إنتاج وتجارة العسل تعتبر مصدرَ دخل لعشرات الآلاف من الأسر اليمنية ،، العسلُ اليمني.. ملكُ العسل في العالم

المسيرة: محمد ناصر حتروش

تتميز اليمن منذ آلاف السنين بشهرة واسعة جِـدًّا في إنتاج العسل وتصديره إلى مختلف بقاع العالم.

ويصف المؤرخون والمختصون اليمن بأنه موطنُ العسل والطيوب؛ وذلك لما يحتويه العسل اليمني من جودة عالية وخصائص ومنافع متعددة، حَيثُ يعتبر العسل اليمني من أفضل وأجود أنواع العسل في العالم إن لم يكن أشهرها.

ونظراً لتنوع الأراضي اليمنية واختلاف تضاريسها كالجبال الشاهقة والوديان الممتدة والهضاب الواسعة والسواحل الطويلة، فقد جعلها مصدراً أَسَاسياً لتنوع الغذاء النباتي للمناحل واستمراره على مدار العام.

وبحسب دراسة للمنظمة العربية للتنمية الزراعية فَـإنَّ العسلَ اليمني الدوعني يعد من أفضل وأغلى الأنواع، حَيثُ تشير منظمة الفاو إلى أن متوسط سعر التصدير للكيلو الواحد من العسل الطبيعي في نطاق التجارة العالمية يعادل 1.03 دولار في حين أن العسل اليمني وخَاصَّة السدر الخالص يصدر بواقع 68.39 دولار للكيلو الواحد.

وَتعتبر المنظمةُ عسلَ السدر اليمني من أشهر أنواع عسل السدر الذي ينتمي إلى عسل “زهور صحراء الربع الخالي”، وأن هذا النوع بالتحديد من العسل على قيمة غذائية عالية وفوائد صحية ومنافع علاجية متعددة، وترجع المنظمة أسباب غلاء أسعار العسل اليمني إلى تلك المزايا التي ذكرت آنفاً على عكس أغلب الأنواع الأُخرى.

 

ملكُ العسل

ويوجد للعسل اليمني أنواعٌ متعددة بحسب المرعى، أَو مصدر الغذاء ويعرف كُـلّ صنف بحسب المرعى أَو اسم المنطقة المصدرة له، أَو موسم الإنتاج نذكر البعض من تلك الأصناف ذات الجودة العالية والأغلى عالميًّا بحسب ما يؤكّـده النّحالون والمختصون في مجال تجارة العسل.

ويصنف النّحالون “عسلَ العلب السدرالعسل المعروف بشجرة المرعى وهي شجرة السدر التي تزهر في شهر يوليو وكذلك تزهر في شهر أُكتوبر، والذي يكون ناتجُ العسل فيه أفضل، وأجود أنواع العسل السدر وذلك لنقاوته وعدم اختلاطه بأزهار أشجار أُخرى.

ويصنف عسل السدر بملك العسل لما يحتويه من طاقة ومواد علاجية لأنواع الاسقام كأمراض الكبد، والقرحة، والضعف وغيرها، ويمكن التعرف على عسل السدر من خلال اللزوجة العالية واللون المائل للحمرة والمذاق اللذيذ.

أما المرتبة الثانية من أنواع العسل اليمني فهو عسل الطلح (السمر) وهو العسلُ المعروفُ بشجرة الطلح الشوكية المنتشرة في كثير من مناطق اليمن لا سِـيَّـما تعز وإب وذمار وصنعاء وبعض الوديان كحضرموت وبعض المناطق التهامية، ويتميز هذا النوع من العسل بأنه يحتوي على أنسولين نباتي يساعدُ على خفض السكر في الدم لذلك يتم استخدامه كعلاج لكثير من الأمراض كـ: أمراض الكبد والمعدة وفقر الدم وأمراض الصدر والرئة وغيرها، حتى أن صاحب مرض السكر يستخدمه كبديل للسكر لتحلية الكثير من الأغذية دون خوف.

ويمكن التعرف على عسل السمر من خلال لزوجته المتوسطة ولونه الأحمر الداكن المائل للسواد ومذاقه المنعش.

ويرى النّحالون أن “عسل الصال “الكرث” يحتل المرتبة الثالثة من أنواع العسل اليمني ومصدره زهرة أشجار (الأثل) الجبلية المنتشرة في الكثير من الأراضي اليمنية، وهذا النوع من العسل ذو فائدة عظيمه لعلاج الكثير من الأمراض كالوهن البدني والضعف الجنسي وبعض الأمراض الموسمية، ويمكن التعرف عليه من خلال طعمه اللاذع ذي الحرقة الخفيفة.

ويوضح المختصون أن “عسل السلام” يأتي في المرتبة الرابعة وهو منسوبٌ إلى زهرة شجرة السلام أَو السلم التي ترعى فيها النحل، وهي شجره منتشرة في المناطق الغربية والساحلية ومناطق تهامة وكذلك مناطق وصاب التابعة لمحافظة ذمار، وهو مفيدٌ لمرضى السكر وكذلك لعلاج العديد من الأمراض، ويمكن التعرف على عسل السلام من خلال لونه المائل إلى الحمرة ودرجة لزوجته خفيفة.
ويذكر النّحالون أن عسلَ الجبل من الأنواع الجيدة كونه ناتج من مراعي النحل في المناطق الجبلية لليمن وهو من عدة ازهار جبلية مختلفة ويستخدم للعديد من الأمراض ويمكن التعرف عليه من خلال لونه الأبيض والأحمر، ومن صفاته التجمد
وبالرغم من اشتهار العسل اليمني والطلب المُستمرّ عليه خاصة بعد أن ذاع صيتُه في أرجاء العالم، يلجأ البعضُ إلى محاولاتِ الغش لزيادة الربح المادي من جهة وتشويه سُمعة العسل اليمني من جهة أُخرى، ولمعرفة جودة العسل وإصالته، ويسرد النّحالون والمختصون في مجال العسل بعض من الصفات التي يمكن من خلالها التفريق بين المنتج الأصلي من المقلد كرائحة العسل ومذاقه وقوامه والتي تعتبر من أكثر وأسهل الطرق التي تساعدك في معرفة ما إذَا كان مقلدا أَو أصليا.

