لأنّها القُدس .. بقلم/ هنادي خالد

عِندما يتعلق الأمرُ بِالقُدس، فَستُقلب الطاوِلة على الجميع، ومن يُشعل النّار أولًا فسيُحرق بها، ‘قانونٌ مفروضٌ وقائم’؛ لأَنَّها أرضُ النبوّات ودربُ البطولات وبابُ الحضارات وتاريخُ الأمجادِ والحاضر.

وما نراهُ اليوم من محاولاتٍ حثيثة من قِبل العدوّ الصهيوني عبر عمليات اقتحام وتدنيس المسجد الأقصى والتي تهدف إلى السيطرة عليه ومن ثمَّ تقسيمهُ زمانيًّا ومكانيًّا وُصُـولاً لهدمهِ وبناء الهيكل المزعوم، أمرٌ يُنذر بالخطر وسيُبدد حالة الهدوء ويُفجر المنطقة بِأكملِها، وخُصُوصاً أن وعي الشعوب العربية المقاومة اليوم أصبح جديرًا بأن يُراهن عليه، فالسنوات الأخيرة كانت فاصلةٍ بين الحق والباطل، وبين من يُجسد الهُــوِيَّة الإسلامية ومن يتلبس بالإسلام وهو ينخُر فيه لتفكيك مُجتمعه، وبين من يُجاهد على مدار السنين لِحماية الأُمَّــة وبين من يلهثُ وراء التطبيع خشيّة أن تُصيبَه دائِرة.

فَـ فِي الوقت الذي نرى فيه أعراب الخليج يتهافتون نحو التطبيع ويعملون في إطار تغييب القضيّة الفلسطينية، يسعى أعلام محور المقاومة لترسيخ القضيّة في قلوب الشعوب، للحث على الدفاع عن قضايا الأُمَّــة ومقدساتِها، وإحياء رُوح الجِهاد، والسير نحو الوِجْهَةِ الأصل (القُدس)، وتعزيز المُقاومة المُمتدة مِن محاوِرها الثائرة ليصل المَدد الذي قد عَبّدت طَريقَهُ دِماءُ الشُّهداء إلى الأرض المُقدسة لِتحقيق التَحرير المنشود، فمهما تشبثت الأنظمة المُطبعة بكافة الوسائل التي تزيدها قُربةً من الإسرائيليين لنيل رضائهم وتحقيق سلامهم المزعوم فلن يُقربهم ذلك إلا إلى حافة الهلاك، فجميعُ تلك الوسائل مَـا هِي إلا منجَنيق سيقذف بهم مِن فُوهة التطبيع إلى هاوية الهلاك، ولن يجدوا منها مُنقذ عندما تدويّ صيحات الخيبة التي ستقطع حناجرهم، حَيثُ لا جدوى للنجاة.

وعيُ الشعوب اليوم أصبح ذا بصيرةٍ وتوجّـه يُدرك تماماً ألّا مستقبل للسلام مع العدوّ سوى الذُّل والهوان، وهذا المنظور طبيعي بالنسبة لمن أصبح لديه قناعة تامة بأنّ العدوّ الإسرائيلي وباءٌ خطير يستحيل التقربُ منه أَو التعاطي معه؛ باعتبَاره خطرًا يُهدّد السلام والأمن في المنطقةِ برُمتِها.

جميعُ هذه الحقائق أتتنا شواهدها خلال السنواتِ الماضية وإن كانت الأخيرة هي الفاصلة، والقادمةُ بإذن اللَّه أنصع وأفصح، وفي السياقِ المُقاوم كان للمقاومةِ الفلسطينية النصيبُ الأوفر في كتابةِ بداية زوال الكيان الإسرائيلي لا سِـيَّـما وأنّ معركةَ ‘سيف القُدس’ لا زال تأثيرها على العدوّ حتّى اللحظة، معركةٌ كبدت العدوّ هزيمة ساحقة، وكسرت شوكته وأركعت جبروته وكانت بمثابة صفعة مدوية أردت كبرياءه أرضًا، ولكن يبدو أن العدوّ لم يفهم الدرس جيِّدًا، ويُريدُ أن يُعيد الكَرةَ مجدّدًا عبر عملية اقتحام الأقصى يُقابِلُ ذلك تهديدًا ووعيدًا من قبل فصائل المقاومةِ الفلسطينية بِـ معركة ”سيف القُدس 2” التي بشرت قادة الفصائل بأنها ستكون أقسى وأعنف.

وفِي إطار هذه الأحداث والمؤامرات التي تُحاك ضد القُدسِ وأبناء القُدس فَإنَّ الواجب على الأُمَّــة بكافة مُكوناتها تحمُّل مسؤوليتها والتحَرّك على كُـلّ المُستويات للتصدِّي لهذهِ المؤامرة، ونُصرةَ القُدسِ ودعمِ وتعزيزِ صمود أهلها، فعندما يتعلق الأمرُ بالقُدس “إمّا أن نَكون أَو لا نَكون”.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com