة مُستمرّة لإصلاح هذه المعدات أولاً بأول وتوفير النفقات التشغيلية اللازمة والحقيقية لذلك.

 

معركةُ وعي

ويؤدي التخلص الخاطئ من النفايات إلى تلوث البيئة، فدخانُ النفايات والمخلفات ينتج عنه غاز الميثان الذي يتصاعد إلى طبقات الجو العليا، مما يؤدي إلى تلوث الهواء الذي يستنشقُه الإنسان والكائنات الحية المختلفة، وقد تنتج بعض الأضرار كالأمطار الحمضية، والانحباس الحراري، وتزيد نسبة الإصابة بالأمراض الصدرية والقلبية، كما تقل مناعة الإنسان ويُصبح أكثر عرضة للإصابة بالأمراض الميكروبية.

وتلجأ بعض الدول إلى التخلص من النفايات المتراكمة في الطرقات والشوارع العامة بالدفن، الأمر الذي يؤدي إلى تسرب المواد الضارة والسامة إلى جوف الأرض، فيؤدي ذلك إلى تلوث المياه الجوفية وتدهور المحاصيل والمنتجات الزراعية ومعاناة البلاد من ظاهرة التصحر والانجراف وانعدام صلاحية التربة للزراعة.

وبخصوص الدول التي تلجأ إلى التخلص من النفايات عن طريق رميها في الأنهار والبحار فَـإنَّ ذلك يؤدي ذلك إلى تلوث المياه، ومن الآثار المترتبة عن هذا التلوث تسمم الأسماك والإنسان على حَــدٍّ سواء، والقضاء على حياة الكائنات الحية المائية وغير ذلك.

وقد يتعرَّضُ بعضُ الناس إلى الحوادث؛ بسَببِ تراكُمِ المواد القذرة في الشوارع، خَاصَّة إذَا واجه السائق مجموعة من الحاويات المليئة بالنفايات في طريقه، بالإضافة إلى أن ملء الطرقات بالنفايات يشوه مظهر الشارع أَو الطريق المليء بالنفايات والمواد القذرة ويتأثر النظام الحيوي؛ بسَببِ تجمع النفايات في منطقة معينة.

ويدعو مدير إدارة التوعية بصندوق النظافة والتحسين، شرف الحمزي، وسائل الإعلام بمختلف أنواعها للاضطلاع بمسؤوليتها لترسيخِ سلوكيات الحفاظ على النظافة من خلال الالتزام بالآلية السليمة كفرد في المنزل، وَمن خلال وضعها في أكياس محكمة الإغلاق، أَو تسليمها لسيارة النفايات أثناء مرورها، أَو وضعها في البراميل المخصصة لذلك.

ويضيف “كفرد وهو خارج المنزل من خلال عدم رمي أية مهملات شخصية في الشوارع وعلى الأرصفة، أَو الجزر الوسطية، بل وضعها في البراميل المخصصة لذلك، خُصُوصاً بعد أن قامت إدارة المخالفات بإلزام أصحاب المحلات التجارية توفير سلال المهملات، ووضعها بمداخل المحلات حتى يسهل على المشاة إيجاد سلال يتخلص من نفاياته الشخصية الخفيفة بهذه السلال”.

ويدعو الحمزي كافة أفراد المجتمع إلى الاشتراك في معركة الوعي ومساندة مؤسّسات الدولة في نشر الوعي بخصوص النظافة وجعلها ثقافة عامة، مؤكّـداً أن هناك خططاً محكمة للنزول الميداني ونشر الوعي المجتمعي بأهميّة النظافة ودورها في حماية البيئة، مبينًا دور النشطاء وخطباء المساجد في الإرشاد بمواضيع الحفاظ على النظافة كواجب ديني ومسؤولية مجتمعية.

 

تدويرُ النفايات

وتذكُرُ دراساتٌ صحية العديدَ من الطرق والوسائل التي يمكن من خلالها التخلّص من النفايات كالحرق، والذي عادةً ما تعالج النفايات الصلبة والمحتوية على المواد العضوية بالحرق، بالإضافة إلى المكبات، حَيثُ تدفن النفايات في ثقوب خَاصَّة وتعتبر هذه الطريقة الأكثر شيوعاً في التخلّص من النفايات.

كما أن إعادة التدوير للنفايات من الطرق الحديثة التي تستخدمُها الدولُ المتحضرة، حَيثُ تقومُ بإعادة معالجة المواد الخام الموجودة في النفايات لإعادة استخدامها مرة أُخرى، وتعرف بالعملية التي يتم عن طريقها إعادة معالجة مواد النفايات والمخلفات سواء كانت نفايات منزلية، أَو صناعية، أَو زراعية، وتهدف هذه العملية بشكل أَسَاسي إلى التقليل من تراكم النفايات والآثار الضارة التي تسببها واستخدامها في الصناعات والمنتجات المختلفة من جديد.