ويؤكّـد النّحالون أن العسل الأصلي توجد له رائحةٌ مميزة، على عكس المقلد عديم الرائحة تمامًا، كما أن له لوناً غامقاً لا يتغير، بخلاف المقلد الذي يتأثر باختلاف درجات الحرارة.

ويحكي الخبراء أن العسلَ الأصلي لا يتجمَّدُ حالَ وضعه في الفريزر، كما أن العسل الأصلي يحتفظ بتركيبته الكيميائية طالما هو موضوع داخل عبوة زجاجية محكمة الغلق تصل إلى 10 سنوات، موضحين أن للعسل الأصلي خواص لا تحتوي على حبيبات سكر تأثر على قوامه.

ويذكر المختصون أن خلطَ كمية من العسل مع الماء ووضعهما في أنبوب زجاجي وتركها ليلة كاملة، طريقة واضحة للتعرف على العسل الأصلي، حَيثُ أنه إذَا رسب في القاع يدل على أن هذا العسل مغشوش ومقلد، كما أن ملء ملعقة من العسل وسكبها مرة أُخرى في الوعاء الزجاجي، إذَا انساب لفترة طويلة من دون انقطاع يدل على أنه أصلي وطبيعي، وَإذَا انساب بسرعة وتقطع تأكّـد من أنه مغشوش.

كما أن غمسَ عود كبريت في العسل ثم حكه بالعبوة لإشعاله فإذا اشتعل العود فَـإنَّ العسل أصلي وطبيعي، وَإذَا لم يشتعل فأدرك أنه مقلد.

 

شفاءٌ للناس

ويحتوي العسلُ على العديد من المعادن والفيتامينات المهمة، مثل: الحديد، والزنك، والكالسيوم، والمغنيسيوم، وفيتامين ج، وبعض أنواع فيتامين ب، بالإضافة إلى مضادات الأكسدة. كما أنه خالٍ من الدهون، والكوليسترول، والصوديوم، وتساهم مكوناته هذه وخصائصه في تقديم فوائده المميزة.

وتؤكّـد دراسات علمية أن للعسل البلدي فوائدَ صحيةً عديدةً، بالإضافة إلى احتوائه على المغذيات المهمة لصحة الإنسان، ويعتمد عليه بشكل أَسَاسي منذ القدم كجزء من الطب البديل في التئام الجروح وعلاج الحروق والمساعدة في علاج الجروح والحروق.

ويساعد استخدام العسل موضعياً في علاج الجروح والحروق، وذلك لفوائده في تقليل خطر إصابة الجروح بالعدوى، وذلك نظراً لخصائص العسل المضادة للجراثيم والبكتيريا فهو يعمل كمطهر طبيعي، كما يسهمُ في تعزيز عملية الشفاء وتجديد الأنسجة، حَيثُ يتكون العسل من نسب عالية من مركبات الجلوكوز والفركتوز التي تساهم في امتصاص الماء من موضع الإصابة.

وتوضح دراساتٌ علمية أن العسلَ يقلّل التورم والألم، ويعودُ ذلك إلى خصائص العسل المضادة للالتهاب.

ومن أنواع الجروح التي قد يساعدُ العسلُ في علاجها هي الجروح أَو القرحة ذات الصلة بقدم السكري، حَيثُ أشَارَت نتائج إحدى الدراسات التي شملت 63 من مرضى السكري من النوع الثاني والمصابين بالقدم السكرية إلى فعالية العسل في علاج قرحة القدم السكري والوقاية من مضاعفاتها الخطيرة، مثل البتر.

وتؤكّـد الدراسةُ أن العسلَ البلدي يساعدُ في علاجِ بعضِ المشاكل والأمراض الجلدية، مثل: الهربس، والصدفية، والأكزيما، وحب الشباب.

 

الوقايةُ من أمراض القلب وتخفيض ضغط الدم

ويعزِّزُ تناوُلُ العسل الطبيعي من مضادات الأكسدة، مثل: البوليفينول، والتي تلعب دوراً في الوقاية من الأمراض القلبية.

ومن فوائد العسل المحافظة على صحة القلب وذلك من خلال تقليل مستويات الكوليسترول الضار والدهون الثلاثية وتقليل خطر الإجهاد التأكسدي على الخلايا الصحية.

بالرغم من أن العسلَ غذاءٌ آمن لمعظم الناس، إلا أن هُناكَ بعضَ المخاطر المحتملة لتناول العسل، كالتسمُّم الغذائي عند الرضع، حَيثُ يحتوي العسلُ على جزيئات الغبار التي قد تحمل جراثيم البكتيريا المسببة للتسمم الغذائي، بينما يفتقر الأطفال إلى المناعة القوية.

وتذكُرُ دراساتٌ صحيةٌ أنه يجبُ أن يحذر الأشخاص المعرضون للحساسية من تناول العسل، فعلى الرغم من نُدرة حساسية العسل، إلا أنها قد تحدث، وترجع الدراسةُ أسبابَ الحدوث إلى وجود حبوب لقاح النحل في العسل، إذ أن حبوبَ لقاح النحل هي مزيجٌ من حبوب اللقاح والإنزيمات الهاضمة من النحل، مما يمكن أن يؤدِّيَ إلى رَدِّ فعلٍ تحسُّسي خطير.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com