تداعياتُ وَهْمِ التنمية على الذات والهُــوِيَّة.. بقلم / إبراهيم محمد الهمداني

 

الواقع أسفر عن حالةٍ من الصراع النفسي الداخلي الرهيب، بين هُــوِيَّة إسلامية أصيلة، جُعلت رمزاً للتخلف، وهُــوِيَّة غربية دخيلة، قُدمت كأيقونة للتحضر، وبين هذه وتلك، فقدت المجتمعات العربية الإسلامية هُــوِيَّتها، وشعورها بالانتماء الجمعي، وانكفأت على التعصب للهُــوِيَّات الجزئية، والانتماءات الضيقة المفككة، لتأتي بعد ذلك، الحرب الناعمة، بشقيها الفكري الثقافي، والسلوكي الانحلالي، للقضاء على ما تبقى من أصالة وتدين، في أعماق الذات العربية، وكل ذلك برعاية الأنظمة الحاكمة، التي يعد النظام السعوديّ شاهدا حيا، على قذارته وانحطاطه وإجرامه، في تبنيه لتلك الاستراتيجية الهدامة، وانتدابه للجماعات الوهَّـابية التكفيرية بتنفيذها، ليقدم أكبر خدمة لأعداء الأُمَّــة، كما يوضح ذلك الشهيد القائد بقوله:- “لاحظوا النظام السعوديّ في نشره للتوجّـه التكفيري الوهَّـابي إلى البلدان، هو يضرب في تلك البلدان نفسها بوبائه هذا الوحدة الوطنية، والأخوّة الإسلامية، ويضرب حتى الاستقرار في حده الأدنى الاستقرار في حده الأدنى؛ لأَنَّه حتى يضرب الهُــوِيَّة هُــوِيَّة أي بلد، الجزائري أَو المصري أَو الـيَـمَـني، لم يعد لديه ارتباط لا ببلده ولا بشعبه ولا بأمته |لا| هو يضرب الهُــوِيَّة المحلية في أي بلد، فالتكفيري في الـيَـمَـن، يكره الـيَـمَـنيين ويعدهم كافرين وأعداء الله ويريد أن يقتلهم عن آخرهم إلا من يتجه اتّجاهه ويؤمن بفكرته، التكفيري في مصر لديه نفس الرؤية لا يربطه بالمصريين كبلد كشعب أي رابط أبداً، يعني كُـلّ ما امتد هذا الوباء إلى منطقة معينة ضرب هُــوِيَّتها كشعب، الروابط الداخلية حتى بين القرابة والأرحام حتى الأواصر التي يشجع عليها الإسلام، أواصر الجوار أواصر الإخاء الأواصر الإنسانية يضربها الأواصر الإسلامية يضربها أواصر الأرحام يضربها، يشجع الابن على قتل الأم أَو على قتل الأب وباء وباء بكل ما تعنيه الكلمة وأعجبت أمريكا به جِـدًّا أعجبت إسرائيل، قدم خدمة كبيرة لها في واقع الأُمَّــة”. (السيد القائد – خطابات المناسبات – عيد الغدير – يوم الولاية ١٤٣٧هـ).

وبعد كُـلّ ذلك.. ما الذي استجد من أمر التنمية الموعودة؟ ولماذا وقف المشروع الحضاري العربي الإسلامي، في منطقة الصفر السلبي؟!

الذي حصل هو أن الشعوب أُصيبت في أَسَاس بنيتها الجمعية والمجتمعية، بحالة من الهدم الممنهج، وتفكيك الروابط، وهدم معاني الانتماء، وتكريس الانحلال والفساد على كافة المستويات، حتى اضمحلت قيمة الذات، وفسدت نواة الأسرة، وانحرفت المرأة عن دورها البناء، ومسارها الصحيح، ووصلت المجتمعات إلى نقطة اللاعودة من التحلل والفساد والتلاشي، والانحدار الرهيب، في هاوية الحضور الصفري، المشبع بالسلبية الانمحائية.

وكل ذلك برعاية رسمية من الأنظمة الحاكمة، سواء على المستوى الفردي/ الشخصي، من خلال توظيف الأبواق النخبوية – في تموضعاتها المختلفة – التي بدت وكأنها تصدر عن مواقفها وقناعاتها الشخصية، أَو على المستوى المؤسّسي، من خلال المنظمات الحقوقية، ومنظمات المجتمع المدني، والتكتلات والمؤسّسات والنوادي النسوية الفكرية والثقافية، التي تهدف إلى إفساد المرأة، وهدم بنيان الأسرة والمجتمع، وتدمير لبنته الأَسَاس، تحت شعار حرية المرأة، وتمكينها من حقوقها، وتلك هي إحدى مفردات المشروع الاستعماري، الذي يكشف الشهيد القائد، خارطة مساره، بقوله:- “عندما يأتي الأمريكيون في أي بلد يقولون بأنهم يريدون المرأة أن تأخذ حقوقها! لم يتجهوا هم إلى الرجل في أي شعب ليضغطوا عليه ليؤدي حقوق المرأة، لكن يتجهون بشكل كبير إلى إثارة المرأة، إثارة المرأة نفسها وهم يعلمون أن هذه المرأة في أي شعب من الشعوب لا تستطيع هي، هل هي تمتلك سلطة؟ هل تمتلك قدرات على أن تنال الحقوق التي رسخوا في ذهنيتها أنها حقوق؟ هذا لا يحصل، ما الذي يحصل في الأخير؟ ما النتيجة في الأخير؟ هي قضية تعقيد، أن يعقدوا المرأة على الرجل وأن تكون المرأة قريبة من التأثر بهم؛ لأَنَّها تراهم وكأنهم مهتمون بقضيتها”. (الشهيد القائد – سلسلة دروس رمضان – الدرس السابع عشر – سورة النساء).

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com