وتبدأ عملية التدوير من خلال تجميع المخلفات التي يمكن تدويرها ومن ثم فرزها بناءً على نوعها سواء زجاج، أَو ورق، أَو خشب، أَو معدن لتصبح مواد خام صالحة للتصنيع والاستخدام، وتتمثّل المراحل الأَسَاسية في عملية إعادة التدوير بتجميع الفضلات في أماكن مخصصة والبدء بعملية المعالجة، وتشمل المواد المعاد تدويرها الحديد والصلب، وعلب الألومنيوم، والزجاج، والورق، والخشب، وبقايا مواد البناء وغيرها من المواد، حَيثُ يتم معالجة هذه المواد لتصبح بدائلَ مهمة وأَسَاسية للمواد الخام المتمثلة بالموارد الطبيعية غير المتجددة مثل البترول، والغاز الطبيعي، والفحم الحجري، والخامات المعدنية، والأشجار.

وتساهم عملية إعادة تدوير النفايات بشكل أَسَاسي في التقليل من نسبة التلوث بأنواعه، عن طريق تخفيض تراكم النفايات التي تساهم بشكل كبير في تلوث البيئة؛ بسَببِ إصدار الغازات الملوثة والعناصر السامة إلى الهواء، والمياه، والتربة، عدا عن دورها في التقليل من الضغط عن أماكن تجميع ودفن النفايات (مكبات النفايات).

وفي الجانب الاقتصادي تلعب عملية إعادة تدوير النفايات دوراً مهماً في تخفيض النفقات الاقتصادية ومساعدة الدول على مواجهة التحديات المتعلقة بارتفاع أسعار المواد الخام مثل النفط والفحم، حَيثُ يمكن التقليل من الاعتماد على استيراد الموارد الأولية الخَاصَّة بالعديد من الصناعات، وبالتالي التقليل من تكلفة الإنتاج نتيجة انخفاض فاتورة الضرائب، والرسوم الجمركية، وأقساط التأمين، والنقل.

وفي بعض الأحيان قد يتم الاستغناء عن مكبات النفايات واستغلالها في استثمارات ومشاريعَ أُخرى تعودُ بالنفع على الفرد والمجتمع، كما يساهم ذلك في توفير موارد مالية كبيرة، حَيثُ إن إنشاء المدافن الصحية يتطلب وجود موارد مالية ضخمة، بالإضافة إلى تقليل تكاليف جمع النفايات ونقلها والتخلص منها.

ومن ناحية أُخرى تساعد عملية إعادة تدوير النفايات في تخفيض استهلاك المواد الخام الطبيعية المستخدمة في الصناعات المختلفة، وبالتالي تقليل استهلاك الطاقة اللازمة للتصنيع وعمليات الإنتاج، كما تساهم في خفض تكاليف علاج الأمراض الناتجة عن تراكم النفايات، وانتشار الحشرات الضارة والملوثات السامة.

وتؤكّـد دراسات عليمة أن عملية إعادة تدوير النفايات يسهم إلى حَــدٍّ كبير في ارتفاع عوائد القطاع السياحي عن طريق جذب السياح للمناطق النظيفة والبيئة الصحية.

أما الجانب الاجتماعي فتسهم عملية إعادة تدوير النفايات في التقليل من نسبة البطالة في صفوف الشباب الراغبين في العمل، عن طريق توفير فرص عمل جديدة في جمع وفرز النفايات الصلبة وتحويلها إلى المصانع الخَاصَّة في عمليات إعادة التدوير، كما أنها تساعدُ على تغيير سلوك أفراد المجتمع وزيادة الوعي تجاه المخاطر التي تسببها النفايات، بحيث يمكن توجيه الفرد إلى تطبيق فكرة فرز النفايات في المصدر ليتم إعادة تدويرها.

وعن الجانب الصحي تحد عملية إعادة تدوير النفايات من الأمراض، وحالات الاكتئاب، والاضطرابات النفسية الناتجة عن تراكم النفايات وعدم التخلص منها بالطرق الصحيحة، وتوفر بيئة سليمة ونظيفة وخالية من الروائح الكريهة، والحشرات الضارة، والقوارض.

وتوجد طُرُقٌ أُخرى تقليدية يمكن اتّباعُها للتقليل من النفايات والحد منها كاستخدام أكياس قماشيّة ذات الاستعمالات المتعددة، عوضاً عن الأكياس البلاستيكيّة لتقليل النفايات وشراء مواد غذائيّة مغلّفة، وذات تعبئة أقل بالإضافة إلى صنع الطعام في المنزل وتجنّب شراء الوجبات السريعة ذات الأكياس المتعددة لما تخلفه من أكوام كبيرة من النفايات.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com